سارعت المنظمات الحقوقية الدولية الى وصف الإجراءات الأمريكية التفتيشية الجديدة عبر مطاراتها والتي تمس رعايا 14 دولة فقط وتشمل الجزائريين أيضا، بالعنصرية، في وقت لم تصدر فيه وزارة الخارجية الجزائرية أي رد فعل تجاه القرار إلى حد الآن، التي يكون قد بدا لها الامر أغرب من أن تصدر بشأنه بيانا، كون تصريحات الرسميين الأمريكيين حول الوضع الأمني الجزائري والتعاون في هذا المجال يبدو مناقضا تماما للإجراءات· وقالت وكالة ''رويترز'' نقلا عن مسؤول في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن ذلك يخص ''الدول الراعية للارهاب''· وقال الناطق باسم هيئة الأمن للطيران المدني الأمريكي، بأن ''الإجراءات لا تمس الدول، بل تمس المسافرين''·· وصنفت الإدارة الأمريكية، الجزائر مع السعودية وإيران واليمن وباكستان وأفغانستان وسوريا ولبنان والسودان وليبيا والصومال ونيجيريا وكوبا، التي تدور في معظمها حروب أهلية· لكن الأمر الأكثر إثارة للجدل في هذا التصنيف، هو الأساس الذي اعتمدت عليه الإدارة الأمريكية التي وقع مسؤولوها في تناقض كبير من حيث القول بأن الإجراءات تخص الدول الراعية للإرهاب، وهي الإدارة نفسها التي وافقت الجزائر مثلا على عدم التفاوض حول الفدية مع الإرهابيين الذين يختطفون الرعايا الأجانب في الخارج، وتسعى معها إلى تعميم التوافق حول هذا المسعى على مستوى هيئة الأممالمتحدة· وكانت واشنطن أيضا قد أشادت بشكل كبير بالطريقة التي تعتمدها الجزائر في مكافحة الإرهاب، بل وراحت تسوق النموذج الجزائري واعتبرتها الشريك الأهم في إفريقيا في هذا الأمر للدفاع عن أمن العالم، ووصفت الأوضاع الأمنية مرارا وتكرارا بأنها تساعد على عودة الاستثمار ولم تعلن انسحاب أية جهة من رعاياها العاملين في المجال الاقتصادي· وتكللت هذه المواقف الأمريكية بتبادل زيارات هامة بين البلدين بعد تلك التي قام بها وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد وبعدها كاتبة الدولة للخارجية كوندوليزا رايس العام ما قبل الماضي.· كل هذا يتناقض تماما مع القول أن الإجراءات التفتيشية تخص مسافري الدول الراعية للإرهاب· ويجب هنا أخذ بعين الاعتبار، أن تصنيف الجزائر جاء مباشرة بعد طلب باريس من الجزائر معلومات عن مسافريها الذين يدخلون تراب فرنسا، مما يثير تساؤلا حول ما إذا كان الأمر يتعلق بحملة ضد الجزائر، وإلا كيف لا يتم تصنيف دول مثل مصر والمغرب التي شهدت أعمالا إرهابية من تفجيرات واغتيالات لا تقل حدة عن التي شهدتها الجزائر! ثم كيف يتم وصف هذا التصنيف لضمه نيجيريا التي لم تعرف في تاريخ علاقاتها مع واشنطن سوى بحادثة محاولة فاشلة لأحد رعاياها في تفجير طائرة في ديترويت، وعلاوة على هذا، يكاد يكون إدراج كوبا ضمن الدول الأربعة عشر، ذا طابع سياسي خالص، لا سيما وأن رعايا هذه الدولة أصلا تخضع سفرياتهم إلى الولاياتالمتحدة للتقنين من حيث هي محددة في عددها سنويا، وإلا كانت فنزويلا الأقرب إلى إدراجها في القائمة بهذا المنطق، لما يمثله نظام ''هوغو شافيز'' من تهديد بالنظر إلى قوة الخطاب السياسي وحدته تجاه النظام الإمريكي وإسرائيل وتحالفه مع إيران· لقد تركت القائمة الأمريكية الانطباع بأن واشنطن تسوي حسابات سياسية مع هذه الدول، وأن وضعها للقائمة مجرد خبط عشواء أمام ضغط الجمهوريين على أوباما، الذي صعد تحركه بوصفه عملية محاولة تفجير الطائرة الأمريكية مؤخرا، بأنها خرق فاضح للأحزمة الأمنية في أمكان حساسة من المطارات، والتي تعني أن إدارته متساهلة ولا تعير اهتماما للأمن القومي، مما ألزم البيت الأبيض بإصدار قرار يخفف فيه من حدة الاحتجاجات الجمهورية على القطب الديمقراطي·