صورة من الأرشيف بداية نشد على أيدي الذين حمّلوا أنفسهم عبئا ومسؤولية كبيرة، بغية الإسهام في إعطاء جرعات شفاء لقطاع هام وحساس ألا وهو"التربية والتعليم"، وهمهم في ذلك وضع حلول و ترشيد للآليات تمكن الجلفة وأهلها وأبنائها من تحقيق نتائج تربوية وتعليمية مشرفة، أي أنهم ثلة من أبناء المنطقة والغيورين على مصالحها وشرفها (وليسوا هم فقط من يحمل هذا الهم ولكن لهم أسبقية التحرك و النشاط)، أقول أنهم أرادوا أن يشخصوا مظاهر داء "التراجع التعليمي في المنطقة" - وهنا أؤكد على أن المعيار هو الترتيب الخاص بالولايات في الامتحانات النهائية لكل الأطوار وليس تشكيك في عطاء الكادر التعليمي الجلفاوي - هذا المرض الذي كثرت أعراضه وتعذر في نفس الوقت إيجاد الوصفات العلاجية الإستئصالية بدلا عن الحلول التسكينية وفقط. لقد تواصوا هؤلاء الأحبة على أن يعملوا على الإسهام في إخراج القطاع التعليمي من حالة "ذيل الترتيب" وحالات "الشبكات الهادمة للمستوى التحصيلي" وحالات "شبكات التزوير والتلفيق و الإنجاح القصري"، و أرادوه أيضا أن يمس عديد من المستويات مثل مستوى التوجيه والتأطير وحتى التجهيز، والكادر التعليمي، وهي حقيقة مشاكل ساهمت في الوضعية الكارثية لنتائجنا التربوية التعليمية في المنطقة ولو بنسب متفاوتة من سنة لأخرى و من طور لآخر، ومن المعروف عن هذه الحملة التحسيسية قد أخذت من اقتراب مواعيد امتحانات الأقسام النهائية في كل طور ودشنت نشاطها ، ولكن هذا لا يلغي مبادرات سابقة تشابهها أو تكملها، وهو توقيت قد يكون حوله نقاش مفتوح على شاكلة: هل يليق في الأيام الأخيرة فقط أن نذكر؟ أم أنها إستراتيجية عمل مدروسة؟ أم هناك تفسيرات أخرى؟ ولكن المهم أن هذه الحملة انطلقت. الأهم في هذه الحركية التي بدأ يشعر بها الجميع من خلال هذه الثلة، بينت أنهم يريدوا أن ينقلوا فهم مشاكل القطاع التعليمي و أدوات ووصفات علاجها من إطارها الرسمي و المؤسساتي، إلى الإسهام المجتمعي من قبل النخب المتعلمة للمجتمع، وهدفهم بحسب بعض المقربين من الحملة إدراك علمي و مجتمعي للعقبات التي تقف في طريق تحقيق نتائج مميزة، رغم وجود الإمكانات البشرية المؤهلة لتحقيق هذا الهدف، فهل الإشكال مادي أم تغير اجتماعي يحتاج إلى وقت إدراكها ووقت آخر لتوعيته؟ فهؤلاء الأحبة في الفترة الأخيرة يتحركون في كل الاتجاهات و بين كل الفئات المجتمعية، علهم يجدوا رأيا طيبا عند هذا أو قولا حكيما عند أخر، أو خبرة ميدانية عند هؤلاء وغيرها من مشاهد يمكن أن تكون نتائج للانفتاح و الاشتراك في مسألة دفع التعليم و التربية في الجلفة، وما يشجع في هذه المبادرة أنها ما زالت تشتغل ولحد الساعة وبنفس وتيرة الانطلاق – بحسب مقربين من الحملة-، بغية إيجاد مواقع أكثر، وتقبلا أوسع، و مشاركة متنوعة بين أبناء البلدة، وفي هذا تحقيق لمبدأ في التغيير الاجتماعي وهو "تقاسم العبء المشترك بين فئات المجتمع" وهذا المبدأ يأتي كون المدرسة فيها كل أبناء المجتمع و هو ما يتطلب أن يكون الجميع واع بأهمية الحملة و أهمية المتوخى منها والمأمول فيها وبها. من هنا أود أطرح (مقاربة) – إن صح التعبير- يمكن أن تكون رافدا من روافد الحملة وعله يسهم بقدر في حلحلة الواقع