يزيد بن هنو "الشيخ اليزيد" من مواليد 1973م، بقرية إغيل أومسيد بجايةالجزائر، شاعر وفنان، باحث في الشأن الأمازيغي والتراث، فاعل جمعوي وحقوقي، شارك في العديد من اللقاءات والموائد المستديرة في الجزائر والمغرب مع جمعيات وطنية وأجنبية، بالإضافة إلى عدة مهرجانات وأمسيات شعرية وطنية ودولية، وله عدة مداخلات ومشاركات في عدة حصص إذاعية، كما نشر العديد من المقالات في الجرائد، وله عدة كتابات في الأنترنت في منتديات أدبية. قال عنه المختار الفرياضي في مقال بعنوان "سيرة رجل" إنه "تربى في الجمعية الثقافية والاجتماعية ب“أمسد” وفيها عرف معنى الثقافة والعمل الجمعوي ومعنى الإنسان في كينونته. أقام مجموعة من الأنشطة الثقافية المختلفة، منها أمسيات شعرية بالامازيغية والفرنسية في جامعة “بومرداس” وكذا في جامعة بجاية، إلى جانب معارض بنفس الجامعتين للتعريف بالموروث الثقافى للبلاد والمحافظة عليه، في المجالين الحضري والقروي. كما تم تكريمه مرارا في الجزائر بجوائز متعددة. له مداخلات في برامج إذاعية في ولاية ” بجاية”، كما له أيضا مشاركات لا يستهان بها في المجال المسرحي في تسعينات القرن الماضي، وفي الجانب الجمعوي، حاول الانفتاح والاتصال بل والمشاركة الفعلية في الجمعيات الحقوقية والتنموية والثقافية والاجتماعية داخل وخارج وطنه إيمانا منه أن أحسن وسيلة لاكتساب المعارف والمهارات هي الممارسة والاحتكاك بالآخرين من أجل إشراكهم في نجاحاتهم ، والاندماج معهم والانتماء إليهم". اقتربنا منه وكان لنا معه هذا اللقاء. 1-إذا كانت الكتابة قفزة في الظلام في تصور الكثير.. بل هكذا قرأت أنا ذات يوم.. حدثنا عن قفزاتك الأولى وعن هاجس الكلمة لديك؟ إذا كانت الأشياءَ بلا طعم في هذه الأرض، فإنها تضيق بالرجالِ، ويقبع الجمالُ في ركن مُظلم، يبتلع الذوَّاقُ فيها الرديءَ، ويستكين رغمًا عنه، وينحصر وطنه في كتاب، لا يمكن أن يقرأَه بصوت عال، هناك أناس عاشوا يكتبون ورحلوا وفي أنفسهم شهوة للكتابة رغم كل ما صنعته التكنولوجيا، فإن قلم الرصاص والقلم مازالا يحتفظان بسحرهما الخاص. هكذا نكتب نصوصنا اليوم، ونحتفظ بالأقلام قرب النصوص على المكتب. بدايتي كانت من خلال مسودات من الأشكال والحروف غير المفهومة، وأنا في حالات التفكير والتأمل لهذه الأوراق المبعثرة تحولت إلى قصائد، فقط إذا امتلكت الوقت الكافي أعود إليها، لكن للأسف على الأغلب ما تبقى بعض الأفكار البدائية تنتظر من دون جدوى، ولكن تبقى جذابة مدهشة رغم مرور الزمن، كأنها مشروعات أفكار مؤجلة أو انفعالات وتأملات عصفت في لحظة ما وربما أستطيع الآن أن أتحدث عن الفترة التي ترعرعت فيها.