موضوع الإجتماعيات المسرب رغم مراهنة الدولة الجزائرية في كل مرة ومنذ سنوات خلت (منذ 2007 عام الفضيحة تحديدا)على الحفاظ على مصداقية البكالوريا بتسخير كافة الوسائل المادية والبشرية لإنجاح هذا الامتحان المصيري، إلا أن هذا الرهان سرعان ما يسقط في الماء بعد تكشف الحقيقة للناس بأن ما يتم القيام به من إجراءات هو مجرد "فلكلور" سنوي ومرحلي تجتهد الحكومة ومن ورائها وزراء التربية المتعاقبين عليها في النفخ في الكيس المثقوب... " ريزوات" و "غش عفوي" وآخر "مبرمج" وصولا لتسريبات مست العديد من المواد، ولم تقتصر على مادة بعينها فسربت مواضيع مواد الفرنسية و العلوم الطبيعية و الانجلبزية و التاريخ والجغرافيا بصفة مؤكدة اعترفت حتى بها وزارة التربية الوطنية التي قالت بأنها فتحت تحقيقا في هاته التسريبات، وبأنها سوف تلاحق المتسببين فيها وتتابعهم قضائيا، لتبقى خرجات وزارة التربية في كل مرة مجرد كلام استعراضي موجه للاستهلاك الإعلامي يزيد من حجم المعاناة التي باتت تتخبط فيها الحكومة الجزائرية مانحة صورة سيئة عن الدولة الجزائرية في معالجتها لمحاربة ظاهرة الغش وكأن الأمر "مدبر بليل" وتحت وصاية رسمية. وبهذه التسريبات يتأكد بأن باك 2016 هو "فضيحة" بامتياز، و بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فرغم كل الخرجات الإعلامية التي كانت بطلتها بن غبريط وسعيها الحثيث لإحداث التغيير "المزعوم" إلا أن ما تم تسطيره والسعي لتحقيقه هو في الواقع سعي للبهرجة ولفت الانتباه من أجل اللعب على أوتار إفراغ المنظومة التربوية من كل قيمة تحملها في مقابل ضبط الجوانب الشكلية و إهمال الجانب التنظيمي الحقيقي. من جانب آخر دخل نواب البرلمان على الخط من خلال رفعهم للائحة مطلبية موجهة لرئيس البرلمان ورئيس الحكومة "سلال" من أجل تشكيل لجنة تحقيق برلمانية وحكومية لكشف ملابسات مهازل قطاع التربية، مطالبين في ذات الوقت بضرورة اتخاذ الحكومة لموقف من أجل لملمة فضيحة تسريبات مواضيع البكالوريا، فيما طالب عدد من النواب بضرورة اقالة وزيرة التربية بن غبريط من منصبها التي فشلت حسبهم في تسيير ملف شهادة البكالوريا لهاته السنة. أما الأمين الوطني لنقابة "الأسنتيو" قويدر يحياوي فقد أكد من خلال تصريح رسمي بخصوص شائعات تسريب اسئلة مواضيع بكالوريا 2016 أن ما قامت به وزارة التربية من اجتهادات لمحاربة الغش هو مجرد ذر للرماد في العيون، داعيا إلى كشف المتسببين في هاته التسريبات وفضحهم أمام الرأي العام الوطني، ومعاقبتهم مهما كانت صفتهم ومسؤولياتهم مطالبا الحكومة بتحمّل مسؤوليتها الدستورية التي تقتضي ربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك بفتح تحقيق سريع ونزيه لمعاقبة المسؤولين المحتملين عن تسريب مواضيع امتحانات البكالوريا معبرا عن شجب "الأسنتيو" لكافة أشكال الغش في الامتحانات حفاظا على مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين. في سياق ذلك، تداول البعض بمصادر مختلفة تمكن مصالح أمن ولاية الجلفة مساء اليوم من إيقاف شبكة متكونة من 7 أشخاص بينهم فتاتين بعد تفتيش منزل أحد أساتذة الأدب العربي "ج ع " بحي بن تيبة، بسبب تورطهم في بيع إجابات أسئلة امتحانات البكالوريا لعدة أشخاص ممتحنين مع حجز معدات تمثلت في آلة نسخ و هواتف و أجوبة الأسئلة المتعلقة بإمتحانات البكالوريا، وهي سابقة خطيرة تضاف إلى الكثير من الحالات التي يتم تداولها من قبل الشارع دون أن يتم التحرك لفتح تحقيق ومعاقبة المتسببين فيها. وبما أن التسريبات التي عرفتها مواضيع مواد الفرنسية و العلوم الطبيعية والتاريخ والجغرافيا و الانجليزية لغاية اليوم الأربعاء باتت في حكم المؤكد، فإنه بات من حق كافة المترشحين المطالبة بحقهم في إعادة هاته الإمتحانات من منطلق مبدأ تكافؤ الفرص، ووجوب تحلي وزارة التربية الوطنية بالشجاعة الأدبية وإعلان ذلك لحفظ ماء الوجه والحفاظ على مصداقية البكالوريا "المخرومة" مثلما فعلت نظيرتها بدولة المغرب الشقيق السنة الفارطة التي أعادت إمتحان مادة الرياضيات بعد تسريبه على "الفيس بوك" بثمانية ساعات من وقت الإمتحان. فهل تعلن وزارة التربية الوطنية عن حقيقة ما شاب باك 2016 من غش وتسرب وتواطؤ للرأي العام الوطني والتحلي بالروح العلمية أم أنها تدس رأسها في الرمال إلى أن تهدأ العاصفة ويضمحل أجيال الأمة على وقع "الغش"؟