نقاش ثري احتضنه معهد التاريخ بجامعة بوزريعة، حول تداعيات انتفاضة 8 ماي 1945، نشطه كل من الأساتذة ''محمد لحسن زغيدي'' و''محمد القورصو'' والمحامية ''فاطمة الزهراء بن براهيم''.. بحضور جمع من الطلبة. بن براهم تناولت الابعاد القانونية لجرائم 8 ماي ,1945. متسائلة في هذا الاطار قائلة هل الجريمة ضد الانسانية تسقط بالتقادم؟، وهنا قالت بن براهم ان الدعوى التي يستدعي الامر تحريكها تستند الى حيثيات قائمة على التوجه الى الدولة الفرنسية بدلا من الاشخاص الذين توفي معظمهم.. وليس امام صاحب الدعوى خيار سوى متابعة الدولة الفرنسية قضائيا، المسؤولة ماديا واخلاقيا عن ذلك الفعل الاجرامي. وتدعيما لقولها هذا استشهدت بن براهم بما قاله السفاح ''موريس بابون''، لقاضٍ بمحكمة فرنسية، اتهمه فيها بارتكاب جرائم ضد اليهود.. انه غير مسؤول عما ارتكبه مرجعا المسؤولية لمرؤوسيه الذين كانوا يلقون عليه الاوامر. وتبعا لذلك فان بن براهم، شددت على توجه جديد وهو التركيز على جريمة الدولة التي تسقط على فرنسا.. وهذا مايزعج حاليا الدوائر الفرنسية، التي ترفض رفضا قاطعا مثل هذا الطرح، الذي ترى فيه أنه مغالي و ذهب الى درجة بعيدة جدا.. في المتابعة القضائية. وفي هذا الاطار.. فان الجريمة ضد الانسانية لاتسقط بالتقادم.. لان الدولة الفرنسية ماتزال قائمة.. الى وقتنا هذا.. وهي مسؤولة عن كل الجرائم المقترفة منذ سنة 1830 الى غاية 1962. وحسب بن براهم.. فان ماحدث في 8 ماي 1945 من اعمال قتل.. وتعذيب حتى الموت بأمر من ديغول، الذي اصدره في مرسوم.. فهذا وحده كفيل بان يكون ركنا ملموسا في تصنيف الجريمة.. واولت هنا بن براهم حيزا هاما لمعاهدة روما الصادرة في ,1998. التي حددت بدقة التعريف الخاص بالجريمة ضد الانسانية، والمتولدة عنها المحكمة الجنائية الدولية.. وبالرغم من كل ماورد في هذه الاتفاقية، الا ان هناك العديد من القراءات الصادرة منها القائلة بأنها متوجهة للاشخاص وليس للدول.. كما ان هناك من يقول بأنها لاتقبل ايداع ملفات ماقبل سنة ,1998. هذا كله حتى لايتم ادراج المسائل المتعلقة بجرائم الاستعمار. ومن جهته استعرض الاستاذ في تاريخ الجزائر محمد لحسن زغيدي مطولا، مراحل غزو القوات العسكرية الفرنسية للجزائر.. باستعمال المجازر والابادة والتقتيل والتعذيب والنفي القسري.. ومصادرة الاراضي.. ونشر الامية.. وغيرها من الاساليب القمعية التي طبقتها من اجل احتلال الجزائر.. بفرض منطق الدخيل على الاصيل. واوضح زغيدي بأن بوادر الوعي الوطني اخذت في التبلور منذ سنة 1918 من خلال بروز النخبة، التي كان منها من نادى بالجنسية واصلاح الوضع العام.. الا ان هذه النزعة الجديدة اصطدمت بتيار متشدد لايعترف الا بجزائر فرنسية.. وبتأسيس النجم واحباب البيان تجلت ارهاصات التفكير في الدعوة الى استقلال الجزائر.. دعم هذا التيار المؤتمر الاسلامي في 1936 الذي حضرته العديد من الاحزاب والشخصيات الوطنية. ومن جهته تناول الاستاذ محمد القورصو ثلاثة نقاط، وهي تنامي الوعي السياسي في الجزائر بين 1940 و 1945 وقراءة في كتاب ''مارسيل رفي'' وفي الخطاب الفرنسي الحالي تجاه 8 ماي ,1945. وتساءل القورصو في البداية هل كنا في مرحلة الفكر السياسي او الثوري.. وهنا اشار القورصو الى انخراط نصف مليون شخص في حزب احباب البيان، الذي كان له وزن على صعيد تحريك الوعي السياسي الوطني. وتأسف القورصو لاستعمال مصطلح «الاحداث» بدلا من مجازر او انتفاضة 8 ماي ,1945. وهذا الامر مازال يسير في الخطاب الفرنسي.. وخلال النقاش اعترض القورصو على بن براهم استعمال مصطلح «المحرقة» في 8 ماي 1945 قائلا بان ذلك يعود علينا بالاذى.. الا ان زغيدي اكد ذلك.