بلدة دار الشيوخ أو "حوش النعاس" تبعد عن مقر ولاية الجلفة بحوالي 40 كلم شرقا حدود ولاية المسيلة، سميت بدار الشيوخ نسبة إلى شيوخها الأربعة المدفونين في مقبرة القباب كما كانت تعرف بحوش النعاس قديما نسبة إلى شيخها عبد الرحمان النعاس ... وعن المسجد العتيق أو مسجد الشيخ عبد الرحمان النعاس الواقع إلى الجهة الشمالية الشرقية للمدينة والذي يعتبر نواة المدينة ، فقد أسس الشيخ عبد الرحمان النعاس زاوية كان يدير شؤونها بنفسه حتى غدت منارة إشعاع علمي وثقافي وروحي وكان دورها عظيما في الحفاظ على مقومات الأمة .. بعد وفاة الشيخ عبد الرحمان النعاس في عام 1907 حافظ ابنه الشيخ محمد على منهج أبيه حيث أرسى تعاليم الدين الحنيف في قلوب أبناء الحوش والطلبة والعلماء الوافدين على زاوية والده... و بعد 28 سنة أي في سنة 1935 قرر الابن الشيخ محمد بناء مسجد يحمل اسم الشيخ عبد الرحمان النعاس هذا المسجد يتربع على مساحة 90 م2 استعملت فيه الحجارة والطين والمواد الخشبية وقد ذو طابقين أما عن حدوده فتحده من الجهة الجنوبية مقبرة، الطريق من الشمال، ضريح الشيخ عبد الرحمان النعاس من الجهة الشريقة، و طريق من الجهة الغربية... في سنة 1975 أحدثت على المسجد عملية توسعة إذ قاربت مساحته 198م2 ، وأحدثت فيه المئذنة المربعة على غرار المئذنة المضلعة التي لم يتبقى منها إلا الجزء السفلي، كما بقيت بعض الأجزاء الأصلية من الجدار الشمالي والغربي حيث توجد بهما بعض الحنايا الركنية إلا أنها أدخلت عليها بعض المواد الحديثة مثل الإسفلت والطلاء من الجانب الداخلي للجدران الأصلية...كما تجدر الإشارة أن السقف كله مستحدث بالإضافة إلى أن "السدة" التي كانت تستعمل كطابق ارضي قد أزيلت تماما خلال عملية التوسعة ... الشيخ محمد بن الشيخ عبد الرحمان النعاس والجدير بالذكر إلى أن هذا المعلم و الإرث التاريخي سيتم إزالته وبناء مسجد أخر في مكانه خلال الأشهر القادمة وهذا ما عزمت عليه جمعية المسجد رغم أن أطرافا أخرى ترى أن المسجد يعتبر إحدى الركائز الثابتة التي بنيت عليها دار الشيوخ منذ ما يقارب القرن من الزمن ويجب ان يتم توسعته عوض إزالته ... دور المسجد في الجانبين الحضاري والديني وقد كان مسجد الشيخ عبد الرحمان النعاس على عهد الشيخ العالم محمد بن عبد الرحمان النعاس هو المكان الطبيعي للقاء المسلمين – وهو معهد العلم – وفيه تعقد الاجتماعات وتبرم الاتفاقات وبداخله يعقد القضاء والزواج – وفيه يتم تنظيم الدروس الدينية والعلمية للمسلمين – بل إن صلاة الجمعة ذاتها التي فرضها الله على المسلمين وجعل من الضروري أدائها في المسجد الجامع في جماعة تعد في حد ذاتها اجتماعًا سياسيًا أسبوعيًا يناقش المسلمون من خلال خطبة الجمعة مشكلات المجتمع والتحديات التي تواجهه والمهام الملقاة على عاتقه. وقد كان الشيخ محمد بن الشيخ عبد الرحمان النعاس يقوم بواجب خدمة الطريق و الالتزام بآداب و سلوكه الزاوية والمسجد و رعاية روادهما من طلبة وأيتام و معوزين و كل من تقطعت بهم سبل الحياة ، من إيواء وإطعام وتقديم مساعدات لمن يحتاجون ذلك وكان أيضا يقوم بنفسه بإلقاء الدروس الفقهية من عبادات و معاملات و تفسير للقرآن الكريم وعلوم الحديث للطلبة الذين كانوا يأتون من جهات بعيدة و يقيمون بشكل داخلي في الزاوية بمعدل حصتين في اليوم بالإضافة إلى درس عام في المسجد بعد تأسيسه يحضره عامة الناس... وما كان يقوم به أيضا إشرافه شخصيا على قراءة الحكم الراتب وحلقة الذكر وكذلك القيام بمهام تتعلق بمراقبة مداخيل الزاوية من موارد الأوقاف وغيرها. في المجال الاجتماعي كان مسجد الشيخ عبد الرحمان النعاس مكانا لحل الخلافات بين الناس فمؤسس المسجد الشيخ محمد بن الشيخ عبد الرحمان النعاس يحظى بالتقدير و الاحترام لدى الجميع مما أهله أن يستعان به حتى بعض مشائخ الزوايا في القيام بوضع حد للخصومات التي يصعب حلها فعلى سبيل المثال الشيخ محمد بن بن عزوز "شيخ زاوية الاحداب"ساعده في حل القضايا الشائكة التي عرضت عليه. كما ساهم في إخماد بعض الفتن الطائفية التي كانت تحدث بين القبائل و كان يغذيها الاستعمار الفرنسي بوسائل مختلفة و ذلك لتحقيق أهدافه و مخططاته الجهنمية. وبالحديث عن المسجد العتيق الذي كان له دور في التعبئة الجماهيرية وتنظيم المتطوعين للجهاد بالنفس والمال، اكتسبت العلاقة التاريخية بين الأمة والعلماء من خلال المسجد بعداً مهماً ، وأصبحت شرطًا ضروريًا من شروط الانتصار على قوى الإستدمار الخارجي أو الاستبداد الداخلي على حد سواء، وأصبح فصم هذه العلاقة إحدى الأهداف الثابتة لأعداء أمتنا من الاستعمار الفرنسي سواء قبل الثورة التحريرية أو أثناءها ...