وزير التربية الوطنية: أبو بكر بن بوزيد بزناسية يبيعون البكالوريا في الدكاكين وأخطاء حوّلت تلاميذنا إلى فئران تجارب اليوم، 7 جوان 2009، هو أول يوم لامتحانات شهادة البكالوريا، وهي مناسبة لطرح مجموعة من الأسئلة، بعيدا عن نية التشويش على المترشحين: * * لماذا تحوّلت المنظومة التربوية في الجزائر إلى مظلومة تغبوية؟، من يتحمّل مسؤولية إخضاع أجيال بكاملها من دروس التربية إلى برامج التغبية؟، ما هو محلّ وزير القطاع من إعراب الإصلاحات و"الإسلاخات" التي مرمدت المدرسة ولوت عنقها وأخضعتها عنوة إلى مبدأ: "يتعلم الحفافة في روس اليتامى"؟، أليس من العدل والطبيعي استدعاء الوزير والوزارة والمسؤولين على القطاع لجلسات استماع وحساب، مثلما يتم استدعاء التلاميذ في مختلف الأطوار إلى الإمتحانات؟، ثم ألا ينبغي إعداد كشوف نقاط لهؤلاء من أجل التقييم والتنقيط بنفس الشكل الذي يتم فيه ملء كشوف التلاميذ والمعلمين؟، إلى أين وصلت الإصلاحات، هل نجحت أم أخفقت؟، إذا كان الجواب بالأولى ما هي مؤشرات هذا النجاح، وإذا كان الجواب بالثانية، من يستحق العقاب ويتحمّل وزر وخطيئة الإخفاق وتبدّد الأخلاق؟، لماذا لم تتأثر وزارة التربية الجزائرية بنظيرتها المصرية في تأجيل إمتحانات شهادة البكالوريا التي تقاطعت مع المباراة المصيرية والحاسمة بين الجزائر ومصر؟، علما أن الأمر يتعلق بفريق وطني وليس بنادي محلي، لماذا ظلت النقابات غاضبة ومستاءة من وزارة التربية والوزير تحديدا؟، ما هي العلاقة بين هذه النقابات والوزارة، علاقة تكاملية وتنسيقية، أم علاقة إنتقامية وتصفية حسابات؟، لماذا ظلت هذه العلاقات القائمة على "الخدع" مبنية للمجهول وفوق رمال متحركة ووفق حوار الطرشان؟، ما هي الأسباب الحقيقية لتفريخ الإضرابات والإحتجاجات والفوضى والعشوائية في قطاع من المفروض أنه صانه الهدوء والسلم والإستقرار؟، هل للوزير (الأطول عمرا في الحكومة) مبررات في طريقة تسييره لقطاع من المفروض أنه تشاركي بين الوزارة الوصية والنقابات وأولياء التلاميذ والأساتذة والمعلمين "المستقلين والحياديين"؟، ماذا يعني فتح القطاع للدروس الخصوصية وللبيع والشراء والإبتزاز؟، هل هذا فرش للبساط الأحمر نحو "كراء" المدرسة وبيعها لمن يدفع أكثر وتنازل عن مبدإ دستوري يقرّ بأن التعليم مجاني وإجباري؟، هل البكالوريا مسابقة، أم إمتحان؟، هل هي تنافس شريف ونظيف أم "هدايا" و"مكافآت" و"كوطات" توزّع تحت الطاولة؟، كيف تحدد "نسبة" النجاح في "الباك"، بعدد المقاعد البيداغوجية في الجامعات، أم بواسطة الحسابات السياسية للوزارة؟، هل صحيح من جدّ وجد ومن غرس حصد؟، أم أن البقاء للأقوى وليس للأصلح من ذوي التحصيل العلمي؟، إلى ماذا تخضع مسابقات المعلمين والأساتذة، إلى الرداءة أم الكفاءة؟، إلى الوساطات والتدخلات و"المعريفة" والهواتف، أم إلى النقاط المحصل عليها ببذل الجهد والإجابة على الأسئلة بعيدا عن تسهيلات وامتيازات تهدى للبعض دون البعض الآخر؟، هل قطاع التربية قطاع منتج يستحق العرفان والتقدير والجزاء، أم قطاع جامد وراكد يستفيد ولا يفيد ويأخذ ولا يعطي؟، من المتسبب في تحويل المدرسة إلى مخابر للتجارب الفاشلة وللفضائح والإعتداءات الجنسية والأخطاء التي لا تغتفر في الكتاب المدرسي الذي أصبح أحيانا "مسودة" لضرب الريح بالعصا؟، ومن يتحمل "مهازل" العنف في المدارس بين التلاميذ والمعلمين والإداريين؟، هل انتقلت مهمة القطاع من التربية إلى الإستغباء و"الإستحمار"؟ * * عكس الجزائر، وزارة التعليم المصرية أجلت موعد البكالوريا * بن بوزيد "يغامر" بآلاف التلاميذ بحجة إتمام البرنامج في موعده ! * * المترشحون يواجهون أصعب المواد وأكثرها تركيزا بعد المباراة * فضل بن بوزيد لهذه الدورة أن يفاجئ الطلبة المترشحين لشهادة البكالوريا بآخر الإصلاحات التي تتمثل في إدراج مادة "عدم القدرة على التركيز" كامتحان رسمي صبيحة يوم الغد، بعد رفضه لقرار تأجيل موعد تاريخ البكالوريا بحجة ضبط أجندة التواريخ مسبقا بالرغم من أن وزارة التعليم المصرية أجلت تاريخ إمتحانات الثانوية العامة بأربعة أيام كاملة عن المباراة بعد أن لقبت الصحافة المصرية مترشحي هذه الدورة "بدفعة المأزق". * الغريب في موقف وزارة التربية الوطنية أن بن بوزيد هو نفسه الذي أمر بتدريس اللغة