لا يتوقف الاستاذ احمد رضا بوضياف نقيب المحامين العرب وعضو مجلس الامة سابقا عن مواكبة تطور مهنة الصحافة ببلادنا والاسهام في كل مسعى يهدف ا؟ تطويرها خاصة من جانب التأطير القانوني والعمل على معالجة قضايا القذف بعيدا عن الاجراءات العقابية التقليدية، فهو من انصار التصدي لما يعد مخالفة لقواعد المهنة من خلال بعث مجلس الاخلاقيات بدل اي اجراء آخر ويدعو للنهوض بالتكوين المستمر للصحافيين الشباب تفاديا للسقوط في المحظور بما يحمي المهنة ومحترفيها. وفي هذه المقابلة التي خص بها مندوب ''الشعب'' يوضح عديد من المسائل ذات الصلة بالجوانب القانونية للمهنة التي يعتبرها قطعت شوطا متميزا رغم ما يحصل احيانا من خروج عن خط المهنة بدون قصد في غالب الاحيان، ويغتنم الفرصة ليدعو الى التكفل بهذا القطا باعتبار حرية التعبير حجر زاوية للمسار التعددي والديمقراطي وفيما يلي مضمون الحديث: ̄ سؤال: من وجهة نظر قانونية وباعتبارك من المتتبعين لديناميكية الصحافة ببلادنا ما هو تقييمك لمسار حرية التعبير؟ ̄ ̄ جواب الاستاذ بوضياف: بداية وبكل صدق الملاحظ من دخول قطا الصحافة مسار التعددية الاعلامية تسجيل تحسن فأصبحت السوق غنية بالعناوين من حيث الكم والنو. وبموضوعية هناك الجيد وهناك ما يزال يتطلب الكثير من الجهد لتطوير الرسالة الاعلامية ومع ذلك يبقى التفاؤل قائما لمستقبل الصحافة ببلادنا، وحتى وإن حدثت بعض القضايا وهي باعتباري مشاكل ظرفية مثل بعض المتابعات القضائية لصحافيين فإن هذا التوجه يتجه نحو التراجع منذ السنوات الاخيرة فقد سجل انخفاض محسوس في المتابعات القضائية واشير هنا بالمناسبة الى المثال القوي الذي يقدمه رئيس الجمهورية شخصيا بعدم متابعة اي صحافي بل لم يتوقف في كل مناسبة عن الدعوة الى النهوض بالاعلام من حيث الجودة. وهنا بودي ان اشير كملاحظ متابع لمسار تطور الصحافة التعددية الى انه في بداية المشوار الرئاسي لرئيس الدولة كما تحدث عن الصحافة بشكل قاس نوعا ما كان يقصد برأي الحث على تنمية الممارسة الصحافية والنهوض بالقطا باعتباره قطاعا مرتبطا بشكل مباشر بالتحولات في كافة الميادين ومن ثمة تمثل الجودة عنصرا حيويا للتصدي لإعلام الاخر من مختلف جهات العالم والذي يترصد لبلادنا ولم يكن القصد غير ذلك. ̄ غالبا ما تصطدم الممارسة الصحفية بالقاعدة القانونية لقرينة البراءة. ما هي مضامين هذا المبدأ وما تأثيره على حرية الاعلام؟ ̄ ̄ في مثل هذه المناسبة الرمز لا ينبغي ان نقف فقط عند الايجابيات وكفى ولكن من باب الحرص على تقوية الاعلام الجزائري لا بد من امتلاك الجرأة لإجراء تشخيص نقدي بناء وبالتالي، الحديث عن بعض السلبيات، عموما انها سلبيات أو نقائص غير مقصودة ذلك ان اغلبية الممارسين لمهنة الصحافة من الشباب الذين ينقصهم التكوين المتين وليس لديهم الخبرة. يلاحظ من خلال الاحتكاك ان الخلل يكمن في عدم دراية حقوق المواطن بالنسبة للصحافة مثل قرينة البراءة. فهناك مبدأ انساني وقانوني هو قرينة البراءأة اي ان الانسان يعتبر بريئا وغير مذنب الى ان يدان من محكمة رسمية وفي محاكمة عادلة، وللأسف يلاحظ كثيرا كيف ان صحفيا يتحول الى محقق وقاض ويفصل في قضايا تثار اعلاميا والمسؤولية هنا تعود لمسؤولي التحرير في الجرائد فلهؤلاء مسؤولية كبرى من حيث التكوين الادبي والمهني للصحافيين الشباب وافهامهم ان البحث عن السبق لا يجب ان يمس كرامة الناس وشرفهم ولا يتعدى على حريات المواطن. ويمكن القول ان الوقت حان لتقويم المهنة نفسها بإنشاء الهيئات التي تتكفل بمثل هذا الملف وهناك مسائل تقع على المهنة مثل النقابات حتى تعطى المصداقية لمهنة الصحفي الذي لا يجب ان يقبل بمهاجمة الناس بدون ضوابط حتى لا يصبح محل غير موثوق به في ظل منافسة امام القارئ الذي يختار الافضل من حيث المصداقية وقوة التحليل وجودة التقديم