تتزاحم الرغبات وتتعدد الطموحات والأمنيات لدى كل المواطنين أو شاغلي الإقليم المحلي فيما يتعلق بواقعهم المعيشي اليومي، سواء كان في سياق أشغالهم أو مستقبل أبنائهم أو فترات الراحة أو وضعهم العام، ولذلك فإن التنمية المحلية تمثل تحدٍ ورهان كبير لهم جميعا. ذلك أن التصور لهذه التنمية يكون فيما يتحقق لهم من إمكان مادي ومعنوي، حاضرا ومستقبلا، وعليه فإن هذا المبتغى يتحكم ويؤثر على مختلف الرؤى والتصرفات والمواقف والآراء لدى سكان الإقليم. فالتنمية المحلية التي يتوجّب أن تستمد مخططاتها وبرامجها من مختلف حاجيات ومتطلبات الجمهور، يكون لزاما للمسؤول على تسييرها والقيام بتحسين مؤشراتها قادرا على أن يكون منسجما مع كل هذا، وأن يكون ملما بما يستدعي تحديثه وترقيته وفق ترتيب أولويات يتحسسها المواطن ويتابع التحول والتغيير الذي يحدثه هذا الاهتمام والإنصات والمتابعة من قبل المسؤول المحلي. ولذلك فإن ما يحقق كل هذا هو أن يحسن المجتمع المحلي اختيار أو صناعة أو بناء ما يجسد مفهوم "الواسطة" أو "حلقة الوصل" ما بين المسؤول والفرد في إقليمه المحلي، ذلك أن مفاهيم الدولة الحديثة والإدارة ومتعلقاتها بمفهوم المدنية والتراتبية والتمثيل، توجب أن يكون في هذه المطالبات من يحل محل المجتمع ككل، ويعبر عن كل ما سبق وصفه من رغبات ومعاينات لتحققها. من هنا كان "المجتمع المدني" الطرف الذي يمكنه أن يكون قادرا على أن يسد هذه الفجوة ويرعى مطالب ساكنة الإقليم ويمثل فئاته المختلفة ومشاربهم المتنوعة ومطامحهم المشروعة، ولا يمكن لنا في مستلزمات الدولة المعاصرة إلا القبول بهذا الشرط والتأسيس وفقه لعمل مدني وحضري يمنح للفرد صوتا لدى المسؤول معبّرا عنه وحاملا لانشغالاته والذي تلزمه المسؤوليات والسلطات تحسين ظروف العيش والحياة في الإقليم. إلا أن التجربة التاريخية والواقع الذي نعايشه في بلادنا، أفرزا تراكمية ممارساتية في الحياة اليومية في مختلف ولايات وبلديات وقرى ومداشر البلاد، بموجبها تتجاوز هذه الممارسة مفهوم المجتمع المدني وتحل محله بل وقد تتعداه في التأثير والدور وفي بعض الزوايا تلغيه بصورة نهائية، وربما قد يكون تابعا لها لا مكملا أو مساندا لها. هذه الحالة أو التشكيل الاجتماعي هو ما يعرف لدى كثير من مناطق الوطن بوصف "أعيان البلاد". "أعيان البلاد" مصطلح يُظهر كثيرا من المقامات المجتمعية أو البناءات الاجتماعية التاريخية أو المكتسبات العائلية أو الاحتكارات العشائرية أو التكتلات المصلحية، وهو بذلك مصطلح يحمل الاختلاف أو الافتخار أو الاحتقار أو الشكلية أو النمطية في الهيكل والوظيفة عموما. وعليه فإن مناقشة مثل هذا المفهوم بأدوات علمية ومنهجية يكون مطلوبا ومحبوبا لفهم التشكل والدور، وهو ما يلزم الباحث فيه توخّي الكثير من الاعتبارات التراثية والتقاليد المجتمعية في المناقشة والفهم والنقد، غير أن ما سأعمل على تفكيكه في هذا المقال هو ما اجتمع عندي من ملاحظات ومتابعات ورصد واقعي لكثير من التجارب