"حوش النعاس"أو "دارالشيوخ" مدينة تقع بين جبال السحاري، أولاد بنعلية ، مناعة وطسطارة. يقال لها "حوش النعاس" نسبة إلى شيخ الزاوية "عبد الرحمن النعاس". أما اسمها الحالي فهو "دار الشيوخ" ويعود هذا الاسم نسبة إلى مشايخ هذه المنطقة وهم "الشيخ الحدي" و "الشيخ ميسرة" وكذا "الشيخ سعد" و "الشيخ سي أحمد بن الطالب"، وكل أضرحتهم بمقبرة "القباب" شمالي شرقي المدينة. زاوية الشيخ النعاس لتعليم القرآن الكريم... منارة علم قائمة منذ أكثر من قرن و ربع في أواخر القرن الماضي و بالتحديد عام 1887م، أقام المغفور له الشيخ عبد الرحمان بن سليمان ( المعروف بالشيخ النعاس ) زاويته بالمنطقة لتدريس القرآن الكريم و تعاليمه، حيث ذاع صيت هذه الزاوية و أطلق عليها روادها آنذاك اسم "حوش النعاس" نسبة الى مؤسسها "الشيخ النعاس" ومنذ ذلك الوقت صارت المنطقة تحمل اسم "حوش النعاس" لتكون النواة الأولى للبلدة و تشهد استقرار العروش الباقية فيها. و في سنة 1932 أرادت السلطات الفرنسية تسمية هذه المدينة فسألت سكانها عن "القباب" فقالوا لها تسمى بالشيوخ فسماها الفرنسيون "دار الشيوخ". صورة منقولة من كتاب ايقاظ الناس بمناقب الولي الصالح عبد الرحمان النعاس، تحقيق الاستاذ الشيخ علي النعاس بن عبد الله دار الشيوخ مهد للثورة والقادة امثال زيان عاشور وعمر إدريس لقد كانت دار الشيوخ مهدا للثورة وقادتها ، فبحلول سنة 1956 حل بها القائد "زيان عاشور" والقائد "عمر ادريس" ليرسما أهم انجاز تاريخي ضد المستعمر الفرنسي في معركة مازال صداها يتردد إلى يومنا هذا، وهي معركة "قعيقع" في 10 جوان 1956. ومن أسباب هذه المعركة أن القائد "سي عمر ادريس" أراد أن يتحدى العدو ليبرهن بأن أبطال جيش التحرير متواجدون وبقوة وقادرون على الضرب في كل مكان وفي الوقت الذي يقررونه. مع العلم أنه كان في إمكان القائد عمر إدريس التنقل وجيشه إلى مكان آخر بعيدا عن تلك المنطقة، إلا انه أبى الا أن يلقن العدو درسا لن ينساه ابدا. كما أن عمر إدريس استطاع أن يقنع 13 مسلحا من رجال الخيالة التابعين للعدو (السبايس) بالانضمام إلى جيش التحرير مما جعل العدو يفقد صوابه .و اثر ذلك حشدت فرنسا كل قواها وقامت بالهجوم على المنطقة (قعيقع) لكنه انهزمت مرة أخرى هزيمة نكراء خسر فيها الجيش الفرنسي طائرة كما انه فقد العديد من مقاتليه، أما جيش التحرير فأستشهد له ثلاثة مجاهدين وأربعة مسبلين. في عام 1957 كانت دار الشيوخ مسرحا لأحداث مؤلمة راح ضحيتها العديد من أبناءها وذلك بسبب زرع القوات الفرنسية للحركة العميلة "حركة بلونيس" المناوئة للثورة و المدعومة من طرف الاستعمار الفرنسي. حيث تمركزت هذه الحركة بالمنطقة اين نصّب بلونيس إدارته رغم أنف الجميع، وبدأ أتباعه يتجمعون تحت شعار (الاستقلال الذاتي) وشرع في بسط نفوذه على كل المناطق وحكم الناس بيد من حديد يساعده في ذلك أعوانه ورجال "لاصاص" وتمكن خلال هذه الفترة من تضليل العديد من أبناء الشعب فضمهم إلى صفوفه. و هكذا صار همّ "بلونيس" الوحيد هو متابعة الوطنيين وملاحقة المخلصين عسكريين كانوا أم مدنيين للزج بهم في سجونه ومعتقلاته والتي كانت موزعة على الشكل التالي: - حوش البراردة (عين الحجل) - رأس الضبع (سيدي عامر) - حوش القراير (حد الصحاري) - روس لخراط (دار الشيوخ) - معتقل تامسة (أمجدل) وزاد اهتمام السلطات الفرنسية بتجربة "بلونيس" فأطلقوا عليها عملية "الزيتونة"، و أطروها بضباط معروفين بحنكتهم وتمرسهم في حرب العصابات بالهند الصينية (فرقة التدخل السريع). و أمام هذا الوضع الخطير وضعت قيادة جبهة وجيش التحرير الوطني إستراتيجية سياسية وعسكرية لمواجهة حركة بلونيس والقضاء عليها في مطلع 1958. و كان من نتائج هذه الخطة التي وضعتها القيادة أن ظهر بلونيس على حقيقته للشعب كخائن ومظلل، وتنامى شعور الجماهير بضرورة مناصرة قادة جيش التحرير. و نتيجة لذلك شعر عيون بلونيس والاستعمار الفرنسي بخطورة الموقف لاسيما بعد المعارك العنيفة التي تلقى فيها أتباعه هزائم وفقد عدد كبيرا من أعوانه وكميات هائلة من أسلحته، وتأكدت تلك المخاوف بعد اكتشاف عدد من الرسائل التي سربها القائد عمر إدريس إلى مقر قيادة بلونيس بدار الشيوخ، وكانت