استطاع الوالي الحالي لقسنطينة السيد عبد المالك بوضياف كسر العديد من الطابوهات التي سببت "مأساة" مدينة الجسور المعلقة والبلديات المحيطة بها والتابعة لإقليم ولايتها وجعلتها في مصاف المدن الصغيرة بعيدة كل البعد عن مكانتها واسمها المتداول المعروف بعاصمة الشرق أو كما وصفها رئيس الجمهورية بعاصمة الحواضر، وقد تجلى ذلك بعد خمس سنوات كاملة من تربع المسؤول التنفيذي الأول بالولاية لأريكة مقر ديوانها بشارع "كنيدي" أين إختار لغة الوعيد أحيانا و الإقدام أحيانا أخرى واستكمال مشروع ترحيل الأحياء الهشة و القصديرية الذي كان يؤرق هاجس العديد من الولاة السابقين الذين تداولوا على تسيير شؤون الولاية والتي نعتت بالعديد من الأوصاف وأخافت المعنيين من المسؤولين التنفيذيين الذين قررت السلطات العليا في البلاد تحويلهم إليها في إطار حركات التغيير العادية أو الإستثنائية التي تجريها كل سنة... أحياء :"باردوا", "بن زويت", "رومانيا"الهاجس الذي تحول إلى حقيقة على أنقاض الدخان؟ وقد نفض والي قسنطينة الحالي الغبار على العديد من الملفات التي كانت تعتبر من المحرمات في وقت سابق بسبب صعوبتها من جهة وحساسيتها من جهة أخرى، حيث فتحت له هذه الملفات جبهة صعبة خاصة وأنه كان في مواجهة بعض سكان المدينة مباشرة، إلا أنه إختار إستراتيجية و منهجية مغايرة في تسيير شؤون الولاية منتهجا مقولة أن الدولة مثل الكرة الحديدية من تضربه تؤلمه ومن يحاول ضربها تؤلمه أيضا في إشارة لقمع أي انفلات أمني أو أعمال شغب بسبب بعض المشاريع ، وقد كان جريئا في تكسير زجاج الطابوهات و إزاحة شبح الخوف من ردود الفعل العكسية مقارنة بسابقيه و هو ما ظهر جليا في عمليات ترحيل سكان حي رحماني عاشور " باردو" و حي "بن زويت عاشور" و كذا شارع "رومانيا" والتي خلفت ردود فعل عنيفة من قبل السكان بلغت حد إستعمال الحجارة، القارورات الزجاجية، قارورات المولوتوف والقنابل المسيلة للدموع و توقيف العشرات من الغاضبين من قبل مصالح شرطة مكافحة الشغب التي تدخلت لإرجاع الأمور إلى مجاريها لكن إرتدادات هذه العمليات بقيت متواصلة إلى غاية الآن وهو ما يعرف بملف المقصيين من سكان حي رومانيا الذين توجهوا بشكواهم إلى السلطات العليا بالعاصمة لكن الوالي يصر على أن الملف طوي ولا رجعة فيه. الوالي يستنجد بالخرجات الإعلامية لمواجهة الرأي العام حول المشاريع المستقبلية وقد حاول المسؤول التنفيذي الأول بالولاية انتهاج إستراتيجية إعتمدت على رمي بالونات التجريب والاختبار حيث عمد على استعمال سلاح الإعلام والصحافة وكان في كل مرة يلجأ إلى الخرجات الإعلامية و الخطابات الموجهة إلى الرأي العام القسنطيني قصد تهيئته للتأقلم مع المستجدات القادمة في حقيبة المشاريع الكبرى التي تتضمنها المخططات الخماسية للتنمية المحلية و كذا حملات " التطهير" المستهدفة للأحياء القصديرية الطفيلية التي حولت مدينة سيرتا إلى "قيتو" أي مدينة مغلقة خاصة و أنها تعد من المدن الكبرى و عاصمة للجهة الشرقية للوطن وهو ما أكده و ردده ذات المسؤول مرارا و تكرارا أمام الملأ و العلن.