الفرنسية في السنة الثانية ابتدائي في إطار ما أسماه بسياسة الإصلاحات ليتراجع بعدها بسنة وقرر إعادة تدريسها في السنة الثالثة ابتدائي بحجة ممارسة نفس السياسة، وهو أيضا الذي أصدر تعليمة بصعود جميع المترشحين لشهادة الطور الإبتدائي حتى وإن رسبوا فكان أن شهدت إكماليات الجزائر أكبر سنة اكتظاظ في التاريخ، الوزير نفسه لم يفكر عندما اكتشف أن موعد البكالوريا أو التأشيرة الحلم عندنا يتزامن بموعد مباراة تعتبر الأهم في تاريخ كل مباريات المنتخب الوطني أن قرار تأجيلها قد يعتبر أيضا من الإصلاحات. * هذا القرار أدى إلى التشويش على فكر المترشحين ونحو أكثر من نصف المليون موظف جندتهم الوزارة لهذا التاريخ، وقد أكد بعض الأساتذة الحراس "للشروق اليومي" أن خسارة المنتخب الوطني أمام مصر ستدفعنا لا محالة بأن ندخل صبيحة الإثنين دون تركيز "وغش من غش". * والأمر يزداد سوءا للطلبة المترشحين، فمباراة كرة القدم قلبت عليهم الموازين، فأينما ذهبوا مباراة مصر في أذهانهم، فمن أين لهم أن يركزوا، والغريب أن وزارة التربية لبعد شنها حربا باسم الإصلاحات، قررت عدم المغامرة بتغيير الموعد بحجة المواعيد المسبقة، غير أن الأمر في مصر دفع بوزارة التعليم المصرية إلى قرار تأجيلها بيومين بعد ما حددت في العاشر من جويلية لتحدد بتاريخ 13 من نفس الشهر. * وزير التعليم المصري، قال أن تاريخ تحديدها مربوط باختيار الملاحظين والمراقبين للثانوية العامة، غير أن الصحافة المصرية علقت على التاريخ بكونه متزامنا جدا بالنظر إلى انعكاسات نتيجة مباراة مصر الجزائر على طلبة الثانوية العامة. * وشاءت الصدف أن يتزامن تاريخ بكالوريا الجزائر وما يسمى بامتحانات الثانوية العامة في مصر بفارق أربعة أيام بعد ما كانت مقررة بتاريخ العاشر من جوان، حيث تم اختيار هذا التاريخ ليكون موعدا لإنتقاء الملاحظين والمراقبين عن طريق ما يسمى بالحاسوب، فيما عدد المترشحين لكلا البلدين هو الآخر متقارب، ففي الجزائر قرابة النصف المليون مترشح، أي بما يقدر ب أكثر من 444 ألف مترشح، دورة تتخوف منها الوزارة بفعل أن أغلب المترشحين راسبون في إمتحانات شهادة التعليم المتوسط، وفي مصر تكتسي بكالوريا هذه الدورة طابعا خاصا هو الآخر بفعل وجود دفعة كاملة من الراسبين يقدر عددهم بأكثر من 37 ألف مترشح، فيما يقدر العدد الإجمالي لمن سيجتازون البكالوريا بحوالي 400 ألف مترشح. * وكانت نقابات فاعلة في قطاع التربية الوطنية إلى جانب جمعيات لأولياء التلاميذ قد رفعت مطلب تأجيل تاريخ البكالوريا بالنظر إلى تزامنه بالمباراة، وكانت الوزارة على علم بذلك، لكنها فضلت على غرار قراراتها السابقة أن تؤجل التاريخ ولو لأربعة أيام فلن يكون هناك أي فرق، لا في حجة بدء عملية التسجيلات الجامعية، فسبق أن حددت الوزارة بكالوريا بدورتين وجرت عملية التسجيلات الجامعية على أحسن مستوى. * * دركيون يقيمون بمراكز الامتحان وآخرون يرافقون حافلات خاصة بالطلبة * البكالوريا تحت حراسة أمنية إستثنائية من الإرهاب والغش * اعتمدت قيادة المجموعة الولائية للدرك الوطني لولاية بومرداس اجراءات أمنية مشددة لتأمين عملية اجراء امتحانات شهادة البكالوريا اليوم، وضمان أمن وتنقلات التلاميذ في المناطق الغابية والجبلية ومرافقة حافلات نقلهم الى مراكز الامتحان، ويشرف قائد المجموعة شخصيا على تنفيذ وسير هذا المخطط التقليدي في مثل هذه السنوات، لكنه استثنائي هذه السنة على خلفية الاعتداء الإرهابي الأخير الذي خلف 10ضحايا منهم 8 من أفراد الشرطة وإطارين بقطاع التربية بمنطقة تيمزيرت بولاية بومرداس، حيث تشهد المنطقة تعزيزات أمنية لافتة، حسب ما عاينته "الشروق" ميدانيا. * وأفاد العقيد مختار موسى، قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني لولاية بومرداس في اتصال ب"الشروق"، أن مصالحه اتخذت كافة الترتيبات الأمنية لضمان سير الامتحانات في ظروف آمنة وحسنة، وكشف أنه تم تجنيد جميع وحدات الدرك الوطني من سرايا أمن الطرقات وأفراد مجموعة التدخل والإحتياط وفصيلة الأمن والتدخل في إطار المخطط الأمني الخاص بامتحانات البكالوريا، حيث يقيم أفراد الدرك منذ الجمعة الماضي في مراكز الامتحان ليلا نهار الى غاية انتهاء العملية لإحباط تنفيذ اعتداء إرهابي أو غرس قنبلة تقليدية إضافة