أكيد أن الفريق الوطني الذي أدخل الفرحة والفخر على قلوب الجزائريات والجزائريين كان هدية من السماء·· وأكيد أن الخضر أبلوا البلاء الحسن بحيث أعادوا إلينا الأمل في مستقبل الكرة الجزائرية··· ولهذا فلم يكن الأمر غريبا على الأنصار ليقفوا وقفة رجولية إلى جانب الخضر في السراء والضراء·· فما قام به الحكم البنيني كان أمرا مخجلا ومؤسفا، لكن هل كل هذا يجعلنا نغض الطرق لنتحدث بشجاعة عن النقائص التي ظهر بها فريقنا الوطني؟! طبعا، لا·· فالمجاملة قد تتحول إذا ما تمادينا فيها إلى جريرة·· يجب أن نعترف أن الفريق الوطني باستثناء المباراة مع الكوت ديفوار لم يكن مهيئا نفسيا·· لقد أدى الفريق مبارياته في غياب خطة للعب، وقد ظهر ذلك جليا في معظم المقابلات التي أجراها في منافسة كأس الأمم الإفريقية·· أجل، لقد تعلل الثنائي الفاشل راوراوة وسعدان بعامل المناخ في المباراة مع مالاوي، كما تعلل نفس الثنائي بظلم الحكم البنيني في مباراتنا مع مصر·· ثم لست أدري بماذا سيتعلل هذا الثنائي بخسارتنا أمام الفريق النيجيري·· طبعا بغياب اللاعبين الأساسيين··· هذه المبررات مرفوضة، لأنها تمنعنا من الأداء الحقيقي للفريق الوطني·· فالأداء الذي قدمه شبان الفريق الوطني رغم المقاتلة والرجولة هو أداء لا يرقى إلى طموحنا من أجل لعب دور مشرف في المونديال القادم·· والمسؤولية هنا يتحملها الثنائي راوراوة وسعدان··· وأنا هنا لا أريد أن أكون متعصبا ولا أحمل أي حساب ضد هذا الثنائي·· لكن الحقيقة يجب أن تقال، والآن قبل فوات الأوان··· ونحن هنا أمام حلين لا ثالث لهما·· إما أن يدعم الطاقم القيادي بقدرات فنية مشهود لها·· أو القيام بتغيير هذا الثنائي·· وذلك من أجل الحفاظ على هذه الهدية الربانية التي حبانا بها الله·· إننا لم نتمكن من تأكيد فوزنا على المصريين في أم درمان·· كما أننا لم نتمكن في العموم من التأكيد على قوة فريقنا الذي لا يمكن أن يرقى إليه الشك في أنغولا·· لذا، فالنقاش لابد أن يكون شفافا وبعيدا عن التعصب والتهديد·· فبفضل النقاش يمكن أن نمنح فريقنا القوة الحقيقية التي هو في حاجة إلى استكمالها·· إن إلهاءنا الآن بضرورة معاقبة الحكم البنيني، وأننا كنا عرضة لمؤامرة مصرية لا يفيدنا في شيء·· يجب أن نطوي صفحة ما حدث، لنفكر جديا فيما ينبغي أن يكون·· فالمستقبل أولى من الماضي·· والفوز بالمستقبل لا يتحقق إلا بتحقيق الحاضر من خلال معالجة المرض قبل استشرائه، وتصحيح الغلط قبل أن يتحول إلى عقيدة مبنية على خداع النفس بحيث لا تقودنا إلا إلى ضلال مبين··· يجب علينا إذا ما أردنا أن نحقق أمل جماهيرنا في جنوب إفريقيا، أن ننسى مصر وننسى أم درمان وننسى أنغولا نسيانا مجازيا، يجب علينا أن نفكر خارج مصر، لأنها تحولت بالنسبة إلينا إلى فخ مصري قامت بنصبه وسائل الإعلام المصرية، وقد ابتلعنا الطعم حتى الأعماق عندما أردنا أن نحول اللعبة الكروية إلى معركة كرامة ومعركة لتحقيق الذات··· فالمعركة الحقيقية، هي أن نبني فريقا حقيقيا يكون بمثابة المدخل إلى البناء الجماعي العام لكل ما يمكن أن يدل على نهضتنا في الرياضة، وفي الميادين الأخرى···