شاءت الصدف وأنا أحاول التنقيب في صفحات تاريخ الاستقالات في الجزائر وأشهرها في العالم لأجد نفسي أمام استقالة صاحب المهمات القذرة في الجزائر أمين حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحي وكأني به يخاطبني بأن لا أتعب نفسي فثمة في الجزائر من يحترمون أنفسهم ويستقيلون ليصنعوا الحدث كغيرهم من الغربيين الذين اتخمونا بتقليدهم هذا في صنع حدث الاستقالة لسبب وبغير سبب على النقيض تماما من نظرائهم العرب ، حتى وإن كنت أشك جازما في صدقية استقالة أمين عام الراندو التي تبقى مجرد لعبة من ألاعيب السلطة وأصحاب العلبة السوداء وهذا ما ذهب إليه الكثير من المحللين المعلقين على دوافع الاستقالة المطلوبة أصلا والمطبوخة سلفا من أصحاب القرار العلوي، فرئاسيات 2014 على الأبواب...!! لكن الغريب في استقالة السيد أويحي هو أن استقالته هاته لم تكن استقالة بأثر فوري بل هي استقالة مشروطة بزمن معين بمعنى أن استقالته هاته لا تسري إلا بأثر مستقبلي والتي حددها بتاريخ ال 15 جانفي القادم كما أوضح ذلك السيد أويحي في رسالة موجهة لمناضلي الحزب أن اختياره لتاريخ 15 يناير كتاريخ فعلي لاستقالته راجع لحرصه على "تجنب شغور منصب الأمين العام لفترة طويلة" ، يا عيني عليك يا سي أويحي حقا إننا في جزائر المعجزات استقالات مثل هاته لا تحدث إلا عندنا لأنه ببساطة منتوج جزائري خالص وبامتياز – استقالة بأثر مستقبلي - وبالرجوع إلى تصفحي لبعض الاستقالات بل وأشهرها في العالم وجدت بعضها تجعل من المرء عندنا يصاب بالمرض العضال أو الانتحار وهو يقارنها بمستوى المسؤولين عندنا ، حيث أنه وبالنظر إلى حقيقة الأمر من زاويته الصحيحة تجعل منا نرتكب جريمة في حق من نقارن بهم لأنه ببساطة لا مجال للمقارنة البتة لأننا أمام أناس يحترمون أنفسهم ويعرفون قدرهم في تحمل المسؤولية وما يتبعها ولأنهم يدركون مدى الالتزام الأخلاقي بالوظيفة وقيمة المسؤولية الأدبية تجاه الآخرين. وفي هذا الشأن نسوق للقارئ الكريم بعضا من أشهر الاستقالات في العالم من الدول الغربية بالطبع ولك أن تحكم بنفسك ولكن احذر من ارتفاع ضغطك وتنغيص عليك لحظاتك الجميلة فالحقيقة مرة كالعلقم ...لا تقارن بالمصائب عندنا، التي تتحفنا دائما بالوعود الكاذبة وخرجان الطريق عيني عينك بلا حياء أو وازع أخلاقي ، وفي هذا الشأن يقول مثل فرنسي على الرغم من الفرنسيين لا يحبونه كثيرا لعقدة تاريخية "إذا أردت أخذ الدروس فولّ وجهك شطر ألمانيا" ، ألمانيا المثل الأعلى للعالم في كل شيء ............. - وزير العمل الألماني فرانتس يوزف يونغ يقدم استقالته من منصبه على خلفية غارة جوية مثيرة للجدل أمرت بتنفيذها القوات الألمانية في أفغانستان.