حصة وزارة الثّقافة من التّرجمة لا تتعدى 0,01٪ من ميزانيتها دعا مشاركون في النّدوة الدولية الأولى حول الترجمة وممارساتها بين التكوين والتحيين المنعقدة مؤخرا بمركز البحث في الأنثروبولوجية الاجتماعية والثقافية بوهران، إلى ضرورة تطوير حركة الترجمة في الجزائر، باعتبارها أداة أساسية لدخول مجتمع المعرفة والمشاركة الفاعلة في العولمة، وركنا أساسيا في مختلف المجالات. وطالب المؤتمر المنظّم من قبل وحدة البحث حول الترجمة والمصطلحية التابعة لكراسك وهران بمراجعة التشريعات المنظمة لدور النشر والتوزيع بما يساعد على ضمان الجودة والنوعية، ويؤمن رواج المؤلفات والمترجمات والاستفادة منها على أوسع نطاق وفي مختلف الميادين والمجالات، مع التفكير الجدي في تخصيص دعم للترجمة وتموين خاص، تشترك فيه جميع الوزارات والمؤسسات ذات الصلة. ويكاد يتّفق كلّ الباحثين على أنّ وضع التّرجمة في الجزائر متردّيا، تسوده الفوضى والارتجال ويغلب عليه تشتت الجهود وغياب النّجاعة وضعف المردود، إلا أن أكثر ما يثير سخطهم، الوقوع في براثن دور النشر التي لا تبحث في أغلبها عن قضايا الجودة أو الجمال، بقدر اهتمامها بالجانب التجاري. تترجم الجزائر سنويا ما بين 20 و30 كتابا بمعدّل كتابين في الشّهر في حديثه ل «الشعب»، أثار الدكتور سعيد بوطاجين من جامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم مشكلة أخرى تقنية، تتعلّق بالأخطاء الشائعة في الترجمة والناتجة، بحسبه، عن غياب «المراجعة الدقيقة» التي تتحلى بها بعض الدول العربية الرائدة في هذا المجال، على غرار بيروت وأبوظبي، لعلّ أبرزَها اختفاء جمل أو مقاطع، بغض النظر عن القضايا المتعلقة بالدلالات والمعاني، يضيف نفس المتحدّث. وأرجع بوطاجين تلك الفجوة إلى عدم وجود عمل تنسيقي بين الجهات العاملة في مجال الترجمة وغياب الاستثمارات الكافية، داعيا في الوقت نفسه وزارة التعليم العالي والمجاهدين والمجلس الأعلى للغة العربية أو المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار والشركات العمومية، على رأسها مؤسسة «سوناطراك»، إلى رعاية الترجمة ومواكبة التطورات الحاصلة في هذا المجال. وتترجم الجزائر سنويا في أكثر تقدير ما بين 20 و30 كتاب بمعدل كتابين في الشهر، في حين تترجم إسبانيا خلال نفس المدة 33 . 833 كتاب شهريا، أي بمعدل 39 . 27 كتاب يوميا، وهو عدد يفوق ما تقدمه الجزائر في سنة كاملة، يضيف نفس المتحدّث منتقدا في الوقت نفسه الميزانية المخصّصة للثقافة بالجزائر، والتي كانت قبل ثلاثة سنوات في حدود 0,1٪ من الميزانية الوطنية، ثم بلغت 29 . 1٪ لتنخفض في قانون المالية 2016 بنسبة 65٪، فيما انخفض دعم الكتاب ب80٪. وأكّد في هذا الإطار، على ضرورة وضع استراتيجية منطقية لتوزيع ميزانية وزارة الثقافة، والتي تتوزّع حسبه على المسرح والفن والسينما والمهرجانات والنهج والرقص، فيما تخصّص للترجمة 01 . 0٪ على مستوى المشهد الثقافي، وهو أثّر حسبه على نوعية وجودة الترجمة في الجزائر، باعتبارها هيكلا متكاملا يحكمه هيئات وجماعات، لاسيما وأنّ تكلفة حفل مطرب واحد بميزانية وزارة الثقافة يكفي لترجمة 5600 كتاب، وتكلفة عشرة لاعبين يحصلون على مكافآت سنوية كافية لترجمة 40 ألف كتاب، مرجعا هذه القضية كما قال إلى بعض الاهتمام على مستوى الشركات العمومية والخاصة ورجال الأعمال. تراجع المقروئية في الجزائر إلى أقل من 87 . 