الى تشديد الرقابة على الطرقات وتكثيف التفتيش الجسدي للأشخاص والدوريات المتنقلة، خاصة في المناطق المشبوهة، كما تأتي هذه الإجراءات دعما لمخطط "دلفين" الخاص بتأمين موسم الاصطياف بالولايات الساحلية، وعرفت ولاية بومرداس تعزيزات من ولايات داخلية إضافة الى تجنيد طلبة المدارس. * وتم توفير حافلات لنقل المرشحين لامتحان البكالوريا سترافقها دوريات أمنية تابعة للدرك، وسجل انتشار أفراد الدرك والحرس البلدي عند أبواب مراكز الامتحان وتوفير رقابة أمنية مشددة لجميع الأساتذة والمشرفين على الامتحانات. * وأضاف العقيد موسى مختار، أنه تم تأمين جميع المسالك التي تنتهجها الحافلات المخصصة لنقل التلاميذ من مناطقهم النائية والجبلية مثل تاورقة وأعفير الى مراكز الإمتحان مع ضمان مرافقتها من طرف أفراد الدرك الوطني الذين يتوفرون على تجهيزات الكشف عن المتفجرات لإبطال قنبلة قد يلجأ الإرهابيون الى غرسها للتشويش على سير الامتحانات بهدف إثارة الصدى الإعلامي. * وكان قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني لولاية بومرداس قد عقد صباح أمس لقاء موسعا مع جميع قادة الكتائب الإقليمية، وشدد على ضرورة التحلي باليقظة والفطنة وتفعيل العمل الإستعلاماتي لإحباط أي مخطط إجرامي طيلة الأيام الخمسة لامتحان البكالوريا مع ضرورة تكثيف الرقابة لرصد أي تحركات مشبوهة، وكانت اللجنة الأمنية الولائية ببومرداس قد عقدت عدة لقاءات الأسبوع الماضي لدراسة المخطط الأمني الخاص بامتحانات شهادة البكالوريا، حيث تقرر تكليف أفراد الجيش بنقل أوراق امتحانات البكالوريا في بعض المناطق الخطرة مع استمرار عمليات التمشيط وتطويق المنطقة أمنيا. * * "إسطبلات" تحوّلت الى مدارس سرية ودروس خصوصية في زمن الإصلاحات * بزناسية يبيعون البكالوريا في دكاكين خارج قانون وزارة التربية! * كثف أساتذة التعليم الثانوي عمليات بيع الدروس الخصوصية، مستغلين غياب الرقابة من جهة، وتحمس المترشحين للبكالوريا إلى درجة استعدادهم لدفع كل ما يملكون من اجل الحصول على دروس دعم وتقوية خارج الثانويات لفهم الدروس التي لم يفهموها في القسم، وإكمال الدروس التي لم يكملوها مما تسبب في تحول المترشحين للبكالوريا إلى بضاعة يتم الترويج لها داخل الثانويات تباع في المزاد العلني خارج المؤسسات التربوية، تحت شعار "من يدفع أكثر يتلقى دروسا أكثر ويفهم أكثر وينجح في البكالوريا". * وحسب العديد من التلاميذ فإن بعض الأساتذة أصبحوا يتعمدون عدم التوسع في شرح الدروس ويتركون جزءا من الدرس مبهما، خاصة في مواد الرياضيات والتكنولوجيا والفيزياء، والعلوم والمحاسبة، والفرنسية والإنجليزية ليجد التلاميذ أنفسهم مضطرين للدفع مقابل الحصول على الجزء المتبقي من الدرس خارج الثانوية، أو يدفعونها للحصول على الدروس التي لم يكملوها في القسم لإتمام البرنامج الرسمي خارج الثانوية، وهو ما أصبح يؤثر على استيعاب التلاميذ وفهمهم للدروس، في حين يؤجل بعض الأساتذة حل المسائل والتمارين التجريبية إلى ما بعد الدرس، أي إلى الحصص التي تقدم خارج الثانوية ويكتفون في القسم ببعض الأمثلة النموذجية البسيطة. * كما أكد بعض المترشحين للبكالوريا الذين تحدثت إليهم "الشروق" ان العديد من الأساتذة يقدمون الدروس في أماكن غير لائقة، ولا تتوفر فيها أدنى شروط التدريس ولا يوجد بها لا كراسي يجلس عليها التلاميذ ولا طاولات، ولا إنارة كافية، ويطلب الأساتذة من التلاميذ إحضار زملائهم معهم ليكونوا جماعة، مقابل مبلغ يتراوح بين 600 إلى 900 دينار للتلميذ الواحد شهريا خارج المدن الكبرى، غير أنها في العاصمة أغلى بكثير، حيث يتجاوز سعرها 2000 دينار شهريا للتلميذ الواحد، والعائلة التي تريد أن يتنقل الأستاذ بنفسه إلى منزل التلميذ ليدرسه في المنزل بمفرده يجب عليها أن تدفع من 5000 إلى 8000 دينار حسب عدد حصص والساعات التي يتلقاها التلميذ في الأسبوع، خاصة وأن أولياء التلاميذ مستعدون للتضحية من أجل توفير التدريس الفردي لأبنائهم الذين يتعذر عليهم تلقيه في المدارس ويعتقدون أن فلذات أكبادهم تتوافر لديهم حظوظ أفضل لتحقيق النجاح، كما أن المدرّسين يجدونه في العادة فرصة لاستكمال مدخولهم المالي. * وأكد عدد من الأساتذة الذين تحدثت إليهم "الشروق" من ثانويات مختلفة أنهم يقدمون