بعد انتظار طويل صدر مؤخرا للشاعر ابن مدينة حاسي بحبح النعاس صالح ديوان شعري عن دار الأوطان بالجزائر بعنوان" العبور إلى الضفة الأخرى" وهو عبارة عن مجموعة شعرية تتشكل من أكثر من ثلاثين قصيدة بث فيها جملة من أنفاسه الشعرية المتداخلة تارة والمندفعة تارة أخرى نحو السمو والرفعة بين جنبات الفضاء الشعري الفسيح ليبث فيها أشجانه وآهاته وكل ما يخالج صدره للوصول إلى مرفأ الراحة والرضى. صالح النعاس شاعر متطلع للأفق في ثوب الهدوء ، يسير بخطى ثابتة ومتأنية يحمل أفكاره نحو عالم جميل ليتحدى الواقع بعقلانية شاعرية بحتة ، يقول في معرض حديثه عن بداياته أنه بدأ مشاكسة هذا الذي يسمى شعرا مع مرحلة الثانوية حيث العنفوان ومرحلة إثبات الذات ، وقد كان العمل ينصب على كتابة بعض السطور المبعثرة هنا وهناك تحمل بين ثناياها أفكارا متزاحمة تأبى أن تجتمع لتشكل صورا متشابهة المعالم، وقد حاول من خلال هذه المجموعة الشعرية رسم مجموعة مشاعره وأحاسيسه من خلال تجربته مع المرض وانتصاره عليه بالأمل وعدم اليأس والتطلع دائما إلى غد مشرق زاهر، فكان إنطابعه حول الشعر رؤيا حالمة ينظر فيها للشعر بأنه فضاء رحب للتواصل ورحلة شاقة للبحث عن تجسيد واقع النفس ونفحات الروح بعيدا عن ماديات الحياة وباعتباره نبض في الحياة يخالج الصدر ويشرح الفؤاد لتجود به القريحة على امتداد الشفاه. وعن باعه الشعري يرى شاعرنا أنه عبارة عن أوراق مخطوطة متناثرة هنا وهناك، حاول جمعها وترتيبها حسب لونها وموضوعها فكان منها: "نسيج الحياة" و"صدى الروح وأقلام الطموح" وكان آخرها مجموعته الشعرية "العبور إلى الضفة الأخرى" التي جمعها من أجل أن تكون باكورة أعماله المطبوعة، هذا بالإضافة إلى ما ينشره باستمرار على صفحات الجرائد والبوابات الإلكترونية لتكون بمثابة نافذة يطل منها على الآخر بالإضافة إلى مشاركاته في العديد من الأمسيات الشعرية والندوات المحلية التي تهتم بعالم الشعر إن في حاسي بحبح أوفي زوايا مدن أخرى كما هو الحال مع المهرجان السنوي للشعر الشعبي ببيويرة الأحداب وغيرها .. في الأخير يبقى الشاعر النعاس يبحث عن أفق رحب للتواصل بين كلماته ومكنوناته التي تغوص في عمق ذاتيته الملتهبة شجنا وحبا.