0٪ يثير مخاوف دور النّشر وقال إنّ «التّرجمة في الجزائر مغامرة للنّاشر ماديا أولا، وثانيا عليه أن يضمن المقروئية»، لعدة أسباب حدّدها في غياب التموين الخاص بدور النشر والمترجمين والذي جعلهم يبتعدون عن هذا المجال، كونه يتطلّب نفقة إضافية كبيرة، انطلاقا من دفع أموال لشراء الحقوق من الناشر وحقوق الكاتب. كما أشار في هذا الصدد إلى دراسة في الجزائر، تقول أنّ المقروئية في في الجزائر تعادل 87 . 0٪، وتعادل في الجامعة الجزائرية أقل من 1 في المائة، وهو ما يجعل حسبه الناشر يتردّد في طبع الكتاب أو قراءته، ما جعل هؤلاء يطرحون الكلاسيكيات أو الكتب القديمة لأنّهم لا يشترون حقوق المؤلف. ودعا في سياق متّصل إلى ضرورة الابتعاد عن الارتجال والتفكير الجدي في إنشاء مخابر مؤهلة، على غرار مخبر الترجمة والمصطلح بالعاصمة، الذي يجمع خيرة المترجمين الجزائريّين الذين يشتغلّون على مختلف اللغات الأجنبية. الإعلان عن تأسيس جمعية جزائرية للتّرجمة بهدف التّأسيس لقانون أساسي للمترجم كما كشف عبد الرحمان الزاوي، مترجم ترجمان رسمي معتمد لدى وزارة العدل عن وجود ضغطا كبيرا على مستوى مكاتب الترجمة وطنيا، مشيرا إلى وجود عدد كبير من القضايا العالقة بأدراج المحاكم بسبب العجز المسجّل في عدد المترجمين، والبالغ عددهم 800 مترجم رسمي لدى المحاكم ينشط على المستوى الوطني، بينما قدر احتياجات الولاية الواحدة ب100 مترجم. وأكّد الزاوي الذي يمتلك مكتبا خاصا بالترجمة القانونية على ضرورة تغطية هذا العجز الذي يمس بصفة أكبر التاريخ الجزائري، في إشارة منه إلى الأرشيف الفرنسي والوثائق الفرنسية المتعلقة بملكية الأراضي والعقود القانونية على غرار عقود الزواج وغيرها التي لا تزال دون ترجمة إلى يومنا هذا، مشدّدا على ضرورة التفكير في إجراء مسابقة وطنية للمترجمين الرسميين لدى وزارة العدل، التي لم يتم تنظيمها منذ سنة 2011. كما نوّه بأهمية الترجمة القانونية التي جعلها في مصاف الصحة والطب، نظرا لدقة المصطلحات وحساسيتها في الحكم في مختلف القضايا المدنية والجنائية، وغيرها من القوانين التي تتحكّم في العدالة الجزائرية بكل أمانة. وأرجع الصّعوبة التي يتلقّاها المترجم في هذا المجال بالجزائر خاصة إلى غياب القواميس في القانون، مؤكّدا أنّ «القواميس الموجودة حاليا قليلة وتجارية أكثر منها علمية، معتبرا أنّ بلادنا متقدّمة في الترجمة الشفوية، لكنها تبقى غير مؤسّسة كتابيا، كونها تحتاج إلى مخابر بحث للتأسيس لما هو نظري». وأعلن في الختام عن تأسيس جمعية وطنية متخصّصة في الترجمة عموما، تحمل اسم «الجمعية الجزائرية للترجمة»، ستدخل حيّز الخدمة في نهاية شهر ديسمبر المقبل، تضم أعضاء من المترجمين على مستوى 48 ولاية، تهدف أساسا إلى التأسيس لقانون أساسي للمترجم. أزيد من 20 ترجمة للقرآن الكريم من العربية للفرنسيةو أكثر من 20 ترجمة للغة الإنجليزية بدوره، اعتبر الدكتور سعدي قاسي أستاذ الترجمة والأدب بجامعة تيزي وزو أنّه لا يوجد أعمال مترجمة من الأدب الأمازيغي إلى اللغة العربية، ما عدا رواية وحيدة لإبراهيم تزغارث تحمل عنوان «سلاس ونوجة « قام بترجمتها أستاذ الأدب العربي فرحات بلولي إلى اللغة العربية، مرجعا ذلك لعدة أسباب، أبرزها افتقاد بلادنا لأكاديمية أو معاهد متخصّصة في الترجمة تضمن التخصص في اللغتين العربية والأمازيغية، إلى