يُشكل القطاع الزراعي أهم مرتكزات ودعائم الاقتصاد الوطني وأحد أهم القطاعات الانتاجية الرئيسية المكونة للناتج المحلي، ويكتسي هذا القطاع أهمية كبيرة كونه مصدر دخل كبير من إجمالي القوى العاملة، فضلا عن أن نسبة من السكان يعتمدون في معيشتهم على هذا القطاع، إلى جانب مساهمته في توفير جزء كبير من غذاء السكان، وتشكل الصادرات الزراعية جزءاً كبيراً من الصادرات غير النفطية... وقد حظي هذا القطاع باهتمام واسع من قبل الدولة لتطويره وتنميته وتعزيز دوره في توفير الأمن الغذائي، وهو ما تترجمه تلك الإنجازات المتمثلة بتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية بمشروعاتها الزراعية مكنت السياسة الفلاحية المنتهجة من طرف الدولة في السنوات الأخيرة من إدخال حركية كبرى على قطاع الفلاحة بولاية الجلفة، حيث شهد القطاع تطوراً ملحوظا رصدت لفائدته الدولة حوافز و تشجيعات كان لها الأثر الإيجابي على نسق نموّ الإنتاج في مختلف النشاطات الفلاحية و لو بنسب متفاوتة من خلال البرامج المختلفة المطبقة، سيما من خلال توفر صناديق خاصة لدعم التنمية الفلاحية و الإنتاج الزراعي، و هذا من أجل تحسين معيشة الفلاحين و الإرتقاء بعالم الريف بصفة عامة... و تؤكد الارقام المحصل عليها أنّ ولاية الجلفة يغلب عليها الطابع الرعوي الريفي حيث تتشكل من 36 بلدية منها 27 بلدية ريفية، و يقدر عدد سكان الريف ب 960 227 نسمة من المجموع الإجمالي للسكان، فيما تقدر المساحة الإجمالية المخصصة للفلاحة ب 288 403 هكتار مابين الصالحة للزراعة و الزراعة المسقية، و تقدر نسبة اليد العاملة في الفلاحة ب 5.96 % ، و يتكون جهاز الإنتاج الفلاحي من مزرعة نموذجية واحدة ببلدية تعظميت ناهيك عن المستثمرات الفلاحية الفردية و ذوي الملكية الخاصة. برامج كانت بمثابة الحياة لسكان الريف.. توجت جهود الدولة للنهوض بعالم الريف و قطاع الفلاحة في ولاية الجلفة من خلال تطبيق المخطط الوطني للتنمية الفلاحية سنتي 2000 و 2002 ...و بإدراج شق التنمية الريفية أصبح يسمى بالمخطط الوطني للتنمية الفلاحية الريفية، و الذي يهتم بمختلف الشرائح القاطنة في الريف، و قد مرّت التنمية الريفية على مراحل منها المرحلة الأولى المتمثلة في القرارين الوزاريين رقم 305 و 306، و المرحلة الحالية المسماة بالتجديد الريفي الممتدة من سنة 2007 و إلى غاية العام الجاري 2013 و التي تهدف سياستها إلى توفير إطار لكيفية إنعاش تدريجي للمناطق الريفية من خلال تثمين النشاطات الاقتصادية و الموارد الطبيعية و البشرية في إطار النهوض بقطاع الفلاحة إذ خصصت الدولة خلالها مبالغ فاقت قيمة الإعتمادات المالية المخصصة في هذا المجال. و اندرجت هذه البرامج ضمن الصندوق الوطني للضبط و التنمية، و الصندوق الوطني لتنمية الإستثمار الفلاحي، الصندوق الوطني لضبط الإنتاج الفلاحي، صندوق مكافحة التصحر و صندوق التنمية و المحافظة السامية لتطوير السهوب، ويشمل برنامج التنمية الريفية الجوارية عديد العمليات الجماعية و الفردية كفتح و تهيئة المسالك، تصحيح مجاري المياه، حفر الآبار، بناء أحواض مائية تجهيزها و تهيئة السواقي، فضلا عن الغرس الرعوي و تسوية و تحسين العقار من أجل تحسين الظروف المعيشية و إستقرار السكان... و علاوة على ذلك مكّن هذا البرنامج بالتنسيق مع جميع القطاعات الأخرى من إنشاء عديد المرافق الصحية و التربوية و الخدماتية، إضافة إلى ربط المنازل بالكهرباء الريفية، و سمح البرنامج أيضا بإنشاء مشاريع إستثمارية بدعم من صناديق مختلفة تتعلق أساسا بتربية المواشي و الدواجن و النحل إضافة إلى إقتناء آلات خاصة بالصناعة التقليدية وفقا لخصوصيات كل منطقة، كما أنّ العمليات