يشغل موضوع تناول ظاهرة القيادة الكتاب والباحثين كثيراً، وتزايدت القيادة الناجحة في المنظمات على اختلاف البرامج المقدمة بصورة ملحوظة في العصر الحديث بسبب ما تشهده هذه المنظمات من تحديات ومتغيرات معقدة ومترابطة، فضلاً عن المنافسة الشديدة ، ومن هذا المنطلق أصبح نجاح المنظمات في تحقيق أهدافها واستمرار نموها وازدهارها يتوقف كثيراً على القيادة الناجحة. فالقيادة على اختلاف ميادينها ومجال ممارستها هي في محصلتها فن إنساني بحاجة إلى مراجعة دائمة من أجل تقديمها في صورتها الأكثر قبولاً وهو ما يستدعي ممارسة كثير من التدريب والذي يصبح بدوره شرطاً موضوعياً لإنجاز مهمة قيادية ناجحة واتخاذ قرار إداري سليم. والقيادة ضرورية في أي تجمع من الأفراد يعملون معا لتحقيق أهدف عامة، حيث تعتبر القيادة أحد أهم العناصر الحيوية في حياة المنظمات لأنها تؤثر في الأتباع ليقوموا بأعمالهم على أكمل وجه كما أنها تبين قوة المنظمة وتحديد بقاءها، وفي الواقع فإن القيادة الفعالة تثير حياة الأفراد، كما أن فعالية المنظمة تعتمد، والى حد بعيد على نوعية القيادة الإدارية، فهي القوة المحركة التي توفق بين حاجات المنظمة وحاجات أعضائها، وفي المنظمات الرسمية يحاول المدير أو القائد، أو حتى المشرف التأثير في الأعضاء ليشغلوا الأدوار التي رسمت لهم. ويمكن القول إن 80% من نجاح وكفاءة أي منظمة يعتمد في الأساس على كفاءة وفاعلية الإدارة العليا بهذه المنظمات، ولا شك في أن كبار المديرين وكبار القادة هم أضمن السُبل نحو تحقيق التميز التنافسي وزيادة القدرات التنافسية لمنظماتهم، ذلك أن القادة وقادة القادة هم الذين يبتكرون ويبدعون وقادرون على التغيير وراغبون فيه، كما أنهم هم الذين يمسحون بمشاركة ودعم وتمكين التابعين لهم في الإدارة وتحديد الأهداف واتخاذ القرارات. ويعتبر التأثير والنفوذ أحد المحاور الرئيسة في التعرف على ظاهرة القيادة وفي اكتشاف القائد الناجح، ويعتبر القائد ناجحاً من خلال التعرف على استخدام نفوذه وتأثيره على أتباعه ومرؤوسيه ، وعليه يتوجب التعرف على كيفية تأثير القائد على مرؤوسيه. وتواجه القيادة اليوم تحديات كثيرة تعكس التغيرات التي طرأت على بيئة الإدارة الداخلية والخارجية. ويمكن القول إن التغيرات البيئية المحيطة بالإدارة ستؤدي إلى تغيرات في طبيعة العملية الإدارية والوظائف التي تقوم بها، خاصة وظيفة القيادة لكونها المسؤولة عن مواجهة التحديات. ومن أهم هذه التحديات التي تواجه الإدارة المعاصرة العولمة، والخصخصة والتنافسية، والتغير في ملامح بيئة الإدارة وإدارة الجودة الشاملة وإدارة الوقت . ولمواكبة هذه التغيرات والتحديات التي تعيشها المنظمات الحديثة، وفي ظل الانتقال من عصر الصناعة إلى عصر المعرفة كان من الطبيعي أن يطرأ تعديل جوهري على دور القيادة، بحيث أصبح الدور الجديد هو رعاية وتنمية الأصول البشرية أو ما يطلق عليه رأس المال الفكري، وبصفة عامة يمكن الإشارة إلى مجموعة من الأدوار الجديدة التي يمكن أن يقوم بها القائد المعاصر لتحقيق التميز والإبداع. ومع تزايد التعقيدات مع مطلع العام الجديد، وفي عالم يسوده التعقيد والتناقض، وتملؤه المتغيرات المتوازية وغير المتوازية ويهاجمه سيل من المعلومات عبر الشبكات الإلكترونية يجب البحث عن أسلوب بسيط يمكن القائد من دفع الحاضر واستقدام المستقبل، فالقائد الناجح هو الذي يملك لوحة تحكم تبسط له التعقيد في عدد محدود من المفاتيح القيادية. إن هذه المفاتيح القيادية التي تمكن القائد من دفع الحاضر واستقدام المستقبل لمواجهة التحديات والقيام بالدور الجديد في عصر المعرفة، تتطلب توفر أسلوب قيادي عصري ينسجم مع الأوضاع التي تشهدها الأمة العربية والإسلامية بكافة شرائحها.