في جامعة الجلفة و تحديدا بالقرب من المكتبة المركزية اختارت الجلوس و الحديث معنا رغم الجو البارد الذي كان يلفنا ، الا أن أجواء الحديث الذي اخذنا هنيهات الى عالم الثقافة و الأدب جعلنا نشعر بدفئ من نوع آخر و حميمية لمسنا فيها حماسية أديبة من الزمن الجميل وُجدت في زمن لغة الأدب فيه مُهمشة ، شخصيةٌ التفاءل فيها و الابتسامة عاملان لا ينضبان لمواكبة سيرورة النجاح الادبي و العلمي معا ، انها سارة بوعكاز ، من مواليد 1992 بالجلفة ، طالبة جامعية بقسم العلوم السياسية بجامعة زيان عاشور و مبدعة نشأت في أسرة مثقفة ومتفتحة تعرف قيمة الكتابة والأدب والابداع خاصة أنها كانت آخر العنقود، إذ تحظى برعاية خاصة من قبل والديها، الى هنا عجزنا عن مواصلة الكتابة عنها فارتاينا ان نتركها تتحدث عن نفسها في هذا الحوار: كيف بدأت هوايتك و قصتك مع الكتابة ؟ يوم ميلاد هوايتي كان يوم وفاة جدي عندما كنت ابلغ من العمر 13 سنة ، حينها كتبت اول قصيدة في الشعر الملحون تغنى بآلام الفراق و الجراح و الحزن على جدي ، ثم توالت كتاباتي بعد ذلك في مجال القصة القصيرة و الرواية و حلمي كان منذ صغري رغم جهلي بالتأليف ان اكتب كتابين تحت عنوان "حياتي للغير" و " الصمت الى اين " فقد اخترت عنوانين لازماني منذ فترة طويلة و قمت بكتابة احدهما . لمن تقرأ سارة ؟ قرأت ل مصطفى صادق الرافعي و بعض الروايات المترجمة ل اغاثا كريستي ، وليم شكسبير ، و أحب كثيرا ديل كارنيجي ، كما اثرت فيا كثيرا رواية "الاسرار " و روايات اخرى لا أتذكر اسماء مؤلفيها ، كما اني معجبة جدا بكتابات الاعلامي و الصحفي أسامة وحيد من ولاية الجلفة . هل لديك مرجعية في كتاباتك لأديب أو كاتب معين ؟ ليست لدي اي مرجعية لاي كاتب او اديب معين ، لأني سادخل في زواية التبعية ولأن اي شخص يهوى الكتابة من المفروض أن يتسم بالاستقلالية فيها ليثبت نفسه و يثبت وجوده و طريقته الخاصة في هذا المجال ماذا خلقت لك الجلفة في ابداعك الكتابي ؟ الجلفة في نظرتي الخاصة تضع اصحاب الطموحات على كفين ، كف الاصرار و الصبر للوصول الى بلوغ المرام و كف آخر وقع في فخه الكثير من المبدعين و هو كف الخمول و النظرة بالعين الصغيرة للابداعات و احلام المبدعين ، فالجلفة اعطتني الكثير كي ابني شخصيتي في تحدي ظروف المجتمع و الصعاب وتبقى وقود استمراري في تحسين كتابتي و التطوير فيها . نتحدث دائما عن الجلفة... هل هي تهمش أو تبرز مبدعيها ؟ ليس علينا ان نتحدث عن الجلفة فقط بل نتحدث عن الجزائر باكملها فلا يوجد دعم للمبدعين الجزائريين ليس فقط في المجال الادبي بل في كل المجالات ، و اتقدم بالذكر كدليل و هو حصول الروائي محمد عبد الوهاب عيساوي على المرتبة الأولى في مسابقة علي معاشي لكن ماذا حظي بعد ذلك ؟ (تجيب ) تكريم و مجموعة من الصور و لو تم الاعتناء به قد يكون من ادباء العالم لمَ لا ، و هذا ما أسميه بمبدعون تحت الانقاض ( تضحك ) و انا منهم ، و بالتالي الجلفة هي جزء من الكل فإذا صلح الكل صلح الجزء فالأديب كي يصدر عمله عليه الانتظار لسنوات و لا ندري الى متى هاته العقبات ، اضافة الى أن نظرة الاستهزاء و الاحتقار بالأديب و الشاعر نظرة متفشية لدينا بينما في الغرب هو وسام لا يأبون ان يضمحل بين ادراج الماضي . لديك مخطوط روائي لم يظهر للنور بعد .... ما موضوعه ؟ روايتي بعنوان " حياتي للغير " و موضوعها يكمن في عنوانها حيث تتحدث عن عجوز افنت شبابها سعيا في الوصول الى حقيقة مقتل امها و البحث عن اختفاء ابيها و العيش مع آلام الاغتراب و ضياع أخيها و قد كتبتها بهدف ابراز شخصية البطلة انها لم تعش لنفسها و لكنها عاشت بهدف في الحياة على عكس الشباب اليوم الذي لا يعيش لنفسه و لا لغيره ، و بالتالي لا معنى للحياة اذا أنت بدون هدف و لا عناون . انت طالبة بقسم العلوم السياسية ....ما علاقة السياسة بالأدب ؟ قد يراها البعض أن علاقتهما بعيدة ، و الكثير ينظر لي اني اعشق الرواية فكيف لي أن أدرس السياسة ، لكن أقول أن من خلال الأدب استطيع الاجتهاد لايصال أفكاري بينما السياسة اذا لم تدرس اكاديميا و كيف هي مبنية و على اي اساس تقوم فإننا لا نفهمها لأن السياسة تفتح لك نظرة مختلفة على العالم كما انها تساعد من الجانب الادبي في كيفية السير في الطريق الادبي و كيفية تقديم أعمالك في وسط صعب في الجانب الثقافي . يعني لدينا أدب مُسيس ؟ اكيد نعم ... و كمثال نضرب به ، لو ذهبت لدار نشر لطبع اعمالي و كانت معي احلام مستغانمي من ستحظى بالقبول ، بالطبع أحلام مستغانمي و انا ساحظى بالتهميش و اللا استقبال و هذا ما حدث لي في العديد من دور النشر كونها تتبع سياسة معينة ماعدا دار نشر واحدة بالجلفة تأملت فيها لكن خاب املي فيما بعد في طبع روايتي . ( تتاسف ) لك مشاركات مسابقاتية في عالم القصة ... ماذا عن الجوائز ؟ شاركت في مسابقة القصة القصيرة التي أقيمت في حاسي بحبح بمدرسة الذكور المركزية و تحصلت في وقتها على المرتبة الأولى الا أن المتكفل بالجائزة الاولى خلف الوعد و لم يحظر فاضطرت لجنة المسابقة اهدائي الجائزة الثانية التي كانت حاضرة و بالتالي المرتبة الثانية في المسابقة و النتيجة حرماني من الرتبة الأولى من اجل مبلغ تافه ، و حقيقة تمنيت الحصول على اللقب كتحفيز لي بغض النظر عن نوعية الجائزة كذلك كنت قد شاركت في مسابقة مجلة العربي الكويتية و تحصلت على الرتبة الرابعة في القصة القصيرة و هي جائزة كانت دولية ، و رغم ذلك فالجوائز لوحدها لا تكفيني في رصيدي الذي اريد ان ابنيه . ماذا تقولين في الأخير ؟ انا اتمنى من دور النشر الاهتمام بنا ، و كفى من نظرة الاستهزاء بالأدب و الاديب نظرا لبعض العقليات الهمجية التي تتعامل معنا ...... فهل الهوايات و الشعر و الأدب عيب ؟