ينظم، اليوم، عمال الشركة الوطنية للمركبات الصناعية الواقعة بالروبية مسيرة سلمية على مستوى المنطقة الصناعية ردا على ما ورد في البيان الصادر عن النقابية المركزية وتجديد تمسكهم بخيار الإضراب عن العمل إلى غاية الاستجابة للائحة مطالبهم المصاغة بحكم أن الإجراءات التي تضمنها البيان في مقدمتها مباشرة المفاوضات حول قضية الرفع من أجور العمال تبقى مجرد حبر على ورق، مستدلين في حديثهم عن ذلك بالغياب التام للإطار الزمني الذي يحدد انطلاقها· أكد، أمس، عضو المكتب النقابي لعمال الشركة الوطنية للمركبات الصناعية زطوطو ل ''الجزائر نيوز'' أنه تم اتخاذ قرار مواصلة الإضراب عن العمل للأسبوع الثاني على التوالي، حيث تم خلال الاجتماع الذي جمع أعضاء النقابة بمقر الشركة، صباح أمس، مناقشة ما ورد في البيان الذي أصدره الإتحاد العام للعمال الجزائريين الذي لم يحمل في طياته أي إجراء إيجابي يخدم العمال، حيث اعتبر أن تطهير ديون الشركة الوطنية للمركبات الصناعية هو إجراء يشمل كل الشركات ومرتبط بالأزمة المالية العالمية، يتنافى مع المطالب الأساسية للعمال المتعلقة بالرفع من قيمة الأجر الشهري، وهو ما يعني إنها تقوم ''بخلط الأمور''، كما أنها ادعت النظر في قضية الأجور دون أن تتقيد بآجال محددة للفصل في القضية· أما بالنسبة للقانون المتعلق بسن التقاعد، فإن إجراء التقاعد الحالي لا يزال ساري المفعول إلى غاية إصدار نص قانون جديد من شأنه أن يحفظ الحق في التقاعد بالنسبة للعمال الذين يستوفون الشروط حتى بعد إصداره، وهذا يعني أن لا جديد يذكر فيما يخص مطالبنا، هذا في ظل عدم تحديد تاريخ إصدار نص القانون الجديد، وبناء على ذلك فقد قررت النقابة المضي في حركتها الاحتجاجية وتوسيعها لتشمل الوحدات الفرعية خاصة بعد أن قررت عدة شركات الانضمام إلى الحركة الإضرابية على غرار شركة صناعة الأنابيب، كاموا، موقوسكو··· الخ· وطالب المتحدث بضرورة تطبيق المادة 07 من قانون العمل التي تم إقرارها بناء على مرسوم تنفيذي، ولا تزال غير مطبقة على أرض الواقع تتضمن اتخاذ إجراء تقليص سنوات العمل ومنح العاملين في مناصب مهنية ذات خطورة التقاعد في سن محدد، والتي يتم من خلالها التكفل بالعمال عن طريق الاشتراكات· ''إنجازات'' سيدي السعيد ومواسم الهجرة نحو النقابات المستقلة عندما يوضع الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين، في ميزان تقييم منجزات تنظيمه النقابي في سوق الشغل الجزائرية، نجد أن عموم العمال الجزائريين المنضوين تحت لوائه غير راضين بالحصيلة وحتى بالسياسة المنتهجة تجاه الحكومة لافتكاك الحقوق·· فمن صواب القول، أن عهدة عبد المجيد سيدي السعيد الوريث لعرش الفقيد عبد الحق بن حمودة، عرفت ارتفاع الأجر القاعدي المضمون ثلاث مرات خلال انعقاد الثلاثية، إذ قفز من 8 آلاف دينار إلى 15 ألف دينار، أي بنسبة تعادل 90 بالمائة· كما طالت سوق الشغل على اختلاف مستوياتها حركة تنظيمية شاملة لتوضيح الحقوق والواجبات العمالية في المؤسسات الاقتصادية من خلال الاتفاقيات الجماعية والقطاعية، كما ارتفع في عهد عبد المجيد سيدي السعيد عدد الفدراليات الوطنية الممثلة للأسلاك والقطاعات الشغيلة، إلى نحو 20 فدرالية آخرها فدرالية الصحفيين الجزائريين التي اعتبرها مسؤولو النقابة إنجازا باهرا لما للقطاع من خصوصيات وعلامات سياسية ومهنية خاصة· كما توجت عهدة سيدي السعيد أيضا بإقرار عقد وطني اقتصادي واجتماعي يعتبر كأرضية ووثيقة تقييم مرجعية في عالم الشغل والعمل··· لكن من صواب التساؤل، القول: ''هل نستطيع حقا أن ننسب ''الإنجازات'' إلى نقابة سيدي السعيد إذا اعتبرنا أصلا ما تم افتكاكه من المنجزات، بالمقارنة إلى استشراء هشاشة الوضع الاجتماعي والعمالي الحالي ؟