سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الزاوية العطائية لمقاصد الخير" بعين أفقه منارة للعلم وتاريخ حافل بالعطاء و التضحية في سبيل تعليم القرآن الكريم بها مراسلات متعددة مع مشايخ بالمسجد النبوي الشريف
الزاوية العطائية بعين افقه تزخر ولاية الجلفة بالعديد من الزوايا التي كانت بمثابة المنارة الحقيقية التي تبث الوعي وتنشر العلم، لتقف بذلك حصنا منيعا أمام آلة الإستدمار الفرنسي، التي عاثت تنكيلا و تجهيلا في أبناء الشعب الجزائري، فعمدت هاته الزوايا إلى التغلغل في أوساط أبناء الشعب لتعليمهم القرآن الكريم و القيم الفاضلة، و توطينها في قلوبهم وعقولهم، ومن بين هاته الزوايا نجد "الزاوية العطائية لمقاصد الخير" بعين أفقه وهي التي كانت ولا تزال ذات مكانة خاصة، تنشر الخير و تدعو إلى الفضيلة، "الجلفة إنفو" زارت هذا الصرح والإرث الحضاري لتقف على معالم هاته الزاوية وجوانب تاريخية مضيئة بها. التعريف بالزاوية: تقع زاوية الحاج "عطاالله البوزيدي" بوسط جنوب مدينة عين أفقه بالقرب من الطريق الرئيسي للمدينة، حيث تتربع على مساحة واسعة، و يوجد بها المسجد العتيق المسمى "مسجد الحاج عطالله العتيق" وهو النواة الأولى للزاوية حيث يتربع على مساحة تتجاوز 40 متر مربع، بجواره مسجد تم تشييده سنة 2004 أطلق عليه اسم "محمد بن أبي القاسم" وبه دورة للمياه حديثة. كما يوجد بالزاوية مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم و 3 غرف مجهزة لإيواء الطلبة وعابري السبيل، إلى جانب مشروع قيد الإنجاز لبناء الزاوية بشكل حديث وعصري و الأشغال به جارية على مساحة تتجاوز 728 متر مربع. النشأة و التأسيس: تأسست الزاوية العطائية سنة 1920، في الخيم بالبادية بمنطقة تسمى"بحوش بايزيد" تبعد حوالي 11 كم من مدينة عين افقه باتجاه حد الصحاري، وبقيت الزاوية بتلك المنطقة تعمل على تحفيظ القرآن لصبية المنطقة، ونشر الوعي وتهذيب النفوس، إلى أن تم نقلها سنة 1939 إلى مكانها الحالي، أين شرع "الحاج عطاالله" في تشييد بناءات للزاوية كانت بمثابة النواة الأولى لتشكّل مدينة عين أفقه لاحقا، وكان الهدف من بناءها التكفل بعابري السبيل و توفير مكان ملائم لطلبة العلم وحفظة القرآن الكريم، وهذا بمباركة مشايخ و علماء زاوية "الهامل"، فكان مؤسسها "الشيخ عطاالله البوزيدي" يقتفي أثر مشايخ زاوية "الهامل" في طلب العلم وتسيير زاويته، حتى شاع ذكرها وذاع صيتها آنذاك بمنطقة الصحاري وما جاورها، فأقبل الناس إليها من كل مكان، حتى أصبحت منزلا للمأوى و سكنا لطلبة الفقه وحفظة القرآن الكريم. مؤسس الزاوية: يعتبر الشيخ "الحاج عطاالله البوزيدي" المؤسس الأول لزاوية عين أفقه، وهذا بمباركة ورعاية من والده "الحاج بايزيد"، وقد كانت الزاوية وإلى وقت قريب تسمى بزاوية عين أفقه، إلى أن أطلق عليها بصفة رسمية اسم "الزاوية العطائية لمقاصد الخير" نسبة إلى مؤسسها الأول "الحاج عطا الله البوزيدي" في حدود سنة 2005، حسب رواية شيخ الزاوية الحالي. شيخ الزاوية الأبرز: يعد الشيخ الإمام الحاج "محمد بن عطاالله البوزيدي" أبرز شيخ بالزاوية "العطائية لمقاصد الخير" نظرا لمكانته العلمية و الإجتماعية، حتى اضحى علما من أعلام منطقة الصحاري بأكملها، وقد