إنّ فاعلية القيادة تكمن في قيادة الأفراد بشكل عام، لأنّ جوهرها يتمثّل في أنّها تتطلّب من القائد التّوفيق بين أسلوبه وبين كفاءة أتباعه ومدى التزامهم بقيم المنظمة، والقادة الفاعلون هم الذين يمكنهم التعرف على ما يحتاجه الموظّفون، ثم يكيفون أسلوبهم لتلبية تلك الحاجات. ولذا تحتاج المنظمات على اختلاف أحجامها وطبيعة نشاطها إلى قيادات قادرة على تحمل المسؤولية في تحقيق أهدافها وإنجاز أعمالها بكفاءة وفاعلية، وبدون تلك القيادات الواعية والمسئولة فإنّه يتعذّر على الذكاء، فالمجتمع الآن يواجه العديد من التحديات الاقتصادية والصحية والثقافية والسياسية والبيئية، والتي تتطلّب من الفرد ليس فقط قدرات عقلية لحل المشكلات التي تواجهه، ولكن أيضا يحتاج إلى قدرات انفعالية واجتماعية يمكن من خلالها التعامل بكفاءة مع الآخرين. ولا شك أنّ نجاح القادة في مهمّة القيادة تتأثّر بمدى توافقهم وتجانسهم مع ذواتهم ومع الآخرين، والانفعالات التي يبدونها في مواقفهم القيادية قد تؤثر على قدرتهم وكفاءتهم الإنتاجية. ويحتاج الأداء في المنظّمات بصفة عامة إلى تضافر واتساق جهود العاملين، ولن يتأتّى ذلك إلا من خلال قيادات واعية ومدركة لدورها الوظيفي، وتمتلك المهارات اللازمة لتحقيق التناغم والانسجام في الأداء، وإذا كانت القيادة تشير بشكل أو بآخر إلى فن التعامل مع الآخرين، أو التأثير عليهم فإن امتلاك القادة مهارات التعامل مع العاملين يعد أمراً جوهريا في تحسين الممارسات القيادية. إنّ الذكاء الانفعالي هو أحد المتغيّرات الأساسية، والتي أخذت في البروز كأحد الصفات الجوهرية للقائد الإداري، حيث أن قدرة القادة على اكتشاف واستثمار طاقات وقدرات العاملين الظاهرة والكامنة ، ومساعدتهم في توظيفها وتنميتها، لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال اكتشاف القادة أنفسهم والوعي بقدراتهم، ومن هنا تبدأ رحلة البحث عن التميز في القيادة انطلاقا من الداخل نحو الخارج، حيث ينبغي على القائد أن يتعرف على ذاته وأن يكون على وعي تام برؤاه وأهدافه وقيمه وتصوراته وافتراضاته، صادقا في أفعاله وأقوله ومشاعره، حتي يستطيع التأثير على الآخرين، لتحقيق النتائج المطلوبة. ولتحقيق ذلك يجب على القائد أن يكون واعيا أيضا بانفعالات العاملين لمساعدتهم على إدارة انفعالاتهم وحفز طاقاتهم، وبناء الثقة اللازمة للارتقاء بمستويات ومعايير الأداء والخدمة، إن مفهوم الذكاء الانفعالي يأتي اعترافا بأهمية انفعالاتنا في النجاح والفشل في مواقف الحياة المختلفة. نخلص من ذلك إلى أنّ القيادة الفاعلة ترتبط بالعديد من المفاهيم والمتغيرات التي تعمل على صقلها وزيادة فاعليتها وكفاءتها في تحقيق أهداف الجماعة، ومن أهم تلك العوامل، العامل الانفعالي والعامل العقلي، العامل الاجتماعي، والتي تعكس التفاعل الناجح بين القائد والجماعة.