لا يزال مشكل السكن يؤرق عددا كبيرا من مواطني العاصمة على اعتبار أنها الولاية الأكثر كثافة سكانية، فقد أصبح هاجسهم اليومي الذي يصحو وينام عليه آلاف المواطنين في أعداد هائلة من الأحياء والتجمعات السكنية ببلديات العاصمة، كونه الحلم الذي لم يتحقق بعد رغم مرور سنوات عن الوعود التي أطلقتها ولا تزال تطلقها السلطات المحلية المتفاوتة والمتعاقبة على المجالس البلدية من جهة، وارتفاع حصيلة الإنجازات والمشاريع السكنية التي تقف عليها مديرية السكن لولاية الجزائر من جهة ثانية، وهو الأمر الذي دفعنا لإنجاز هذا الاستطلاع بشأن مأساة 9 عائلات تعيش في العراء ببلدية المحمدية، تحديدا بحي ''زرهوني مختار''. عائلة حمادي دنيدني خارج مجال التغطية أعربت عائلة ''حمادي دنيدني'' عن استيائها الشديد للظروف الصعبة التي يتخبطون فيها وللأوضاع المزرية التي آلت إليها حياتهم، خاصة بعدما تم طردهم من القبو الذي رمموه منذ فترة من الزمن واعتمدوه كمسكن لهم، وقد ساءت حالة العائلة بعد تدخل السلطة الوصية التي أطلقت حملة لإخراج 9 عائلات من الأقبية التي كانت تقطنها بحي ''زرهوني مختار'' بالمحمدية، فوقع الخراب على عائلة ''حمادي دنيدني'' التي أخرجتها السلطة الوصية من القبو بالقوة، وقامت بتشميعه وبنقل أثاثها إلى إحدى المستودعات المتواجدة على مستوى ذات البلدية تاركة هذه العائلة تتجرع مرارة الحياة بين الشارع والخيمة. حيث أبى حمادي رب العائلة ترك أسرته في الشارع، فقام بنصب خيمة وسط شارع ''زرهوني مختار'' لمدة عشرة أيام من أجل حماية أطفاله من قساوة المبيت في العراء، إلا أن السلطات المعنية لم تتأخر في مضاعفة معاناة هذه العائلة، بالشروع في تطبيق قرار تنحية الخيمة الخميس الفارط، تاركة تلك العائلة في الشارع دون أن يسأل عنها أي مسؤول محلي، يقول حمادي رب العائلة ''لن أنس ذلك اليوم المشؤوم أين حضرت السلطة الوصية مدعمة برجال الشرطة ورئيس بلدية المحمدية والوالي المنتدب لدائرة الدارالبيضاء وقوات مكافحة الشغب في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال، وقاموا بإخراج أولادي من الخيمة لرفعها، مثلما رفعوا أثاث بيتي وأخذوه إلى المستودع''. وأضاف رب الأسرة أن السلطة لم تكترث لحال أسرته ولم يقل الوالي المنتدب إلا إحدى الجمل التي مل المواطنون من سماعها، وهي أن عليه أن يقدم ملفا خاصا بالسكن، موضحا أنه سبق له وأن وضع لدى بلدية المحمدية أزيد من خمسة ملفات منذ سنة 2002 بقيت في طي النسيان. الضغط والمأساة يولدان الانفجار رب الأسرة حاول الانتحار ورئيس الشرطة منعه ليس غريبا على أحد أن الضغط والمعاناة واشتداد الأزمات يولد الانفجار، فغالبا ما يتعرض المواطن الجزائري إلى الصدمات النفسية ويصاب بالأمراض المزمنة التي باتت موضة العصر كمرض السكري والضغط الدموي، في ظل قساوة العيش التي يتكبدها البعض عاما بعد آخر. وكعينة عن هذه العائلات التي تعيش الضغط يوميا، عائلة حمادي التي حاول والد الأسرة أن ينتحر ويضع حدا لحياته أمام أعين المسؤولين، بجلب سكين كبير كاد أن يذبح به نفسه لولا تدخل جيرانه الذين يعانون رفقته في صمت رهيب، محاولة الانتحار التي باءت بالفشل منعه من تنفيذها رئيس الشرطة الذي كان رفقة وفد من المسؤولين المحليين زاروا مؤخرا العائلات المقيمة في العراء. ومن جهته أكد السيد حمادي أنه ضاق ذرعا بهذه المعاناة، لاسيما وأن إحدى بناته مقبلة على اجتياز شهادة السنة التاسعة، ولم تجد هذه الأسرة إلا إحدى جيرانها التي أعارتها القبو الذي لا يليق إلا بالحيوانات، ليحميها من مرارة المبيت في العراء. وعود حبيسة الأدراج .. وعائلات تهدد بالاحتجاج لم تتأخر العائلات التسعة المقيمة بأقبية حي ''زرهوني مختار'' بالمحمدية، عن نعت الوعود التي يرددها عليهم المسؤولون المحليون ب''الكاذبة''، والتي غالبا ما تكررها السلطات الوصية على مسامعهم، غير أن الوالي المنتدب للدائرة الإدارية للدار البيضاء الذي زار المكان منذ فترة، أكد للعائلات المقيمة هناك أن السلطات المحلية ستتكفل بالجميع، وأنه لن تبقى أية عائلة جزائرية خارج الشارع. العائلات تتساءل .. أين حقنا من الحصص السكنية؟ ونحن نعاين مكان إقامة عائلة دنيدني، لفتت انتباهنا تلك الجمل التي لم يتوقف السيد حمادي عن تكرارها ''حسبي الله ونعم الوكيل على كل من كان سببا في معاناتنا''، متسائلا أين هو نصيب العائلات الفقيرة المقيمة في العراء من حصص السكنات التي توزعها البلدية من فترة لأخرى. وقد شاطرته العائلات المقيمة برفقته الرأي، مؤكدة أن الحصول على سكن لائق حق مضمون، وعلى السلطات المحلية أن تتصرف بعدل وشفافية، وأن تقوم بتحقيقات ميدانية للأشخاص المتلاعبين بعمليات توزيع السكنات الاجتماعية على الموطنين.