وأعلن يونغ في تصريح مقتضب للصحافيين "أبلغت المستشارة هذا الصباح أنني سأقدم لها استقالتي من وزارة العمل". . - الرئيس الألماني كريستيان فولف قدم استقالته رغم أنه لم يتورط في السرقة ولا في أي فضيحة باستثناء وعده بمساعدة أحد المستثمرين الكبار في ألمانيا وهو ما أعتبر خيانة لأمانة ولنظام الحكم . - رئيس وزراء رومانيا إميل بوك قدم استقالته استجابة للاحتجاجات الحاشدة ضد إجراءات التقشف المدعومة من صندوق النقد الدولي أقول بسبب الاحتجاجات أما عندنا نحن فأحرقوا رواحكم فلن يغير في الأمر شيئا. - وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال آليو ماري قدمت استقالتها من منصبها حيث أشارت في كتاب أرسلته للرئيس ساركوزي إلى أنها لم تقصر في مهمتها رغم الهفوات التي ارتكبتها بسبب إجازة أمضتها في نهاية 2010 في تونس عندما عرضت التعاون مع نظام بن علي. - الصحافة الفرنسية دفعت مسئولين فرنسيين إلى تقديم استقالتيهما إثر انتقادات لهما بإساءة استخدام المال العام! أقول : "إساءة استخدام". المسئولون عندنا متشبعون بالفكر الفرنسي فلماذا لا يقلدونهم في مثل هكذا أسلوب.!!!!! - وزير بريطاني يقدم استقالته بسبب نفقات على الإيجار؛ أقول: "الإيجار"!!!!!! عندنا كل نفقات حياة المسئولين والوزراء تغطيها خزينة الدولة ولا تسل عن الاغتراف منها فذلك أمر مباح لتغطية الليالي الملاح. - وزير استرالي يقدم استقالته لأنه رقص بالملابس الداخلية! أقول: "رقص"!!!! عندنا المسؤولية مرتبطة بالليالي الحمراء والخمارات على مصراعيها باسم الشعب على الرغم من التباهي في العلن بالإسلام .....ولن يردعك أحد فشؤون الدولة تدار بمثل هاته الطريقة ولا فخر – تعمار الراس - - وزير الزراعة الإسباني يقدم استقالته بسبب عبارة واحدة قالها هي: "الاعتناء بالري كالاعتناء بالمرأة "! فماذا لو قارنا بحال الكذبة عندنا من الوزراء الذين يتحدثون من أجل الظهور أمام الكاميرات وكلامهم كذب في كذب وعود وترهات وخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطات الصدق عند وزرائنا جريمة لأنه لا يوجد في قاموسهم شيء اسمه الصدق....... - وزير التجارة الأمريكي جون برايسون يقدم استقالته في جوان الماضي بعد أقل من أسبوعين على تسبّبه في حادث سير وإصابته بنوبة صحية خلالها . - وزير الطاقة البريطاني كريس هيون يقدم استقالته بعد أن تم إبلاغه بأنه يواجه تهما جنائية بتهربه من تحمل مخالفة قيادة سيارته بسرعة، ومع ذلك يستقيل ويعد بإثبات براءته وتفنيد التهمة عليه. - وزير الدولة المكلف بتنسيق الأنظمة الحزبية في بريطانيا اندرو ميتشل يقدم استقالته بعد اتهامه بالإدلاء بكلام غير لائق لضباط الشرطة ، عندنا تصفع الشرطي بل تقتل من تشاء والحصانة تحميك . - وزير الدفاع البريطاني (وليام فوكس) قدم استقالته العام الماضي على خلفية الكشف عن علاقته الوثيقة برجل أعمال له مصالح تتصل بشؤون الدفاع مقرا بالخطأ والخلط بين المصالح الشخصية والحكومية. - مسؤول رفيع في الحكومة اليابانية يقدم استقالته بعد أن أوردت إحدى المجلات خبرا مفاده أنه ركب القطار ببطاقة مجانية! أقول لكم "بطاقة مجانية"! يا جماعة بمعنى أن اليابانيون لو علموا بما يحصل مع وزرائنا ومسؤلينا لأدركوا يقينا أن مسئوليهم ملائكة أطهار. - وزيرة الرياضه البولنديه - جوانا موتشا- قدمت استقالتها بعدما اخفق المسئولين في إغلاق سقف الإستاد الوطني بالعاصمة وارسو فور هطول الإمطار الغزيرة قبيل انطلاق مباراة المنتخبين البولندي والانجليزي ضمن التصفيات الاوروبيه المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2014 