في الوقت الذي يراد فيه الترويج لمحاولة الحكومة الجزائرية التصعيد في العلاقات مع مصر من خلال القرار الصادر عن الغرفة الجزائرية التجارية والصناعية القاضي بمنع التبادلات التجارية بين البلدين، وذلك بعد وضع قائمة سوداء للمنتجات قدرت بحوالي 1141 منتج، من ضمنها أكثر من 700 منتج مصري، فقد أكدت وزارة التجارة أن المغزى من القائمة الموضوعة لا علاقة له بالعلاقة بالبلدين بقدر ما يهدف لبعث الاقتصاد الجزائري المنتج تماشيا مع السياسة الاقتصادية الجديدة، في إشارة إلى أن التبادل التجاري في ظل المنطقة العربية الحرة لم يخدم الجزائر في شيء سوى استنزاف العملة الصعبة· أكدت وزارة التجارة على لسان رضوان عليلي، مستشار الوزير، على أن فترة منع هذه المنتجات من دخول السوق الجزائرية لا يتجاوز الأربع سنوات، وهي الفترة التي تسعى الوزارة خلالها دعم المنتجين المحليين، على اعتبار أن المنتوجات المستوردة من المنطقة الحرة العربية تقتصر على المنتوجات الغذائية بالدرجة الأولى، وهو الأمر الذي بات يشكل نوعا من المنافسة غير العادلة للمنتجين المحليين· والحال ينطبق على باقي القطاعات، مثل الأنسجة والفلاحة، التي تضررت محليا جراء الاستيراد العربي· بهذا الخصوص يقول الأستاذ سليم بن عباس، خبير اقتصادي، إن: ''القرار المتخذ لا يمت بصلة للأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين الجزائر ومصر، وإنما جاء تماشيا مع التعليمات المتضمنة في قانون المالية الحالي، الذي جاء مصرا على ضرورة بعث اقتصاد وطني منتج· وفي ذلك رد فعل على التهاون في حق الإنتاج المحلي، فقد باتت الجزائر فضاء مفتوحا لكل أنواع السلع، وهو ما فاقم من فاتورة الواردات''· وبخصوص العلاقة التجارية بين الجزائر والمنطقة التجارية الحرة، التي انضمت إليها الجزائر رسميا، يؤكد الخبير الاقتصادي على أن القرار الأخير لا يخل بالاتفاقية، على اعتبار أن القرار جاء لتجميد التبادل لفترة معينة· من جهة أخرى، فإن الحديث عن القائمة السوداء للمنتوجات المصرية، حسب الخبير الاقتصادي سليم بن عباس، لا أساس لها من الصحة، إذ أن أكثر البلدان تضررا من القائمة الجزائرية هي دولة تونس، التي يمثل حجم التبادل التجاري بينها وبين الجزائر الأكبر عربيا· فقد احتلت تونس الصدارة عربيا سنوات متتالية في تبادلها التجاري مع الجزائر· والجدير بالذكر أن الواردات الجزائرية من المنطقة العربية باتت في تزايد مستمر، بعد أن بلغت السنة المنصرمة ما يقارب مليار والنصف، في حين أنها بالكاد بلغت المليار عام .2009 للإشارة، فإن حصة الأسد في هذه التبادلات التجارية تكاد تنحصر على خمسة دول، تمكنت من تفريغ بضاعتها في الجزائر بشكل قوي، بالرغم من كونها في معظم الأحيان بضاعة مصنعة أصلا محليا، وفي أحيان كثيرة تفوق جودة المنتوجات العربية، وعلى رأسها: تونس، مصر، المغرب، العربية السعودية والأردن· هذا ما جعل الخبير الاقتصادي يؤكد على أن القرار المتخذ لا علاقة له بالأزمة الديبلوماسية مع مصر، وإنما إجراء تقني ينضوي ضمن النزعة الجديدة لكل ما يمت بصلة للاقتصاد الوطني المنتهجة من طرف الحكومة، والتي يمكن تصنيفها في خانة حماية الإنتاج الوطني· وعن التأثير الذي يمكن لمثل هذا القرار أن يخلفه لدى الطرف الآخر، سيما الأطراف العربية، فقد أكد رضوان عليلي، مستشار وزير التجارة أنه من المقرر أن يتم طرح هذا الملف على المجلس الاقتصادي والاجتماعي المنظم من طرف الجامعة العربية خلال شهر فيفري المقبل، وفي حال تعثر طرح وجهة نظر الجزائر خلال هذه القمة على اعتبار أنه لم يتم برمجته في جدول الأعمال، فإنه سيتم تأجيله للتباحث بخصوصه نهاية السنة الحالية· مع العلم أن القرار الجزائري بات ساري المفعول بداية من تاريخ موافقة رئيس الوزراء أحمد أويحيى عليه· والمثير في قضية القائمة السوداء التي أعدتها مصالح وزارة التجارة تكمن في شملها دول سبق للجزائر أن أبرمت معها اتفاقيات ذات أفضلية في المجال الاقتصادي، مثلما هو الحال مع تونس المعني الأول بالقائمة، بالرغم من الاتفاق المبرم معها· بهذا الخصوص يشير الخبير الاقتصادي أنه لا بد للجزائر أن تحافظ على مصداقيتها في التعامل، سيما عندما يتعلق الأمر باتفاقيات مبرمة بين دول، غير أن ذلك لا يمنعها من إجراء تعديلات وإضفاء ملاحق على هذه الاتفاقيات احتراما لمصالح كل الأطراف، وهو على الأرجح ما سيتم التعامل به مع اتفاق الأفضلية المبرم مع تونس في المجال الاقتصادي، بحيث لا يؤثر سلبا على الاقتصاد الجزائري· للتذكير، فإن الجزائر تقدم على هذه الإجراءات بعد أكثر من السنة على الانضمام للمنطقة العربية للتجارة الحرة، وهي الفترة التي سمحت بملاحظة مدى التأثير السلبي على الصناعات الصغيرة في الجزائر، مع العلم أن حجم التبادل العربي في هذه المنطقة لا يزيد عن 10% من تجارتها الإجمالية·