لم تفاجئني إقامة جدار القهر والعار والحصار المصري حول غزة بقدر ما فاجأني تبرير وزير خارجية مصر ''أحمد أبو الغيط'' لقناة العربية قبل يومين، بأن متطلبات الأمن القومي المصري تحتم إقامة هذا الجدار، فمصر تدرك تماما المخاطر المحدقة بها! أحمد أبو الغيط والمعروف بإبداعاته في التهديد وإتقانه في خلق المبررات لنظامه، لم ينجح هذه المرة في إقناع ولو طفل صغير بضرورة إقامة الجدار حفاظا على الأمن القومي المصري! وهل غزة هي من تهدد الأمن القومي المصري؟! وهل شعب غزة هو من احتل سيناء وارتكب المجازر في مدرسة بحر البقر وقصف بالطيران المدن المصرية؟!.. هل شعب غزة هو من يصول ويجول بطائراته منتهكا الأجواء المصرية، ناشرا الرعب والقتل والدمار؟! في غمرة العدوان الصهيوني البربري على غزة قبل عام، قلنا أن النظام المصري شريك أساسي في هذا العدوان فتحركاته الدبلوماسية كانت تصب في خدمة العدوان والقضاء على المقاومة، وكل تصرفاته كانت تشير إلى ضلوعه في المؤامرة على الشعب الفلسطيني، واليوم نلمس بشكل واضح تقدم الدور المصري وانتقاله من مرحلة الشراكة في العدوان إلى مرحلة التفرد في العدوان وإتمام ما عجزت عنه إسرائيل وجيشها· أمريكا نصبت نظام رقابة إلكتروني على طول الحدود المصرية الغزية لرصد تحركات أبناء غزة ومنعهم من الهروب إلى مصر احتماء من القنابل الفسفورية التي كانت تلقى عليهم، لكن هذا النظام فشل في منع التحركات وكانت المقاومة دائما تبتكر أساليب تموه نظام الرقابة·· إنها إرادة شعب يريد الحياة ويريد نافذة تطل على العالم الخارجي· إن المخاطر التي تكمن وراء نصب هذا ''الجدار/العار'' هو جعل غزة سجن وإقفال منافذها وبالتالي إطباق السيطرة الكلية على القطاع كمحاولة لتطويع المقاومة وجرها وراء مشاريع مصرية أمريكية إسرائيلية مشتركة·· حصار أهل غزة تماما، بحيث يكونون عاجزين عن الاستمرار في الحياة دون استجداء النظام المصري· لا نستغرب إطلاقا تصرفات النظام المصري وصمت السلطة الفلسطينية والتي من المفروض أن ترفع صوت الاحتجاج على إقامة هذا الجدار لأنه يعني خنق مليون ونصف المليون فلسطيني في أتون الحصار والجوع والمرض والأوبئة·· لم نستغرب موقف السلطة والتي طالب أحد رموزها قبل أيام شعب غزة بالانتفاض ضد سلطة حماس· إن هذا الجدار سيكون وصمة عار على جبين الأنظمة العربية وهو يعني في المفهوم السياسي انتقال هذه الأنظمة من خانة التخاذل والغدر والخيانة إلى خانة المشاركة المباشرة لإسرائيل في حصارها على غزة وأهلها·