تنقلت ''الجزائر نيوز'' إلى شارع سانتاطوان بوهران، حيث لا تزال 9 عائلات بهذا الحي تسكن الخيم لتأويها وتحميها من برودة الطقس رغم مرور أسبوعين على هذه الوضعية، إلا أنها لم تتلق إلا وعودا شفوية من المسؤولين بالبلدية والولاية، ومنذ تلك اللحظة، تضيف عائلة حمادي محمد التي تعود معاناتها إلى سنة 1973، أن المصالح المسؤولة لم تقم بزيارتهم ولو مرة واحدة منذ ذلك اليوم المشؤوم، وهم حاليا -أي العائلات التسعة التي كانت تقطن بالمبنى الواقع بشارع الإخوة رحال رقم 50- مرمية بالشارع تنتظر التفاتة المسؤولين بعد أن استحالت عودتهم إلى مساكنهم بعد الانهيار الذي مسّ الطابق الأرضي والرواق والسلالم، ما صعب من دخولهم المبنى الذي تحوّل إلى أكوام من الأتربة· أكدت العائلات التي زارتها ''الجزائر نيوز'' أن المشكل تتحمّله الجهات المسؤولة لأن جميع القاطنين بهذا المبنى أشعروا المسؤولين بالقطاع الحضري لسيدي الهواري وكذا بلدية وهران بخطورة الوضع وطالبوا بترحيلهم في أقرب الأوقات بدل الموت تحت الأنقاض· كما أكدت عائلة أخرى وجدنا صعوبة في الحديث إليها بسبب تأثرها بالوضعية التي آلت إليها، وبعد محاولات عديدة أكدت لنا زاوي ملوكة، وهي ربة بيت تعيش لوحدها مع ثلاثة أطفال جميعهم مصابين بأمراض الحساسية، حيث أن أكبرهم سنا يبلغ من العمر حوالي 10 سنوات، وقد حاولت السيدة ملوكة أن تنقل معاناتها من خلال ''الجزائر نيوز'' إلى المسؤولين، وأثناء حديثها أجهشت بالبكاء بسبب معاناتها الطويلة في المبنى الذي كانت تقطنه منذ سنوات، لكن على الرغم من أنها متخوفة من انهياره قي أية لحظة، إلا أن وضعيتها المادية دفعت بها على غرار العائلات أخرى المحرومة التفاتة المسؤولين المحليين، خاصة وأنهم يعلمون بأن ترحيلهم لن يكون في الحصص المقبلة التي تنتظر الإفراج عنها مستقبلا· وفي هذا سياق، تحدثت عائلة أخرى تقطن بنفس الشارع وتتقاسم نفس المعاناة مع الأسر الأخرى، وهي عائلة بلقاسم أحمد، عن سيناريو الانهيار المفاجئ لجدران وسقف البناية منذ الأربعاء الفارط الذي يصفه بالأربعاء الأسود، خاصة وأن الحادثة وقعت خلال الفترة الصباحية وأثارت هلعا كبيرا وسط الجيران الذين يقطنون بنفس الحي، الذي يعد يعرف بالمنازل القديمة منذ فترة الستينيات· ولم تختلف عائلة بلقاسم عن الأسر الأخرى في نقلها لمعاناتها اليومية مع الانهيارات الجزئية التي يشهدها يوميا المبنى، ومع أول سقوط لزخات الأمطار، يبدأ السكان في الدعاء إلى الله وهم متأكدين أن المنطق الذي يعيشون عليه هو ''ربي يستر''، خاصة وأن لجان البلدية الذين أوكلت لهم مهمة إحصاء السكنات القديمة لم تضعهم ضمن القائمة الحمراء التي تتطلب الترحيل الفوري· أطفال تحدثوا ل ''الجزائر نيوز'' عن وضعيتهم المزرية مع السكن الهش، وعن أحلامهم في العيش في مساكن لائقة كغيرهم من الأطفال ويحملون هم أيضا مسؤولية النتائج السلبية لهذه الوضعية، وطالب الطفل رضا الذي يبلغ من العمر حوالي 12 سنة، والي الولاية، بالتدخل العاجل لتحريرهم من هذا الوضع الذي فرضته عليهم أوضاع اجتماعية معينة، حيث أصبح الحلم الذي يراود هذا الطفل أكثر من إنهائه لدراسته، هو العيش في منزل لائق· وعلى غرار شوارع أخرى مثل سيد الهواري، الحمري وحي الدرب··· لا تزال آلام العائلات المنكوبة تنتظر الأقراص المهدئة للجهات المسؤولة بدل انتظار الموت تحت أي ظرف· من جهة أخرى، اتصلت ''الجزائر نيوز'' بمدير التعمير على مستوى بلدية وهران، محمد مباركي، الذي أكد أن المصالح المعنية قامت بإدراج عملية ترحيل العائلات المنكوبة في الحصص المقبلة في إطار برنامج القضاء على المباني الآيلة للسقوط، ولا توجد حاليا أي حالات استثنائية· وأضاف ذات المسؤول أنه سبق لمصلحته أن استقبلت طلبات العائلات التسعة، وسيتم على مستوى المديرية دراسة جميع الملفات حالة بحالة، نافيا في ذات الوقت أن تكون دائرة وهران قد وعدتهم بالترحيل العاجل· قالوا عن معاناتهم! السيدة ملوكة منذ انهيار مسكننا ونحن نعيش مأساة حقيقة، حاليا نقطن بالخيم تحت برودة الطقس، ندري متى يتم ترحيلنا إلى بنايات لائقة، فلم يزرنا إلى حد الآن أي مسؤول منذ كارثة الأربعاء، فبعد أن سقطت الأمطار أحسسنا بهزات كبيرة تبعها انهيار جزئي لجدران المبنى، ما أدى بنا إلى النزول مسرعين إلى الشارع· حمادي مصطفى شعرت أنا وعائلتي بمرارة كبيرة عندما نزلنا إلى الشارع للبقاء في الخيم بعد أن قمنا بتنصيبها مؤقتا، لكن يبدو أن الأمر سيطول خاصة بعد أن أحسسنا بتهرب المسؤولين من مسؤولية ترحيلنا إلى مبانٍ لائقة، والكل أصبح يتحجج بأنه غير معنٍ بهذا الأمر· الآنسة فتيحة حاليا نعيش في الشارع ونتقاسم مع بعض برودة الطقس ولا نعرف متى سيتم ترحيلنا إلى سكنات جديدة، لكن المهم أن تتم عملية الترحيل ولا ننتظر طويلا، مع العلم أننا قدمنا العديد من الشكاوى إلى المسؤولين ولا أحد تحرك، الكل يتكلم عن برنامج للقضاء على المباني الهشة، ولكن متى يتم تجسيده على أرض الواقع·