دروس الدعم في مواد الرياضيات والتكنولوجيا والفيزياء، والعلوم والمحاسبة، والفرنسية والإنجليزية، وأن العديد منهم لجأوا إلى عمليات استئجار جماعي للمحلات والشقق من أجل استقبال التلاميذ في أماكن لائقة ومتسعة لاستيعاب العدد الكبير من التلاميذ الذين يطلبون دروس الدعم، ويتم تدريسهم من خلال استقبالهم على شكل أفواج، فوج بعد الآخر، خارج ساعات العمل، وكل فوج يدرس مادة معينة، ويتداول الأساتذة على التلاميذ، الذين يصل عددهم في الفوج الواحد إلى 20 أو 25 تلميذا، وبعض الأفواج يتراوح عدد التلاميذ فيها ما بين 10 و15 تلميذا، مما أدى إلى خلق ما يشبه "مدارس سرية"، تتم في ظل غياب أي تقييم موضوعي لمؤهلات المدرسين. * ورغم أن وزارة التربية أصدرت منشورا ينص على برمجة دروس دعم مجانية في المؤسسات التربوية للتلاميذ الذين ليس لديهم الإمكانات لدفع تكاليف دروس الدعم، غير أن أولياء التلاميذ اعتبروا ذلك غير كاف، لأنه لا يختلف عن الدروس العادية التي يتلقونها طوال السنة، كما أن معظم الأساتذة يتغيبون ولا يلتزمون بهذه الحصص بسبب عدم تقاضيهم لكامل مستحقاتهم المالية السنة الماضية. * * إخفاق الإصلاحات سببه تهميش العاملين في الميدان حسب الأساتذة * سقطات وأخطاء حوّلت التلاميذ إلى فئران تجارب * لم تحقق الإصلاحات العميقة التي أدخلت على المنظومة التربوية الأهداف المرجوة منها، منذ إطلاقها في بداية الألفية الثالثة، ويكفي للاستدلال على ذلك، الوصول إلى نتائج جاءت معاكسة لما كان مخطط له من قبل وزارة التربية الوطنية. * ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلى تسجيل ما يصر البعض من العاملين في قطاع التربية، وصفه ب"النكسة"، هو غياب النية لدى الوزارة الوصية في الاستثمار في العنصر الفاعل الذي بإمكانه أن يساهم بقوة في الوصول بالمشروع إلى بر الأمان، ومن ثم تحقيق الأهداف المسطرة والأهداف المرجوة، ممثلا في الأستاذ باعتباره هو من يباشر ميدانيا في تطبيق الإصلاحات. * ويعلق أساتذة بخصوص هذه القضية بالقول "من الصعب على أي مشروع أن ينال حقه من التوفيق، إذا لم يشرك الطرف الأساسي فيه ممثلا في الأستاذ"، ويؤكدون على أن مشروع إصلاح المنظومة التربوية "لم نشرك ولم يسمع لنا في هذا المشروع، وإنما فرض علينا فرضا من فوق"، ويضيفون إلى ذلك غموض النصوص المتعلقة بالإصلاحات، والتي قالوا إن الإطارات التربوية التي كلفت بشرحها للعاملين في القطاع من خلال الندوات والملتقيات التي أقيمت بهذا الصدد، كانوا يردون على أي سؤال يوجه إليهم "حتى نحن لم نفهم في هذه الإصلاحات شيئا". * ومن بين السقطات التي تدلل على فشل مشروع المنظومة التربوية، يضيف أستاذ آخر فضل التستر عن اسمه فضيحة الأخطاء المتكررة التي ينام عليها الكتاب المدرسي، والتي قال إنها لازالت مستمرة بالرغم من التنبيهات والانتقادات الموجهة من طرف الصحافة والمتابعين للشأن التربوي، وأكد المتحدث على أن الكثير من الأخطاء يتم اكتشافها من حين لآخر، بالرغم من إعادة طبع الكثير منها بعد إعادة تصحيحها، يضاف إلى ذلك عدم توفر الكتاب لدى التلاميذ بالكميات المطلوبة، بالرغم من أن الكتاب المدرسي، يعتبر قطعة أساسية في محرك الآلة التربوية التي يبدو أنها لم تنهض بعد من مطبتها. * وعبر أستاذ آخر عن استغرابه من استمرار وزارة التربية الوطنية في استعمال الطريقة التي كان معمولا بها في مرحلة ما قبل الاصلاحات، لاسيما في الجانب المتعلق بامتحانات شهادة البكالوريا، وهو أمر اعتبر غير مقبول من الناحية البيداغوجية، لأنه "من غير المعقول تلقين التلاميذ وفق برنامج الإصلاحات، ثم نعود إلى الطريقة القديمة في تنظيم الامتحانات، بما فيها المصيرية، على غرار شهادة البكالوريا". * ولقيت بعض البرامج التربوية المستحدثة بموجب الإصلاحات انتقادات لاذعة من طرف الأساتذة، وفي مقدمتها ما يعرف ب "الوضعيات الإدماجية"، وهو عبارة عن برنامج يتوخى المقاربة بالكفاءات، وفيه يفرض على التلميذ تحضير الدرس، بالاعتماد على أنشطة ووثائق أو شبكة الأنترنيت، عادة ما يعجز التلاميذ في الوصول إليها بسبب محدودية الإمكانات المادية لعموم العائلات الجزائرية، فضلا عن كون هذا البرنامج يتطلب جملة من الشروط، كأن يكون مثلا عدد التلاميذ في القسم الواحد، لا يتعدى 15 تلميذا، والأكثر