المكان: غابة سن اللبة بالجلفة الزمان: الجمعة الثانية من رمضان 1437 للهجرة لم يكن شهر رمضان بصومه وحرّه لهذا الموسم ليقف حائلا أمام الخرجات التي تنظمها مجموعة "درّاجي الجبال بالجلفة - Club VTT Djelfa" ... ولم يكن عبء التنظيم والتحضير اللوجيستي وتقاسم الأدوار ليكون مثبطا أمام همم هؤلاء الدّرّاجين ... هذه هي الانطباعات التي خرجنا بعد حضورنا افطارا جماعيا نظمه "درّاجو الجبال" بغابة "سن الباء" غرب مدينة الجلفة. شويحة عبد القادر، أحد المنظمين، يقول عن هذه المبادرة أنها تدخل في سياق الخرجات الأسبوعية التي تنظمها المجموعة مساء كل جمعة والتي يتخللها أحيانا التخييم والمبيت. ويضيف محدثنا بشأن شهر رمضان "بالنظر الى طبيعة الشهر الفضيل والصوم وتزامنه مع موسم الحر، قررنا تخفيض المسافة التي نقطعها عبر المسارات التي نحددها سلفا. حيث أصبحت المسافة لا تفوق 25 كلم خلال شهر رمضان خصوصا وأن هناك أعباء تنظيمية تستجدّ مثل الإفطار الذي نشرع في تحضيره فنصنع به متعة للطبخ داخل الغابة". ويؤكد الدّرّاج "عبد القادر شويحة" على أن أعضاء المجموعة قد صاروا متفقين على توزيع الأدوار والمسؤوليات خلال كل خرجاتهم. فتجد من بينهم ميكانيكي الدراجات والطباخ ومسؤول العتاد والخيم والمختصين في نصب الخيم والإنارة الليلية والمسعف وغيرها من الأدوار. غير أن السمة البارزة بين هؤلاء الدّرّاجين هي تعاون الجميع في أداء الأدوار، فما إن ينزلون بالمكان المحدد للتخييم حتى ينطلق الجميع في العمل ... فهذا يقوم بإنزال العتاد من السيارة وذاك ينصب خيوط الإنارة وهؤلاء يجمعون الحطب وهكذا الى أن يستقيم العمل وتسير وتيرته وفق المخطط. من جهته يرى الدرّاج "عبدلاّوي عبد القادر" أن مجموعة "درّاجي الجبال بالجلفة" وبفضل الخرجات العديدة التي نظموها قد اكتسبوا ثقافة السياحة الداخلية واستكشاف المناطق العذراء لولاية الجلفة وخارجها. ويضيف محدّثنا قائلا "نسعى من خلال نشاطاتنا الرياضية والسياحية الى أن نكون قدوة للشباب كي يفكروا في قضاء أوقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع سواء من الناحية البدنية أو من الناحية النفسية. ولهذا فإن مجموعتنا رسالية بخرجاتها وتبعث برسالة الى كل الشباب بأن يوقنوا بأن أبواب المبادرة مفتوحة وأن يستغلوا أوقات فراغهم أحسن استغلال". أما الدرّاج "عزيز بوزكري"، فقد أكّد ل "الجلفة إنفو" أن المجموعة قد صنعت الصدى داخل وخارج ولاية الجلفة سواء لدى جمهور الشباب أو لدى السلطات الولائية التنفيذية والمنتخبة. ويضيف عزيز "بفضل سعينا الى الاحترافية وتأكيدنا على الالتزام بها وصلت أصداء نشاطاتنا الى عدة ولايات وقد تلقّينا دعوات من ولايات البليدة وسطيف وتلمسان من جمعيات لها نفس اهتماماتنا. كما نشطنا مؤخرا احتفالية "عيد الطالب" بجامعة الجلفة "زيان عاشور" وهو ما يتوافق مع سعينا لنشر هذه الرياضة وسط الشباب. ونؤكد لكل الشباب الراغبين في ممارسة رياضة درّاجات الجبال على أن أبواب الانخراط مفتوحة للجميع بشرط الالتزام بالمعايير التي تصنع الاحترافية مثل دراجة لكل الأرضيات "Vélo Tout Terrain-VTT" وقوانين السلامة المرورية والتجهيزات الخاصة بالدراج ... وأهم شيء الحفاظ على البيئة". وبشان آفاق المجموعة، يؤكد "عبد القادر شويحة" أنه يتم حاليا التحضير لتأسيس الجمعية التي ستكون الإطار الجامع لها. كما أكد على أن المجموعة تفكر في وضع خطة لجعل كل خرجاتها مناسبة لتنظيم حملات تشجير لتشجيع الاهتمام بالبيئة. وفي هذا الصدد يقول "كما لاحظتم خلال الإفطار الجماعي لهذه الليلة، فإننا نجتهد في الحفاظ على الغابة والطبيعة بصفة عامة ... فلا نغادر مكان التخييم الا بعد التأكد من تنظيفه وجمع كل مخلفات مخيّمنا مثلما ننظف المكان أيضا من النفايات التي يتركها غيرنا. وهنا نوجّه نداء الى الجميع باحترام الطبيعة والسعي الى الحفاظ على الغابة التي تبقى دوما ملاذ الجميع لطلب المتعة والهواء النقي". ومرّة أخرى، وبعد أداء صلاة المغرب جماعة والإفطار في جو أخوي وعائلي، يبدأ النشاط بجمع الأواني وتحضير السهرة الرمضانية التي سيكون فيها الخيار متاحا بين خيارين: القهوة التي يتخصص فيها "عسالي منّاد" دون منازع ... أو الشاي الذي يبرع فيه الدّراج "نور الدين بدوي". ففي حين قرر بعض "الرفاق" البقاء بالمخيم للسمر، قرر حوالي عشرة أفراد الخروج في رحلة راجلة قصيرة نحو أعلى الجبل ثم النزول الى الغابة عبر تضاريسها الوعرة ... وهنا يتأكّد للمرء مرة أخرى ضرورة الإلتزام بالمسار الذي يحدده المنطمون وأهمية اللباس الخاص والحذاء الملائم لمثل هذه التضاريس ... وهكذا عدنا الى المخيم بعد سير لمسافة تقدّر بحوالي 04 كلم وسط الأشجار والتضاريس الصخرية المختلفة لنجد في انتظارنا السحور الذي تقرّر هذه الليلة أن يكون شواء على الجمر ... وتستمرّ السهرة الى غاية منتصف الليل لنعود أدراجنا الى مدينة الجلفة وفي ذهننا تلك الصورة الحضارية لدرّاجي الجبال بالجلفة والرسالة النبيلة التي يكرسونها مع الطبيعة والإنسان ...