مصنع الإسمنت بعين الإبل من العار أن يتحدّث وزير الصناعة "عمارة بن يونس" عن وجود عراقيل في مشروع مصنع الإسمنت بعين الإبل وهو المُنصّب أصلا كوزير من أجل ازالة هذه العراقيل وتذليل الصعوبات ... فهل يُعقل أن يتحدّث موظف دولة بحجم وزير عن عائق اسمه "رخصة البناء"؟ وهل يعقل أن البنوك لا تَقنع بأي ضمان تقدمه شركة تخضع للقانون الجزائري اسمها " شركة أسيك سيمنت الجزائر-AACC"؟ الأحداث بدأت تتسارع بخصوص مصنع الإسمنت وبدأت خيوط السيناريو تتكشّف خلال شهر جانفي 2014 حول مصير أكبر مصنع للإسمنت في الجزائر توقّفت أشغال بنائه بعد أن لم تتجاوز نسبة انجازه 50% ، مثلما وقفت عليه "الجلفة إنفو" في آخر زيارة ميدانية الى المصنع أين وجدنا اكتمال الأشغال القاعدية بخصوص خط الإنتاج الأول فقط. فالمتتبّع الحصيف يلاحظ قرب انتهاء صلاحية رخصة بناء مصنع عين الإبل بالجلفة في جانفي 2014، واطلاق مناقصة دولية لتقييم مصنع زهانة بمعسكر الذي تعتبر "اسيك سيمنت" شريكا فيه. وبالتوازي مع ذلك اهتماما خاصا بمجمع "لافارج" الفرنسي للإسمنت وهذا حين قام الوزيران الأولان الفرنسي والجزائري بزيارة الى مصنع الإسمنت "عكاز" بمعسكر في ديسمبر 2013 وهو ما يعطي انطباعا بأن هناك اهتماما سياسيا على أعلى مستوى بالاستثمارات الفرنسية في صناعة الإسمنت. الغموض والإشاعات يحيطان بمصنعي الإسمنت بالجلفة ومعسكر؟ أطلقت شركة مساهمات الدولة "المجمع الصناعي لإسمنت الجزائر- جيكا"، عبر فرعها شركة اسمنت زهانة بمعسكر، مناقصة وطنية ودولية بتاريخ 20/01/2014 من أجل "اختيار مكتب دراسات من أجل الفحص التقني لمصنع الإسمنت" الموجود بمعسكر، وهو المصنع الذي حازت شركة "أسيك سيمنت" المصرية على نسبة 35% من رأسماله مع حق التسيير نهاية سنة 2007 مع نسبة 100% من مصنع عين الإبل. على أن يتم اختيار هذا المكتب بعد تلقي العروض قبل منتصف فيفري 2014 ومن ثم الشروع في عملية الفحص التقني. وصرّحت مصادر مصرفية ل "الجلفة إنفو" أن عملية الفحص تتم بالتوازي مع عدم تقديم القرض المالي المتّفق على شروطه بين كل من "البنك الخارجي الجزائري" وشركة "اسيك سيمنت". حيث أكّدت ذات المصادر أن هناك توجّها نحو منح مصنع عين الإبل الى المجمع الفرنسي "لافارج" الذي يحوز مصنعين للإسمنت بالجزائر بكل من حمام الضلعة بالمسيلة ومصنع "عقّاز" للإسمنت بمعسكر. وهو ما يحيل الى أن ما يتمّ طبخه هذه الأيام حول مصنع زهانة بمعسكر، تشترك فيه "أسيك سيمنت" مع المجمع العمومي الجزائري للإسمنت، مرتبط تماما بالسيناريو الذي يتم حبكه لمصنع الإسمنت بالجلفة. وبالنسبة للوضع التقني لمصنع الإسمنت بالجلفة، فان شركة "اسيك سيمنت" تحدّثت في تقارير مجالس ادارتها عن استجابة السلطات الجزائرية الى طلبها بتمديد رخصة البناء الى غاية جانفي 2014 مع امكانية التجديد السنوي ثلاث مرّات فقط، أي ثلاث سنوات الى غاية 2017. وهو ما يطرح تساؤلات حول امكانية تجديد الرخصة من عدمها من طرف السلطات الجزائرية !!! شركة مساهمات الدولة "جيكا" تتخلّى عن مصنع "عين الإبل" مرّتين !! كان يجب على شركة "أسيك سيمنت" أن تلاحظ منذ البداية شيئا غريبا ... فبين تاريخ امضاء لائحة مجلس مساهمات الدولة في 04/03/2007 وتاريخ الشروع في البناء ديسمبر 2008 مدّة تقارب 21 شهرا وهي مدّة طويلة رغم أنها من متطلّبات انجاز الدراسة من مركز الدراسات الخاص "CETIM" ببومرداس من أجل تقييم الأثر البيئي، والتعاقد مع كل من شركة مهدا للمقاولات العامة والصناعية ''MHDA"، شركة ايساكو للهندسة الصناعية والمقاولات "ESACO"، وكذا السلطات المحلية الجزائرية من أجل باقي الإجراءات. الإعلان عن بداية التنازل عن بعض مصانع الإسمنت كان سنة 2006 من طرف شركة مساهمات الدولة "المجمع الصناعي لإسمنت الجزائر- جيكا"، وفي تلك الفترة بدأت العروض تتهاطل على المجمّع من طرف الخواص والأجانب حيث نقلت آنذاك الجريدة الإلكترونية "الجلفة إنفو" (ماي 2006) تقاريرا صحفية تشير الى اهتمام الإيرانيين بمصنع عين الإبل وزيارتهم له في ماي 2006 لتكون النهاية في صالح الشركة المصرية "أسيك سيمنت". وفي نهاية 2007، أعلنت "شركة تسيير مساهمات الدولة - المجمّع الصناعي لإسمنت الجزائر-SGP-GICA" عن نتائج عمليات فتح رأس المال والخوصصة ل 13 مصنعا وشركة تابعة لها، بعد موافقة مجلس مساهمات الدولة. حيث تم خوصصة مشروع مصنع الإسمنت بعين الإبل (التابع لمؤسسة ERCC) والتنازل عنها لصالح شركة أسيك المصرية. هذه الأخيرة استفادت أيضا خلال نفس الجلسة من نسبة 35% من رأس مال شركة الإسمنت ببلدية زهانة مع عقد للتسيير، وشرعت في العمليات به في جانفي 2008 حيث يشغّل مصنع زهانة بوهران 789 عاملا الى غاية تاريخ 31/12/2011. غير أن المتاعب المالية للشركة المصرية بدأت مع منتصف سنة 2010، ليبدأ معها سلسلة من المراسلات والتعطلات دخلت بموجبها الحكومة الجزائرية كشريك عن طريق مجمّع "جيكا" بنسبة 49% في مصنع الإسمنت بعين الإبل، ليتراجع المجمع الجزائري "جيكا" مرّة أخرى بحجة وجود خطط استثمارية أخرى قيد التنفيذ وعدم قدرته على الشراكة بمصنع عين الإبل. وهكذا تدخل شركة اسمنت الجلفة مرحلة أخرى وهي مرحلة البحث عن مؤسسة مصرفية تتولى تقديم قرض مالي، وهو الوضع القائم حاليا. أينما يحلّ سلال يدشّن مصنعا للإسمنت ... ما مصير مصنع الإسمنت ب "عين الإبل"؟ ما يطرح التعجّب والتساؤل حول جدوى زيارة الوزير الأول هو اسقاط مصنع الإسمنت بعين الإبل من أجندة الزيارة وعدم السعي الى حلحلة الموضوع، حيث يجدر بالذّكر أن سلال قد أعلن شهر نوفمبر الفارط عن انجاز مصنع للإسمنت بالشراكة بين القطاعين الخاص والعام بغليزان العام المقبل، ونفس الأمر بولاية بسكرة خلال زيارته الأخيرة لها. وفي مارس 2013، قام الوزير الأوّل أيضا بالإعلان عن انشاء المؤسسة العمومية "الساورة للإسمنت" لإنجاز مصنع اسمنت بطاقة انتاجية تقدّر ب 1.5 مليون طن/ سنويا بمنطقة "بن زيرق" بولاية بشّار. كما أن الوزير الأول، وقبل يومين من زيارته الى الجلفة، كان قد حرص على ارضاء الوزير الأول الفرنسي من خلال مرافقته الى المصنع الفرنسي للإسمنت (تابع لمجمّع لافارج) الموجود ببلدية "عقّاز" بولاية معسكر، أين وقف الوفد "الفرانكو - جزائري" على هذه المنشأة.