في إطار النشاطات التي تقيمها الجمعية المحلية لعمداء الكشافة الإسلامية بالجلفة بمناسبة شهر رمضان الفضيل، نظمت مساء هذا الخميس محاضرة بعنوان" تاريخ الحركة الكشفية في الجزائر و في المنطقة" من إلقاء الأستاذ "عليوات المسعود"، بمتحف المجاهد لمدينة الجلفة، وسط حضور معتبر، من ناشطين كشفيين وقدماء و محبين للحركة... كانت محاور المحاضرة تصب أغلبها في تثمين الدور الريادي الذي لعبته المنظمة الكشفية، بداية على الصعيد العالمي، حيث أشار المحاضر أن هذه الحركة وبعد أكثر من 100 سنة من تأسيسها (1907) لا تزال متواصلة ومستمرة في أكثر من 187 دولة، بل إنها تجاوزت كل الصعاب التي ألمت بالعالم وبها من حروب عالمية وصراعات دولية، حيث أنها بقيت محافظة على هدفها لأسمى وهو الحفاظ على السلم ونشر ثقافة التسامح والأخوة، والحفاظ أكثر على قانون الكشاف الذي هو دستورها الأساسي. وفي تطرقه لتاريخ النضال الكشفي في الجزائر كانت الوقفة طويلة وعلى كثير من النقاط الغامضة و التساؤلات التي لا تزال تبحث عن إجابات من طرف قدماء الحركة والمؤرخين، والتي كان من أهمها البحث عن حقيقة الإستمرارية التي بقيت تتبعها الحركة الكشفية آنذاك في زمن ثورة التحرير المباركة، وما تبعها من بحث عن هذا الأمر وما أثبتته بعض الوثائق التاريخية فيما بعد. ثم لينتقل المحاضر للحديث عن فترة ما بعد الاستقلال، وما عرفته من انقسامات وصراعات حول أحقية النشاط الكشفي وتمثيله في الجزائر، ليستمر هذا الانقسام ولكن بحدة أقل فيما بعد، ليعاود الصراع الظهور بين تسلل حزبي سياسي معين إلى مقاليد القيادة في الحركة الكشفية والعمل على تحييدها عن خطها، رغم الحركة الكبيرة و النشاط الذي قام به بعض المخلصين من أبناء الحركة من أجل تفادي أي انشقاق أو تحزب للحركة (المحاضر كان أحد هؤلاء الذين قاموا بمبادرات رأب الصدع على المستوى المركزي). وبخصوص الحركة الكشفية في الجلفة، فقد تحدث الأستاذ عليوات (الذي هو بصدد تحضير رسالة دكتوراة حول تاريخ الحركة الكشفية بالجزائر) عن نقطة هامة وهي غياب الكتابة الأكاديمية و المنهجية التي توثق تاريخ المنظمة في المنطقة، سواء من قبل الأفواج الكشفية العريقة أو من خلال الشخصيات التي غذت الحراك الوطني و الكشفي آنذاك، خصوصا وأن الكثير من الميادين والقطاعات أصبحت تسمح بذلك ومنها الجامعة كحاضنة لكتابة التاريخ بكل مشاربه. ليخلص المحاضر في الأخير إلى الصراع أو الانقسام الأبدي للحركة الكشفية الذي تغذيه وتنميه التوجهات السياسية و الحزبية التي حورت مسار الكشافة في منعطفات تاريخية هامة ، مازال لها الأثر إلى اليوم، وسيبقى مستمرا ما لم تتغير القيادات والذهنيات التي تسير الحركة بمنطق حزبي ضيق. وفي ختام النشاط كانت تعقيبات الحاضرين سواء بإضافات حول تاريخ المنطقة أو التنبه للاهتمام بمستقبل الحركة في ظل غياب آليات استقطاب جديدة للشباب نحو هذه الحركة... ولم تخلو السهرة الرمضانية من أناشيد كشفية صدحت بها حناجر العمداء وبعض الحاضرين، تعبيرا عن حالة الاستمرار الذي يجب أن تتواصل في الحركة الكشفية رغم كل الصعاب.