هاجس الكتابة في بعض الأحيان أظن أنه ولد معي، فبيئتي تزخر بالموروث الثقافي الشفوي من أمثلة وحكم وحكايات وكذا الطبيعة الخلابة جعلتني أعيش مخاض الكتابة. فعل القراءة .. قراءة الكتب الأولى التي شكلت ثقافتي وخزان المعرفة لدي، تلك الكتب هي فترة للجوء في نهاية الأمر.. منبع القراءة والكتابة لدي تشبه النقش في الذاكرة، حيث تتكفل عمليات النبش في كل مرحلة بأن تعيد مجد أداة أو كتاب أو عبارة كتبتها على عجل ولم أنتبه إلى حجم الأثر الذي ستحدثه لاحقاً، إنها عملية تشبه العودة إلى الجذور مع كل غصن يتفتح من جديد. وهاجس الكتابة في بعض الأحيان أظن أنه ولد معي، فبيئتي تزخر بالموروث الثقافي الشفوي من أمثلة وحكم وحكايات وكذا الطبيعة الخلابة جعلتني أعيش مخاض الكتابة. 2- من خلال مجموعتك الشعرية "من وحي الليل" باللغة العربية، كيف كانت تجربة النشر في ظل وجود عناوين شعرية كثيرة، وكيف تلقاها القارئ؟ في الواقع مجموعتي الشعرية "من وحي الليل" عرفت تجربة صعبة شيئا ما، نظرا لوجود عناوين شعرية كثيرة، وهذه تجربتي الأولى في النشر باللغة العربية، وتحديت فيها نفسي، ولم أضع نصب عيني مختلف العراقيل التي ستواجهني، فكرت فقط أنه يجب أن أتحدى نفسي لأخرج هذه التجربة للوجود وكانت البداية. الساحة الثقافية تعرف الكثير من المثقفين، وأنا لم أقدم بعد المجموعة للنقاش، ولكن لدي ارتسامات بعض النقاد والشعراء المقربين، بالرغم من وجود صعوبة في النشر والمشاكل التي يواجهها الكتاب في التوزيع، قد تسبب مشاعر الإحباط والعجز لدى المثقفين، ويمتد تأثيرها إلى القيمة الفنية والجمالية للأعمال الأدبية. رغم كل هذا هناك مشاكل على مستوى الساحة الثقافية المغاربية تتجلى في أزمة طبع الكتب ونشرها وتوزيعها، مما تُحرم الساحة الثقافية من أعمال إبداعية جيدة، كذلك خلق نقاش واسع حول حاضر الثقافة ومستقبلها. إضافة إلى استفحال أزمة القراءة. يربط المهتمون رفع معدل المقروء السنوي الذي يعد الأضعف عربياً بمحاربة الأمية وتكريس ثقافة القراءة في المجتمع، والاهتمام بصناعة الكتاب وحل مشاكل توزيعه وتسويقه، ويعتبرون أن جذب القراء وسط هذا الركود الثقافي لن يتحقق دون فتح مكتبات عامة وإطلاق حملات حقيقية للكتاب والقراءة، واحترام القدرة الشرائية بتحديد أسعار الكتب.إن جذب القراء وسط هذا الركود الثقافي لن يتحقق دون فتح مكتبات عامة وإطلاق حملات حقيقية للكتاب والقراءة، واحترام القدرة الشرائية بتحديد أسعار الكتب.
إلى جانب مظاهر التقصير في عمل المسؤولين في الشأن الثقافي يتجلى أيضا عدم إنشاء وتطوير البنيات التحتية وعدم رفع المخصصات المالية للثقافة، خاصة منح دعم الكتاب ورعاية وتشجيع المواهب الصاعدة، إضافة إلى ندرة الأنشطة والمهرجانات التي تجذب المتلقي وتحقق انتشار الكتاب. ودعم الكتاب وحل أزمة النشر ضرورة ملحة للخروج من حالة الركود الثقافي وتحسين العلاقة بين الكتّاب والمسؤولين في الحقل الأدبي، ورفع إيقاع المشهد الثقافي. 3- هل هناك أزمة في قراءة الشعر، وإذا كان كذلك فما الدوافع التي أدت القارئ للعزوف عن الشعر؟ فعلا هناك أزمة في قراءة الشعر نظرا لغياب الاهتمام بثقافة الكتاب التي بدأت تندثر، رغم أن للكتاب قيمة أزلية. ويعود السبب كذلك إلى انتشار الأمية (بمعناها الثقافي) بين الأفراد وحتى المثقفين أصبحت لديهم اهتمامات أخرى دون القراءة، وإذا قمنا بإحصاءات نجد أن نسبة القراء أصبحت ضئيلة مقارنة مع السنوات الماضية وانتشار العولمة والتكنولوجيا من الأسباب الكبرى التي أدت إلى انشغال الأغلبية بما هو جاهز دون أخد كتاب وتصفحه وقراءته.. وكذا العوامل الاقتصادية والاجتماعية السياسية والأزمات النفسية حالت دون تشجيع الأفراد على القراءة. 4- تحوّلت الكتابة الشعرية في المرحلة القريبة إلى إحداث نص شعري نثري، ما مدى توغلك؟ قصيدةُ النثرِ قدمت إلى مشهدنا الشعريِ العربيِ لتشكل الآن في أغلب تجاربها أهميةً كبيرة، وحين بدأت ابتعد عن موطني أصبت بما يشبه الفقد الذي تحول إلى الكتابة، أكتب أحيانا لأن لدي ما أقول ببساطة. لم تعد قصيدة النثر العربية تحتاج إلى من يدافع عنها، فهي باتت منذ قرابة خمس وأربعين سنة على نشوئها قادرة تمام القدرة على هذا الدفاع . وأما تجربتي البسيطة في القصيدة النثرية، أحاول دائما مراعاة المعاني والرنة الموسيقية وإدخال الجديد مضمونا وشكلا. 5- حدثنا عن مؤلفاتك الأخرى، وكيف كان استقبالها؟ المؤلفات الأخرى ما زالت لم تنشر بعد، كتبت ديوان شعر بالأمازيغية في الجزائر منذ حوالي عامين لكنه لم ير النور وأضحى حبيس الأدراج ، لذا قررت أن يصدر هنا في المغرب قريبا إن شاء الله، وهناك عدة أعمال لم تر النور ودواوين بالأمازيغية والعربية والفرنسية ومحاولة في الإنجليزية والاسبانية، وبحوث وأعمال في القصة والشعر الشعبي المغربي .... ستنشر مستقبلا إذا توفرت الإمكانيات، إنني أبدل جهدي لأخرج شيئا للوجود، وأكمل المشوار الذي سطرته لحياتي مند نعومة أظافري، لأنه رغم هذه الأعمال والكثرة والزخم لم أستطع النشر، أحاول دائما إيصال الفكرة إلى القراء والمجتمع من خلال محاضرات ولقاءات وموائد مستديرة، أو في الحياة اليومية هذه هي رسالتنا والشيخ اليزيد حجر صغير لبناء هذا المجتمع الكبير. 6 -قرأت أنك تحضر قاموسا عربيا أمازيغيا، كيف كانت هذه التجربة، ومتى سيتم نشره؟ كانت فكرة وخرجت إلى الوجود، ولكنه عمل يتطلب جهد كبير ووقت أكثر وعمل جماعي، وحاليا أعمل على قاموس فرنسي أمازيغي جامع بين أمازيغية المغرب والجزائر وهو عمل استغرق أكثر من 10 سنوات، وهذه الأعمال تتطلب الوقت والمزيد من الدعم، ولكن هناك مساعدة من طرف بعض الأصدقاء حسب إمكانياتهم الزمنية، ولكن العمل إن شاء الله سيرى النور قريبا وسأعكف على القاموس العربي الامازيغي. وهذه التجربة كما قلت تتطلب جهدا كبيرا، والعودة إلى المجتمع إلى تلك المكاتب التي ترحل كل يوم أمر ضروري. إذن يجب انقاد التراث والثقافة الأمازيغية والاهتمام بثراتنا الثقافي ومعرفة كيفية الاعتناء به، والمحافظة عليه، والتركيز على أهمية الثرات الطبيعي التاريخي وهذا أمر ضروري . 