حملت الحركة التي أجراها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الكثير من الدلالات والمؤشرات حول التوجهات المستقبلية للسلطة التنفيذية التي تحاول رد الاعتبار لإطارات الدولة ومنحهم الإمكانيات اللازمة لتجسيد مخططات ومشاريع الدولة الموجهة للتنمية المحلية ومحاسبتهم على الفشل والتماطل لأن ما حدث من كوارث في التسيير جعلت صورة الدولة تهتز أمام المواطن الذي يبحث عن رئيس بلدية ورئيس دائرة ووالي يجيب عن انشغالاته ويحل مشاكله يعوضه عن التنقل مرارا إلى العاصمة لمحاولة الظفر بموعد مع رئيس الجمهورية أو وزير حول قضية ملكية أرضية أو استخراج وثيقة من مصالح الحالة المدنية لبلدية من بلديات الوطن. ويظهر من خلال إنهاء مهام العديد من الولاة فشلهم في إنعاش التنمية المحلية بالمناطق الحدودية التي باتت بؤرا للفساد والتهريب وتراجعت فيها التنمية بشكل رهيب جعل شباب تلك المناطق يركبون مشاق التهريب والاعتياد على الكسب السريع وتدمير الاقتصاد الوطني فالحديث عن ولايات تبسةوسوق أهراس والطارف واليزي يجرنا للحديث عن الكثير من الملفات التي عجزت السلطات المحلية لتلك الولايات عن حلها بل وانفجرت فيها قضايا فساد كبيرة فتبسة باتت منطقة للتهريب بامتياز وما يهرب من الوقود مثلا يفوق الملايين من الدولارات أمام الفشل في إقناع الشباب في الاستثمار الفلاحي والسياحي لإعطاء الدفع اللازم للتنمية المحلية التي تعطلت كثيرا وفتحت الباب للإجرام والآفات الاجتماعية حيث باتت تبسة من المناطق التي انتشرت فيها الجريمة بشكل مرعب. ونفس الأمر ينطبق على ولايات سوق أهراس والطارف التي لا تبتعد كثيرا عن ولاية تبسة من حيث المعطيات والإمكانيات والمشاكل بينما تشكل اليزي وورقلة نموذجا من الولايات الصحراوية التي عانت من بعض المشاكل خاصة على مستوى التربية والهياكل القاعدية والتشغيل كما أن مشاكل انقطاعات الكهرباء واستفحال الهجرة غير شرعية من الجنوب كلها عوامل ومشاكل عجلت بضرورة إعطاء دفع لهذه الولاية التي يمكن أن تصبح قطبا سياحيا ومنطقة ربط بين أقصى الجنوب وولايات شرق البلاد. بينما عاشت ولايات البيض وميلة وورقلة وقالمة ركود تنموي كبير في ظل عدم استغلال الإمكانيات الطبيعية المتواجدة بهذه الولايات والتي يكن أن تحل مشاكل البطالة والاستثمار واستبدل الحديث عن المناطق السياحية بقالمة ومصنع الدراجات والفلاحة بالأسواق الفوضوية والانغلاق والانحراف واستبدل الحديث عن المناطق السياحية بالبيض إلى الحديث عن الفساد وقضايا العقار والاستهزاء بمصالح المواطنيين وهو نفس الأمر الذي ينطبق على ولايات ميلة ووهران وسكيكدة ما أدى إلى ضرورة إعطاء دفع جديد لهذه الولايات على مستوى السلطة التنفيذية. وعليه فالحركة التي أنهت مهام ولاة واستدعائهم لمهام أخرى هي خطوة جاءت استجابة لمتطلبات الشعب ومبادرة لتحفيز إطارات الدولة لبذل المزيد من المجهودات وتحذير المتقاعسين في أداء مهامهم.