أبدى فاتح ربيعي، أمين عام حركة النهضة، تفاؤلا بشأن نجاح تجربة توحيد مكوّنات التيار الإسلامي، والدخول بقوائم موحدة لمعترك 10 ماي المقبل. ويرى أنه تحالف ليس على قوائم، وإنما على برنامج وأرضية سياسية. وحذر ربيعي من ''تعسف'' الإدارة في ''زبر'' القوائم بحجة ''الخطر على النظام العام''، وأيضا مما أسماه ''الغرف المظلمة'' في اللجان البلدية والولائية للانتخابات. ودافع ربيعي عن خصوصية التجربة السياسية الجزائرية، التي وصفها بالأغنى في العالم العربي والإسلامي. التشكيك في التيار الإسلامي أثبت ''أننا أكثر ديمقراطية منهم'' ''السجال الذي يستهدف الإسلاميين فزاعة والدعم الأجنبي كلام صالونات'' تأسف الأمين العام لحركة النهضة، فاتح ربيعي، للسجال اللفظي الذي يستهدف ''التيار الإسلامي'' منذ أسابيع. ولكن، لا يرى ربيعي ما يقلق في السجال ''الآتي من أحزاب أخرى، بقدر ما تقلقنا تصريحات مسؤولين في الدولة''، وتعجب من شكوك وراء تمويل أحزاب إسلامية قائلا ''هذه فزاعة لا تغني عن الحقيقة التي قد تظهر في انتخابات حرة''. واستغرب الأمين العام لحركة النهضة فاتح ربيعي، لدى نزوله ضيفا على ركن ''فطور الصباح'' في ''الخبر''، من طروحات تستهدف التيار الإسلامي الذي تحتكم إليه حركة النهضة في مرجعيتها، قائلا: ''يؤسفنا أنه في 2012 ما زالت مثل هذه الطروحات موجودة''، أكثر من ذلك ''وجه الاستغراب أن هذه الطروحات ربما كان لها ما يبررها في أوقات غابرة، أما اليوم فلن أصنفها خارج الفزاعة التي تستخدم ضد التيار الإسلامي عموما''. وتحدى ربيعي أصحاب تلك الطروحات '' هؤلاء ليسوا أكثر حرصا منا على استقرار البلاد وسيادتها، وليسوا أيضا أحرص منا على الديمقراطية والتعددية واحترام الآخر''. وفي رأي فاتح ربيعي، فإن هذا السجال عرى وجوها ترفض الرأي الآخر: ''ظهر أننا أكثر ديمقراطية وقبولا للرأي الآخر، ولم نتحدث سابقا في تاريخنا عن إقصاء أي تيار''. ويطمئن الأمين العام للنهضة ''ولو نحصل على الأغلبية في البرلمان، سنريهم قدراتنا في صون رأي الآخرين (نعتولهم الزنباع وين ينباع)، ولن نفرض رأينا في تعديل الدستور''. ويعتقد ربيعي أن المرحلة المقبلة لا تحتمل خطاب تنفير بقدر ما هي ''مرحلة تحتاج إلى توافقية''، لذلك ''نبدي قلقنا من تصريحات مسؤولين في الدولة أكثر مما تقلقنا تصريحات أحزاب''. وسئل ربيعي إن كان يجد تفسيرا لتفاقم الخطاب الذي يتعرّض للإسلاميين، فقال ''إنها فزاعة، حتى الكلام عن التمويل الخارجي فزاعة، في النهضة نمول نشاطنا من جيوبنا. وشخصيا، لا أحصل على أجر من الحركة، وليس عندي حرس ولا بروتوكول ولا خدم ولا حشم ككل الإخوان''. وخاطب الطبقة السياسية والسلطة قائلا: ''لا فزاعة التدخل الأجنبي ولا فزاعة الإرهاب مقبولة اليوم، ولا أيضا فزاعة الإسلاميين''. ويدعو ربيعي كل هؤلاء للاحتكام إلى ''الحقيقة''، وهي ''الصندوق الشفاف بدل اللعب بحقوق الشعب المشروعة''، فيما وصف الحديث عن موجة دولية تريد دعم الأحزاب الإسلامية حتى في الجزائر ب''أحاديث صالونات''. لجنة للتحالف مكوّنة من 3 ممثلين عن كل حزب لتنسيق العملية ''إنجاح القوائم الموحدة يقتضي تنازلات وتضحيات'' رغم مباركة مجلس الشورى لحركة النهضة، في دورته