من ذلك، يضيف المتحدث متسائلا، "كيف يمكن اختبار التلاميذ في شهادة التعليم المتوسط في وضعيات إدماجية لم يدرسوها إطلاقا؟". * هذا إلى جانب عدم مراعاة إمكانات الاستيعاب لدى التلاميذ، وفي هذا الصدد يقول أحد الأساتذة "هناك دروس كانت جزءا من البرنامج الدراسي للسنة الرابعة متوسط، أصبحت اليوم جزءا من برنامج السنة الأولى ابتدائي، الأمر الذي كُيّف على أنه خطأ قاتل، لم يحقق هدف تقليص أعداد المتسربين مدرسيا، وإنما زاد في تعقيد هذه القضية، التي توليها الحكومة عناية بالغة". * * فضائح أخلاقية ومهازل معرفية وإدارية * عندما يتحوّل قطاع التربية إلى مفارخ للفوضى والإعتداءات الجنسية والعنف * خلال الموسم الدراسي 2008/2009 اهتز قطاع التربية الوطنية على وقع عدة فضائح من مختلف الأصناف والمجالات، كان أكثرها فظاعة اعتراف وزارة التربية بوقوع اعتداءات جنسية تعرض لها أطفال من طرف أناس كلفوا في الأصل بتربيتهم، واضطرت الوزارة إلى محاولة التقليل من عدد الجرائم التي وقعت في هذا الإطار بعد انفجار القضية في ولاية الجلفة المعروفة بكونها منطقة محافظة، كما اعترفت ذات الوزارة بوقوع اعتداءات بدنية ولفظية متبادلة بين تلاميذ و"معلميهم" خرج عدد غير قليل منها إلى أروقة المحاكم، فصل في جزء منها ومازالت ملفات أخرى، كما نشرت صفحات الجرائد قصص معارك تحاكي تلك التي يشاهدها الناس في مصارعة "الكاتش"، وهي صور كرست خرق أعراف "الحرم المدرسي"، وقد يكون ذلك أولى "الثمار الأخلاقية" للإصلاحات التي تم تغطية "ثمارها" البداغوجية بقرارات لتسهيل انتقال التلاميذ وإقرار أنظمة الإنقاذ والإمتحانات الاستدراكية لفائدة تلاميذ الأطوار الابتدائية. * وعلى غرار ما يقع في المجال البيداغوجي، اهتزت الوزارة على وقع فضائح في الجانب الإداري أدت إلى فصل مديرين للتربية خلال هذا الموسم وتم إعادة تنظيم مسابقة المفتشين في عدة ولايات بعد أن لم يكن من الممكن تبرير التجاوزات التي وقعت خلالها. * وعلى صعيد تحصين الهوية الوطنية استيقظ الناس على فضيحة تلقين البرامج الجديدة لتلاميذ السنة الخامسة ابتدائي الأسطورة اليهودية "رحيل"، تلك المرأة التي يقدسها اليهود وقالوا أنها تجلت خلال العدوان الأخير على غزة وحرضت الجنود اليهود على قتل أهل غزة وأرشدتهم إلى أنهم إرهابيون يجب تخليص العالم من شرورهم. * وعلى الصعيد اللوجيستي الذي ركزت عليه الإصلاحات، أمضى تلاميذ جل الولايات الداخلية شتاء قارسا للغياب المستمر للتدفئة بسبب عدم قدرة الجماعات المحلية على تغطية تكاليفه، وأكدت ذات الجماعات أنها لم تتلق أي دعم بهذا الخصوص من وزارة التربية، وبالإضافة إلى ذلك البرد بدأ التلاميذ الموسم الذي يختتم هذه الأيام باحتجاجات على ثقل المحافظ المليئة بكتب -بالإضافة إلى الأخطاء المعرفية الموجودة فيها - هددت بتكون جيل من محدودبي الظهور، رغم هذه الأحداث والظواهر التي يصر المسؤولون دوما على أنها "سلوكات معزولة" مازال الإطار الوصي على المدرسة الجزائرية يسمى "وزارة التربية". * * بتر النشيد الوطني يصنع مهزلة المهازل * سياسة اللاّعقاب و"تخطي راسي" تؤسس لتقنين الأخطاء * أحدثت حالات الأخطاء المطبعية والمنهجية، في آن واحد، التي تضمنتها مواضيع الامتحانات الخاصة بالطور المتوسط والثانوي، في قطاع التربية، استياء لدى أولياء التلاميذ والمهتمين بالشأن التربوي، حيث أعطت تلك الأخطاء المتكررة سنويا، انطباعا لدى الكثيرين بأن تلاميذ المدارس أضحوا "فئران" تجارب، وأن الإصلاحات التي جاءت بها وزارة التربية الوطنية هي عبارة عن تجارب لم يفصل بعد في قيمتها العلمية ودقتها المنهجية. * ومن أبرز تلك الأخطاء الحاصلة، الواردة، منذ عامين، في موضوع امتحان الرياضيات، الذي تضمن سؤال في إحدى تمارينه يطلب الممتحنين برسم "مثلث من ثلاث رؤوس أ، ب وج وهي نقاط تقع على استقامة واحدة"، وبالتأكيد أن تلك النقاط أنتجت للتلاميذ مستقيم وليس مثلثا مما أخر التلاميذ وأضاع وقتهم، واستلزم تدخل الأساتذة" في وقت بدل الضائع"، ليأكدوا وجود الخطأ، والغريب أنه كيف وضع السؤال "أرمادة" من المفتشين، وراجعه ملاحظين حوالي 20 مرة، طبعا حسب مقولة وزير القطاع، لينتج خطأ يكتشفه تلاميذ هم في طور التكوين، وهو ما يطرح سؤال حول جدية المراجعة أم أن القضية تتعلق بإرهاق أصاب المشرفين على مواضيع الامتحان؟ * وحصل السنة الماضية، أن أخطأ المشرفين على مواضيع امتحان اللغة الانجليزية في ترقيم أوراق الامتحان، وإن هان الأمر في نظر الكثيرين غير أن ارتباك المقبل على الامتحان، تشوّش أفكاره كل نقطة تشكل عائقا، وإن كانت بحجم الحصى وليس بحجم الحجارة. * وخارج أطر الامتحانات الرسمية المبرمجة لانتقال التلاميذ لمستويات عليا، فقد أسالت قضية بتر النشيد الوطني، من مقطع قسما في جزء "يا فرنسا"، كثير من الحبر، قبل أن تتراجع الوصاية عن متابعة القضية وحصرها في شخصين تمت إحالتهما على العدالة وتمت إدانتهما بستة شهور حبس غير نافذ، وكان قبلها خطأ في كتاب التاريخ للطور الابتدائي، الذي ذكر جيش التحرير إبان الثورة بأنه "جيش التحرير الفرنسي"، حيث أعاب في انتساب الجيش لأصله. * وخلاصة لما ورد وما يرد، فإن سياسة اللاعقاب المنتهجة في قطاع التربية في معالجة الأخطاء الواردة، أمام جملة من الإصلاحات المتبعة، تجعل التلاميذ دوما حقلا للتجارب، في انتظار الوصول إلى نقطة التحّكم الشامل في تسيير عملية الإصلاحات المنتهجة في المدرسة الجزائرية. * * الوسط التربوي يثور على وقع فضيحة ازدواجية مواضيع شهادة التعليم المتوسط * "تمييز عنصري" بين تلاميذ المدارس الخاصة والعمومية * أثارت فضيحة ازدواجية مواضيع امتحانات شهادة التعليم المتوسط غضب واستياء أولياء التلاميذ الممتحنين، مطالبين وزير التربية الوطنية بالتدخل السريع وإقامة العدل في المنظومة التربوية، كما اعتبرت نقابات التربية ما حدث في دورة امتحان شهادة التعليم المتوسط خرقا واضحا للقانون الذي يُقر توحيد مواضيع الامتحانات الرسمية لجميع التلاميذ. * هزّت الوسط التربوي فضيحة ازدواجية مواضيع امتحان شهادة التعليم المتوسط في مادة اللغة الفرنسية ومادة التاريخ والجغرافيا، حيث امتحن تلاميذ المدارس العمومية وفق موضوع امتحان تمحور في مادة اللغة الفرنسية حول "السيارات وأثرها في المجتمع" بينما امتحن تلاميذ المدارس الخاصة وفق موضوع مغاير في مادة الفرنسية تناول "الأرض مصدر للثروة" وتكرر التمييز في المواضيع مع امتحان مادة التاريخ والجغرافيا، حيث أجاب تلاميذ المدارس العمومية عن أسئلة مخالفة عن أسئلة تلاميذ المدارس الخاصة، وهو ما يُقر مخالفة القائمين على هذه المدارس لقواعد إجراء الامتحانات الرسمية التي توجب توحيد مواضيع الامتحانات الرسمية لجميع تلاميذ المؤسسات التربوية الجزائرية العمومية والخاصة. * وقال مسعود عمراوي المكلف بالإعلام على مستوى الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين أن المدارس الخاصة مطالبة بأن تُوزع على تلامذتها ذات مواضيع الامتحان التي امتحن فيها تلاميذ المدارس العمومية، باعتبار أنها مدارس تخضع للقانون الجزائري وغير مقبول بتاتا أن تكون هناك ازدواجية في المواضيع بين تلاميذ المدارس الخاصة، وتلاميذ المدارس العمومية من منطلق المساواة في الحظوظ بين أبناء الجزائريين، وكذا وضع معايير عادلة للمقارنة بين المؤسسات التربوية ككل وبين المدارس الخاصة والعمومية بصفة أخص. * واستنكر مزيان مريان المنسق الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني التمييز بين التلاميذ في الجزائر مهما كانت الحجج، مشيرا إلى أن لجوء المدارس الخاصة للمطالبة بمواضيع خاصة بتلامذتها في الامتحانات الرسمية هو نتيجة ضعف المستوى بهذه المدارس التي تسعى لتغطية عجزها باستقلالية في مواضيع الامتحانات لتكون بعيدة عن الرقابة مُحملا في الوقت ذاته الوزارة الوصية مسؤولية أي تجاوز في هذا الصدد خاصة وأنها المسؤولة عن مراقبة المدارس الخاصة. * * * البرنامج الدراسي كان يُتمم بطريقة عادية في النظام القديم * بدعة "عتبة الدروس" أعاقت المترشحين للبكالوريا * * نقابات التربية: برنامج دراسي غير متمم يُنتج تلاميذ غير مؤهلين لدخول الجامعة * وصفت نقابات التربية وجمعيات أولياء التلاميذ المترشحين لامتحان شهادة البكالوريا دورة 2009 بغير المؤهلين لدخول الجامعة والضحايا لبدعة "عتبة الدروس" وفضيحة عدم إكمال البرنامج الدراسي لتلاميذ أقسام النهائي والتي أسفرت عنها سياسية "البريكولاج والترقيع" المنتهجة من قبل وزارة التربية الوطنية لتغطية عيوب ومساوئ الإصلاحات التي حولت منظومة التربية