انتقل إلى جوار ربه الجمعة الفارط بمرسيليا الموسيقار الجزائري شريف قرطبي عن عمر 75 سنة، إثر مرض عضال لازمه الفراش لفترة، وبهذا تكون الساحة الفنية الجزائرية قد فقدت أحد صناع الموسيقى بها. يعد ملحن النشيد الوطني "من أجلك عشنا يا وطني" من الفنانين العصاميين الذين فرضوا أنفسهم على الساحة الفنية بالوطن وخارجه، من مواليد 1935 بالبر واقية ،التحق بالمدرسة القرآنية بذات المدينة، وحفظ ما تيسر من القران ، التحق بمقاعد الدراسة في سن متأخر وبالتحديد في الثانية عشر من عمره، و نظرا لصعوبة الوضع زاول دراسته حتى السنة السادسة ابتدائي ، وفي هذه الفترة الدراسية كانت المدرسة تنظم حفلات، وقد اختير من بين التلاميذ للعزف في هذه الحفلات على آلة الفلوت، هذه الأخيرة التي حببها له مدير المدرسة السيد فورني ، وفي نفس الوقت كان يتعلم تقنيات ودروس أولية في الموسيقى على يد الأستاذ كولان، حيث إن أدرك هذا الأستاذ ميول قرطبي إلى معرفة باقي آلات الموسيقى، ومنها العود، البنجو، والناي، وبقي على هذا الحال كعصامي لمعرفة الموسيقى بكل تعاريفها وخباياها حتى سنة 1955، أين إلى العاصمة والتحق بالمعهد البلدي للموسيقى، وبعد الاستقلال تحصل على منحة من السلطات للذهاب إلى القاهرة لمواصلة الدراسة الموسيقية، حيث دخل المعهد العالي "السيد درويش". التحق المرحوم بفرقة الإذاعة الوطنية قبل الاستقلال كموسيقي أولا ثم كملحن ليصبح بعدها قائدا للجوق، وقد لحن قرطبي لعدة فنانين معروفين على الساحة الوطنية على غرار سلوى، نادية بن يوسف، محمد العماري، وكذا أميرة الطرب العربي السيدة وردة الجزائرية، التي غنت له قصيد "الصومام". أما أهم الأعمال التي اشتهر بها الفقيد تلحين النشيد الملحمي ?من أجلك عشنا يا وطني"، "جزائر يا مطلع المعجزات"، وإلياذة الجزائر ، ولحن أيضا لفرقة البلابل لمدينة غرداية، إضافة إلى تعامله مع الفنانتين العربيتين لطيفة رأفت وصباح الصغيرة، ولم يكتف شريف قرطبي بتلحين الأغاني فحسب بل تعداها إلى تلحين موسيقى لأفلام ومسرحيات منها فيلم " بوعمامة"، فيلم "الزيتونة" ، مسرحية "الجواهر" لعبد القادر علولة، /قالو العرب قالو"، "العيطة"، و"الشهداء يعودون هذا الأسبوع" وغيرها، ليبلغ رصيده الفني أكثر من 700 لحن، كما مثل الجزائر في العديد من المهرجانات ليكرس السنوات الأخيرة من حياته لترأس لجنة التحكيم لحصة ?نوبة الجيل? لإذاعة البهجة، و التي سمحت باكتشاف العديد من المواهب الشابة.