الاستثنائية، أمس، الاتفاق الموقع مع حركة حمس والإصلاح ل''التحالف بين مكونات التيار الإسلامي''، اعترف فاتح ربيعي بأن ''هناك من كان ضد التحالف من أعضاء مجلس الشورى، ولهم مبرراتهم ونحترمها''. كما كان هناك، حسب ربيعي، من كان ضد المشاركة في التشريعيات المقبلة ل''عدم توفر ضمانات كافية''. وقال ربيعي من ''دافعوا على المشاركة في التشريعيات كان من باب الدفاع على إنجاح التحالف الجديد'' بين أحزاب النهضة وحمس والإصلاح. وبشأن طبيعة التحالف بين الإسلاميين وكيفية إعداد القوائم الموحدة، أشار الأمين العام لحركة النهضة ''لن ندخل في موعد 10 ماي المقبل بقائمة حمس والنهضة والإصلاح، بل هناك قائمة موحدة تجمع هذه الأحزاب''، معترفا في هذا السياق ''سنجد صعوبات في ترتيب القوائم'' بين مناضلي التيار الإسلامي، لأن هناك من ظل ينشط ويحضر نفسه طيلة سنوات داخل حزبه لمثل هذا الموعد. لكن القضية مثلما شدّد عليها الأمين العام للنهضة ''تحتاج إلى تضحيات وتنازلات''، مشيرا في هذا الخصوص إلى أن ''هذا التحالف ليس فقط على القوائم الانتخابية، ولكن على برنامج وأرضية سياسية، ومن أجل تصحيح مسار الإصلاحات التي أفرغت من محتواها''. وردا على سؤال إن كان الاتفاق المتوصل إليه بين حمس والنهضة والإصلاح يقضي باقتسام التمثيل في القوائم مناصفة بعيدا عن محاولة هيمنة أي حزب على آخر، أجاب ربيعي ''اعتمدنا معايير سياسية وتنظيمية من شأنها تحقيق الإنصاف، وتوجهنا إلى التدقيق وواقع كل حزب بكل اعتبار، وهي التي نسقطها على الواقع''، معترفا في هذا الصدد ''إذا لم تحصل تنازلات مطلوبة، لن نستطيع تحقيق ذلك''. ولمح ربيعي إلى وجود هذا الحس وسط الأحزاب بحكم، كما أشار، أن ''المشروع سيؤسس حتما لمرحلة جديدة، خاصة على مستوى الساحة السياسية الوطنية، ونحن مع اجتماع التيارات السياسية''. وعن احتمال فشل التجربة، خصوصا أمام تردد جبهة التغيير وجبهة العدالة والتنمية، رد ربيعي ''الفشل في تجربة لا يعفينا من مهمة البحث عن الحل، فقواعد التيار الإسلامي طالما كانت تتوق إلى التوحد''، مشيرا ''في المرات السابقة، كنا نسعى للمّ الشمل ليصير شيئا واحدا، اليوم لدينا قناعة ببقاء التعدد موجودا، لكن تعدد وليس تضادا أو تصادما''. وبشأن دور ''الزعامات'' الحزبية في إجهاض المشروع الإسلامي، تحاشى ربيعي الرد على ذلك وقال ''نترك الوضع للأيام المقبلة''. وأعلن ربيعي عن وجود لجنة للتحالف مكونة من 3 ممثلين عن كل حزب لتنسيق العملية، بالإضافة إلى وجود لجنة أصحاب مبادرة ''التكتل الإسلامي'' التي بإمكان أن يكون لها مرشحين أحرار في القوائم الموحدة. رفض إسقاط أي مترشح دون حكم قضائي ''هناك غرف مظلمة تحتاج إلى إنارة لإثبات نزاهة الاقتراع'' طالب فاتح ربيعي، أمين عام حركة النهضة، من وزارة الداخلية الاحتكام إلى القضاء في حال تحفظت على ترشيح أشخاص للانتخابات التشريعية، بدل إسقاطهم من القوائم بقرار إداري. وقال بأن النهضة تملك تجربة مريرة مع السلطات، بخصوص إقصاء مرشحيها في المواعيد الانتخابية. أوضح ربيعي لدى استضافته في ركن ''فطور الصباح''، أن حزبه ''لا يستسيغ أن تبادر الداخلية بإقصاء المترشحين، دون تفسير ذلك بحكم قضائي يثبت تورطهم في تهديد