لكره القدم ، وهو ما أدي لتأجيلها إلى اليوم التالي ، وصرحت موتشا للصحفيين قائله "اشعر بالمسئولية السياسية عن هذا الموقف، وأنا رهن تصرف رئيس الوزراء" ، في بلد المعجزات الجزائر لن يتحرك أحد أبدا حتى ولو كان ملعب 05 جويلية مزرعة حقيقية لرعي "المسئولين" عفوا "البقر" وما حادثة مباراة الجزائر مع البوسنة مؤخرا لخير دليل على ذلك ...... - وزير ياباني آخر يقدم استقالته احتجاجا على تقاعس حكومته عن سن تشريع لإصلاح البريد. ماذا لو كان عندنا ماذا سيفعل..؟ حتما سينتحر...!!! لأن بن حمادي لن يفعلها حتى وإن كان ناصر مهل يقول بأن المتعامل الوطني موبيلس على حافة الانهيار فمن المسئول يا ترى......!!!!! - رئيس الوزراء الياباني يقدم استقالته إثر فشله بالوفاء بعهد انتخابي قطعه للناخبين...! بالمقابل ما أكثر وعود مرشحينا ورؤسائنا الذين تفننوا في الكذب وشراء الذمم ......! - انتحار وزير المالية أثناء فترة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الذي أبى أن يتهم بالفساد والرشوة وهو البريء منها .. حيث أقام هذا الوزير المنتحر مؤتمر صحفي شرح فيه سيرة حياته ووطنيته وبرأته من هذه التهمة الباطلة ضده وبعدها قام بتسليم الأوراق إلى المسئولين في وزارته وفي رباطة جأش قام بحركة عفوية بمسح جبينه ثم بعد ذلك اخرج مظروف كبير وسحب منه مسدس وقال لهم اعذروني لا أريد أن تسيئوا الظن بي ، وما إن شاهد المجتمعون المسدس مشهور حتى تعال الصراخ بأن لا يفعل ذلك فقال لهم أرجوكم لا احد يتقدم فأني لا أريد أن يصاب احد بأذى ثم ادخل فوهة المسدس في فمه وأطلق رصاصة واحدة كانت كافية لإنهاء حياة هذا الوزير الأمريكي الشريف الذي تربى على الحرام بالكلية ، فما بالك بوزرائنا الذين يتغنون بالإسلام ويمارسون كل أنواع الرذائل والمحرمات من فساد ورشوة وسرقة وهضم للحقوق بل ويتباهون بها . - وزير الدفاع الألماني كارل تيودور تسوغوتنبرغ هو الآخر قدم استقالته من منصبه الحكومي ومن كافة مسؤولياته السياسية والحزبية بسبب تصاعد حدة الانتقادات التي وجهت له ، بعد الكشف عن فضيحة نسخه فقرات كثيرة من رسائل أكاديمية ومقالات صحفية في رسالة دكتوراه حصل عليها عام 2009 دون الإشارة إلى مصدر الاقتباس. على الرغم من أن الوزير المستقيل -وهو عضو قيادي في الحزب المسيحي الاجتماعي الحاكم بولاية بافاريا الجنوبية- يحظى بشعبية كبيرة بين المواطنين الألمان، وكان ينظر إليه كمرشح مرجح لمنصب مستشار ألمانيا في المرحلة المقبلة. وقد أعلنت جامعة بايروث سحب اعترافها برسالة الدكتوراه التي منحتها للوزير تسوغوتنبرغ ، ووصفت الأستاذ المشرف على الرسالة بالكذب والخداع. بالمقارنة مع ما يحدث عندنا على مستوى وزارتي التربية والتعليم العالي فأنك حتما ستصاب بجلطة دماغية لأن طلبة الماجستير والدكتوراه ومن ورائهم المشرفين عليهم يسلخون الكتب سلخا دون حسيب أو رقيب وليس كما حدث الوزير الألماني من نسخ فقرات فقط ، وما حدث بمعهد علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر سنة 2011 ممثلة في شخص الدكتور"الطاهر بن خرف الله" المتهم بالاستيلاء على