بعدما تكشّفت أهم الشخصيات التي تحوز على المراتب الأولى في قوائم الأحزاب الكبيرة أو الصغيرة القديمة منها أو تلك التي نالت اعتمادها في الآونة الأخيرة، فالمتأمل في أغلبية القوائم يؤكد أن الأحزاب باعت لمن يدفع أكثر في المزاد "الخفي" مادام البرلمان القادم هو بالأحرى برلمان المقاولات ... و العائلات الجديدة لتقسيم ما بقي من الرّيع في مؤسسة يجدر بها أن تكون أرضية بناء دولة قوية ذات مقومّات أخلاقية و حضارية وأداة للتغيير السلمي الحقيقي. الأحزاب العتّيدة ... والمقاولات الجديدة:
لعل التّذمر الكبير و الإحباط الذي عرفته قواعد الأحزاب العتيدة بعد تسريب أسماء قوائمها بحيث شملّت تلك الوجوه التي ألفناها من قبل بعودة "الديناصُورات" التي كان يظن الشّباب أنها انقرضت في ظل المتغيرات و الإصلاحات الجديدة التي طرأت، إلا أنها عادت و هي تحمل "الشكارة" فيظل غياب قانون محاربة الفساد و تبييض الأموال و عدم الإجابة من أين لك هذا إلى إشعار آخر، و هي اليوم تفضح السياسة المنتّهجة في هذه الأحزاب الكبيرة كحزبي "جبهة التحرير الوطني" و "حزب التجمع الوطني الديمقراطي" و كذا "حزب حمس"، فأي تغيير الذي يتحدثون عنه، فلا شباب و لا سبق في النضال ضمن الحزب والوفاء للمبادئ، و لا نزّاهة و لا كفاءة و لا براءة الذّمة من المال العام هي المعايير في الانتقاء على رؤوس القوائم، فكيف يتصّور أنّ القوائم تضُم مقاولون "جدد" و وجوه قديمة ألفناها في كل مناسبة وكأنّ الجزائر عقمت إلاّ منهم، و النطيحة و المتردّية و ما أكل الفساد لملء القائمة ، و من عجز عن تسيير مؤسسة صغيرة أو بلدية أو حتى في إدارة أسرته ليكون على رأس القوائم لهذه الأحزاب الكبيرة، الذي كان ُيفترض أن تجدد ثوبها بالشباب و الكفاءات و الطاقات الفاعلة أصحاب الفاعلية و الشهادات العليا والوطنيين الحقيقيين و ليس لأصحاب" الشكارة" و "البقارة" الذين همهم الوحيد هو كرسي النيابة و الحصانة و الامتيازات و استثمارات العلاقات المشروعة و غير المشروعة و اصطياد المشاريع لمنحها للأصحاب و المقربين، و هذا حقيقة ما وصلنا إليه اليوم، بينما الشباب أصبح مجرد شعار للمسؤولين في إشراكهم في الانتخابات، و إذا كان الحال كما نراه اليوم من خلال كثرة مثل هذه الرؤوس على القوائم الأفلانية فإن على الجبهة السّلام، أما عن "الرند" فحدث و لاحرج فالحزب الذي ولد بشلاغم التزوير، و يبدو أنه مازال يعيش في غمرة الزّهو بانتصار الانتخابات السابقة ليعيد نفس الوجوه القديمة المكفهرة التي لم يكن لها وزن لولا غباوة الزمن... و سياسة التزوير المفضوحة وديكتاتورية الرأس الكبيرة فيه كما قيل عنه، و التي أتبعت سياسة أكذب و أكذب حتى يصدقك النّاس، فالشعب و خاصة فئة الشباب منهم"ّفاقوا" لهذه الأكاذيب، حيث أصبح لا يعترف إلاّ بالملموس، والملموس اليوم هي عودة "الديناصورات" للحياة و مازال أهل الجلفة ينتظرون جلب ماء "لا لا خديجة" المعدني الموعود من الحملات الانتخابية منذ سنين.
