البار المبخوت رفقة فوج من المجاهدين سنة 1962 مساهمة منها في احياء تاريخ الثورة التحريرية بالولاية السادسة، ارتأت "الجلفة انفو" مواصلة التأريخ للمنطقة من أفواه صانعي الحدث وذلك من اجل المحافظة على تاريخ امتنا بالكتابة الموضوعية التي نحاول من خلالها استكمال سلسلة الربط بين جيل نوفمبر وجيل الاستقلال، أين نعرض اليوم البدايات الأولى لتأسيس التنظيم العسكري بالمنطقة الصحراوية من خلال استعراض شهادة المجاهد "المبخوت البار" والمجاهد "الشريف شنوفي". دور "الحسين بن عبد الباقي" و"لخضر الرويني" في انطلاق الثورة بالمناطق الصحراوية ان البداية الحقيقية للثورة بالمنطقة الصحراوية كانت مع انطلاق الطلائع الأولى التي جاءت من الأوراس الى ناحية "جبل امساعد" جنوببوسعادة و جبل بوكحيل الشرقي ناحية أولاد جلال، والفوج الاول الذي وصل إلى بوسعادة كان تحت قيادة شخصية معروفة وهو "الحسين بن عبد الباقي" اما الفوج الثاني فكان تحت قيادة "عمر ادريس" الذي التحق بجبل بوكحيل الشرقي ناحية اولاد جلال، ومن بين الشخصيات الاولى التي التحقت بجبل بوكحيل الشرقي "سي لخضر الرويني" والذي جاء الى اولاد جلال لوحده ليتلحق به فوج "عمر ادريس" اضافة الى شخصية "محمد بالهادي". المجاهد لخضر رويني -رحمه الله الأفواج المذكورة أعلاه كانت قد سبقت الشيخ "زيان عاشور" قبل خروجه من السجن بشهرين في افريل 1955 إلى جبل امساعد وجبل بوكحيل الشرقي ناحية اولاد جلال، لكن كان ذلك بعد الانطلاقة الحقيقة للثورة ناحية الجلفة وحد الصحاري والبيرين وناحية الشارف ومسعد حتى الى مناطق تواجد الحرازلية وناحية حاسي الرمل. الشيخ "زيان عاشور" الرجل الذي تعتمد عليه الصحراء عقب خروج سي "زيان عاشور" من السجن في جوان 1955 توجه ناحية بوسعادة وعين الملح حيث كلف الكثير من الشخصيات خاصة المسؤولين عن العروش بتكوين لجان لتهيئة الجو الثوري، وبعد شهر جويلية من نفس السنة تم فعلا التنظيم الكلي للجان الشعبية بكل المناطق والتي كان دورها جمع السلاح وتنظيم المواطنين في لجان، وهنا نؤكد ان الاستجابة كانت كبيرة لدى مواطني الجهة، من جانب آخر فان المنطقة الصحراوية هي امتداد للاوراس بالنسبة للتنظيم الثوري وهذه حقيقة لايمكن انكارها. كانت مهمة الشيخ "زيان عاشور" خلال هذه الفترة نشر الثورة في المنطقة بالإضافة إلى تكليف "عمر ادريس" بتدريب الجيش خاصة وان له خبرة عسكرية بالاضافة إلى مهمة تجنيد الشباب وجمع الأسلحة مع وجود مراكز في بوكحيل و "نسينيسة" و "الميمونة" و "جبل مناعة"، وقد بقي التنظيم على حاله الى غاية شهر ديسمبر 1955 حيث وقعت أول معركة في منطقة الهامل بين جيش زيان والخيالة "السبايس" التابعين للجيش الفرنسي بعد مرور ثلاثة اشهر من هذه العملية كان قائد الاوراس قد فر من السجن واستدعى جميع القادة بمن فيهم القائد "زيان عاشور" الى اجتماع بالجبل الازرق بمنطقة الاوراس ولكن أثناء الاجتماع وقع ما لم يكن في الحسبان وهو استشهاد القائد "مصطفى بن بولعيد" في حادثة المذياع. وبعد رجوع الشيخ "زيان عاشور" إلى المنطقة في شهر افريل تم توزيع الوحدات على المناطق من بينهم "لخضر الرويني، شتوح العيساوي، مجدل المسعود، عبد الرحمان بالهادي و محمد بالهادي" بالاضافة إلى الوحدة الخاصة والتي قائدها "عمر