يسلط فيلم "خارجون عن القانون" لرشيد بوشارب الذي أثار الجدل بفرنسا الضوء على همجية المستعمر الفرنسي الذي أستخدم كل أساليب التعذيب للتنكيل بالجزائريين الذي وقفوا ضد رغبتها في جعل الجزائر فرنسية.. يبدوا أن المعارضين لفيلم رشيد بوشارب قد أصابوا حين حاولوا بشتى الطرق منعه من المشاركة في أكبر تظاهرة ثقافية في العالم وهو "مهرجان كان"، ليس لأنه لا يمتلك المقاييس العالمية للمشاركة، بل لأنهم على دراية بأن الفيلم سيكون النافذة التي يطل عليها العالم بأجمعه لاكتشاف الوجه الحقيقي للاستعمار الفرنسي الذي سعى جاهدا لاغتصاب حقوق الجزائريين بانتهاج طرق غير مشروعة، سيما وأن فرنسا حاولت تمجيد تواجدها بأرض المليون ونصف المليون شهيد من خلال قانون 23 فيفري 2005. وإن كان أغلب المعارضون لم يشاهدوا هذا الفيلم إلا أن مجرد علمهم أن "خارجون عن القانون" يفضح جرائهم وقفوا جاهدين أمام محاولة منع مشاركته في المهرجان حتى لا تتجلى الصورة الحقيقية لفرنسا أمام العالم، خاصة وأن الفيلم أبرز بطريقة رائعة ومحبكة مأساة الجزائريين وهم تحت نير الاستعمار، وكيف سعت فرنسا جاهدة لمصادرة أراضي أبناء الجزائر بطرق ملتوية، حيث بدأ الفيلم الذي عرض أول أمس بقاعة الموقار بطرد عائلة مكونة من الوالدين و03 أبناء من أرضها سنة 1925 دون وجه حق، لتبدأ مأساة العائلة مع الفقر بعدما فقدت مصدر رزقها، لتنطلق من هنا قصة الفيلم الذي صور جانبا من واقع مرير عايشه الجزائريون خلال فترة تواجد فرنسا على أرض الجزائر. لينتقل بعدها المخرج بوشارب إلى مجزرة 08 ماي 1945، حيث أبدع في طريقة نقلها إلى المشاهد، من خلال الاستخدام المبهر للموسيقى الحزينة وصوت الرصاص الذي دوى قاعة الموقار، حيث يجعلك تعيش للحظات تلك الأحداث وكأنك في قلب المعركة، ومن خلال هذه الأحداث تبدأ قصة الأبناء الثلاثة الذين عايشوا هذه المجزرة وشهدوا استشهاد والدهم لتبدأ بذلك قصة مأساتهم حيث يقتاد الابن الأكبر مسعود "رشدي زام" للمشاركة ضمن القوات الفرنسية ضد الفيتنام، ويقتاد الثاني عبد القادر "سامي بوعجيلة" إلى السجن، في حين يختار الثالث سعيد وهو الفنان "جمال دبوز" الهرب من الفقر والتذلل بانتهاج طرق مختلفة لكسب المال، في حين يقف أخواه بعد عودة كل واحد منهما في وجهه لافناعه بأن الكرامة تتمثل في المقاومة ومجابهة العدو ويعملان على غرس الوطنية ومحاولة تجنيد الجزائريين في صفوف جبهة التحرير الوطني لتختار هذه الأخيرة عبد القادر ليكون ممثلها في فرنسا ويقود عمليات عسكرية ضد مراكز الأمن ورجال الشرطة الذين عملوا على التنكيل بالأبرياء. وتتواصل أحداث الفيلم بأسلوب مشوق ورائع حتى أنه بعض اللقطات تسببت في ذرف دموع الحاضرين، سيما مشاهد الاستشهاد، حيث استشهد كل من مسعود وعبد القادر.. إلى جانب ذلك فإن الفيلم يكشف في الأخير على انتصار القضية الجزائرية وعلى لسان مفتش فرنسي حين خاطب عبد القادر وهو ميت"أنت من انتصرت"، وهو الاستشهاد الذي كشف لسعيد أو جمال دبوز أن الدفاع عن الأرض هي من تصنع كرامة الإنسان، ليقدم بعدا الفيلم صور من الواقع عن استقلال الجزائر.. ليسدل بهذا الستار على فيلم أصاب فرنسا في صميمها، ليكون مرآة حية على همجية الاستعمار الفرنسي الذي عاث فسادا في أرض حرة، في محاولة للمخرج رشيد بوشارب لكشفها أمام العالم، أمام محاولة فرنسا طمس هذه الحقيقة، ووأد ذاكرة أمة بأكلمها، والقضاء على تاريخ ثوري مجيد صُنع بدماء أبرياء هدفهم الوحيد أن تحيا الجزائر حرة مستقلة. وللإشارة فإن فيلم "خارجون عن القانون" لرشيد بوشارب مرشح لنيل جائزة "السعفة الذهبية" بمهرجان "كان" حيث أبدى الفرنسيون معارضة شديدة حول هذا الانتاج كونه سيفضح همجيتهم أمام العالم وفي عقر دارهم.. وما تجدر الإشارة إليه أيضا أن مئات المتظاهرين خرجوا صبيحة عرض الفيلم أول أمس الجمعة للاحتجاج أمام قصر المهرجان واعتبروا الفيلم بعد مشاهدتهم له أنه "أسوء" مما كانوا يتوقعون. واتهمت بعض الأوساط السياسية والجمعوية الفرنسية الفيلم ب"تزوير التاريخ" و"المساس بذاكرة الضحايا الفرنسيين" لحرب الجزائر. كما احتج عدد من نواب البرلمان من الأحزاب اليمينية فور الإعلان عن اختيار الفيلم للمسابقة الرسمية وطالبوا بسحب الفيلم من المهرجان ومن صالات العرض الفرنسية لأنه يقدم بعض الصور التي تصف تعامل رجال الأمن الفرنسيين بأعضاء جبهه التحرير الوطني الجزائري بالتعامل الوحشي والعدواني والعنصري.