يعدّ تشجيع مربي النحل وتحسيسهم حول التقنيات الحديثة لتربية النحل وكذا تدعيمهم لرفع نسبة إنتاج العسل المحلي وتغيير نظرة المستهلك نحو هذا المنتوج الطبيعي الذي لا تتوقف أهميته عند حدود قيمته الغذائية بل تتعداها نحو الفوائد العلاجية والتجميلية، من أهم التحديات التي تواجه قطاع تربية النحل.. حقائق أخرى عن واقع إنتاج العسل كشفها لنا الدكتور محمود لكحل، بيطري ورئيس الفيدرالية الوطنية لجمعية النحالين خلال زيارتنا للصالون الوطني الأول للعسل ومنتجات خلية النحل بالرويبة. يقول السيد محمود لكحل أن تظاهرة الصالون الوطني الأول للعسل ومنتجات خلية النحل المنظمة بالرويبة من 5 إلى 16 جوان الجاري، تمثل مبادرة تحسيسية للفت الانتباه إلى ضرورة تشجيع الإنتاج الوطني لاسيما وأن الجزائر تتوفر على أجود أنواع العسل، علاوة على تقريب المستهلك من المنتج وتعريفه بفوائد منتجات خلية النحل بغية خلق ثقافة استهلاك العسل. وكانت أسئلة بعض المواطنين خلال الصالون تؤكّد أن العديد من المستهلكين يجهلون طرق استعمال العسل الطبيعي وقيمته الغذائية.. وبهذا الخصوص يوضح محدثنا أن مشكلة النحالين هي أنهم ينتجون ولا يبيعون خاصة أن الإنتاج متمركز حاليا في بعض المناطق فقط. وعلى هذا الأساس -يضيف المصدر- تنشط الفيدرالية الوطنية لجمعية النحالين والباحثين مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية من أجل إنشاء تعاونية ما بين المربين لإجراء تحاليل للعسل وتوزيعه عبر مختلف ولايات الوطن، موضحاً أن بعض المواطنين في بعض الولايات ينبهرون لما يشاهدون العسل في المعارض كونهم يجهلون الحقائق المتعلقة بهذا الشراب مختلف الألوان ومتعدد المنافع. كما تتعاون الفيدرالية مع وزارة الفلاحة في إطار مشروع يمتد من 2010 إلى 2014 لرفع عدد خلايا النحل من مليون و500 خلية إلى مليونين و500 خلية لتحقيق مسعى رفع الإنتاجية. وجاء في معرض حديثه أن الصالونات لها دور فعال في عملية التحسيس، فبفضلها بدأت نظرة المواطن تتغير تدريجيا، مما أعاد ثقة المواطن بالإنتاج المحلي.. لكن ثمة مسألة مهمة يتوجب أن ينتبه المستهلك الجزائري إليها، وهي أنه ينبغي أن نستهلك العسل عندما نكون في صحة جيدة وليس العكس، فهذا هو منطق الوقاية السليم الذي يقي من الأمراض ويمكن من التخلي عن ذهنية اقتناء العسل وتخزينه لأيام الوعكات الصحية. ولتسليط الضوء على الصالون وأهدافه، أوضح الدكتور محمود لكحل ل''المساء'' أنه محطة للتعريف بعسل بلادنا وخلق احتكاك مباشر بين المنتج والمستهلك، إلى جانب تمكين هذا الأخير من اقتناء العسل بسعر ترقوي، علماً أن الجزائر تتوفر على 13 نوعا من العسل مستخلصة من مختلف أنواع الأزهار، الحمضيات والسدر والكاليتوس. وبرأي السيد لكحل، فإنه بإمكان مربي النحل المحليين إنتاج ما يكفي لتغطية احتياجات السوق من العسل، لكن عدة صعوبات تحول حاليا دون بلوغ هذا الهدف، مما يحرم المواطن الجزائري من استهلاك العسل الطبيعي بكمية معتبرة، حيث تشير الأرقام إلى أن الجزائر أنتجت حوالي 30 طنا من العسل خلال سنة ,2009 ما يعني أن معدل استهلاك العسل في الجزائر يقدر ب 80 غراما لكل فرد، وهي كمية ضئيلة جدا. ويبقى غياب الوعي في وسط الفلاحين إضافة إلى جملة العراقيل التي يصطدم بها مربو النحل من أهم العوامل التي تقف وراء نقص الإنتاجية، حيث يرفض بعض الفلاحين تنصيب خلايا مربي النحل في أراضيهم رغم دورها التلقيحي الفعال، وذلك بسبب قلة الوعي لدى هذه الشريحة. كما أن البعض الآخر من الفلاحين يتسبب في موت النحل جراء الاستخدام العشوائي للمبيدات، وهي مشكلة لم يتم حلها بعد في غياب التنسيق بين الفلاحين والنحالين، في حين أن تطوير قطاع تربية النحل مرهون بالعلاقة الثلاثية التي يجب أن تجمع ما بين كل من الفلاح، الصندوق الوطني للتأمين والنحال. وعلى هذا النحو، يختم البيطري لكحل قوله مؤكّدا على فكرة مفادها أن الجزائر لديها إمكانيات لإغراق السوق بالعسل الطبيعي، غير أن قلة العناية بشعبة مربي النحل تحول دون ذلك.