تحول الجدل حول فيلم "خارجون عن القانون" للجزائري رشيد بوشارب من سخط "إعلامي وسياسي" إلى تشجيع وتأكيد على أن بوشارب يستحق أن لا يخرج خائبا من مهرجان "كان" مسؤول فرنسي يؤكد أن إخفاء التاريخ لن يمحو الجرائم ويشير تعامل الإعلام الفرنسي مع الفيلم، أمس بعد عرضه في مهرجان "كان"، إلى تحول التوجه والمواقف التي أرادت من خلالها بعض الأطراف الفرنسية إلصاق صفة "المناهضة لفرنسا" بالفيلم، الذي لم يكن إلا محاولة للكشف عن حقيقة تاريخية، حتى وإن وصفته بعض الصحف ب"الفيلم السياسي". وقد مكن عرض الفيلم من حشد المساندة الإعلامية والسياسية أيضا لرشيد بوشارب، حيث قال المستشار البلدي لمدينة نيس الفرنسية، روبير إنجاح، في عمود نقلا عن صحيفة "لومانيتي" الفرنسية، "إن إخفاء التاريخ لن يمحي الجرائم مثل تلك التي اقترفت في سطيف في ماي 1945 أو 17 أكتوبر 1961 باسم الجمهورية"، وأضاف في تعليقه على المظاهرة التي نظمها عدد من نواب الاتحاد من أجل حركة شعبية "هؤلاء ومن خلال تهجمهم على فيلم تم اختياره للمشاركة في المنافسة الرسمية لمهرجان، يريدون إنكار التاريخ، وتاريخنا بشكل خاص وإخفاء هذا الأخير لن يمحو الجرائم". أما مخرج الفيلم رشيد بوشارب، فقد صرح في حوار لجريدة "ليبيراسيون" بأنه "آن الأوان للحديث عن تاريخ الاستعمار، والقول إن الجزائر لم تكن نعيما بالنسبة للأهالي"، وفي موقف سياسي تساءل بوشارب عمن بإمكانه إعطاء صفة الإيجابية للاستعمار، الذي ساواه ب"العبودية"، مشيرا إلى أن "خارجون عن القانون" حديث عن حقبة من التاريخ لم تشاهد في السينما، ولم يكن مشكلا يخص سطيف، والمتعلق بمشهد مجازر 8 ماي 1945، مبديا تعجبه من الجدل الذي أثارته بعض الأطراف، بحجة أن الفيلم "مناهض لفرنسا" دون أن تشاهده، وقال "هل يوصف نيكولا ساركوزي، مناهضا لفرنسا، لو تحدث عن آلام الشعب الجزائري"، ووصف بوشارب رأي كاتب الدولة الفرنسي لقدماء المحاربين حول السيناريو، ب"المناورة الرهيبة". من جهة أخرى، وإعلاميا، تبينت المساندة ل"خارجون عن القانون"، في افتتاحيات ومقالات كبرى الصحف الفرنسية، مثل "لوجورنال دو ديمونش"، "لومانيتي" و"لوباريزيان"، التي رأت في فليم رشيد بوشارب، جرأة لم يتخطاها أحد قبله، ووصفته ب"الفيلم السياسي"، حين كتبت "لوجورنال دو ديمونش" أن رشيد بوشارب وقّع فيلما سياسيا بدرجة كبيرة، دون أن يقر بذلك بنفسه، وأضافت أن مخرج الفيلم الذي كان موضوع حملة شرسة، يطالب بنقاش هادئ، موضحة أن الفيلم فرض نفسه كلوحة خيالية وأن مخرجه تجرأ وتحدث عن شيء كان لحد الآن مخبأً كاليد الحمراء، أو حاملي الحقائب. ورجحت يومية "لوبارزيان" أن يكون "خارجون عن القانون"، ضمن قائمة الفائزين بالجوائز، ورأت أنه من غير المعقول أن يخرج بوشارب خائبا من مهرجان "كان"، واستندت إلى الرصيد المعرفي الذي لا غبار عليه للمخرج. وبنظرة "سياسية"، رأت صحيفة "لومانيتي" فيلم "خارجون عن القانون"، وكتبت "من تحرر إلى آخر" قدم بوشارب فيلما سياسيا كبيرا حول كفاح الجزائريين من أجل استقلال بلدهم، وأن "هذا العمل السينمائي مخلد للذاكرة"، متسائلة عن أسباب القلق الذي أثاره "هذا الفيلم السياسي الجميل"، وأضافت "إلى متى يظل حرق الكتب التي لا تمجد الاستعمار". ويبين حشد التأييد الإعلامي والسياسي ل"خارجون عن القانون" أن القلق الفرنسي كان في محله، والخوف من فضح آخر لجرائم الاستعمار كان مبررا، وأن السينما قد فعلت ما لم تفعله السياسة.