إلى منظومة للتغبية. * وقال مزيان مريان المنسق الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني إلى أن نقابات التربية طالبت وزارة التربية الوطنية منذ أن ابتدعت "عتبة الدروس" واخترعت "اللجنة الوطنية لتقييم مدى تقدم البرامج" بالكف عن اتخاذ مثل هذه الحلول الوهمية وانتهاج سياسة الهروب إلى الأمام وضرورة معالجة القضية والمشكل بطريقة جذرية بإشراك جميع الفاعلين في المنظومة التربوية، مشيرا إلى أن هذه الحلول السطحية والقرارات الارتجالية التي اتخذتها الوصاية قبيل دورة بكالوريا 2007 لإطفاء غضب التلاميذ بعد ثورتهم في الشوارع لكثافة برامج النظام الجديد يمكن أنها عالجت المشكل يومها وأعادت التلاميذ إلى المدارس وأجروا امتحان شهادة البكالوريا، إلا أن الآثار السلبية لهذا القرار نُسجلها كل يوم في جامعاتنا، ومستوى هؤلاء الطلبة الجامعيين الجدد والناجحون في شهادة البكالوريا وفق النظام الجديد والمعادلة بسيطة فكل برنامج دراسي غير متمم ينتج تلاميذ غير مؤهلين لدخول الجامعة. * وتساءل المتحدث "كيف نُسطر برنامجا دراسيا، ثم نُحدد له عتبات ونوجد مبررات لعدم تكملته؟.. أليس من الأولى أن نضبط البرنامج جيدا وندرسه وفق جدول زمني محدد يضمن لنا أن نُحضر تلاميذ مرشحين حقيقة لدخول الجامعة"، مضيفا ربما يتحجج البعض بالإضرابات والأحداث الطارئة التي تعوق السير العادي للعملية التربوية وتقديم الدروس كما حدث سنة 2007، إلا أنه غير معقول أن نحدد عتبة الدروس في سنة عادية لم تشبها إضرابات ولا انقطاعات مفاجئة عن الدراسة، والتفسير الوحيد لهذا الإجراء هو أن الإصلاحات المستحدثة غير مدروسة وفاشلة تماما، والدليل أنه قبل ثلاث سنوات كان تلاميذ النهائي يتمون البرنامج الدراسي بشكل كامل دون أي تحديد للدروس على حد تعبير ذات المتحدث الذي اختتم كلامه ب"هذا أمر غير مقبول وغير منطقي، وهذه الإجراءات أنجبت ناجحين في البكالوريا منقوصين وأعاقت الطلبة الجامعيين الجدد". * وأشار مسعود عمراوي، المكلف بالإعلام على مستوى الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين أن تحديد الدروس التي يمتحن فيها المترشحون لشهادة البكالوريا هو مشكل حقيقي وفي الوقت ذاته هو نتيجة طبيعية لخلل نما وتعقّد مع الزمن لتعنت الوصاية ورفضها دراسته ومحاولة حله منذ أن استحدثت الإصلاحات في المنظومة التربوية، حيث تسببت هذه الأخيرة في ضخامة البرامج الدراسية التي تعتمد شكليا على المقاربة بالكفاءة، في حين حقيقتها هي حشو للتلميذ بمعلومات لا يستوعب 50 بالمائة منها، ورغم إجبار الأساتذة على الإسراع في إكمال البرنامج، إلا أن ضخامته واعتباطية الإصلاحات حالت دون إكماله ما أدى بالوزارة الوصية لاتخاذ إجرءات استعجاليه زادت الطين بلة. * واعتبر عمراوي أن مثل هذه الإجراءات الترقيعية كتحديد عتبة الدروس وإجبار الأساتذة على إكمال أكبر قدر من البرنامج الدراسي رغم كثافته وضخامته في سباق مع الزمن تُحيد المنظومة التربوية عن السكة وأهدافها الحقيقية، حيث الهدف الحقيقي هو إيصال المعلومة للتلميذ كاملة وبتمعن، والتأكد من استيعابها وليس مسابقة الزمن وإلقاء الدروس وإتمام البرنامج أو اتخاذ إجراءات احتياطية كتحديد الدروس لتنحصر المنظومة في دائرة الشكليات وهي إجراءات الامتحانات الرسمية حتى وإن لم يع التلميذ شيئا من البرنامج الدراسي. * * نقابات التربية تشخّص "مشروع" بن بوزيد "للشروق" * الإصلاح قرار عشوائي والتردد في تطبيقه دليل على فشله * أجمعت التنظيمات النقابية التي اتصلت بها الشروق بأن الإصلاحات التي شرعت وزارة التربية الوطنية في تطبيقها مهددة بالفشل وتواجهها إشكالات بداغوجية ومنهجية تحول دون تبني مناهج سليمة في عملية الإصلاح، فتأجيل تطبيق الوضعية الإدماجية والتردد في تبني المقاربة بالكفاءات في العملية التربوية والحجم الساعي وكثافة الدروس تجعل من الإصلاح مجرد منهج تربوي عديم الجدوى. * * بوخطة محمد (الناطق باسم مجلس ثانويات العاصمة) * الأسرة التربوية لم تختر الإصلاح والتلميذ الغائب الأكبر في المشروع * أوضح الناطق باسم مجلس ثانويات العاصمة محمد بوخطة بأن الأسرة التربوية لم تختر الإصلاحات بل كانت تنتظر قرار ا فوقيا من قبل السلطات الوصية، وبالتالي هي لا تملك حقيقة معايير الحكم عليها، مؤكدا