وكان والي قسنطينة قبل تنفيذ أي قرار يقوم بتصريحات إعلامية أو كما أصبح يطلق عليها بقسنطينة الخرجات الإعلامية للوالي قصد قياس حرارة الشارع، والتي سببت له الكثير من المشاكل حيث أصبح حتى المقربين منه يلومونه على هذه الخرجات الإعلامية واصفين إياه بكثير الكلام والوعود. ملف "تحديث المدينة " المشروع الذي لم ير النور بعد. أكد والي قسنطينة في العديد من المرات والمناسبات الرسمية وحتى الودية عن مؤلف له يحمل عنوان تحديث المدينة والذي استغرق حسب قوله حوالي 5 سنوات من الجد والعمل والتنقيب، وهو عمل حسب الوالي يهدف إلى وضع إستراتيجية عمل للنهوض بعاصمة الشرق الجزائري لكن وإلى حد الساعة لم ير أحدا هذا العمل الذي يوصف بمشروع تحديث المدينة والذي يبقى حبرا على ورق رغم إعلان الوالي عن قرب الشروع في تنفيذ هذا المشروع الذي صادقت عليه السلطات العليا للبلاد حسب تأكيده في الوقت الذي تساءل فيه المقربون منه عن خلفيات هذا المشروع الذي كان بمثابة الجسر الرابط بين ضفتين متواصلتين فالكثير من الملاحظين يعرفون نقطة الإنطلاق و يجهلون نقطة النهاية. الصراعات و التجاذبات التي رهنت تحقيق الحلم الكبير بإنجاز المشاريع الكبرى وبالرغم من العزيمة الكبيرة في العمل التي بدى بها المسؤول الأول عن الولاية عند تنصيبه في 18 أوت 2005 إلا أن رياحه لم تجر بما تشتهيه رغبة طاقمه التنفيذي و إمتداده في العديد من أروقة بعض وجوه المجتمع المدني و الفعاليات السياسية المتجاذبة و المتباعدة في الكثير من الأحيان مما تسبب له في الكثير من المتاعب التي عرقلت السير الحسن لإنجاز المشاريع الكبرى و التي تمثل مشروع تحديث المدينة بداية من خط "الترامواي"و الملعب الأولمبي و المدينة الجامعية و المحطة متعددة الخدمات بزواغي سليمان و ملعب بن عبد المالك رمضان و خطي التيلفريك المسجلين و موقف السيارات و تحديث المدينة القديمة "السويقة" وتنقية وتطهير وادي الرمال و مشروع إنجاز المستشفى الجامعي الجديد و الثاني بالولاية و الذي سيجسد بالمدينةالجديدة- علي منجلي – ناهيك عن القضاء على السكنات القصديرية و البناءات الهشة قبل مطلع سنة 2011.هذا وتعد النقطة التي أثرت في الوالي كثيرا خلال مسيرته بقسنطينة، اتهامه بالفساد وهي التهمة التي رفضها جملة وتفصيلا خاصة وأنها مسته شخصيا في شرفه ومست سمعة عائلته معتبرا أن الأطراف التي تقف وراء هذه الدعاية تعمل على عرقلة المشاريع التنموية التي شهدتها قسنطينة مند مدة طويلة. الجسر العملاق أو محطة إنطلاق.. المسار الشاق لإنجاز المشاريع التنموية الكبرى بالولاية؟ و أخيرا مشروع الجسر العملاق الذي أعطى والي الولاية الحالي عبد المالك بوضياف إشارة إنطلاق الأشغال الخاصة به صبيحة أول أمس الخميس بحضور رئيس المشروع البرازيلي "جوزيف بريم" أين إعترف الوالي بالتأخر المسجل في إنطلاق الأشغال الخاصة بهذا المشروع الهام ذوا الدلالة الخاصة كونه الجسر الوحيد الذي سيشيد في عهد الإستقلال بمدينة الجسور المعلقة التي بنيت و أقيمت في العهود السابقة لما قبل الإستقلال و بذلك ستكون هذه الخطوة بمثابة الذكرى الجميلة في أذهان الرأي العام القسنطيني إتجاه هذا المسؤول التنفيذي الذي وعد بالكثير و حقق ما إستطاع في ولاية قيل عنها أنها لا تأتي على مقاس المسؤولين و أجهزت على أحلام العديد منهم سواء بالإتجاه الإيجابي أو السلبي أين تم ترقية البعض منهم إلى مناصب وزراء و دحرجت آخرين إلى ولاة من الدرجة الثانية و "ركنت" آخرين إلى التقاعد الأمر الذي حول الولاية إلى "ظاهرة" تفرح المسؤولين الوافدين إليها أحيانا و تربكهم أحيانا أخرى بسبب الخوف المسبق الذي ينتابهم منها مما جعل الولاية رهينة المد و الجذب الذي تسبب ولا يزال يتسبب فيه "قدرها المحتوم" بتسيره من طرف الأشباح مقررة مصير مسؤول أو ذاك دون أن يقدم أحد الإثنين حصيلة عمله بعد قرار رحيله و هو ما أصبح عرفا معروفا و مشهودا منذ أمد بعيد و هو ما حاول المسؤول التنفيذي الأول بالولاية تفاديه لكن دون جدوى ما تيقن منه في المدة الأخيرة حسب ما تسرب من تصريحات أدلى بها لمقربيه... من قطار العيش إلى ساحة كريكري...إخماذ بؤر ساخنة بقرارات جريئة و ما يتضح جليا في القائمة الإسمية لحركة الولاة التي يجريها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أين تداولت مصادر إعلامية عن تضمن إسم والي ولاية قسنطينة الحالي عبد المالك بوضياف ضمن الولاة المعنيين بحركة التحويل و ذلك بعد قضاءه لخمس سنوات كاملة على رأس ولاية قسنطينة التي حاول فيها ترك بصماته "التاريخية" كما لمح إلى ذلك مرارا و تكرارا في العديد من جلسات العمل التي ترأسها أمام الجهة التنفيذية بالولاية أين أظهر إرادة قوية في نقش توقيعه الخاص على واجهة المدينة من خلال الإقدام الجريء لتنفيذ بعض العمليات على مستوى بعض المناطق "المحرمة"التي شكلت الهاجس الحقيقي لسابقيه من الولاة و من بين هذه المناطق للذكر لا للحصر ترحيل تجار الخرداوات بقطار العيش و تهيئة ساحة "كريكري" و إعلانه عن مواصلة عمله في هذا المنوال إلى محطته الأخيرة و هو ما عجز عنه سابقيه من الولاة الذين تفادوا الدخول في غمار مثل هذه المبادرات خوفا من ردود فعل قد تتسبب في إختلال فاضح للأمن العام. سجن الكدية الثابت الذي لم يتغير رغم الأعاصير رغم أن الوالي عبد المالك بوضياف جاراه الزمن في قضية تهديم سجن الكدية و هي القضية التي شهدت معارضة شديدة من قبل بعض المجتمع المدني و من ورائها الأقلية للأسرة الثورية و هو الخلاف الذي تأجج و خرج إلى العلن بين المؤيدين و المعارضين لقضية تهديم السجن و المتواجد بقلب مدينة قسنطينة و الذي يخفي مخاضا عسيرا بين جناحين متصارعين لكلا منهما دوافع و مصالح يبدو أن لها إمتدادات لا يمكن تحديدها... ورغم أن المسؤول التنفيذي الأول الذي عرف كيف يتفادى القنابل الموقوتة التي غرست من تحت قدميه من أطراف تدعي مساندته و أخرى بمعاداته الغير المعلنة إلا أنه كثيرا