كانت زيارتنا لمنطقة "واد سي عمر" التابعة إداريا لبلدية بويرة الأحداب مجرد زيارة لاستكشاف المنطقة، لكن المفاجأة كانت كبيرة ونحن نلج إلى بستان فلاحي مميز قال لنا صاحبه أنه نتيجة عمله وجهده الخاص دأب على متابعته ورعايته منذ سنوات خلت دون أن يستفيد من أي دعم مادي أو حتى معنوي من طرف الدولة معتمدا في ذلك على نفسه من منطلق شغفه وحبه للنشاط الفلاحي وتربية النحل على حد سواء. مستثمرة منتجة للفواكه والعسل الطبيعي... بإرادة خاصة... بداية حكاية هاته المستثمرة كانت منذ سنة 1998 حيث إنطلق صاحبها (بوكر عقبة) في زرع بعض أنواع الفواكه إلى جانب تربية المواشي وشيئا فشيئا بدأت هاته المستثمرة تكبر إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم ، حيث تتربع هاته المستثمرة الفلاحية على ما يقارب ال 6 هكتارات مغروسة كلها بأشجار مثمرة تنتج العديد من أنواع الفواكه كالمشمش والخوخ والتفاح والبرقوق واللوز بالإضافة إلى ما يقارب ال20 هكتار موجهة للزراعة الموسمية للقمح والشعير ، هذا والملفت للانتباه أن هاته المستثمرة الفلاحية يوجد بها جزء موجه لتربية النحل حيث تحتوي على أكثر من 50 صندوقا لتربية النحل والتي تعد من أصعب المهن نظرا للإجراءات الدقيقة المتبعة في التعامل مع خلايا النحل من أجل إنتاج عسل طبيعي. وفي هذا السياق أكد صاحب المستثمرة السيد "عقبة" في حديثه مع "الجلفة إنفو" أن تربية النحل مهنة صعبة للغاية وتتطلب إمكانيات وجهدا كبيرا من أجل إعطاء نتائج جيدة من حيث النوعية والقيمة الغذائية للعسل بالإضافة إلى الكمية ، وفي هذا الخصوص يضيف محدثنا أن معدل إنتاج النحل يتراوح ما بين 10 إلى 12 كغ من الصندوق الواحد حيث يوجد ضمن منتوجه نوعين من العسل هما عسل "السدرة" والعسل الربيعي.
ولإرواء فضولنا طلبنا من صاحب هذه المستثمرة المميزة فعلا أن يأخذنا في جولة لرؤية النحل عن كثب ومعرفة كيفية التعامل معه ، وهو ما كان لنا بالفعل حيث أخذنا احتياطاتنا من خلال ارتدائنا للباس الخاص بمربي النحل ولو كان الأمر على عجل ، وتوجهنا نحو صناديق النحل أين قام بفتح العديد منها والتي قمنا بتصويرها عن قرب على ما يحتويه الأمر من خطر لسع النحل خاصة بالنسبة لوافد جديد على استكشاف هاته المملكة العجيبة الصنع والخلق ، وقد أكد محدثنا أن هاته الفترة هي فترة البناء والتكوين من أجل صنع الشهد الذي سينتج لنا خلال أيام الحر القادمة عسلا طبيعيا صافيا...هذا مع مراعاة أن تتوجه جموع النحل للتغذية على الأزهار الطبيعية الموجودة بالحقل وأشجار السدرة المجاورة.... هذا ويقصد هاته المستثمرة الكثير من سكان المناطق المجاورة من حاسي بحبح وحاسي العش وحتى من الجلفة خاصة أيام إنضاج الفواكه وإنتاج العسل من أجل أخذ حصة من هاته المنتجات التي توجه كلها إلى السوق المحلي والتي يكثر عليها الطلب خاصة ما تعلق منها بالعسل الطبيعي المطلوب بكثرة والذي سرعان ما تنفذ كمياته حسب ما ذكره لنا صاحب المنتوج ... حرم من الاستفادة من الكهرباء ....وحتى بطاقة فلاح ليست في متناوله... هذا ويشتكي السيد (ب عقبة) من عدة صعوبات حالت دون أن يوسع مستثمرته التي لو كتب لها ذلك لكانت من بين أهم المشاريع بالمنطقة باعتبار أن بلدية بويرة الأحداب منطقة فلاحية بامتياز، حيث يعاني من انعدام الكهرباء التي حرم من الاستفادة منها على الرغم من أن توصيلاتها تمر بجانب مستثمرته على مسافة لا تتجاوز ال 500 م في مفارقة عجيبة ، بالإضافة إلى حرمانه من الاستفادة من - بطاقة فلاح - التي طالب بها عدة مرات لكن دون جدوى ، هذا مع تسجيله لقلة اليد العاملة في الميدان الفلاحي التي يجد صعوبات بالغة في توفيرها خاصة خلال فترة جني المحاصيل والتي تؤدي به لخسائر كبيرة في ظل نضج هاته المحاصيل وعدم قدرته على جنيها الأمر الذي يتسبب في تلفها وسقوطها ومن ثم فسادها... ويذكر صاحب المستثمرة في حديثه معنا أنه تلقى العديد من الوعود من عدة وفود زارته منها لجان من مديرية السهوب ومديرية الفلاحة بالإضافة إلى رئيس دائرة حد الصحاري وعدة شخصيات أخرى من أجل تذليل مختلف الصعوبات التي يواجهها ومن بينها إمداده بالكهرباء لكن لاشيء من ذلك تحقق إلى غاية كتابة هاته الأسطر..... في ختام زيارتنا قال لنا محدثنا (ب،عقبة) بأنه لا يريد من المسئولين الكثير ، حيث يطالب بمنحه بطاقة فلاح وإمداده بالكهرباء من أجل أن يواصل عمله الذي بدأه عن حب وقناعة وبجهده وماله الخاص... في الأخير هل يدرك مسؤولينا بولاية الجلفة أن ثمة أناس يعملون في صمت بعيدا عن أعينهم وبإمكانياتهم الخاصة فقط ، يستطيعون فعلا أن يصنعوا الكثير إذا ما وجدوا العناية والاهتمام بعيدا عن تلك البرتوكولات الزائفة التي لا تنتج لنا إلا مستثمرين مزيفين همهم نهب المال العام باسم القانون وما أكثرهم للأسف الشديد في بلد العزة والكرامة... !