مصنع الإسمنت بعين الإبل بالعودة الى التقارير السنوية المفصلة التي تصدر عن شركة "أسيك سيمنت" المصرية، فإننا نجد في تقرير سنة 2011، الإشارة الى صعوبات مالية تحدّث عنها السيّد "جورجيوبودو"، المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة "أسيك سيمنت". حيث يتعلّق الأمر، حسب ذات المسؤول، بصعوبات مالية واجهت عملية تمويل مشروع مصنع الإسمنت بعين الإبل وهذا بعد رفض البنوك تمويل المشروع. وأشار ذات المتحدث الى أن البنوك الجزائرية قد "تخلّت عن التزاماتها" التي تعهّدت بها. وقد أكّد السيد "جورجيو" أنه قد تم طرح هذا المشكل على السلطات المحلية التي تعهدت بحلّ المشكل قائلا "لقد تلقّينا موافقة مكتوبة (في مارس 2011) من السلطات الجزائرية بدخول الحكومة الجزائرية كشريك في رأس مال مصنع الإسمنت بالجلفة بنسبة 49% لصالح الحكومة الجزائرية، وهذا كان اجراء استثنائيا فقط لصالح "أسيك سيمنت" وننتظر أن يتم الإمضاء على الموافقة النهائية خلال الأشهر القليلة القادمة. وبمجرّد امضاء الاتفاقية، سوف نشرع بسرعة في انجاز خطّي الإنتاج بمصنع الجلفة مثلما هو مخطط له مسبقا". وبعد حصول الشركة على الموافقة الكتابية بدخول الحكومة الجزائرية ممثلة في شركة مساهمات الدولة (المجمّع الصناعي لإسمنت الجزائر)، نشرت شركة "اسيك سيمنت" تقاريرها التي تفيد بأن نسبة الأشغال بمصنع الجلفة الجارية سنة 2011 تجعل من استلامه متوقّعا في غضون سنة 2015 وبطاقة انتاجية تقدّر ب 3.4 مليون طن سنويا. وب 470 منصب عمل مباشر و700 منصب عمل غير مباشر وبتكلفة استثمار تقدّر ب 579 مليون دولار. وهذا بعد انطلاق بناء المصنع سنة 2009 ولكن نظرا لنقص التمويل وطول الإجراءات البيروقراطية تعطّل المشروع طيلة سنوات 2009، 2010 و2011. غير أن وعود الحكومة الجزائرية قد ذهبت أدراج الرياح ... اذ أعلن المجمّع الصناعي لإسمنت الجزائر في جانفي 2013 عن تخليه عن الشراكة في أكبر مصنع جزائري للإسمنت !!! مجمّع "جيكا" و"البنك الخارجي الجزائري" متردّدان في الشراكة في مصنع "عين الإبل" أما بالنسبة لتقرير سنة 2012، فقد أشار الى أنه بعد تراجع شركة مساهمات الدولة "المجمّع الصناعي لإسمنت الجزائر-GICA" عن الشراكة بنسبة 49%، لجأت "أسيك سيمنت" من جديد إلى مفاوضات مع الحكومة الجزائرية من أجل الموافقة على منح قروض بنكية جزائرية. ونتيجة لذلك، أكّد التقرير المذكور أنه يُتوقع الانطلاق في أشغال انجاز المصنع في صائفة 2013 وهذا من أجل بناء مصنع عين الإبل للإسمنت والذي ينتظر منه أن يقضي على استيراد الإسمنت من الخارج بطاقته الإنتاجية المقدّرة ب 3.4 مليون طن سنويا. غير أن نفس التقرير قد أشار من جديد الى تعطل مساعي التمويل بسبب بيروقراطية أخّرت اتفاقيات التمويل المشترك والشراكة سنة 2012. ليأتي اعلان "المجمّع الصناعي لإسمنت الجزائر-GICA" عن تخلّيه عن الشراكة مع "أسيك سيمنت" وهذا في جانفي 2013. وأشار التقرير الى أن مجمّع "أسيك سيمنت" كان قد تقدّم الى الحكومة الجزائرية بالتماس من أجل تمديد رخصة بناء المصنع بالجلفة. حيث استجابت السلطات الجزائرية الى طلب الشركة المصرية بالتمديد الى غاية جانفي 2014 مع امكانية التجديد السنوي ثلاث مرّات فقط، أي ثلاث سنوات الى غاية 2017. وبالتوازي مع ذلك، أكد ذات التقرير، أن شركة "اسيك سيمنت" شرعت في تحيين "المخطط المالي للمشروع" من أجل ضمان الحصول على قرض من "البنك الخارجي الجزائري". وهكذا يبقى دون تبرير تردد كل من مجمع جيكا الجزائري والبنوك (لا سيما البنك الخارجي)، في الدخول في رأسمال مصنع الإسمنت بعين الإبل، بالنظر الى أهمية المشروع وتوفره على كل مقوّمات الاستثمار الناجح، وهو ما تؤيّده دراسة السوق الجزائري وحاجياته من الإسمنت وكذا أرقام استيراد الإسمنت سنة 2013 الصادرة عن المركز الوطني للإعلام والإحصائيات التابع للجمارك الجزائرية ... وهو موضوع الجزء الثالث من هذا التحقيق بحول الله تعالى.