7- أنت مقيم في مدينة مراكش المغربية، ما مدى التفاعل الثقافي الجزائري؟ التفاعل الثقافي الجزائري بالمغرب مهم، فنحن نحاول دائما حمل رسالة المثقف الجزائري وتمثيل البلاد أحسن تمثيل، وذلك في مشاركات عدة وكذا إيصال الرسالة التي نحملها على عاتقنا بأمانة، وكذا الموروث الثقافي الجزائري الحضاري له مكانته في المغرب، وهناك كذلك مشاركات من طرف بعض الإخوة مثلا في المسرح والقصة ولكن تبقى قليلة ولابد من تفعيل الحراك الثقافي بين الجزائر والمغرب وعمل شراكة ثقافية لأنها تفيد في ربط الأواصر أكثر. 8- هل كانت لك تجربة في الترجمة؟ كانت لي محاولة ترجمة لقصص لافونتين الى الأمازيغية، وذلك العمل مازال لم ير النور بعد، وأرى أن الترجمة ليست سهلة، فهي تتطلب مجهودا كبيرا أو إن شاء الله في المستقبل سأحول أن أتطلع إلى هذا المجال. 9- أنت باحث في الشأن الأمازيغي والتراث، وفاعل جمعوي وحقوقي، حدثنا عن هذا المجال الأكثر تعمقا في حياتك؟ أجد نفسي مستمتعا عندما أجوب أزقة قريتي وأسال الناس الكبار عن الكلمات ومعاني الأشياء والحقول وأسماء النباتات والاستعمال والحرث .... فليس بإمكاني كذلك تصور نفسي خارج العمل الجمعوي والأعمال الاجتماعية. لقد شاركت في عدة لقاءات وموائد مستديرة في شتى المجالات مع جمعيات وطنية ودولية هنا في المغرب أو في الجزائر. والفعل الجمعوي ككل يؤسس إلى لملمة الأفكار الجانبية وطرحها في سبيل واحد يؤتي فاعلية أكبر. 10- ماذا عن الجمعية المغاربية للمواطنة والتنمية التي أسستها مؤخرا بمدينة مراكش بمعية مجموعة من المناضلين من الجزائر والمغرب؟ الجمعية المغاربية فكرة ليس وليدة اليوم وإنما كانت مخاض عدة أشهر، وتبقى فكرة فتية لابد من بلورتها وإيصالها إلى الذهن وشرحها والالتحام حولها، لأنها ذات بعد مستقبلي وحاملة مشاريع كبيرة، ولكن للأسف هناك عراقيل نحاول تجاوزها وإن شاء الله سنتجاوزها، ونصل إلى المبتغى الذي هو المغرب الكبير والمسؤولية هي على عاتق المجتمع المدني من أجل إنجاح هذه الفكرة. 11- كلمة لقراء جريدة الجلفة انفو الإلكترونية؟ أنا سعيد أن أتواجد بين إخوتي وأشكر مدير الجريدة وأشكرك أخي حميدة والكلمة التي أود أن أقولها هي أن الأمل باق والمستقبل جميل ولكن لابد من القراءة والعمل الثقافي والأدبي الجاد. أشكر الجريدة التي اهتمت بمحاورتي ومحاولاتي. يسرني كذلك أن أتقدم بخالص الشكر ووافر الامتنان على ما وجدت وما أوتيت وما كان لي من نصح وتوجيه وإرشاد لمن يستحق الشكر. نحن نحتاج من يفرض شكره وتقديره هنا، فبلا شك الكل يستحق الشكر والتقدير وأنتم بالأخص فهذه معاني لا يعيها ولا يفهمها إلا الرائعون أمثالكم في تقديم التعزيز المعنوي للذين نريد أن نراهم في الأعوام القادمه شعلة يتزايد ضياؤها شكرا من القلب
نشاطات إبداعية في قرية الشاعر اليزيد "إغيل أومسيد"... تكريم الإبداع هو احترام الإنسان