جانب أغراض إيديولوجية وسياسية منها عدم اهتمام المناضلين السياسيين باللغة العربية. كما تطرّق الأستاذ قاسي في المداخلة التي قدّمها في الندوة الدولية حول «الترجمة وممارستها بين التكوين والتحيين» المنظّمة بوهران إلى ميدان الترجمة الأدبية على وجه الخصوص، وهو الانتقال من صورة يوسف «القرآن الكريم» إلى قصيدة شعرية بالأمازيغية، من خلال إعادة الكتابة أو الإبداع، متسائلا: هل هي ترجمة «حرفية» من سورة يوسف من القرآن الكريم أم إعادة إبداع لقصيدة؟ حيث يرى أنّ «المترجم لا يقوم بالترجمة الحرفية أو ترجمة الآيات من اللغة العربية إلى اللغة الأمازيعية، بل اقتباس من خلال أخذ فكرة عن قصة يوسف عليه والسلام ويعيد كتابتها كقصيدة»، موضحا أنّ معظم الآيات ترجمت بوفاء وهناك بعض الآيات لم تترجم أو هناك بعض المقتطفات من حياة سيدنا يوسف عليه السلام تمّ تضخيمها، كون أنّ القصيدة بالقبائلية، تمّ إنتاجها في مجتمع جبلي من مجتمع شمال إفريقيا لديه وجهات نظر مختلفة. كما يرى أنّها «قصيدة إبداعية» محضة، ترجمة قصة سيدنا يوسف شعرا، معتبرا في الوقت نفسها أنّها «منتوج الزوايا والمسجد»، يعود فيها الفضل للدروس التي تلقّوها الطلبة من بينهم شعراء في المساجد والزوايا المختصّة في تفسير القرآن وشرحه للمجتمع باللغة المحلية، وهي اللغة القبائلية في القرن السادس عشر حسب مولود معمري، يشير نفس المصدر. النّص المترجم من لغة وثقافة إلى لغة أخرى يجب أن يكون وفيّا للنّص الأصلي كما أوضح بأنّ «النّص المترجم من لغة وثقافة إلى لغة وثقافة أخرى يجب أن يكون وفيا للنص الأصلي من جهة، وللقارئ أو المستقبل القبائلي والمجتمع التقليدي بصفة عامة، معتبرا أن هذا النوع من المجتمعات «مجتمع شفوي لا يقرأ من الكتاب، وإنّما يقرأ من التراث الشفوي المغنى على غرار قصة سيدنا يوسف وسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام». وعاد ليؤكّد بأنّ القارئ المستقبل لهذه القصص في المجتمع التقليدي يستقبلها كشعر شفوي في مراسيم الجنائز وفي الأسواق من طرف المداحين، لافتا إلى أنّ قصة سيدنا يوسف موجودة كذلك في التراث باللغة العربية الدارجة وأدّاها المطرب رابح درياسة. ثلاث ترجمات فقط للقرآن الكريم من العربية للأمازيغية وقد حاول الباحث في مداخلته هذه أن يقيم مقارنة بين ثلاثة نصوص «النص القرآني، سورة يوسف عليه السلام والنص الأمازيغي القبائلي لقصة سيدنا يوسف بالغة العربية الدارجة»، موضحا بالقول «أنّ ميدان المقارنة يعطي فرصة كبيرة للإبداع الفني والأدبي باللغات الوطنية المحلية، وكيف انتقل النبي يوسف عليه السلام من الثقافة العربية الإسلامية إلى شمال إفريقيا بلغاتها المحلية القبائلية والعربية الدارجة الجزائرية، بما حملته من إبداع في تقنيات الترجمة وإعادة كتابة وتصور هذا الموروث الثقافي المشرقي في شمال إفريقيا. بينما لم ينف وجود بعض المحاولات لترجمة القرآن الكريم مباشرة من العربية إلى اللغة الأمازيغية، ويكمن التناقض يقول الباحث «عندما نقول أن الترجمة مستحيلة وفي الواقع يوجد أزيد من 20 ترجمة للقرآن الكريم من العربية للفرنسية وأكثر من 20 ترجمة للغة الانجليزية، بينما توجد ثلاثة ترجمات فقط للقرآن الكريم من العربية للأمازيغية، أهمها ترجمة الحاج الطيب محند، أستاذ القرآن الكريم بالزاية، كونه يتحكّم في اللغة العربية والنص القرآني واللغة الأمازيغية.