المسجلة في إطار برنامج التنمية الريفية الجوارية كانت مصحوبة بتمكين السكان من الاستفادة بالسكن الريفي و ربطهم بشبكة الإنارة الريفية، ناهيك عن الكثير من الذين استفادوا من مختلف أشكال الدعم و المرافقة لعمليات تكثيف الإنتاج و تحديث المستثمرات و المحافظة على الموارد الطبيعية خاصة في ميدان السقي و حماية و تثمين التراث الريفي المادي و غير المادي و كذا المنتجات الزراعية. قفزة نوعية في إنتاج الزيتون عرف إنتاج الزيتون بولاية الجلفة لهذا الموسم ارتفاعا في المردود بزيادة تفوق ال 50 % بالمقارنة مع إنتاج الموسم السابق، و في هذا الصدد أوضحت مصادر من مصالح الفلاحة بالولاية أنه بفضل التوسع الحاصل في غرس أشجار الزيتون التي فاقت مساحتها حاليا 8600 هكتار بعدما كانت في سنوات مضت لا تتجاوز 2000 هكتار، و جني أكثر من 100 ألف قنطار من الزيتون في المساحة التي دخلت حيز الإنتاج والتي فاقت 4700 هكتار من إجمالي المساحة المغروسة بعدد من المناطق الفلاحية بتراب الولاية على غرار تلك المتواجدة بدائرة عين الإبل وحاسي بحبح والبيرين ( منطقة سرسو)، و استفادت شعبة غرس أشجار الزيتون من أربع معاصر عصرية تابعة للخواص في منطقتي حاسي بحبح و بنهار تساهم بدورها في التكفل بالمنتوج المحلي للزيتون، و يعتبر الزيت الذي يتم انتاجه من الجلفة من أحسن الزيوت في الوطن الذي بلغ هذه السنة 1800 لتر، و يُنتظر أن يعرف إنتاج الزيتون في السنوات المقبلة ارتفاعا معتبراً بالنظر للبرنامج المطبق في مجال التنمية الريفية و الدعم الفلاحي من أجل تطوير هذه الزراعة و تحسين إنتاجها بالولاية. منتوج البطاطا.. نوعية جيدة تزاحم المراتب الأولى قطعت ولاية الجلفة أشواطا هامة في زراعة البطاطا و تعدّ من الولايات التي تهتم بزراعتها بنوعيها الموسمية و المتأخرة ، حيث يتمّ زرع 1100 هكتار موسمية و 650 هكتار متأخرة سنويا في كلّ من بلدية الجلفة و تعظميت و المجبارة، و قد وصل الإنتاج بداية هذا الموسم إلى ما يقارب 275 ألف قنطار و مرشح إلى الزيادة بفضل التقنيات الحديثة من وسائل السقي بما فيها الرش و التقطير و اختيار البذور، و استعمال الأسمدة و الأدوية كعلاج وقائي ضد مرض "الميليدو" الذي يصيب البطاطا مثلا، وتعتبر الجلفة من الولايات الرائدة في رفع شرط الفاسخ حيث استفادت 1233 مزرعة في ولاية الجلفة، ضمن 4484 مزرعة معنية. مما يسمح لها مستقبلا الالتحاق بمصاف الولايات الرائدة وطنيا في زراعة هذا المنتوج. مردودية في الحبوب و المركز الأول وطنيا في إنتاج اللحوم الحمراء عرف إنتاج الحبوب بولاية الجلفة تحسنا ملحوظا، بنسبة بلغت بداية هذا الموسم 355 ألف قنطار كانت النسبة الأكبر للشعير ب232 ألف قنطار، ثمّ يأتي القمح الصلب ب 99 ألف قنطار فالقمح اللين و الخرطال، حيث تسخر المصالح الفلاحية سنويا لإنجاح عملية الحصاد ما يزيد عن 128 حاصدة. الثروة الحيوانية بدورها عرفت تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة حيث وصل إنتاج اللحوم الحمراء في بداية هذه السنة إلى 288 ألف قنطار، جاءت لحوم الغنم في المرتبة الأولى بإنتاج قدر ب 241 ألف قنطار تليها الماعز و البقر، لتتربع بذلك على المركز الأول وطنيا من ناحية الجودة و حجم الإنتاج، فيما اللحوم البيضاء تعرف هي أيضا تحسنا ملحوظا بإنتاج قدر ب 15 ألف قنطار لهذه السنة، و انتاجها مازال في تحسن بمرافقة المصالح الفلاحية. تحسن مستمر في إنتاج العسل.. تعرف ولاية الجلفة تقدما معتبراً خلال السنوات الأخيرة في مجال تربية النحل بالرغم من حداثته، و ذلك راجع إلى إهتمام الفلاحين بإنتاجه و خاصة الشباب، و نظرا لأهميته حظي باهتمام الدولة في إطار المخطط الوطني للتنمية