النظام العام، وهو المبرر التي تسوقه السلطات دائما لإقصاء المترشحين''. واتهم الإدارة ب''التعسف'' أثناء التعامل مع اللوائح المتضمنة الأسماء الذين تختارها الأحزاب الإسلامية، لتمثيلها في الانتخابات. واعتبر ربيعي حزبه من أكثر الأحزاب التي تعرضت قوائمها للزبر في كل الاستحقاقات. واستنكر ''هضم حقوقنا في كل المواعيد الانتخابية''. فربيعي مقتنع بأن حجم النهضة أكبر من 5 مقاعد بالمجلس الشعبي الوطني، إذ يقول: ''نتمنى أن نذهب إلى انتخابات حقيقية حتى نعرف حجمنا الحقيقي، وإذا حرمنا الناخبون من أصواتنا، نسعى لمعرفة السبب لنصحح مسارنا''. وأضاف: ''في انتخابات 2007 كان التأييد الشعبي كبيرا للنهضة، وظهر ذلك بوضوح في تجمعاتنا في إطار الحملة الانتخابية، ورأينا الزخم قادما يوم الانتخاب، ولا نعرف ما مصير الأصوات التي كانت لنا''. وعكس ما يراه الكثيرون حتى من أبناء النهضة، يقول ربيعي إن رحيل عبد الله جاب عنها في 1998 لم يقلص من حجمها ''فهي كبيرة لأنها اشتغلت في السرية طويلا، ولأنها خزان للإطارات الكفؤة''. وطالب ربيعي من السلطة توفير ثلاثة شروط أساسية لتأكيد إرادتها في تنظيم انتخابات نظيفة. الأول حياد الإدارة ''حيادا كاملا، وتعزيز صلاحيات القضاة بما يسمح بالتدخل في كل مراحل العملية الانتخابية، وتعزيز دور اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات''. بينما يرى بأن اللجنة في كل الاستحقاقات كانت تؤدي دور الوسيط فقط. وتحدث أمين عام النهضة عن وجود ''غرف مظلمة تحتاج إلى إنارة''، داعيا إلى ''إخضاع الإدارة لسلطة القضاء''. وأعاب على القضاء تدخله في تعيين اللجان البلدية والولائية لمراقبة الانتخابات. وتلتقي النهضة مع السلطة في كون الانتخابات المقبلة ''هامة'' و''تشكل مفترق طرق'' و''تاريخية''. لكن يقول ربيعي إن الأوصاف التي يطلقها حزبه على موعد 10 ماي المقبل تختلف عن تلك التي يعطيها له المسؤولون الذين دعاهم إلى ''التوقف عن استعمال فزاعة التدخل الأجنبي''. يقصد الدعوة إلى التصويت بأعداد كبيرة، لتفادي تمكين القوى الغربية من ذرائع تستخدم للتدخل في الشؤون الداخلية للبلد. وأوضح ربيعي الفكرة كما يلي: ''إذا كانت الانتخابات بهذه الأهمية في منظور السلطة، ننتظر منها سد الثقوب التي تعيق تنظيم انتخابات نزيهة، منها ما تعلق بهيمنة الإدارة ومحدودية سلطة القضاء. فمن عيوب قرار إشراف القضاء على العملية، مثلا، أن الدستور الحالي يعطي الحق للمجلس الدستوري في التعامل مع الطعون وليس القضاء الذي لا يمكنه الإشراف على الانتخابات في ظل الوضع الحالي''. قال أن النهضة ليس لديها نموذج خارجي ''تجربتنا السياسية الأغنى في العالم'' قال الأمين العام لحركة النهضة، ردا على سؤال بشأن مدى تغير خطاب الإسلاميين في الجزائر وميله لاعتماد النموذج التركي ''ليس لدينا نموذج خارجي للاهتداء والاقتداء، لا في تركيا ولا في الكويت ولا في غيره، لدينا نموذج جزائري خاص بالجزائريين''. واعتبر ربيعي أن التجربة السياسية الجزائرية ''أغنى تجربة في العالم العربي والإسلامي، ولا توجد دولة مرت بتجربة الجزائر''، بما فيها مصر، مثلما استطرد. وذكر ربيعي في دفاعه عن ثراء التجربة الجزائرية بأن ''تركيا استفادت من كتابات مالك بن نبي، وماليزيا ترجمت أفكار بن نبي إلى واقع، وهم يقدسونه هناك، نفس الأمر بالنسبة للتونسيين الذين استفادوا هم أيضا من ذلك، فلماذا نغيب نحن مالك بن نبي في بلاده الجزائر؟''