في يوم 27 أوت 1957 وجهت قيادة جبهة التحرير وجيش التحرير الوطني رسالة إلى معلمي القرآن حملت عديد المضامين المهمة في طريقة دعم الثوار لجانب مهم إلا وهو العلم رغما عن الاستعمار الفرنسي وغطرسته إلا أن قيادة الثورة أرادت أن تبرهن للمستعمر انه رغم الحصار والتعذيب استطاعت الثورة ان تنجح من كل الجوانب سواء على ارض المعركة العسكرية او حتى الفكرية ... تضمنت الرسالة في بدايتها تحية الإسلام مما يبرز أن الثورة قامت على المبادئ الإسلامية عكس ما كان يروجه البعض بأنها ذات فكر شيوعي ، كما أن الرسالة حملت في طياتها معاني الأخوة بين الثوار وأهل العلم المتمثلون في معلمي القرآن الكريم حيث أنهم دعوهم إلى محاربة الجهل، هذه الآفة التي كانت سببا في انحطاط الشعوب والانحناء والعبودية وان الدول الحرة ما سمت في أفق السعادة والمجد إلا بالتفكير المضني وذلك بالاعتماد على العلم الغير الرسمي أي ما لم يكن مسطرا في كتب التعليم - ويقصد بها برنامج التعليم الفرنسي - حيث أنها ارتفعت في عالم السعادة ... قيادة جبهة وجيش التحرير أرادت من خلال هذه الرسائل المفعمة بالمحبة وشحذ الهمم إيصال رسالة لمعلمي القرآن بان قيادة الثورة تعلم ما يحدث في العالم وأن معظم قادتها متعلمين وهذا ما هو واضح في أسلوب الرسالة فقد كان بلغة عربية طليقة غير ركيكة ومفهومة ... من جانب آخر كان هناك هدف مهم في الرسالة وهو أن قيادة الثورة أرادت أن يكون التعليم أيضا من أولوياتها حيث أنها عكفت على وضع برنامج لمعلمي القرآن يتماشى مع نظام جيش التحرير خاصة في تحديد توقيت تدريس التلاميذ، وجدير بالذكر أن جيش التحرير الوطني هو المسؤول عن دفع أجر معلمي القران الكريم... برنامج تدريس معلمي القرآن لتلاميذ المدارس القرآنية أولا - التدريس مدته ستة ساعات في اليوم أي ثلاثة ساعات صباحا وثلاثة ساعات مساء كامل أيام الأسبوع إلا مساء يوم الخميس ويوم الجمعة - يوم الخميس يكون للتدريب العسكري وقراءة الأناشيد الوطنية - يوم الجمعة راحة ، يرتاح فيه التلميذ من عناء الأسبوع ثانيا – التلاميذ الكبار يجب عليهم قراءة حزبين أو أكثر حيث أن المعلم يخصص لهم الساعة الأخيرة من مساء يوم الأحد كما انه يدرس لهم الحساب يلقنهم مبادئ فقهية كالوضوء وكيفية الركوع والسجود في الصلاة وعدد ركعات كل وقت، مع الملاحظة الأخلاقية وتعريفهم بتاريخهم ... ثالثا – الأولاد الصغار الذين تقل أعمارهم عن 7 سنوات يطلق سراحهم قبل الكبار بساعة مع الإناث رابعا – على المعلم أن يستعمل جميع الأساليب الجذابة لجعل التلاميذ يحبونه،و من جانب أخر يستحسن للمعلم أن يخاطب التلاميذ بلطف وألا يستعمل الغلظة، ويجب ترك التلميذ يقرأ من تلقاء نفسه لا مستكرها ...مع مراقبة المعلم النظافة وحسن السلوك في مخاطبة بعضهم بعضا وتعليمهم بان الجزائر وطنهم والإسلام دينهم والعربية لغتهم... مما نستنتجه من برنامج جبهة وجيش التحرير الوطني لمعلمي القرآن الكريم أن قيادة الثورة كانت تحكم السيطرة على كل الجوانب خاصة الجانب التعليمي الذي تعتبره من أهم الجوانب لأنها تعلم أن المعلم يقوم بدور التنشئة الإسلامية والتربية على المبادئ الوطنية والمحافظة على اللغة العربية، هذا من جهة ، من جهة أخرى نرى أن الثورة لم تنسى عنصراً مهما من خلال جمع التلاميذ عند معلمي المدارس القرآنية هذا ما سهل عليها تدريبهم على السلاح وكذا توجيههم توجيها ثورياً وهذا ما هو واضح في مضمون الرسالة في الأسفل. ومما يلاحظ أيضا في وقتنا الحالي أن الطريقة التي ينتهجها معلمو المدارس القرآنية لا تختلف كثيرا على الطريقة في الثورة التحريرية حيث أن المعلمين مازالوا يحتفظون بالبرنامج المسطر من طرف جبهة وجيش التحرير الوطني، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن مبادئ الثورة ما تزال راسخة بين جدران المدارس القرآنية رغم مرور أكثر من خمسين سنة ... رسالة وجهتها قيادة جبهة وجيش التحرير الوطني في 27 أوت 1957 لمعلمي المدارس القرآنية رسالة موجهة لمسؤول المجلس رقم 11 بالمنطقة الثالثة الناحية الأولى من الولاية السادسة التاريخية من اجل إيجاد معلم مدرسة قرآنية لتعليم البنين والبنات