ولد الشيخ سنة 1913 بضاية أولاد لحسن قرب مكان يسمى "بحوش بايزيد" ببادية عين أفقه، حيث حفظ الجزء الأكبر من القرآن الكريم بزاوية والده "الحاج عطاالله"، لينتقل بعدها إلى زاوية "الهامل" أين أتم تعليمه الشرعي بها سنة 1931، وعمره لم يتجاوز آنذاك ال18 سنة، ليعود بعدها إلى مسقط رأسه عين افقه مشمّرا على ساعديه لتعليم الناس العلم الشرعي وتفقيههم في أمور دينهم. ولما توفي والده الشيخ "الحاج عطاالله" سنة 1958 تولي الإمام "محمد بن عطا الله البوزيدي" مشيخة الزاوية، بأمر من شيخ زاوية "الهامل" الشيخ "مصطفى بن محمد القاسمي". وقد أجيز الشيخ من قبل العديد من الأئمة والعلماء في الفقه و الفلك، فكان له قدم راسخ في هذين العلمين، فقد أجازه الشيخ "محمد بن عزوز المختار القاسمي" في الفقه المالكي عموما و وخصوصا في مختصر الخليل بن إسحاق وشرح الخرشي والدردير و التحفة وشروحها و ميارة الرسالة وغيرها كثير، فهو يجيد علم الفرائض، كما أجازه الشيخ "علي بن محمد بن الصافي النايلي" كذلك في الفقه. كما للشيخ العديد من المراسلات مع المشايخ من زاوية "الهامل" و عدد من المدرّسين بالمسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة كما هو الحال مع مراسلات المُدرّس بالمسجد النبوي الشيخ "ابراهيم البجاوي" . وبعد عمر مديد حافل بالعطاء و الزهد والورع و التقوى، وإصلاح ذات البين و نشر العلم، توفي الشيخ الإمام "محمد بن عطاالله البوزيدي"، بعدما أقعده المرض مدة خمس سنوات، عن عمر ناهز المائة عام، حيث لقى ربه شاكرا صابرا محتسبا صبيحة يوم الإثنين 07 جانفي 2013 بعين أفقه. شيخ الزاوية الحالي: بعد وفاة العلامة الشيخ "محمد بن عطاالله البوزيدي" تولى مشيخة الزاوية ولده "زين العابدين بن محمد البوزيدي" بتزكية من شيخه "محمد المأمون القاسمي" شيخ زاوية "الهامل"، ولد شيخ الزاوية الحالي في 24 ماي 1955 و هو حاصل على الشهادة الأهلية للتعليم الأصلي و متقاعد من قطاع التعليم سنة 2006، و يقدم حاليا دروسا يومية بمسجد الزاوية بعد صلاة المغرب. العلماء الذين تعاقبوا على الزاوية علما وزيارة: شهدت الزاوية تعاقب العديد من المشايخ عليها، تدريسا وزيارة، وهو ما ذكره شيخها الإمام "محمد بن عطاالله البوزيدي"، في وثيقة مكتوبة بخط يده رحمه الله، حيث عدّد 53 شيخا منهم 26 شيخا عملوا بالتدريس بالزاوية، من تدريس للفقه المالكي و تحفيظ للقرآن الكريم، ومنهم الشيخ محمد الشريف الهاملي و الشيخ محمد رافع الفرجاني و الشيخ قدور بن محمد الزاوي و غيرهم، أما عدد الشيوخ الذين زاروا الزاوية حسب ذات الوثيقة فقد بلغ 27 شيخا من عدة مناطق وزوايا من القاسميين كشيخ زاوية "الهامل" مصطفى القاسمي و محمد مأمون القاسمي و محمد بن عزوز بن الشيخ المختار، و من أولاد جلال كالشيخ سيدي عبد الحميد بن محمد الصغير و من طولقة كالشيخ عبد القادر عثماني شيخ الزاوية، ومن عدة مناطق أخرى كالشيخ ابراهيم بن بن عزوز من زاوية عين أقلال ببويرة الأحداب و الشيخ عبد الرحمن بن الأبيض البوسعادي وغيرهم. دور الزاوية في الثورة التحريرية: ظلت زاوية عين افقه موضع تقدير وإجلال من قبل الثوار إبان الثورة التحريرية المظفرة، أين كانت مكان للإلتقاء و التزود بالمؤونة و الغذاء، فأضحت مكانا