·· أليس من المجحف أن نصور سيدي السعيد بطلا عماليا في حين أن الزيادات الأخيرة في الأجور جاءت كلها تحت ضغط اجتماعي ونقابي قادته التنظيمات العمالية المستقلة آخرها كان لقطاع التعليم والصحة؟ أليس من التضليل أن يوصف ''الدا السعيد'' بالمحارب عن العمال، في حين أن كل من الاتفاقيات الجماعية والعقد الاقتصادي وقرارات انعقاد الثلاثية جاءت باقتراحات حكومية ولم يلعب فيها سيدي السعيد سوى دور الإطار القانوني والأداة أو الآلية المجسدة لمقترحات الحكومة؟ إنه من الظلم أيضا أن نكتب بأن المركزية النقابية تسيطر على الطبقة الشغيلة في الجزائر·· سنظلم بذلك كل تلك المعارك والتضحيات التي تقودها وتتبناها النقابات المستقلة التي تشل البلاد في كل مرة حملت الحكومة التي كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها لعدم اعترافها بالنقابات المستقلة وفي النهاية، أرغمتها على الجلوس على طاولة واحدة والتفاوض معها، بينما يكتفي سيدي السعيد بدور الإطفائي في كل مرة· يهجر العمال جماعيا نحو النقابات المستقلة بحثا عن بديل نقابي يرفعون به قدرتهم الشرائية ويرقون بها مستوياتهم المهنية والاجتماعية، لفقدانهم الثقة في سيدي السعيد·· عبد المجيد لم يفعل شيئا لمريم مهدي التي ظلمتها ''بريتيش غاز''، ولم يفعل شيئا للعاملتين في مديرية التجارة بسعيدة، المضربتان عن الطعام، ولن يفعل لهما شيئا،ئكما أنه لن يقدر على فعل شيء مستقبلا·· لأن الأمر ببساطة يتجاوزه ولا يقوى هو أو رجاله على أن يجعلوه بأيديهم، لعدم توفر الإرادة والنية لقلب الموازين··· سلبيات عهدات سيدي السعيد، نشرت وعيا نقابيا جديدا يحمل بذور ثورة في التفكير النقابي، وبالتالي إنجازه الباهر هو إيقاظ العمال من وهم اسمه الإتحاد العام للعمال الجزائريين· نقابة سيدي السعيد في لعبة السياسة عندما صعد عبد المجيد سيدي السعيد إلى رأس الاتحاد العام للعمال الجزائريين في جانفي 1997، كانت النقابة المركزية والبلاد عموما تمر بوضع خاص جدا، وكانت النقابة حينها وفي ظل الأزمة الدموية التي عرفتها البلاد تلعب دورا سياسيا أكثر من دورها المطلبي، منذ تأسيس ''لجنة إنقاذ الجزائر'' بقيادة الأمين العام للنقابة المركزية حينها عبد الحق بن حمودة وصولا إلى لحظة اغتيال بن حمودة نفسه مطلع سنة ,1997 وكان يتأهب لإطلاق مشروع سياسي كبير· وعندما خلفه سيدي السعيد بالنيابة أولا ثم انتخابه أمينا عاما في مؤتمر الحزب لأكثر من عهدتين، هل التفت الأمين العام الحالي للعمل النقابي على حساب السياسة التي فرضت نفسها فرضا في مرحلة معينة من تاريخ البلاد قبل أن تخرج البلاد من محنتها الدموية شيئا فشيئا؟ لقد فتح إضراب عمال سوناكوم الرويبة الحالي جرحا قديما، وبعض قادة الإضراب من العمال يؤكد قائلا: ''سيدي السعيد لم يقدم لنا أي شيء، وخيانته لطموحات آلاف العمال كانت عن سبق إصرار وترصد''، وقبلها لم تكن نتائج الثلاثية في مستوى تطلعات العمال، وحسبهم فإن ''سيدي السعيد ذبحنا في لقاء الثلاثية'' كما أكد الكثير منهم، ممن عجزوا عن إصلاح أحوال المركزية وراحوا يؤسسون النقابة المهنية تلو الأخرى بعيدا عن قبعة ''المركزية''· وعبد المجيد سيدي السعيد، الذي ظن البعض