ادريس". وللإشارة فان أول اشتباك بين كتيبة "عبد الرحمان بالهادي" والجيش الفرنسي وقع شهر ماي 1956 بمنطقة مناعة، ولعل اكبر معركة وقعت بجبل قعيقع بين قوات جيش الصحراء والفرنسيين كانت في شهر جوان 1956 بحضور كل الوحدات تحت قيادة "عمر ادريس". للتذكير فان جيش الصحراء كان قد قام بعملية استيلاء على مركز عين الريش قبيل هذه المعركة حيث دعمت الوحدات بالاسلحة التي تم بها مواجهة الجيش الفرنسي في معركة قعيقع. من ناحية أخرى، واصل "عمر ادريس" مسيرته نحو جبل العمور وبالضبط منطقة القعدة رفقة "عبد الرحمان بلهادي" في حين كانت منطقة بوكحيل تحت قيادة "محمد بالهادي"، اما منطقة قعيقع وجبل مناعة فكانت تحت قيادة "شتوح العيساوي" و"لخضر الرويني". تواصلت العمليات التنظيمية في المنطقة بسرعة كبيرة فقد التف كل سكان المنطقة تحت قيادة الشيخ "زيان عاشور" الى حين حلول شهر نوفمبر 1956 أين قام القائد الشيخ "زيان عاشور" بعقد اجتماع بمنطقة الخروب بجبل بوكحيل احياء للذكرى الثانية لاندلاع ثورة اول نوفمبر حضرته جميع الإطارات التابعة للجيش، وبعد الاجتماع توجه جميع القادة إلى وحداتهم. في 07 نوفمبر 1957 وقعت معركة بمنطقة "واد خلفون" استشهد فيها الشيخ "زيان عاشور"، ليتوجه بعدها القائد عمر إدريس رفقة عبد الرحمان بلهادي من جبل العمور إلى منطقة واد مجدل حيث تم تنظيم اجتماع تم فيه تعيين "عمر إدريس" قائدا للجيش خلفا للشيخ "زيان عاشور". الوضعية النظامية للمنطقة الصحراوية والتجاهل المفتعل لمؤتمر الصومام بالرجوع إلى المنطقة الصحراوية التي تحدها من الشرق مدينة بوسعادة ومن جهة الشمال طريق "لاروكات" ومن الغرب الولاية الخامسة وبالضبط المنطقة الثامنة والتي كان قائدها "لعموري" ومن الجهة الجنوبية جزء من اولاد جلال وبن سرور والتي كان قائدها "سي الحسين بن عبد الباقي" والذي خلفه فيما بعد "سي الحواس" قبل وفاة الشيخ زيان عاشور، فإن المنطقة لم تدخل في مواجهة الجيش الفرنسي فحسب بل دخلت في حسابات اخرى من بينها تجاهلها من طرف المؤتمرين بواد الصومام الذي انعقد في 20 اوت 1956 وخلق منطقة جديدة من الولاية الرابعة تم تسميتها بالولاية السادسة وعين على رأسها الرائد "علي ملاح" رفقة القائد العسكري "الروجي" ومساعده "الشريف بن السعيدي"، وهنا نؤكد بان هذه المنطقة لاتمثل الولاية السادسة ولاتنسب اليها. ورغم ذلك بقيت المنطقة تعيش نوعا من العزلة مما جعل قائد المنطقة الثالثة من الولاية الأولى سي "الحواس" يتوجه إلى الاوراس لكنه صدم بالصراعات بين قادتها ليرجع إلى المنطقة ويجدد عزمه من جديد بالتوجه إلى الولاية الثالثة أي إلى العقيد "عميروش" رفقة المجاهد "بلقاسم مقرزي "والمجاهد" لعموري" ومجاهد اخر حيث أطلعه على الوضعية النظامية للمنطقة. من جانبه، شرح العقيد "عميروش" مقررات مؤتمر الصومام منبها بان المنطقة الصحراوية أصبحت تابعة للولاية السادسة التي يقودها "علي ملاح" الذي استشهد في افريل 1957، هذا وقد تم اعلام "سي الحواس" بأنه القائد بالنيابة على الولاية السادسة إلى حين التثبيت الرسمي. وعند عودة سي "الحواس" الى المنطقة أُعلم قادة المناطق بمقررات مؤتمر الصومام لكن هذا لم يكن ليعجب الكثيرين حيث كان سببا في انضمام المنطقة الغربية إلى الولاية الخامسة فقد وقع الاجتماع