ما أجهر بصعوبة المهمة التي يقوم بها رغم المساندة التي يلقاها من قبل السلطات المركزية التي تدرك جيدا أن الرجل الأول بالولاية يواجه إعصارا عكسيا من الصعب مواجهته و هو ما تبين جليا بعد خمس سنوات كاملة قضاها هذا المسؤول التنفيذي بالطابق الثاني بمبنى مقر ديوان إلا أن المسؤول الأول على ولاية قسنطينة قد يغادر الولاية وهو يشاهد صباح مساء سجن الكدية هذا الصرح الذي شيده الاستعمار لتعديب وسجن المجاهدين دون أن يحقق حلمه في تهديمه وفتح فضاء واسع لسكان المدينة من خلال تشييد حديقة مكانه. القسنطينيون بين مؤيد و ضد بقاء الوالي ويبقى الرأي العام القسنطيني منقسم حول بقاء الوالي من رحيله وحول التغيير المرتقب في سلك الولاة و الذي صنع بدوره حديث الشارع القسنطيني و الساعة و أصبح موضوعا متداولا في المقاهي و الشوارع و حتى داخل البيوت فسواء شمل هذا التغيير التي ستقوم بإجرائه الجهات الوصية من رئيس الجمهورية و وزارة الداخلية و الجماعات المحلية في صالح الولاية أو ضدها فهناك من أيد ذهاب و تغيير الوالي بسبب المشاريع المفتوحة و دواعيها التي أرهقت المواطن من اختناق في حركة المرور و ترحيل العديد من السكان الذين كانوا يقطنون بالأحياء المعنية بالترحيل و الذين لم يستفيدوا من سكنات و هناك أيضا طرف آخر من القسنطينيين من يرون عكس ذلك و يحبذون بقاء الوالي لإتمام المشاريع المفتوحة و السهر عليها أكثر وبالخوض في رأي الطرفين ومبررات كل طرف على حدا يتبين أنه لن يكون في صالح الولاية هذا التغيير إن حدث حيث بالنظر إلى عدد المشاريع المفتوحة و التي أعطى إشارة إنطلاقها عبد المالك بوضياف و آخرها الجسر العملاق و الذي أشرف على البداية الفعلية للمشروع صبيحة الخميس الفارط ناهيك عن هذا ترحيل سكان الأحياء القصديرية و التي ستنتهي مع نهاية السنة الجارية 2010ستعرف كل هاته المشاريع تعطلا إن حصل التغيير خاصة ان الوالي الجديد سيستهلك وقتا إضافيا لمعرفة الميدان و الإطارات التي تعمل معه و هذه المدة حسب المختصين لن تقل عن سنة كاملة وتبقى المشاريع التي كلفت الدولة أغلفة مالية جد معتبرة وصلت حدود عشرات الملايير من الدينارات "ستركن" للراحة لمدة لا تقل عن سنة و ذلك لأسباب إدارية يعرفها الكل لا داعي لذكرها و تخسر بذلك الولاية على الأقل سنة من التغيير و هو ما لا يتمناه المواطن القسنطيني الذي ذاق ذرعا وسط الورشات المفتوحة عبر مختلف أرجاء الولاية التي دخلت في صراع مع الزمن من أجل الإسراع في عمليات التحديث التي طالت و تأخرت عنها هاته العاصمة التي صنفت من بين أكبر و أقدم العواصم و المدن عبر العالم و لا يريد ذات المواطن القسنطيني أن تطال هاته الورشات المفتوحة أكثر. فمن بين أسئلة عديدة مطروحة حول هاته القضية دون أن نعلم ما المصلحة في هذه الأسئلة التي فتحت دعايات كاذبة و مروجة من طرف ذوي المصالح خاصة أن هاته الأسئلة كانت حول هل أن تغيير الوالي سيربطه تغييرا في وتيرة إنجاز المشاريع و تجميد بعضها أم لا ؟ نية محمد أمين