أن مجيئه إلى رأس ''المركزية'' بساحة أول ماي عند اغتيال سلفه بن حمودة سيكون عابرا، استطاع بفضل لعبة السياسة التي دخلها أن يبقى في ''دار الشعب'' كل هذه السنين، لكنه بالمقابل حوّل النقابة إلى ما يشبه لجنة المساندة على حساب مطالب ما تبقى من العمال· خمسة أسئلة إلى سليمان حميش ( صحفي مختص في علاقات العمل والنزاعات العمالية) يبرز الصحفي المختص في علاقات العمل والنزاعات العمالية، سليمان حميش، ل ''الجزائر نيوز''· أن ارتباط المركزية النقابية مع الحكومة بعقد اجتماعي واقتصادي لا يعني قمع الحركة الاحتجاجية، وإلغاء حق الإضراب عن العمل، مشيرا إلى أنها تحاول من خلال ما ورد في البيان الصادر عنها إيجاد حل وسط بين الحكومة والجبهة العمالية، معتبرا أن رفض الإدارة والعمال طرح المطالب على طاولة التفاوض يساهم في تأزم الوضع· يتواصل إضراب عمال الشركة الوطنية للمركبات الصناعية، ما هي قراءتكم لحركة الإضراب التي يخوضها العمال؟ بما أن الدستور الجزائري يكفل للعمال حق الإضراب، فإن ما قام به عمال الشركة الوطنية للسيارات الصناعية ''سوناكوم'' هو ممارسة للحق المكرس دستوريا، ويفترض على السلطات الوصية أن تتحاور مع أصحاب هذه المطالب· أصدر الإتحاد العام للعمال الجزائريين بيانا بسبب الإضراب الذي قام به العمال الجزائريون، كيف تفسرون ذلك؟ قبل الحديث عن موقف الإتحاد العام للعمال الجزائريين، أريد أن أقول أن المركزية النقابية مرتبطة مع الحكومة بعقد اجتماعي واقتصادي ينقضي سريان العمل به في أكتوبر,2010 لكن ما ألاحظه هو سوء فهم هذا العقد، لأن التوقيع عليه لا يعني قمع الحركة الاحتجاجية وإجهاض حق الإضراب عن العمل، أما بالنسبة لما أصدرته المركزية النقابية، فهي محاولة لإيجاد حل وسط بحكم أن مركب ''سوناكوم'' كان يعاني منذ سنوات من شح في الموارد المالية، فمن الطبيعي أن تعجز إدارة الشركة عن تحقيق مطالب العمال بما فيها مطلب رفع أجور العمال، هذا يعني أن القضية الجوهرية المطروحة هي كيفية إنعاش المركب الذي كان يمثل جوهر الصناعات الجزائرية· ترتكز أهم مطالب العمال على الرفع من الأجور وإلغاء التقاعد في سن 60 سنة، ما مدى شرعية هذه المطالب؟ بالنسبة لي أي مطلب هو محل تفاوض بين الشركة الوصية وعمالها، ويبقى السؤال المطروح هو هل هذا الشرط تحقق بالنسبة للشركة الوطنية للمركبات الصناعية أو لم يتوفر، فإذا رفضت الإدارة التفاوض فإنها تتحمّل مسؤولية تعفن الوضع في الشركة· أما إذا رفض العمال طرح مطالبهم على طاولة النقاش فإنهم يتحمّلون تبعات انسداد الوضع· يعتبر العمال أن الإتحاد العام للعمال الجزائريين لا يهتم بالدفاع عن مصالح العمال خاصة بعد موافقته على قرارات اجتماع الثلاثية، لماذا؟ يبقى دور النقابات مرتبط بتقديمها لمطالب العمال، لأن بقاءها مرهون بها، وإذا انتهت المطالب ينتهي وجودها، وبالتالي فإن الحركة العمالية مرادفة للعمل النقابي، وجود لائحة المطالب هي سر وجود النقابات، لا يمكن الفصل بين العمل النقابي والسياسي، فكل النقابات لها دور سياسي وعمالي، والمطلوب هو إحداث التوازن بين الشقين· هل تمسك العمال بخيار الإضراب وتصعيد الحركة الاحتجاجية سيؤدي إلى تأزم الوضع؟ لا أعتقد، فهناك فرق كبير بين الوضع الراهن الذي كانت تعيشه الجزائر سنوات 88 بحكم الأزمة المالية الخانقة التي سيطرت على الوضع، لأن الجزائر لها إمكانيات لإنعاش صناعتها ودعمها بحجم احتياط الصرف الذي تحوزه الجزائر المقدر ب 140 مليار دولار·