بين القائد "عمر ادريس" وقائد المنطقة الثامنة "العقيد لطفي" وهو ماتم تثبيته فعليا بوجدة المغربية بحضور قائد الولاية الخامسة "عبد الحفيظ يوصوف" والقائد "عمر ادريس" ليتم إنشاء منطقة العمليات رقم 09. صراع على القيادة وسوء تقدير للموقف من طرف "عمر ادريس" يجعل "بلونيس" بين أحضان الفرنسيين إن من أسباب التي أوصلت المنطقة إلى التأخر نوعا ما عن ركب الثورة هو عملية التعتيم التي كانت تقوم بها القيادة في السنتين الأوليتين، فرغم المعارك التي يقوم بها جيش الشيخ "زيان عاشور" إلا ان عدم بثّها عبر أمواج إذاعة القاهرة كانت له نتائج وخيمة فيما بعد، فقد دخل "محمد بلونيس" وجيشه على الخط كما أن الفرنسيين استغلوا هذه الوضعية، لنؤكد هنا بان انضمام بلونيس للجيش الفرنسي كان سببه عدم تقدير الموقف من طرف "عمر ادريس" فقد حذر "عبد الرحمان حاشي" منه واعتبر أن هذا الرجل الذي التجأ إلى هذه المناطق برفقة 17 جنديا وجب على القيادة ان تضمه للجيش التابع للولاية الخامسة إن كان مواليا وان يتم إعدامه إن كان خائنا للثورة، هذا وقد أكد المجاهد "الشريف شنوفي" بأنه تحادث مع "بلونيس" واعلمه بأنه لن ينضم إلى الجبهة التي قتلت الأبرياء في مسجد "بني يلمان" .. لم يأخذ هذا التحذير بعين الاعتبار من طرف القيادة مما كان سببا في الانقلاب الشهير منتصف سنة 1957 والذي لم يكن "الشريف شنوفي" حاضرا فيه بسبب الخلافات التي وقعت بين القائد "حاشي عبد الرحمان" و"لخضر الرويني" و"الطيب السوفي" اللذان عارضا بان يكون "حاشي عبد الرحمان" قائدا لأنهما يعتبران نفسيهما الأقدم والأقدر مما جعل القائد "حاشي عبد الرحمان" يطلب من القائد "عمر ادريس" اخذ كل من "الشريف شنوفي وسالم علوي ولخضر الرويني والطيب السوفي..." وهذا ما وقع فعلا حيث التحق الاربعة معا بالجهة الغربية ولم يعودوا إلا بعد الاستقلال وقد الصقت بهم التهم وهي الولاء للمصالية. تفكك داخل المناطق الصحراوية..والولاية الخامسة تعلن ميلاد منطقة العمليات رقم 09 خارج حدودها لم تتوقف مشاكل المنطقة، ففي بداية الأشهر الاولى من سنة 1957 وقعت مشكلة مع الولاية الخامسة، حيث اعتبر قادتها بأن هذه المنطقة غير نظامية وخارجة عن اطر جبهة التحرير الوطني وفي مارس من نفس السنة وقع لقاء بين القائد "عمر ادريس" وقائد المنطقة الثامنة "العقيد لطفي" وتم خلاله الاتفاق على ذهاب "عمر ادريس" الى المغرب للقاء قائد الولاية الخامسة العقيد "بوصوف عبد الحفيظ"، وقبيل ذهاب "عمر ادريس" الى المغرب وبالضبط في شهر جوان 1957 عقد اجتماعا موسعا بجبل قعيقع بالمكان المسمى "جحيمو" حضرته كل الكتائب والتي قدر عدد جنودها 1200 جندي، وتم خلالها تغيير الوضعية النظامية للجنود ليغادر بعدها "عمر ادريس" الى المغرب قصد لقاء قائد الولاية الخامسة وترك مكانه "عبد الرحمان حاشي" الذي لم يستطع السيطرة على المنطقة بفعل المؤامرة التي وقعت من طرف "العربي القبايلي"، حيث تم اعدام 100 اطار وتم اسر "عبد الرحمان حاشي" ليدخل الجنرال "بلونيس" كقائد جديد للمنطقة على ظهور الشاحنات الفرنسية في منتصف 1957. (*) صورة الواجهة: فوج من مجاهدي جيش التحرير بالناحية الثانية المنطقة الثانية الولاية السادسة بقيادة الملازم الثاني "البار المبخوت" بقرية الزعفران في بداية سنة 1962