إستراتيجيا لهم، وهو الأمر الذي تفطن له المستعمر الفرنسي فعمل على تشديد الرقابة عليها، و جعل الزاوية عرضة للاقتحام في كل مرة لمعرفته بالخطر الذي تشكله، نظرا للمكانة الكبيرة التي تحضى به الزاوية بالمنطقة، حتى عمد إلى تهديم الزاوية و تجريد بنيانها من متاعها وعدّتها وسلب كل ممتلكاتها، حتى أفقرها من جميع معالمها و طمس سائر آثارها، ورغم كل ما لحق بها من خراب وتدمير إلا أن شيخها المؤسس "عطاالله" استطاع أن يعيدها إلى سابق عهدها، من خلال إعادة بنائها فكان مُموّنها الأوحد لها يسعى بحزم ويجتهد بمبالغة لتحصيل أفضل القرّاء وخير الفقهاء لتنوير المكان و تعطير المنطقة ونشر العلم وبث الوعي. مدرسة الزاوية: تتميز مدرسة الزاوية العطائية بنشاطها الدائم وعملها المستمر طوال السنة، لتكون ملاذا آمنا لأبناء ساكنة عين أفقه، لأخذ العلم و حفظ القرآن الكريم، حيث يدرس بها حاليا 71 طالبا من مختلف الأعمار والمستويات الدراسية، مسجّلين بصفة إنتضامية، منهم من قارب على حفظ القرآن الكريم، كما عرفت المدرسة تخرج العديد من حفظة القرآن الكريم، إلى جانب مرور أغلب أبناء وساكنة مدينة عين افقه عبر هاته الزاوية التي تقع بوسط المدينة. و تحضى المدرسة القرآنية بمتابعة كبيرة لشيخ الزاوية الحالي "زين العابدين بن محمد البوزيدي"، الذي يشرف على تقديم أحاديث الأربعين نووية للطلبة، والحزب الراتب بصورة دائمة، إلى جانب جلوسه لتقديم دروس بعد صلاة المغرب في مسجد الزاوية. كما ينتهج معلم المدرسة القرآنية طريقة "ختمة الحزب"، بحيث يتم الخروج جماعيا إلى مزرعة "الزاوية"، و مباركة الطلبة الحفظة ممن ختموا حزبا، من خلال رسم رسومات على لوحة كل حافظ أسفل الجزء المختوم، وهي عملية تحفيزية للطلبة من أجل حثهم على الإسراع في الحفظ ومنافسة أقرانهم. مشروع بناء الزاوية: تعمل مشيخة الزاوية حاليا على إنجاز مشروع مهم وواعد، وهو بناء الزاوية العطائية بصورة حديثة وهندسة معمارية جميلة، بجوار مسجد ومدرسة الزاوية القديمة على مساحة تتجاوز ال 728 متر مربع، إذ تعرف الأشغال بالمشروع تقدما ملحوظا، حيث يشمل مخطط المشروع على قاعة كبيرة للمحاضرات و مرقد و مطعم و مدرسة قرآنية، تكون بمثابة معهد متكامل هدفه خدمة العلم و نشر القرآن الكريم، حيث لا تزال الزاوية تنتظر مساهمة المحسنين وأصحاب الخير لإكمال هذا المشروع و تحقيقه في القريب العاجل. مكتبة الزاوية: تحتوي مكتبة الزاوية العطائية حاليا على عدد معتبر من المخطوطات، تجاوز عددها الأربعين مخطوطا، و أكثر من 70 كتابا من أمهات الكتب، وهي التي كانت مليئة بعدد كبير من المخطوطات والكتب، لكن هذا الكنز الكبير تفرّق بين بعض الأئمة و الدارسين و أهالي شيخ الزاوية. كما توجد بالزاوية عدد من المراسلات التي وثقت بين شيخ الزاوية "محمد بن عطاالله البوزيدي" و عدد من مشايخ الزوايا و مشايخ من المسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة، إلى جانب خطب ورسائل بخط يد الشيخ تجاوزت ال 60 خطبة في شتى المجالات الفقهية و السيرة و الأعلام و التربية و غيرها، تؤكد عن غزارة علم الشيخ وتمكنه من الفقه المالكي.
مُوفد "الجلفة إنفو"، الصحفي "محمد صالح" رفقة شيخ الزاوية الشيخ "زين العابدين بن محمد البوزيدي"