هذه الرسائل موجهة إلى إطارات مدنية وعسكرية وقد أحدثت إحدى الرسائل الموجهة إلى مقر القيادة بلبلة و اضطرابا بين السكان. هذا ما جعل بلونيس يقدم على جمع سكان دار الشيوخ في السوق الأسبوعية، وكان ذلك يوم السبت، وأمر الناس بوضع أيديهم على رؤوسهم مدة 36 ساعة، وقد قام بإخراج أعيان من البلدة بالسياط والمعاملة السيئة، وقام بإعدام العديد منهم مثل الشهيد: "عرعار بن علية بن عبد النبي"، والشهيد "محمدي بلقاسم بن عمر"، والشهيد "طيباوي الطيب"، وكذا الشهيد "مبخوتة عبد الله". أما بقية أعيان البلدة، فقد اقتادهم إلى السجون، وأمر بتعذيبهم وكان من بينهم، "خبيزي الشريف عبد القادر"، "حسن نعاس بن الشريف"، "قاسم محمد الصغير بن أحمد"، وغير هؤلاء كثيرون و يعدون بالعشرات فقد امتلأت بجثثهم شعاب الجهة مثلما امتلأت المعتقلات بالمساجين من أنصار جيش التحرير الوطني. لكن بفضل تجند الشعب وراء جبهة وجيش التحريرالوطني تم القضاء على هذه الحركة العميلة التي لم يتجاوز وجودها بالمنطقة أكثر من عشرة أشهر أي من سبتمبر 1957 إلى غاية جويلية 1958. اتباع بلونيس يعدمون محمد بدر الدين المدعو "البوسعادي" في دار الشيوخ في سنة 1958 صدر مرسوم فرنسي لتحويل "دار الشيوخ" من مركز إلى بلدية وقد كان السيد"حسن نعاس" أول رئيس لها، وأصبح إقليمها يمتد من "حد الصحاري" و "حاسي العش" و"حاسي بحبح" شمالا إلى حدود "امجدل" و"سليم" شرقا، و من حدود "عين معبد" و "الجلفة" غربا إلى حدود بلدية "المليليحة" جنوبا . ونشير الى بعض الإنجازات في هذه الفترة أهمها : ربط دارالشيوخ بالجلفة بطريق معبّد وطريق قاري دار الشيوخ - زاقز مرورا بالجبل، ودار الشيوخ-أمجدل مرورا بالجبل، وكذلك مدرسة ووحدة صحية كما استفادت من مشروع المحتل آنذاك "شارل ديغول" ببناء سكنات اجتماعية . دار الشيوخ ما بعد الاستقلال - من 1962 إلى 1984 بعد الاستقلال مباشرة تولى أهل المنطقة زمام الأمور ليتحدوا مرة أخرى من اجل اعادة بناء دارالشيوخ الحديثة و معالجة المخلفات التي ورثتها عن الاستعمار. حيث عرفت دارالشيوخ آنذاك مشاريعا بسيطة بالرغم الرقعة الكبيرة التي تمتاز بها. ومن أهم مشاريع هذه الفترة بناء المدارس وربط دارالشيوخ بالشبكة الكهربائية في سنة 1974. وفي سنة 1976 أثناء التقسيم الإداري للجزائر الحديثة فقد تم الإبقاء على دارالشيوخ بلدية ضمن حدودها الإقليمية السابقة. بالنسبة الى التقسيم الإداري الجديد لعام 1984، فقد انبثق عن دارالشيوخ بلديتان هما "المليليحة" في الجهة الجنوبية الغربية و "سيدي بايزيد" في الجهة الشمالية الشرقية وتم هذا التقسيم على أساس "أراضي العروش" التي يمتلكها كل عرش. وعلى إثر ذلك، تقلصت مساحة بلدية دار الشيوخ وأصبح لها حدود جديدة و دون أن يكون لذلك تأثير على التركيبة الاجتماعية بل زاد توافد السكان على مدينة دار الشيوخ . في عام 1982 زارها سبعة وزراء في عهد المير الأسبق "طاوسي لمخلط" تم خلالها إنشاء العديد من البرامج والمشاريع زيارة الوزير الاسبق للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية "بشير رويس" رحمه الله الى دار الشيوخ عام 1982 أهم المشاريع التي أنجزت في ذلك الوقت إنشاء مجمع صحي بوسط المدينة وانجاز عديد المشاريع الاستثمارية ولعل أهم ما اكتسبته دار الشيوخ في تلك الفترة هو إيصال قناة فرعية من اجل غاز المدينة إضافة إلى وضع برامج مهمة منها ترسيم خطط من اجل إتمام طريقي امجدل وسليم وهو ما كان نتاجه اليوم حيث أن هذين الطريقين سينجزان في الوقت الحالي. أما بالحديث عن دار الشيوخ اليوم، فإننا نتأسف على حالها فرغم المكانة الاستراتيجية التي حباها الله إلا أن مسؤوليها لم يقدروها حق قدرها ، فالعجيب أن الاستعمار الفرنسي رأى في دار الشيوخ مالم يره أبناؤها اليوم و اعتبرها سدا منيعا له ، كما أن قادة الثورة أمثال زيان عاشور وعمر إدريس لم يغفلوا ذلك فقد كانوا يعتبرونها سندا قويا لا يمكن الاستغناء عنه وما معارك "قعيقع" و "مناعة" إلا دلائل على أنها حصن لمعارك الانتصار ... لك الله يادار الشيوخ. ما كتبته الصحف عن دار الشيوخ عامي 1982 /1983 (قبل 30 سنة)... و أهم المشاريع التنموية جريدة المجاهد جريدة الشعب