في داخل الوطن وضمن سياقات الانتماء للمنطقة، وما أصبح يمثله هذا المفهوم من حالة مطاطة يعمد الكثير إلى مَطِّها أكثر مما يستوجب أو كمشها إلى الحد المرفوض، وإني إذ أتناول هذا المفهوم فالرغبة فيه أن أفتح زاوية للنقاش و الفهم بدلا من المعايرة والتحريف والتنكيل بمقامات قد يكون من اللازم مراجعة دورها وأهميتها ومكانتها، وعليه فإنني سأستند إلى خبرة معرفية موجزة ومعاينة مستمرة، محاولا أن أوظف بعض أدوات علم الاجتماع السياسي في فهم هذه الظاهرة وتفكيكها وتركيبها وفق ثلاثية (الفهم/ النقد/ البديل). مُفردات التوصيف.. والتعقيب تعد فكرة (أعيان البلاد/ كبار البلد/ الوجهاء/ الأعيان/ الشيوخ...) وغيرها من التسميات ظاهرة منتشرة في كل البلاد العربية وحتى الإسلامية، وهي استمرارية تاريخية صنعتها ظروف وملابسات تختلف من قطر إلى آخر، بل ومن منطقة محلية إلى أخرى، وبالتالي فإن معالجة هذه الظاهرة لا يمكن أن تكون وفق منظور صارم وموحد في كل التجارب بل لها مناظير ومداخل متعددة في الفهم والتفسير. ف"الوجاهة والعين" في الجزائر ليست بالمستحدثة ولا الطارئة على المجتمع بل هي استمرارية تاريخية وتراثية تعهدت الكثير من الفئات والقبائل والأعراش بالمحافظة والاعتناء بها، كإرث مجتمعي يحفظ للبعض مكانة ورفعة وسلطة تعطي لهم أسبقية داخل طبقات المجتمع وفي أجهزة الدولة. وعليه فإن الأسئلة التي تطرح نفسها وبتواتر مكثف في السنوات الأخيرة هي : من هم الأعيان؟ كيف يَتشكل تنظيم أعيان البلاد؟ وما طبيعة الفئات التي تعتبر من الأعيان؟ من يحدد وظائفهم وتوجهاتهم وحتى مخططاتهم؟ هل الوجاهة مفتوحة للجميع أم مقتصرة ومحددة في فئة معينة؟ وغيرها من الأسئلة المتفرّعة عن هذه الأسئلة المركزية. وللإجابة على بعض من هذه الأسئلة يمكن الاستئناس ببعض ما ورد لدى بعض الدراسات في هذا الخصوص، والتي ترى أن منصب "الأعيان" تحكمه أربعة أسس هي: [المال/ العلاقات النافذة / النفوذ الروحي (الديني) / العشائرية]، وفي أغلب المجتمعات العربية أو حتى الدول المتخلفة لا تخرج كثيرا عن هذه الرباعية المتمركزة في مسارات التكوين والاشتغال عند الأعيان. يلاحظ في هذه الأسس أنها تبنى وفق تواطئ مجتمعي يقبل به الأفراد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فصاحب المال مقدم بحجة المقدرة على العطاء و البذل، وصاحب العلاقات والنفوذ يكون محاطا بهالة من الإعجاب و الاحترام لما له من خيوط وصلات بجهات عليا في السلطة وخارجها، أما صاحب النفوذ الروحي أو الديني فهذا أمر تعتبره شعوبنا من نافلة القول ومن الشروط الأسمى والأولى في منصب الوجاهة، ويضاف لذلك المنطق العشائري الذي لم ولن ينتهي في فرض شيوخ ومقامات عشائرية لها المكانة والهيبة في أوساط المجتمع ووسط أبناء العشيرة. إلا أن ما يبقى يثير الجدل هو: هل أن تشكّل هذه الإطار (الأعيان) إرادي وبرغبة من هؤلاء الذين شملهم التصنيف؟ أم أنه تشكّل تفرضه قوى داخلية (محليا) وخارجية (مركزيا) تسويقا وتصويغا لخيارات ووجهات معينة؟ الدارسون لهذا الموضوع يؤكدون أنه من غير الممكن الفصل في ذاتية التشكل من عدمها، ولكن المؤكد لديهم جميعا أنها تنشأ برابط واضح بين المصالح الذاتية والخاصة جدا، وعليه فتصدّر المجتمع والقبول بلعب أدوار الأعيان والوجاهة يحفزه الحفاظ على المكتسب وخدمة الرهان الشخصي أولا، ثم تأتي مختلف المحفزات الأخرى المساندة لهذا التوجه وهو خدمة الفئة ومكونات الإنتماء والأطراف المساندة والمريدين والأتباع، وهكذا تنشأ تلك الهالة ويتم استغلالها من قبل هؤلاء خدمة لمصالحهم ثم خدمة للمجتمع أو الأقربين. ولكن هذا كله لا ينفي أن لحظة النشأة ومساراتها غير معلومة وغير مدركة لدى أفراد المجتمع. ربما هذا التفسير ما يجعلنا نتساءل عن الأسباب وراء وجود أشخاص في مقام أعيان البلاد وغياب أطراف أخرى لا تختلف عنهم في المواصفات والاهتمام، وهنا يأتي هذا التفصيل ليبيّن أن المحفزات الحقيقية وهو (الدافع الشخصي) غالبا ما يقف وراء هذا التمكّن في الساحة لأطراف دون أخرى، وهو التفسير الذي يوضّح أيضا أن الأسباب الحقيقية لهذا التشكل و العضوية في نادي أعيان البلاد (إن صح التعبير) لا تصنعها الجماهيرية الواسعة لأطراف دون أخرى بقدر ما تشكلها وتبنيها أدوات غامضة وقد تكون غير معلومة حتى لأصحاب الوجاهة ذاتهم. هنا ينتقل مستوى الفهم إلى الربط بالسلطة السياسية وعلاقتها بهذا المركب المجتمعي ومدى قربها أو ابتعادها عنه. هل هُم سلطة أم غير السلطة؟ في كتاب المفكر محمد عابد الجابري (رحمه الله) بعنوان (العقل السياسي العربي) يناقش مسألة غاية في القرب من موضوعنا، فهو يرى أن هذا العقل العربي في المجال السياسي حكمته ولا تزال تحكمه ثلاثية (القبيلة والغنيمة والعقيدة)، ففيما يتعلق ب"القبيلة" فهو يرى أن العشائرية لا تزال تحكم وتتحكم في العالم العربي إلى اليوم ولو بصور مختلفة، أما "الغنيمة" فهي ما تحصله هذه المجتمعات من دون جهد أو إنتاج ذلك أن أغلبها إما اقتصاديات ريعية أو دول تعيش على المساعدات الخارجية، وبالتالي فهي منقوصة التمكين والقدرة على القيادة. أمام هذا التفسير (الموجز لنظرية الجابري) نجد أن ظاهرة الأعيان في حقيقتها هي امتداد طبيعي لمفهوم السلطة التقليدية القديمة، وهي استمرار لتوزيع السلطة داخل إقليم الدولة وداخل المجتمع، بل هي من الصور التي توضح أن المجتمع الجزائري والعربي ككل لا تزال فيه ذهنية لم نستطع أن نتجاوزها أو حتى نحسنها ونطورها. وهنا وجب التذكير أنه في الجزائر لا تخلو مدينة أو قرية أو دشرة أو أي تجمع سكاني من وجود هذه الظاهرة ولو بدت لنا أنها بعيدة عن هذا المفهوم، فما يحكم العقل العربي يحكمنا جميعا، ربما قد يكون هناك رفض مستحدث لها من قبل الفئات الشابة ولكنها موجودة وفاعلة أيضا ولكنها تخفى على الكثيرين. ووفق هذا المنظور لا يمكن أن تكون السلطة السياسية غائبة أو غير متفاعلة مع أدوار ومكانة الأعيان، وهنا يأتي الدور الحقيقي الذي تُعول عليه السلطة السياسية دائما في