وتحريك الرواكد، بالإضافة إلى ما يقوم بها رافدُ الخدمة الإذاعية التي تبنت الحملة وأسهمت فيها، أي أن المقاربة مقترحة هي مكملة وليست لاغية لغيرها من الآليات، ويمكن لمتبني الحملة أن يأخذوا بها أو يعرضوا عنها، فهذه المقاربة أولا أسست على مبدأ "الفعالية الاجتماعية الإيجابية" و التي نقصد بها أن المجتمع وحتى يتشارك في هذا العبء نقترح أن يتم "تفعيل جمعيات أولياء التلاميذ وتفعيل أدائها بصورة صحيحة، مسؤولة وميدانية بعيدا عن الإطار الإداري الجامد" هذا من جهة، أما بخصوص مبادئ هذه المقاربة فهي تقوم على 03 نقاط وهي: 1- التفعيل الميداني لجمعيات أولياء التلاميذ: بما أن هذه الجمعيات هي فضاء تكميلي لدور المدرسة، فإنه يمكن أن تشتغل هذه الأخيرة من زاوية تحقيق الربط و التنسيق في توسيع الحملة التحسيسية، وإعطاء الأهمية الحقيقة لدور الأولياء في دفع التغيير المنشود إلى مواقع متقدمة، من خلال توجيه الابن و البنت و القيام بالدور الرقابي حتى على الأداء التربوي، و هذا متاح لأن كل المدارس تقريبا بها هذه الجمعيات و تنتظر التفعيل فقط وإخراجها من حيز "الاشتراكات المالية و الاجتماعات الفارغة" إلى فضاء الإسهام الفاعل في التحسيس بالمشكل واقتراح الحل و العلاج. ويمكن أن يكون لهذه النقطة الأولى دور كبير إن تم إيجاد أدوات التواصل الصحيحة والمناسبة لهذا التفعيل. 2- التخطيط لبرنامج تشاركي مع الطرفين (أصحاب الحملة – جمعيات الأولياء) : وهذا يحتاج إلى استشارة الوصاية الإدارية المحلية (مديرية التربية) حول إمكانية التواصل مع هذه الأخيرة في إطار منظم، وثانيا توكيل مهمة تحديد آليات الاشتغال مع هذا الطرف المهم وفق خطوات تنظيمية وعملية وميدانية تكون ذات أثر واقعي على المدى المنظور، بعيدا عن الأحلام و التمنيات، وبحسب من نعرف من أعضاء الحملة ومن أبناء قطاع التربية في الجلفة فإن هناك من لديه القدرة على توضيح معالم برنامج عمل تشاركي وفعال. 3- فتح فضاء الجمعيات على مستوى مدرسي و مجتمعي أوسع: ونقصد هنا أنه بعد ضبط البرنامج و تنسيق واتصال و توافق على خطوات العمل مع هذه الجمعيات، يفتح لها مجال أوسع في الترويج لمعالم العملية التحسيسية، والقيام بدورها الريادي في عملية دفع الوظيفة التربوية التعليمية إلى ما هو مأمول، ويكون هذا بإسناد هذه الجمعيات لعمل المنضمين بترويج وتسويق للحلول و المقترحات التي تم التوافق عليها وضبطها، وهذا يحتاج إلى "تواصل اجتماعي" بناء وفعال من قبل ممثلي وإطارات و أعضاء هذه الجمعيات، فالمجتمع فيه عديد من المؤسسات التي يمكن أن نوجد منها منافذ لتحقيق مبدأ "العبء الاجتماعي المشترك"، خصوصا وأن الأمر لا يحتاج إلى إمكانات مادية ضخمة بل ما يحتاجه الأمر هو إحساس بالمسؤولية. هذه هي نقاط المقاربة التي وددت أن أوضحها وأعتبرها رافدا، ولكن ما أردت أن أتعمده فهو إعطاء عناوين عريضة من دون تفصيل، لأن الأمر يحتاج بداية إلى اقتناع بأهمية هذه الآلية ومن ثمة تسهل عملية تطبيقها وفق خطوات وبرامج مفصلة ودقيقة... في الأخير أعاود الشكر للقائمين على الحملة ونشجعهم وندعوهم إلى فتح الباب أكثر أمام الراغبين في الاشتراك في الفعل الاجتماعي الإيجابي الذي قد يؤتي أكله بعد حين.