الفلاحية، إذ يقدر دعم الدوله له ب 80% من أجل تلقين الطرق العلمية الحديثة لتربيته، كما تتمتع الجلفة بتنوع بيولوجي يساعد كثيرا على تربية النحل، بوجود الغابات و أشجار الفواكه، و شجرة " السدرة" في عدد من المناطق. إهتمام واسع بمجال التشجير.. أولت خطط التنمية الزراعية لقطاع الغابات في السنوات الأخيرة أهميه كبيرة بتنفيذ مشروع الغابات مما سمح لولاية الجلفة بإحداث نقلة نوعية في مجال التشجير و حماية الغابات، و قد سجلت الولاية بداية هذا الموسم غرس 1475 هكتار من الأشجار الغابية من بينها 645 هكتار خارج الغابة، و 650 هكتار داخلها، و 180 هكتار من أجل تثبيت الكثبان الرملية، و الأشجار المثمرة ممثلة في الزيتون غرس 275 هكتار من أصل 600 هكتار التي تدخل في إطار برنامج التنمية الريفية، و485 هكتار فيما يتعلق بالتشجير الحراجي، كما قامت مصالح محافظة الغابات بالجلفة بتهيئة 190 كلم من المسالك الغابية، و ساهمت في تصحيح مجاري المياه بمعالجة 5013 متر مكعب، ناهيك عن صيانة التشجير في ما يقارب 1080 هكتار، و تنقية 485 هكتار من الغابات في إطار البرنامج القطاعي، و 200 هكتار في إطار برنامج تكثيف اليد العاملة بالتعاون مع مديرية التشغيل، و عملية إعادة التشجير وتعريف و توعية المواطنين بأهميتها في وقف الزحف الصحراوي وتثبيت التربة واستخدامها كمصدات للرياح حول المزارع، و غيرها من الأشغال التي ساهمت في تحسين أوضاع سكان الريف، كما تتطلع مصالح الغابات بالجلفة إلى غاية العام القادم 2014 إلى تشجير 935 هكتار و صيانة 440 هكتار، و فك العزلة من خلال فتح 67 من المسالك، و تصحيح 16900 متر مكعب مجرى مياه، و بناء 4 آبار و حوضين، هذه العمليات و أخرى من شأنها المساهمة في خلق العديد من مناصب شغل. قرضا "الرفيق" و "التحدي" سند مالي للفلاحين إنّ قرار وزارة الفلاحة اعتماد صيغة " قرضي "الرفيق" و " التحدي" بمثابة شكل من التمويل لفائدة مربي المواشي و الفلاحين في إطار ما أصبح يعرف ب "برنامج مرافقة نشاط المستثمرين الفلاحين" و إعادة الإعتبار للمزارعين الحقيقيين، و أوكلت الوزارة عملية منح قرض التحدي - للقرض المصغر- الذي حددت مدته بسنة واحدة قابلة للتجديد بشروط، إلى كلّ من بنك الفلاحة و التنمية الريفية و البنك الوطني الجزائري على أن تتكفل الوصاية بتحمل دفع الفوائد البنكية، و يتوجه " قرض الرفيق" إلى الفلاحين و مربي المواشي و الأغنام " الموالين" بصفة فردية أو كانوا منخرطين في تعاونيات أو تجمعات و وحدات الخدمات الفلاحية أو ممارسين لأنشطة تخزين المنتجات الفلاحية ذات الاستهلاك، أما بالنسبة ل "قرض التحدي" فهو يمنح من طرف بنك الفلاحة و التنمية الريفية في إطار إنشاء مستثمرات للفلاحة و تربية الحيوانات على الأراضي الفلاحية غير المستغلة التابعة للأملاك الخاصة أو الأملاك الخاصة للدولة و الذي حددت مدته ب 07 سنوات لا تتجاوز قيمته مليون دينار لكل هكتار، و ايضا تتكفل الوصاية بتحمل دفع الفوائد البنكية، بالإضافة إلى "القرض الفدرالي" ...و كلها أشكال من الإعانة و المساعدة للفلاحين لم تعطي ثمارها بعد في الجلفة بالشكل المطلوب و هذا راجع لعدّة أسباب لعلّ من أهمها نقص الجانب التحسيسي الجواري، لكن بهمّة المصالح المعنية ستعوّل الولاية مستقبلا على الفائدة التي تتيحها هذه الأخيرة من أجل تطوير الفلاحة . و بهذا يمكن القول أن قطاع الفلاحة في ولاية الجلفة حقّق إنجازات بارزة حيث أصبحت وفرة الإنتاج من أهمّ المشاغل، وهو مؤشر على أن القطاع دخل مرحلة جديدة من النموّ تعتبر مكسبا يتعيّن المحافظة عليه أولا، و تدعيمه ثانيا . * مصدر الإحصائيات: مصلحتي الإحصائيات بمديرية الفلاحة و محافظة الغابات بالجلفة