جاءت "الحمى القلاعية" الأخيرة لتفضح المستور ولتكشف لنا مرة أخرى أن جميع وزراء الفلاحة يتغنّون بالجلفة عند الحديث عن تربية الأغنام ... ولكن تصريحاتهم كلها لم يرافقها تجسيد لأدنى ما يجب أن تتوفر عليه الولاية الأولى وطنيا من حيث عدد رؤوس الأغنام. فالتقارير الصحفية بدأت تشير الى انتشار الحمى القلاعية بولاية الجلفة وبدأت تنقل استياء مربّي المواشي من النقص الفادح للقاح. فبمجرد أن تم الإعلان عن ظهور أولى بؤرات الحمى القلاعية في سطيف، سارعت وزارة الفلاحة الى منع تنقل رؤوس المواشي وغلق أسواق المواشي وكذا التحذير من انتقال "الحمى القلاعية" الى الأغنام أو نقلها بواسطة "أصواف" الأغنام حسب تصريح وزير الفلاحة في زيارته لعين الدفلى ثم ولاية ميلة يوم الخميس 21 أوت 2014 ... ولكن ماذا لو نتوقف لحظة ونسجل الملاحظات التالية: - ولاية الجلفة هي أكبر منطقة عبور للحركة التجارية لرؤوس المواشي (08 طرقات وطنية، 12 طريق ولائي) - ولاية الجلفة هي أكبر ولاية مُنتجة للحوم الحمراء - الجلفة تحدها 09 ولايات معروفة كلها بتربية المواشي - ولاية الجلفة هي الأكبر مساحة في المنطقة السهبية المعروفة بتربية المواشي - الجلفة فيها أكبر الأسواق الوطنية والجهوية والمحلية لبيع المواشي. وهذه الأسواق يأتيها الموالون وتُجار الأغنام من ولايات تبسة وخنشلة وأم البواقي وسطيف والنعامة وتلمسانوتيارتوالأغواط وغرداية والمدية وتيسمسيلت والمسيلة ومن أغلب ولايات الوطن لا سيما تلك التي تقع في دائرة 300 كلم من ولاية الجلفة والبالغ عددها أكثر من 25 ولاية. - الجلفة فيها أكبر عدد من رؤوس المواشي وطنيا ويتجاوز 03.11 مليون رأس غنم - الجلفة فيها أكبر مذبح جهوي تابع للمجمّع العمومي "برودا" * الجلفة فيها المزرعة النموذجية الجهوية بتعظميت وهي تابعة لشركة إنتاج وتسويق اللحوم الحمراء "لاتراكو" التابعة إلى مجمّع "فريڤو ميد"، فرع شركة تسيير مساهمات الدولة للإنتاج الحيواني "برودا". وزير الفلاحة زار عدة ولايات وتنقّل شرقا وغربا منذ ظهور الحمى القلاعية. حيث زار ولايات البليدة والمدية وميلة وسطيف ولم يحُلّ الى غاية اليوم بولاية الجلفة التي يُفترض أن تشكل هي المنطلق في عمل خلية الأزمة لمحاربة الحمى القلاعية. خصوصا وأن الوزير قد صرح من ولاية عين الدفلى بأن "أصواف الأغنام تشكل الوسط الأمثل لنقل عدوى الحمى القلاعية" ... فلماذا لا يزور الوزير الولاية التي يوجد فيها أكبر عدد من رؤوس الأغنام عبر الوطن؟ ملاحظة أخرى كشفتها أزمة الحمى القلاعية وهي أن ولاية الجلفة لا تملك مخبرا جهويا للتحليل البيطري ... هل هذا معقول !!! ... يوجد 07 مخابر جهوية: تلمسان، مستغانم، تيارت، الأغواط، تيزي وزو، قسنطينة، عنابة. وهي كلها تابعة للمعهد الوطني للطب البيطري. والملاحظ أن حالات الحمى القلاعية التي تم اكتشافها بولاية الجلفة تم التأكد منها مخبريا بولاية الأغواط أو ولاية البليدة في حين أن حصة ولاية الجلفة من اللقاحات تأتينا من ولاية الأغواط ... حيث تمرّ بها الكمية المرسلة من العاصمة الى الأغواط ليتم توزيعها من جديد من المخبر الجهوي بالأغواط !! وهنا يمكن على سبيل المثال التذكير بما نشرته تقارير صحفية من تذمر واستياء واسع لدى موالي حاسي بحبح حول نقص لقاحات الحمى القلاعية. ملاحظة أخرى يجب التنبيه لها وتتعلق بتصريح لوزير التعليم العالي والبحث العلمي بمناسبة عيد الطالب يوم 19 ماي 2014. حيث صرّح وزير التعليم العالي يومها بأن سياسة الوزارة سوف تتجه نحو توسيع شبكة المدارس العليا ... فلماذا لا تقدّم ولاية الجلفة ملفا من أجل احتضان مدرسة عليا للبيطرة خصوصا وأن كل الظروف والإمكانيات تشفع لها في احتضان هذا المشروع لا سيما وأن التوجه العام للدولة قد تحوّل بقطاع الفلاحة من طابعه الاجتماعي المعاشي إلى الفلاحة ذات الطابع الاقتصادي المنتج ... ولهذا وجب أن نقول لوزير الفلاحة أن ولاية الجلفة هي الأولى وطنيا من حيث عدد رؤوس الأغنام والأولى وطنيا في انتاج اللحوم الحمراء وبها أكبر مذبح جهوي وبها أكبر مزرعة نموذجية لتربية الأغنام بتعظميت وبها أكبر مساحات رعوية ... أفلا تستحق مدرسة وطنية عليا للبيطرة؟ ما يجب أن يعرفه وزير الفلاحة أن برنامج رئيس الجمهورية لتحقيق الأمن الغذائي خلال الخماسي 2014-2019 يتأثر في جزء كبير منه بما هو الحال عليه بالنسبة لقطاع الفلاحة بولاية الجلفة ... ولهذا وجب على السلطات أن تتحرك في اتجاه تثمين ماهو موجود بالجلفة ... خريطة تبيّن الهياكل، الأسواق الأسبوعية و توزيع رؤوس الماشية بأنواعها عبر بلديات الجلفة