كتاب ''النخب السياسية في مصر'' للباحثة المصرية "مايسة الجمل" من خلال كتابه المعنون" النخبة الحاكمة في الجزائر" . و ما حدث قبله مع الباحث الدكتور "حفناوي بعلي" الأستاذ بجامعة عنابة والذي نال جائزة الشيخ زايد للكتاب حول بحثه وكتابه المعنون ب"مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن" ليتبين فيما بعد أن الأمر يتعلق بسرقة علمية تجاوزت حدود الاقتباس إلى السلخ وهو ما ذهب إليه الأستاذ مصطفى صايج أستاذ في العلاقات الدولية الذي يقول "صادفت سرقات في الرسائل لم يغير أصحابها حتى الإهداء". وما حدث في جامعة قسنطينة وسيدي بلعباس وغيرهما كثير دون أن يحرك أحدهم ساكنا أما الحديث عن مذكرات الليسانس والماستر فحدث ولا تخشى شيئا فالكلام مباح ولا خوف عليك.....!!!!! نعم لن يستقيل أحد من منصبه عندنا ولا يمكن أن يحدث ذلك حتى وإن قتلت نفسك حتى وإن سلخت جميع الكتب لأن المشرفين عندنا عباقرة زمانهم يمكن للواحد منهم أن يشرف على أكثر من 200 مذكرة ولا يبالي ، لن يحدث ذلك أبدا حتى وإن سُرقت خزائن الشعب كلها ، لن يحدث ذلك حتى وأن قُتل الشعب كله كما حصل في فيضانات باب الواد وزلزال بومرداس فالأمر قضاء وقدر يا ناس عندنا وزرائنا.....!!!! نعم لن يستقيل أحد عندنا ولو أطبقت الأرض وسقطت السماء على الرؤوس ومهما كانت الأزمات والكوارث والفضائح فالقضية قضية مبدأ لأصحاب الفخامة فقط ، فلن يخرج أحد من الحكومة أو المسؤولية إلا بتغيير حكومي أو بقبضة عزرائيل وفقط وغير ذلك فانتظر الساعة، لأنه الاستقالة ببساطة لم ولا ولن تكون أبدا من اهتمامات مسئولينا . ومع هذا فقد استقال المجتمع الجزائري ومثله في ذلك المجتمعات العربية بالكلية من أداء دورها المنوط بها في بناء الأمة من خلال تربية الناشئة وغرس المبادئ والقيم الفاضلة في النفوس والسعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فغابت بذلك ثقافة الاستقالة في مجتمعنا التي لن تزيد من يمارسها ويقبل عليها إلا رفعة وسموا لأن الاعتراف بالعجز وعدم تحمل المسؤولية هي قوة وشجاعة يستحق فاعلها كل التحية والتقدير والاحترام فقط لمن يدرك حقيقة ذلك ........ يذكر أن التاريخ في الجزائر سجل لثلة من الرجال الأبطال مواقفه الشجاعة في تقديم استقالتهم من مناصبهم وهم في أوج عطائهم بصورة تنمي عن معادن الرجال وما يتشبعون به من قيم وأخلاق منهم الرئيس الراحل "الشاذلي بن جديد" حتى وإن كان البعض يصنفها في خانة أخرى ومع ذلك تحسب للرجل وبعده الرئيس الفذ "اليمين زروال" حفظه الله و استقالة الأستاذ "علي بن محمد" من منصبه كوزير للتربية الوطنية وهو من هو في العلم والنبل والأخلاق واستقالة المحامي "مقران أيت العربي" من مجلس الأمة وأخيرا استقالة النائب "عثمان رحماني" من المجلس الشعبي الوطني الحالي أخيرا قرأت خبرا مدهشا مفاده أن إبليس استقال من مهمته في العالم العربي وبالأخص في الجزائر ، بعد أن شعر بالقهر والظلم من نكران المسئولين لفضائله عليهم، وردد عبارته الشهيرة: "أعلمهم السرقة والكذب والرشوة والمحسوبية والنفاق والشقاق وفساد الأخلاق ويكتبون على أبواب قصورهم هذا من فضل ربي".