بعد طرحهم لعدة مشاكل تعاني منها حرفتهم على كل الأصعدة،و بعد أن تشتتت أصواتهم ما بين جمعيات حماية البيئة و نقابة مربي النحل و هيآت البحث الفلاحي و كذا منظمات الفلاحين ... حينئذ تفاقمت مشاكلهم و معاناتهم بسبب تفرق مجهودهم و بسبب أن "يد واحدة لا تصفق". بعد كل ما قيل أدركت طائفة كبيرة من مربي النحل بفرنسا أن الحل الوحيد لحمل الحكومة الفرنسية على الاستجابة لانشغالاتهم و إسماع صوتهم هو في التوحد فسارعوا إلى تأسيس "اللجنة العملياتية من أجل نحالة (بكسر الحاء) دائمة" التي احتوت كل التنظيمات و الجمعيات المذكورة ثم شرعت هذه الأخيرة في عقد اجتماعاتها لدراسة مطالب أهل المهنة فكان من نتائج ذلك أن تقرر تأسيس "المعهد العلمي و التقني للنحلة"،تبليغ انشغالات النحالين بخصوص استعمال المبيدات المستعملة بكثافة و غير ذلك... طبعا العبرة من كل هذا السرد هو أن النحالين في فرنسا اتحدوا و جمعوا كلمتهم على قلب رجل واحد فكان أن تحقق لهم ما لم يكونوا يحلمون به من قبل و ما لم تقدر على تحقيقه جمعياتهم و منظماتهم بسبب –كما ذكرنا- تشتت أصواتهم. نريد من هذه المقدمة إجراء إسقاط على واقع التربية في الجلفة الذي يعرف القاصي و الداني ما حل به في السنوات الأخيرة بسبب تشابك المصالح و كثرة النقابات (الإتحاد الوطني لعمال التربية و التكوين،المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي و التقني،النقابة الوطنية لعمال التربية، النقابة المستقلة لعمال التربية و التكوين،النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي و التقني،... ) لا حظوا كثرة أسماء النقابات و تشابهها... فهل تتشابه المسميات؟ أعتقد - و هذا ما أعتقده و الواقع يصدقه – أن الفساد الذي ينخر قطاع التربية بالجلفة ما كان ليكون له ذلك لو لم يجد أن أبناء قطاع التربية بالجلفة قد ذهبت بهم كل نقابة مذهبها المبني على حسابات و ولاءات لا يعلمها إلا أصحابها...كما أن أخطبوط الفساد قد وجد الوسط المناسب في انشغال جمعيات أولياء التلاميذ بأمور أخرى غير تلك التي أنشئ لأجلها. و هذا المقام لن يكون للخوض في تلك المشاكل التي خاض فيها الكثيرون و تناولوها بالتشريح و التحليل و لكنهم إلى الآن لم يتوحدوا لأنهم ليسوا ملزمين تجاه الجلفة و الجلفة فقط...بل هم ملتزمون تجاه نقاباتهم و مصالحهم و من يدور في فلكهم. المقام الذي أود أن أضع فيه سياق هذا الكلام هو المتقاعدون بصفة عامة و متقاعدوا قطاع التربية بصفة خاصة لأنهم الأدرى بشؤون القطاع الذي مخروا عبابه طيلة ثلاثين سنة أو يزيدون فسبروا أغواره و عرفوا مكامنه كما هو الحال لمتقاعدي القطاعات الأخرى بصفتهم أولياء أمور. فكيف صار حالكم اليوم يا متقاعدي الجلفة...؟ يا ترى هل رضيتم لأنفسكم بالقعود مع الخوالف – و اسمحوا لي على هاته الكلمة القاسية- و تركتم المفسدين يعيثون فسادا بقطاع التربية و أنتم تتفرجون..هل رضيتم بالتوجه إلى ميادين البزنسة و المقاولة و تركتم لمحرقة الفساد القطاع الذي صنع منكم رجالا و كونتم منه أجيالا ...هل تذرونه لأناس لا هم لهم إلا الاستغناء على براءة أبنائكم الذين نراهم اليوم في الشوارع تتقاذفهم الأفكار الهدامة و أفات السرقة و المخدرات و الحرقة و الإرهاب و.... هل رضيتم لأنفسكم بأن تخرجوا نهاية كل شهر إلى مكتب البريد لنيل منحة تقاعدكم ثم تعودون إلى بيوتكم و تجلسون لانتظار "الشهرية الجاية"...اسمحوا لي أن أقول لكم – لمن كان كذلك- بأنكم انتم أيضا "حراقة" ....حراقة من نوع خاص. حراقة لأنكم هربتم من الميدان متسترين تحت جنح الظلام راضين بالتقاعد مثل ذلك الشاب الحراق الذي أخذ قرعة سيروم يترمم عليها في البحر... حراقة لأنكم ركبتم قارب التقاعد و ديدنكم في ذلك "ياكلني الدود في القبر و مانوليش لقطاع التربية" ... حراقة من نوع خاص لأن قطاع التربية بالجلفة استغاث بكم فقطعتم " كواعطكم" و قلتم لا أصل لنا... أدعوكم إلى التجند من جديد للمساهمة بالرقي بقطاع التربية بالجلفة الذي يعاني الكثير و انتم الأدرى بشؤونه بل و أنتم الآن تتوفرون على موضوعية و صفة وجه لا تتوفر في نقابات و جمعيات أولياء التلاميذ قاطبة... نريدها جمعية منكم تكون قوة في الاقتراح..قوة في تعرية الواقع المرير..قوة في الوقوف في وجه كل مفسد..قوة في التأسس قضائيا ضد كل من ثبتت عليه تهمة التلاعب...باختصار نريدها قوة موازية لكل هؤلاء الذين ذكرناهم جميعا... لا نريدكم جمعية تضاف إلى القائمة الطويلة التي يعج بها قطاع التربية بالجلفة و إلا فابقوا "حراقة" أحسن لكم من دخول عالم المتاجرين بمستقبل فلذات أكبادنا.. انتم الآن متحررون من التزامات النقابي تجاه نقابته...متحررون من خوف الأستاذ على خبزته...متحررون من واجب التحفظ ...متحررون من كل الالتزامات التي تقف حائلا أمام قول كلمة الحق أمام سلطان جائر...متحررون من كل شيء الا واجبكم تجاه الجلفة... هذا شهر رمضان بلياليه لمن أراد أن يعقد العزيمة فليتوكل على الله...و هذا سبتمبر قد جاء على غير استئذان منا معلنا موسما دراسيا جديدا و معه مآسي جديدة لقطاع التربية بالجلفة إن استمر الوضع على حاله...و هذه داركم التي عمرتموها بالأمس فكيف تذرونها اليوم خواء....