. أبعد من ذلك، أشار زعيم حركة النهضة ''لدينا ثورة مقدسة من أعظم الثورات في العالم، والجزائر بلد كبيرة، ليست بحاجة لاستيراد نماذج الآخرين''. وذكر المتحدث أن حركة النهضة التي يرأسها استفادت من التجربة الجزائرية، وأن الشعب الجزائري شعب مسلم كله، و''نحن اخترنا كحزب المرجعية الإسلامية، ولا نحتكر هذه المرجعية''. وبالنسبة لفاتح ربيعي ''خطاب حركة النهضة نطوره باستمرار ليكون أكثر نضجا''، مبرزا في هذا الصدد أن حركته ''تستفيد من التجارب الناجحة في العالم، لكننا نعتز بخصوصيتنا الجزائرية''. قال ضيف ''الخبر'' باركنا ميلاد أحزاب جديدة.. لكن حركة النهضة باركت إنشاء أحزاب جديدة وذهبت إلى أبعد من ذلك، إلى أن يكون تأسيس الأحزاب بمجرد ''إخطار''، وعلى الجهة المشرفة (يقصد الداخلية) إذا رأت أن هذه الأحزاب غير ملتزمة وأخلت بالقوانين، أن تذهب إلى القضاء. وقال ربيعي إن حركته باركت لجميع الأحزاب دون استثناء التي عقدت مؤتمراتها، لكن لدينا تخوف، هل هذه التعددية حقيقية أم تعددية مجرد إضافة للديكور ديكورا آخر؟ ويكون الهدف من ورائها هو التغطية على فشل مشاريع الإصلاحات والدفع نحو برلمان ''فسيفسائي'' ضعيف وغير قادر على كبح جماح الجهاز التنفيذي. المشكل ليس في الأحزاب القديمة أو الجديدة، بل المشكل في طبيعة النظام. مواجهة التدخل الأجنبي ب ''الشرعية'' لم يخف ربيعي وجود محاولات للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للجزائر، من خلال استغلال ما وصفه ب''الثقوب'' الموجودة في قانون الانتخابات، والتي يتعين ''سدها'' قبل فوات الأوان. وأحسن وسيلة لتفويت الفرصة على المتربصين ومواجهة التدخل الخارجي لن يكون خارج تقوية الجبهة الداخلية، من خلال سلطة شرعية منبثقة حقيقة من إرادة الشعب وحده. نزاهة الانتخابات ستعرّفنا بحجم الحركة ذكر ربيعي أن حركة النهضة تريد ''معرفة حجمها الحقيقي''، من خلال عرض نفسها على الشعب في انتخابات حرة ونزيهة، وليس مثلما أريد لها أن تكون في ميزان السلطة، في إشارة إلى ''الكوطات'' التي كانت توزع في المواعيد الانتخابية السابقة التي لم تكن تعكس حقيقة تمثيل الأحزاب في الواقع. ولذلك، دعا ربيعي إلى ضرورة أن تكون الانتخابات نزيهة حتى يتسنى لنا كحركة معرفة ثقلنا الحقيقي، وبذلك يمكننا دعم ما يمكن تدعيمه وإصلاح ما يستدعي إصلاحه، في الخطاب والخط والمنهجية للبقاء في قلب الشعب. قانون الإعلام مجحف وتراجع عن المكتسبات وصف فاتح ربيعي قانون الإعلام الجديد بأنه ''قانون عقوبات''، و''لا يستجيب لتطلعات الصحفيين وليس في مستوى تضحياتهم''. ويمثل تراجعا عن المكتسبات المحققة. وقال ربيعي بأنه ''إذا كانت قوانين 96 هي قوانين أزمة، فإن قوانين 2011 التي مرّت على البرلمان قوانين آثار الأزمة، وعند قراءتها تجد بها ''حواجز وتوجسا لدى السلطة من كل شيء''و من الأحزاب والصحافة والديمقراطية. ودافع ربيعي على ضرورة أن يضع أهل المهنة مدوّنة الأخلاقيات، ويكونوا أسياد على أنفسهم.