في هذا الشأن بأنهم مثل باقي الفاعلين التربويين في الساحة التربوية، كنا مجبرين على تنفيذ سياسة الإصلاح المشوبة بالخلل في طريقة التطبيق المستعجلة أو التي لا تخضع إلى شراكة حقيقية مع الفاعلين التربويين، والنتيجة يقول ممثل مجلس ثانويات العاصمة إصابة سياسة الإصلاح بعدم الفعالية وهي التي همشت أهم عنصر في العملية التربوية وهو "التلميذ" الذي تحسن بعض الشيء مستواه التعليمي، لكن على حساب جوانب أخرى مثل كثافة البرامج وثقل الحقيبة المدرسية. * * * عبد الكريم بوجناح (رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية) * لا يجب تقديم أسئلة سهلة في البكالوريا ثم نتباهى بالنتائج * قال رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية عبد الكريم بوجناح بأنه لا يمكن تقييم الإصلاح خلال سنة أو سنتين بل يتطلب الأمر أعواما ومدة أطول لنتأكد بعدها إذا كان المشروع التربوي في الطريق الصحيح أو الخطأ. * وكشف بوجناح بأن نقابته أجرت دراسة السنة الماضية على عينة من التلاميذ وأظهرت بأن نتائج التلاميذ السنة السادسة الذين اجتازوا امتحانات نهاية المرحلة الابتدائية كانت أحسن بكثير من نتائج تلاميذ السنة الخامسة الذين خضعوا لبرامج الإصلاح وهذا يعني شيئا واحدا وهو أن الراسبين يفتقدون لمكتسبات قبلية. * أما بالنسبة لبكالوريا 2009 بعد سنتين من الإصلاح فيرى رئيس نقابة عمال التربية بأن المحك الحقيقي لها هو أن لا تلجأ وزارة التربية الوطنية إلى تقديم أسئلة سهلة للمترشحين لهذه الشهادة حتى لا تصل نسبة الناجحين أكثر من المتوقع ثم نقول بأن هذا هو ثمار الإصلاح، بل يجب أن تكون أسئلة مثل ماكانت في سنوات سابقة التي كانت للبكالوريا مصداقية وشأن في المنظومة التربوية الوطنية. * * عمراوي مسعود (أمين وطني بالإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين) * أي إصلاح لا يخضع للمقاربة بالكفاءات مصيره الفشل * اعتبر المكلف بالإعلام بالإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين بأن عملية الإصلاح ناقصة مع أنها ينبغي أن تكون شاملة لتنسحب على المناهج والكتاب المدرسي وطريقة التدريس، إلا أننا نلاحظ أنه كلما حان اختبار شهادة البكالوريا إلا وأعلنت وزارة التربية الوطنية عن إرجاء تطبيق التدريس بالوضعية الإدماجية وهو العمود الفقري للإصلاح، مستغربا في السياق ذاته التأخر المسجل في تكوين الأساتذة والمفتشين للتمكن من التدريس بالطريقة المقاربة بالكفاءة التي تعتبر من أولويات الإصلاح، كما أنه يستلزم إعادة النظر في الحجم الساعي الذي نراه كثيفا، وكذا تقليص البرنامج حيث يتمكن الأساتذة من التركيز وتبليغ المعلومات بدل التسابق لإنهاء الدروس دون اعتبار لقدرة التلاميذ على استيعاب الدروس مما يجعل وزارة التربية في نهاية كل سنة دراسية تطالب مديري المؤسسات التربوية بالإسراع في إنهاء الدروس. * * مزيان مريان (رئيس المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني) * كيف يعترف وزير التربية بكثافة الدروس ولم يفعل شيئا؟ * أشار رئيس المجلس الوطني لأساتذة التعليم الوطني والتقني مزيان مريان بأن بدون تطبيق المقاربة بالكفاءات التي حذفت من برنامج الإصلاح لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتحدث عن شيء اسمه الإصلاح، وهو ما يجب على الوزارة الفصل نهائيا فيما يجب تطبيقه أو إلغاءه من البرنامج. * فالإصلاح الشامل في قطاع التربية حسب مزيان مريان لا نستطيع أن نطبقه بسبب الحجم الساعي والذي يرافقه كثافة الدروس والبرامج التي لا تنتهي ليدخل الأساتذة والتلاميذ في سباق مع الزمن لإنهاء الدروس. * للأسف يقول ناطق باسم الكنابست لم نر إلا في الجزائر أين حولت التلاميذ إلى ورشة من قطع الغيار، وأضاف قائلا "أستغرب أن الوزير شخصيا اعترف بكثافة الدروس في الابتدائي ومع ذلك لم يفعل شيئا للتخفيف منه"، وتساءل مزيان مريان في تغييب دور البداغوجيين في عملية الإصلاح الذي نجح بحسبه في كندا، فلا ينجح بالضرورة وبنفس الشروط بالجزائر، فلكل بلد خصوصيته، ودليل فشل سياسية الإصلاح حسب مزيان مريان ليس في نتائج البكالوريا فقط بل حتى في الجامعة، حيث لاحظ أنه خلال السنتين الأخيرتين غادر عدد من طلبة السنة أولى جامعي مقاعد الدراسة بسبب ضعف المستوى. *