بعد التعادل مع تانزانيا في تصفيات كأس إفريقيا قدم رابح سعدان استقالته من على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني، وهي الاستقالة التي جاءت متأخرة شهرين كاملين بعد المونديال، وكان من المفروض أن يرمي سعدان المنشفة مباشرة بعد الأداء الهزيل للفريق في مباريات كأس العالم، وبعد الانتقادات العنيفة التي وجهت له من طرف الصحافة والجماهير الرياضية. لكن سعدان بدا واثقا من نفسه وقدم كعادته وعودا بتقديم الأفضل في المستقبل، وكان المجال له وحده، وكان له متسع من الوقت ليفعل ما يشاء بالفريق الوطني. وها هو اليوم لم يستسغ الأداء الهزيل أمام تانزانيا، مما ينذر بموسم كروي فاشل للفريق الوطني، فاختار أن يتنحى أو أجبر على التنحي، لا يهم، وهو مشكور على هذا القرار الحكيم وهو أهم قرار اتخذه سعدان منذ التأهل إلى المونديال إلى اليوم، ولأول مرة نجد ”مسؤولا” يخسر فيختار الاستقالة، والاعتراف بالفشل، هذا إذا سلمنا بأن سعدان قدم الاستقالة طواعية وليست استقالة على طريقة استقالة الشاذلي بن جديد في جانفي 1992. المهم أن الرجل اعترف بالفشل فذهب، ويا ليت أن يفتح ما أقدم عليه سعدان أمس، عهدا جديدا في ممارسة المسؤولية في الجزائر، أن يستقيل الوزير إذا ما فشل في أداء مهمته والمدير والأستاذ، ولم لا الرئيس نفسه عندما يصل إلى طريق مسدود مثلما حدث مع بن جديد، أو أن يستقيل رؤساء الأحزاب الفاشلون والمهزمون في التجارب الانتخابية، فهم لو فعلوا سنفتح عهدا جديدا، في ممارسة السلطة والمهام. وندخل بحق عهد الديمقراطية الحقة، وليست ديمقراطية الكوطات والتوازنات، لأننا ما نعيشه اليوم لا يبعث على التفاؤل، أحزاب تخسر في الانتخابات وتبقى قياداتها في مكانها لا تتزعزع، ووزراء يفشلون في قطاعاتهم الغارقة في الفساد ولا يستقيلون إلا إذا ما أجبروا على ترك المنصب. ما فعله سعدان أمس هو شكل من أشكال الاعتراف بالفشل، وترك المكان لمن هو أفضل، وهذه فضيلة لابد من تثمينها. لكن من هو الأفضل الذي سيخلف سعدان على رأس العارضة حتى لا نتوه في المتاهات التي عشناها في السنوات السابقة. لكن هذه المرة لابد من منح الثقة لشخص يكون قادرا على تدريب الفريق، وتكون الكلمة الأولى والأخيرة له ليس مثل سعدان الذي لم تكن له الكلمة في اختيار عناصر الفريق في المباريات مثلما شاهدنا ذلك بالصور عبر كل المواقع، عندما فرض صايفي نفسه عليه للدخول ضد أمريكا، وكانت النتيجة كارثية!! استقال سعدان، فمن المسؤول المقبل الذي تكون له الشجاعة للاعتراف بالفشل ويستقيل، الأكيد لو فعلوا فإننا سنسير نحو الأفضل؟!