الجزائر أو غيرها، فأعيان البلاد هم أهم الأدوات التي يمكن للسلطة من خلالهم العمل على تقوية جبهات صراع سياسي أمام أخرى، وتستطيع من خلالهم فرض خيارات سياسية بدلا عن أخرى، وتوجيه العملية الانتخابية وفق خياراتها، والأكثر من ذلك قدرتها على احتواء المجتمع بما يحفظ لها القدرة على التفاوض أو المناورة أمام انفلات أو أزمات يستدعى فيها هؤلاء الأعيان كأعوان إطفاء، وهو ما يجعل من السلطة (أجهزة محددة وليس كل السلطة) الموجّه والمحفز لاستمرارية هذه السلطة التقليدية وبقاء أدوراها المهمة بالنسبة لها. وأمام هذا الدور الذي ترسمه السلطة يكون لكل هؤلاء الأعيان والوجهاء الحق في المطالبة بما يرونه حقهم المكتسب أمام أدوار قد تنزع عن الوجاهة والمكانة وقد ترمي بهم إلى مزابل التاريخ والحاضر على السواء، وهو ما تتفهمه السلطة غالبا إذ أنه وبما تمنحه من حماية معنوية لهم فإنها لا تتوانى في منحهم جملة من التطمينات العينية والسياسية، وهو ما يكون مكافأة لا منتهية الصلاحية لهم. كل ما سبق ربما يعرفه الكثيرون عن العلاقة الحميمية بين الأعيان والسلطة، ولكن السؤال الجوهري والوظيفي هو: من يحتاج الآخر أكثر؟ السلطة تحتاج الأعيان أم الأعيان يحتاجون السلطة؟ وهنا قد يكون الجواب فلسفيا من ناحية الجدل الذي يحمله. ولكن من منظور التحليل السياسي فإن "مقترب الجماعة" الذي يعرفه دارسو العلوم السياسية يوضح أن الأدوار الوظيفية التي يتبادلها الطرفان تجعل من الصعوبة أن نحدد الطرف الذي هو في احتياج للثاني، ذلك أن الوظائف الذي يحددها هذا المقترب لأعيان البلاد أو الوجهاء مثل الوظيفة الاتصالية أو الوظيفة التعبيرية أو الوظيفة التجميعية أو حتى التعبئة والتجنيد السياسي كلها أدوات تعطي القوة في الصورة للأعيان، لكن من ناحية القوة والنفوذ فإن السلطة لها ما يمكنها من إحداث زعزعة في كيانات الوجهاء وتفكيكها وبناء تشكيل وجهائي جديد، وبالتالي فإن كلا الطرفين يدرك أن الأصل هو في الحفاظ على المصالح الخاصة والإبقاء على المسافة المناسبة بينهما من دون تورط أو تفريط. ومن المفارقات التي يتوجب أن نقف عندها في هذه العلاقة، أن الدولة المدنية اليوم والحديثة والمعاصرة تقبل بأن تُنمي الدور الكبير لسلطة محلية تقليدية، وفي نفس الوقت لا تنتبه أو تتغاضى إذا ما كان التشكيل يراعي تحوّل المجتمع والذي تغلّب على تكوينه العنصر الشبابي، و بإمكانه أن يكون قادرا على إعطاء تصورات جديدة في فهم حاجيات ومتطلبات الجمهور المحلي وإيصال صوته والقيام بدور الوسيط بما مكنه له التعلم والتكوين من كفاءات ومهارات، فهل يتحقق ذلك؟ الانتليجانسيا والأعيان ... قطيعة الواقع يمثل التعقد الذي يحيط بالحياة العامة مدخلا مهما في فهم حالة الانصراف أو التخوف أو الانسحاب التي يعيشها شباب اليوم في تصدر المشهد في مختلف الأقاليم المحلية، وإننا إذ نصف هذه الحالة فليس المقصود بها تصدر القوائم الانتخابية أو الجمعيات، بقدر ما نعني بها القدرة على التأثير في صانع القرار المحلي و توجيه القرار والمشاركة فيه أيضا. وهذا ما يدفع إلى أن نركز على الشباب المتعلم خريجي الجامعات والمعاهد أصحاب الشهادات العليا الذين قد يغيب لديهم أن الوجاهة ليست شهادة ترفعها في وجه المسؤول المحلي ولا في وجه كبير عرشه ولا في وجه أصحاب النفوذ محليا ووطنيا، وإنما منصب الأعيان هو حالة من التشابك بين المال والنفوذ والعرش والمكانة الدينية، فالأدوار التي يمارسها أعيان البلاد وبما يدعمهم من تاريخ وتراكم خبراتي وعلاقات ونفوذ وبذل وعطاء وتصدر وحسن تصرف وجميل منطق وقول وكثير من السياسة والكياسة، أراه يُصعب مسار الخلافة وفي أبسط الأحوال المشاركة في هذا النادي للشباب الطامح. ومن جهة أخرى فإن ظاهرة الانسحاب من الحياة العامة للمتعلمين والجامعيين هي من اسباب ضعف المزاحمة والمغالبة للسلطة التقليدية في مواقعها، ولكنه ليس بالمستحيل فالجميع يعلم أن الدول لها دورة من الحياة تشيخ فتتلاشى وهنا يكون دور النخب الصاعدة، ولكن في نفس الوقت لا يليق بنا أن نُكثر العدد والعديد في المدرجات ونترك الساحة للأعيان الذين يرى فيهم الشباب المتعلم أنهم عبء على المجتمع وعلى التنمية وعلى المدينة وعلى الوطن، فلا يمكن أن نُحول أدوارهم التي تعودوا القيام بها إلى مشجب يعلق عليه خيار الاستقالة والانسحاب، وبدلا عنه تكون مغالبة الفاسدين ودعم المُصلحين فيهم وتنمية القدرات الممكنة بينهم خدمة للصالح العام ومصلحة الإقليم. وهو ما يسحب التحليل إلى منطقة وسطى بين الطرفين لا تنفي ولا تستأثر بالمشهد منفردا. أخيرا... استمرارية التقليدي واستئناف المستحدث لا ينتهي النقاش حول "أعيان البلاد" بهكذا تفصيلات بسيطة وموجزة، ولكنها تفتح الباب أمام سجالات تخرج بنا من الحديّة القطعية الصفرية بين الجميع، بل يليق بنا أن نفضي إلى خيارات جديدة في فهم الأدوار الجديدة والممكنة لهذه السلطة التقليدية التي ستبقى وستستمر وستتمدد، ورفض هذا المنطق من البقاء في المجال الزماني و المكاني للأعيان والوجهاء هو خلل في فهم الواقع والتاريخ، بل إن الأصوب في كل هذا أن يدعم الشباب في هذه التحولات العميقة للبلاد هذه التشكلات الهرمية وغير المرئية لما لها من قوة ونفوذ وحضور، ومع ما يملكه الشباب اليوم من تنظيم وفهم ومسايرة للتطور، بأن يؤسس لمجتمع مدني منفصل عن خيارات السلطة وعن ميولات الأعيان، بل يكون نِّدًا للأعيان ولكن فيما يحقق له الإستقلالية في القرار والحركة، وفي نفس الوقت متعاونا ومشاركا له في خدمة الإقليم والمنطقة، مع استفادة مزدوجة من الطرفين، فما تملكه السلطة التقليدية من مكانة وتمدد تسهم به مع ما يمكله الشباب من تنظيم مستقل وفاعل في مختلف مراكز وزوايا الإقليم، وبهذا يتحقق توافق ولو ظاهري خدمة للمنطقة وابتعادا عن الإتكالية التي ترمي الأعيان بمسببات الفشل وترفع عن نفسها كل مسؤولية تاريخية وواقعية في خدمة المنطقة والدولة على السواء. (*) د. عبد القادر سعيد عبيكشي: أستاذ العلوم السياسية، جامعة الجزائر 3