قال الباحث في تاريخ الجزائر جمال يحياوي، أمس، إن عنوان يومية “الشعب” ارتبط بإعلام المقاومة واستمرارية كفاح الشعب الجزائر بعد الاستقلال في معركة تعزيز الهوية الوطنية، مؤكدا أنها خط افتتاحي رصين يتحلى بالاحترافية والمهنية العالية. ارتبط اسم جريدة “الشعب”، قبل 55 عاما، بحسب الباحث يحياوي، بالحركة الوطنية ومرافقة المقاومة الجزائرية بعد الاستقلال، معتبرا إياها امتدادا ليومية “المقاومة” التي تأسست في 22 أكتوبر 1955، قائلا: “إنها رفقة جريدة المجاهد هما سليلتا جيش التحرير”. الرمزية التي خطتها اليومية خلال مسيرتها الطويلة والحافلة في مدة تربو عن نصف قرن من العطاء ساهمت في تكوين رجالات الدولة، فضلا عن جيل ذهبي من الصحفيين الذين يشتغلون في أغلب الصحف الوطنية، حيث ذكر يحياوي أن اليومية كان لها الفضل في صناعة قادة دولة أكفاء. أضاف المتحدث، أن الأقلام الكبيرة التي كانت يوما ما تكتب وتنقل هموم المواطنين وترافق الدولة في مسيرة البناء والتشييد بعد الاستقلال مباشرة، يسجل التاريخ اليوم تبوأهم مناصب عليا في الدولة، على غرار رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، الذي كان مدير أمّ الجرائد في زمن مضى. رمزية عنوان “الشعب” الذي رافق محطات الجزائر منذ تاريخ الاستقلال إلى يومنا هذا، يقول يحياوي، هو بحد ذاته تحدّ قامت به، سيما خلال فترة العشرية السوداء، فرغم الوضع الصعب إلا أن عمال اليومية واصلو عملهم بكل رصانة ودون هوادة للتصدي للدعاية المغرضة، وكلهم عزم وإرادة على الوقوف مع المواطنين في أداء الرسالة الإعلامية. بخصوص مكانتها على الساحة الإعلامية، وصف المتحدث «الشعب» “برمز الرصانة الإعلامية، إضافة إلى كونها رمزا للذاكرة الوطنية”. فاليومية التي يتحلى صحافيوها بأقلام متميزة لامتلاكهم الحس الوطني والاحترافية في نقل المعلومة بمصداقية، لا يمكن إلا أن تكون لها مكانة كبيرة على الساحة الوطنية، مؤكدا أن أم الجرائد ولدت من رحم الشعب وهي اليوم تقدم خدمة إعلامية متميزة لقرائها ومتابعيها. مرافقة اليومية للمقاومة هي بحد ذاتها محطة مفصلية في تاريخ الإعلام الوطني، فاليومية التي تأسست في مثل هذا اليوم 11 ديسمبر 1926 وهو التاريخ الذي يتزامن مع مظاهرات 1960، كانت تمثل الإعلام المقاوم بكل شقيه فالمظاهرات كانت منعرجا حاسما في تاريخ المقاومة الوطنية. كما ذكر الباحث بدور الجيل الذي يحمل اليوم مشعل يومية “الشعب” لمواصلة مسيرة أولئك الذين خطوا الخطوات الأولى لأم الجرائد في تاريخ الجزائر المستقلة، مواصلين أداء الأمانة في ظل انتهاج إعلام احترافي ومهني يصبو إلى تطلعات القراء. وعرج الباحث إلى ارتباط اليومية بمظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي لعب خلالها الإعلام الوطني دورا حساما بالتصدي للدعاية الفرنسية القائلة بأن الجزائر فرنسية. فالمظاهرات المناهضة لم تكن مسموعة إلى العالم لو لم يكن هناك إعلام مقاوم استطاع أن يوصل رسالة الجزائر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنهاتن بأمريكا، وأكد خلالها أن الشعب الجزائري يرفض جملة وتفصيلا أي وصاية من طرف فرنسا الاستعمارية وهو ما جعل ديغول يفشل في مهمته ويركع أمام ثورة يسجل التاريخ أحداثها بأحرف من ذهب.