حزب "العدالة و التنمية"... و "عائلة آل جاب الله"
حين يعود "عبد الله جاب الله" للسّياسة من بابها الضيّق بعد أن فجّر النهضة، و أتى على حركة الإصلاح و ما فيها من كفاءات و رجالات الدعوة و السياسة ليكون بذلك أوحد زمانه في التخطيط و الدعوة، ليتقمص "الشخصية الأردوغانية الجزائرية" فهو الذي يُمني نفسه على صفحات الجرائد و خرجاته الإعلامية بأنه سيفوز بالأغلبية، و هو الذي فتح الحزب لأراذل القوم الفارين من أحزابهم يوم الزحف المرتدّون الجدد، و أصحاب الشكارة، و بائعو المبادئ و بائعات الهوى، و حين تتجرأ مومِس على إيداع ملفها للترشيح في حزب إسلامي أو وطني فإنها من المضحكات المبكيات، و حين يتقدم مقاول فاشل في مشاريعه على دكتور مختص أو معلم درس الأجيال "فعش رجبًا ترى عجبًا"، و حين يترشح حثالة القوم و ليس لهم عبر تاريخهم الأسود إلاّ الفضائح ليضمهم حزب "أردوغان الجزائر" و في غمرة أحلام اليقظة يعيش "جاب الله" على وقع انتصار حزب "العائلة المجيدة" حيث أنّ أردوغان الجزائري فتح البرلمان لعائلته و أنسابه و أهل عشيرته و لكل من هبّ و دبّ، أو ليس الأقربون أولى بالمعروف في ديننا ؟ ، ليكون رأس البرلمان و الحكومة مستقبلا من "آل جاب الله" تيمناً بدول الآل الديمقراطية و المشيخة، و لينعم الشيخ و عقيلته و أصهاره بدفء قبة البرلمان, و بالربيع العربي في "خريف البرلمان الجزائري"، فهل هذه هي العدالة و التنمية اللّهم إلاّ إذا كانت عدالة "آل جاب الله" و تنميتة, أم لم يتذكر وصية عمربن الخطاب لابنه عبد الله (رضي الله عنهما) .
الأحزاب الإسلامية..والهزيمة الكبرى
أحزاب لا تحمل هذه الصفة "الإسلامية" إلا بهتانا فلا أبناؤها و لا الذين استباحوا عذريتها من "الطحالب السياسية" من المتسلقين الجدد من الإسلاميين أو ليس الذين باعوا أنفسهم لله في تجارة رابحة، فالإسلاميون اليوم يتصارعون بكل الوسائل الميكيافلية فكم طريقة من طرق الشياطين إلاّ سلكوها للوصول لرأس القائمة، فالمتنسكون الجدد و المنتفعون الجدد هاهم يطّلون برؤوسهم قبل أصحاب اليد النظيفة و السبق في حقل الدعوة. إنّ الأحزاب التي تسمي نفسها إسلامية و لا يصدق فيها إلا قول الله تعالى "كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون" فهي اليوم تسوّق لبضاعة كاسدة في سوق النخاسة وبالمقاولين الجدد تضحك بها على البسطاء الذين فهموا اللعبة جيدا. و حين تتكتل "حمس" مع حركتي "النهضة و الإصلاح" لا من باب وحدة الصف الإسلامي في مواجهة أعداء المشروع الإسلامي , فمتى كان هذا التواضع من قيادة حركة نحناح(رحمه الله) وهي التي كانت في تحالف آخر (النقيض) بالأمس القريب, وهي التي كانت تحتكر المشروع الإسلامي ولا ترى إلاّ أنها "حماس أضاءت فأطفإ القنديل" بل كل القناديل, ولو كانت قيادة "حمس" جادة في الحفاظ على البيت الإسلامي لحافظت على أبنائها ولم تأكل بعضها بعضا، أما النهضة والإصلاح اللتان لم تؤسسا حتى لحزب إسلامي سرعان ما انقسمت على نفسها فكيف تستطيع أن تؤسس لائتلاف فمتى كانت هذه "الخضراء" أو "التحالف الأخضر" جنة الجزائريين؟ والقائمة الخضراء لابد أن تكذب و تكذب ليصدقها "الأوفياء الأغبياء" و "البسطاء الفقراء" من الذين ستصرف لهم مساعدات إنسانية في سياق "اتقوا النار و لو بشقة تمرة"، في هذه الأيام كما عودتنا عليه هذه الأحزاب الإسلامية في كل حملة دعائية تصب في مصلحتها و هي من أكاذيبهم المتجددة مع كل موعد انتخابي، ثم يعودون كما تعود حليمة لعاداتها القديمة.
عفوا... في زمن التردي..