للمنتوج الاعلامي ولا يمكن تبرير اي خلل بمصدر الخبر الذي يحميه القانون وطالما ان الخبر صادق فلا يخشى الصحفي اي شيء. والى جانب التكوين والاخلاق فقد اصبح من الضروري التوجه الى ارساء قاعدة التخصص كما هو معمول عالميا، فالصحافي القدير لا يتحدث في كل شيء من السياسة الى كرة القدم مرورا بالإقتصاد وانما هناك الصحفي السياسي والآخر علمي والآخر قضائي كما هو جار في اقوى البلدان اعلاميا وكل صحفي متخصص يكون كفؤا ويعرف خلفيات القضايا وبالتالي يفيد المجمتع والمواطن وينتقد بالحجج وهذا كله من مسؤولية المهنة نفسها بأن تصنع جسورا مع الهيئات العمومية لإحداث التخصص الصحفي. إن التخصص الاعلامي امر ضروري في هذا الظرف امام السرعة والبحث عن الدقة في المعلومات وهذا يثير اهمية التكوين المتواصل، فالمطلوب من الصحفي ان ينير الرأي العام ويفيده وليس تغليطه أو التشويش عليه. ̄ بالنسبة للشخص العمومي، ما هو برأيك مركزه بالنسبة للممارسة الصحفية لتفادي السقوط في دائرة القذف ودون الانقاص من حرية المهنة؟ ̄ ̄ إن الشخص العمومي معرض للنقد بحكم انه يمارس مهنة عمومية وهو من حيث المبدأ في خدمة المجتمع ولذلك من الطبيعي ان يقدم حسابات عن تصرفاته كشخص عمومي. غير انه لا يحق التعرض لحياته الخاصة، وكلما تناول الصحفي جوانب ذات علاقة بالنشاط العمومي لهذا الشخص فالأمر عادي ومقبول لكن إذا تعرض لجوانب مرتبطة بالحياة الخاصة وليس لها صلة بالوظيفة فهذا مرفوض قانونا. وهنا تبرز الكفاءة المهنية للصحفي الذي لديه القدرة على التمييز بين ما يعد ضمن المصلحة العامة وما يدخل في اعتبار الحياة الخاصة للشخص، فالمطلوب متابعة ومعالجة ما يهم وظيفة الشخص العمومي، والمعيار يكمن في الكفاءة والضمير المهني للصحفي الذي لا يلحق الضرر بالغير طالما يرفض ذلك لنفسه. وبلا شك إذا ابتعد الصحفي عن هذا الخط يعرض نفسه للمتابعة وينزلق باتجاه الخوض امام المحاكم واعتبر ان الوقاية من السقوط في جريمة القذف يكون من خلال عنصري التمتع بالكفاءة والضمير، اما من يتجرد من هذين العنصرين وينزلق في خدمة مصالح لا علاقة لها بالمهنة فيسقط في دائرة المتابعة القضائية. هكذا إذن فإن الالتزام بأخلاقيات المهنة هو صمام امان وحماية للصحفي، ولذلك ادعو اهل المهنة للتجند والعمل باتجاه رد الاعتبار لمجلس اخلاقيات مهنة الصحافة وتفعيل منظومة عقوبات اخلاقية مثل سحب مؤقت أو دائم لبطاقة الاعتماد أو حرمان من الكتابة لأجل مسمى بدل اقتياد الصحفي للسجن. ذلك ان مثول صحفي امام مجلس تأديب للمهنة كما هو الحال في المحاماة ومساءلته من طرف زملائه في المهنة افضل وسيلة للنهوض بالصحافة وتطهيرها، وبلا شك العقوبات، المعنوية تؤتي ثمارها. ̄ بالمناسبة ما هي طبيعة العلاقة بين الاعلام والعدالة؟ ̄ ̄ الاصل ان الاعلام يعد حليفا للعدالة إذ يمكن من خلال معلومات تنشر في الصحافة مساعدة العدالة في التوصل الى الحقيقة أو الاقتراب منها، فالصحفي هو بمثابة شاهد مفضل على ما يجري في المجتمع إذا كانت شهادته المهنية امينة وكان في المستوى من حيث الأمانة والصدق. وبالمقابل على العدالة كذلك ان تعيد هذا الجميل بمساعدة الصحفي في القيام بعمله بتقديم المعلومات إليه وفتح الأبواب امامه ليفيد اكثر، وهكذا لا يجب ان تكون العلاقة بين الطرفين علاقة صرا وتأزم لأن المصالح مشتركة تتمثل اساسا في خدمة المواطن والمجتمع، فلا يعقل ان تكون بينهما علاقة تصادم طالما ان الغاية هي البحث عن الحقيقة وفقط. وبالمناسبة أود أن اهنئ اسرة الصحافة الجزائرية قاطبة بعيدها العالمي وامامها الفرصة اليوم للنهوض بالمهنة واحيي العاملين في الصحافة على الجهود التي تبذل كل يوم أملا أن يتحقق تطور مستمر في ظل بذل جهود باتجاه النوعية ذلك ان المجتمع بحاجة لصحافة ذات كفاءة وذات مصداقية. ̄ أجرى المقابلة : سعيد بن