ودّع رواد مسجد "عبد الرحمن بن عوف" بالجلفة إمامهم الشيخ "عبد القادر عيني" حفظه الله وسدد خطاه، وذلك بعد صلاة العصر من يوم الجمعة 13 ربيع الأول 1437 الموافق ل 25 ديسمبر 2015 ، ففي جو مهيب وبعيون دامعة وقلوب حزينة اكتظت جنبات مسجد عبد الرحمن بن عوف بالمصلين الذين أبوا إلا حضور مراسيم توديع إمامهم والاحتفاظ بصور تذكارية معه وهم الذين أحبوه وتعلقت قلوبهم بمواعظه ودروسه وخاصة بمواقفه وتصرفاته التي كانت مضرب الأمثال في التفاني والحرص والصدق وروح المبادرة خدمة لبيت الله... فمنذ أن تم تعيينه إماما خطيبا منذ قرابة سبع سنوات خلت حمل على عاتقه مهمة خدمة بيت الله، فحث المحسنين على توسعته فوجد تجاوبا كبيرا منهم لما لمسوه في شخصه من أمانة وورع، ولم يكتف بذلك ولكن أضاف إليه العديد من المرافق والمتمثلة في شراء وقف مجاور وأسس فيه العديد من المرافق تتمثل في سكنين وظيفيين ومدرسة قرآنية وروضة للأطفال، و لم يكتف بذلك بل عمد إلى إعداد بيت جديد للوضوء ومغسلة لأموات المسلمين وسيارة خاصة لنقل الجثامين على غرار تطوير المرافق القديمة كالمكتبة والمقصورة وغيرها من المرافق، ولكن أهم بصمة تركها هذا الإمام الشاب هي مساحة المحبة والتفاهم التي كانت وراء القضاء على كل الخلافات التي كادت أن تعصف بالمسجد قبل قدومه إليه، فجعل من مسجد "عبد الرحمن بن عوف" صرحا دينيا جمع كل التيارات وألف بين كل القلوب نظرا للخطاب الراقي الذي كان يشيعه والمنهج الإسلامي الحنيف والمعتدل الذي كان يدعو إليه، كما كان قدوة للكبير والصغير مبادرا إلى العمل لا يتردد حتى في تنظيف المطهرة وبيت الوضوء بنفسه، مصاحبا لعمال البناء ومساعدا لهم قريبا منهم يعرفهم بأسمائهم، فاستولى على قلوب حتى الذين كانوا مترددين في التعامل معه أو حتى المعارضين له، عندما أتعبهم بنجاح مشاريعه وتوفيق الله له والتفاف أصحاب النوايا الحسنة حوله. لقد كانت مناسبة مشهودة تلك التي اعتلى فيها منبر المسجد ليلقي خطبة الجمعة الأخيرة فكانت بمثابة (خطبة الوداع) تأسيا برسولنا الكريم فأجهش المسجد بالبكاء وصعب على الجميع فراق إمامهم القدوة، فتعالت الدعوات بالتوفيق لشيخنا الكريم في مهمته القادمة بولاية معسكر مسقط رأسه، سائلين المولى العلي القدير أن يعوضهم بفقدانه إماما بخصاله وأخلاقه العالية حتى يواصل مسيرته في إدارة مرافق المسجد التي تتطلب تظافر الجميع وعلى رأسهم مديرية الشؤون الدينية التي ينتظر منها رواد مسجد عبد الرحمن بن عوف تجسيد وصية الإمام (عبد القادر عيني) بتعيين الإمام الذي يواصل أداء المهمة على أحسن وجه. حفظ الله شيخنا الكريم الذي أعاد لوظيفة الإمام كل نبلها وقيمتها وشرفها و أعاد بعث رسالة المسجد باعتباره مرفقا حيويا يتجاوز مهمة أداء الصلوات الخمس إلى مهام اجتماعية وتربوية وإنسانية جليلة تفتقر إليها العديد من المساجد عندنا.