عفوا أساتذة الجامعات، و المثقفون، و رجال الأدب و السياسة، و الأتقياء و الأنقياء و المخلصين من رجال الأحزاب الأوفياء و أصحاب الأيادي النظيفة، و الجيوب الخاوية و الأرصدة الفارغة، لأن زمن الرّداءة عمّ، و البلاء طمّ، و المقاولات السياسية هذا وقتها، و زمن "برلمان الشكارة و البقارة" قد حلَّ و عرض الدّين في سوق "الأحزاب الإسلامية" و "الأحزاب الطفيلية الديمقراطية الساقطة" التي سقطت آخر ورقة توت تستر عورتها منذ آخر انتخابات التسعينيات للقرن الماضي ، فهي الأحزاب التي أعطت الشرعية لنظام أغتصب حقا ذات يوم، و ظلت تشاطره الفعل المخل بالحياء السياسي، مرة باسم الحفاظ على الدولة و مرة باسم المصالح المشتركة و باسم ... و كل مرة تغير من ثوبها،، و هاهي اليوم تكتّشف أنها كانت مع نظام ديكتاتوري مفلس لا بدّ من تغييره،، و عندما تريد أن تغير تكذب و تكذب... حتى نصدقها فعفوا لكل الذين أخلصوا لهذا الوطن، أو سقطوا سهوا من قوائم المترشحين لبرلمان المقاولات الجديدة ما داموا أنهم لم يبيعوا و لا يمتلكون الشكارة.
الممسخون... و فزّاعة التزوير
تعلم هذه الأحزاب المسماة عبثا "بالإسلامية" أن شعبيتها اليوم في الصفر أو تحت ذلك نظرا لأنها ابتعدت عن المبادئ التي من أجلها قامت و خاصة في مجالها الدعوي و الإخلاص للعمل الإسلامي و رجاله، بل إنها أصبحت مساحة لكن من هبّ و دبّ ليكون في قوائمهم فأصبحت أحزابا كالمرأة العاهرة... و هي تطبق من ليس معنا فهو ضدنا، و تطبق أيضا سياسة الهروب إلى الأمام باستعمال عباءة الدّين، و هي أبعد عن تطبيق الدين بكثير، فالذي يحضر تجمعات و كواليس هذه الأحزاب و مناقشاتها يدرك أنها أبعد ما يكون عن الدّين و أنّ قادتها و القائمين عليها ليس بقدوة للشعب الجزائري أو من الذين يؤثرون على أنفسهم، فكم من منسحب من قوائم هذه الأحزاب لسبب أنه لم يرتّب وفق ما تشتهيه نفسه، فلا أخوة و لا إيثار و لا عمل إسلامي أًصلا. و إنّي على ثقة أن الشعب سيصفع هذه الأحزاب المتاجرة بالدين ذات يوم، و بدماء الجزائريين و أموالهم في ذات يوم آخر، فهذه الأحزاب التي تحلم بالبرلمان و تحدد رئيسه كما أكده شيخ "حمس" لأحد وزرائه، و يرى شيخ "آل جاب الله" أنه سيفوز بأغلبية البرلمان لتكون الجزائر إسلامية إئتلافية على الطريقة الأردوغانية، و ستنعم الجزائر بالحكم الراشد في عهد آل جاب الله هذا من جهة، و من جهة أخرى لو كان"لجبهة التغيير" أن تغيّر لغيرت مع من عملت معهم سنوات طويلة أولا في الحركة الأم "حماس"، أما الدعوة للتغيير في المجتمع الجزائري ففاقد الشيء لا يعطيه، و هذا أبعد عنها. فالمنسلخون عن الإسلام لن يغيروا شيئا سواء في قائمة "الائتلاف الأخضر" أو جبهتي العدالة و التنمية أو التغيير، و كل هؤلاء اليوم يلوحون بالخروج للشارع في حالة عدم الفوز، ليحملوا أخطاءهم و خروقاتهم المتكررة و انشقاقاتهم للإدارة و سيكذبون أيضا كعادتهم بأنّ النظام هو الذي أحدث تزويرا استجداء للخارج ، و ما علموا أنهم لا يحملون برنامجا أصلا أو حتى تصورا لما يريده المجتمع، و فشل هذه الأحزاب حتما سيكون لمواقفها و تاريخها المليء بالمتناقضات سواء على مستوى داخلها أو في خطاباتها المتعددة و المتناقضة، و على ذلك فإن فشلها و إخفاقها في الانتخابات التشريعية القادمة تحصيل حاصل، إلا إذا أراد الشعب أن يعاقبها بانتخابها ليرى مدى مواصلة أكاذيبها في عدم حل المشاكل المستعصية الحل اليوم. و إذا لم نأت على ذكر الأحزاب الأخرى القديمة و الجديدة فمهما كانت أهدافها فإنها لا تتاجر على الأقل بالدين كمثل هذه الأحزاب، و لي عودة أيضا في كشف المستور في الأحزاب التي لا تدّعي مرجعية دينية سواء منها اللائكية أو العلمانية و غيرها ممن يسوق أيضا لأكذوبة الديمقراطية و الحريات الشخصية.