كنا ولا زلنا ترتبط ذاكرتنا بالمفكر الفلسطيني أدوارد سعيد صاحب الفضل في خلق قاعدة فلسطينية وعربية متحركة بالولايات المتحدةالأمريكية، وواجهة تنظيرية وفعلية للحق الفلسطيني، فغاب أدوارد سعيد وغابت الحركة العربية والفلسطينية النشطة والفاعلة عن الساحة الأمريكية، وربما من استراحوا وشعروا بغياب ثقل هام عن ظهورهم من العرب والفلسطينيين أكثر من ناظريهم الأمريكيين وغير الأمريكيين. فجأة بدأت تطل علينا رياح أخرى من عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكنت سعيدًا جدًا وأنا أرى فيديوهات واعلانات ممولة عن هذا الفلسطيني رجل الأعمال وصاحب البراءات العلمية في مجال (أعتقد) البراءات الطبية - إن لم أكن مخطئ- ولكن وقفت عدة لحظات أفكر من أين ظهر فجأة هذا الفلسطيني الفذ على الساحة الفلسطينية، وبدأ الإسم يتجلى وينقشع غبار جهلنا عنه، وجهل معظم شعبنا وخاصة الناشطون في المجال السياسي، حتى بدأت بوادر صفقات وصفعات وخطوات نحو القضية الفلسطينية، مما زاد من ريتم ظهور الدكتور عدنان أكثر فأكثر وبغير تعمد كنت أشاهد كل اعلاناته الممولة في مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه فضول شخص يحب أن يعرف أو يتعرف على كل ما هو فلسطيني مبدع، حتى كان فجأة اتصال من إخوة في مركز أبحاث ودراسات بغزة يدعوني لحضور ندوة مع شخص مهم، وعندما سألت عن الاسم قالوا لي بعد التعريف كخبير (عدنان مجلي) فارتبط الاسم والاعلانات الممولة بذهني وربطت الحلقات ببعضها مع الدعوة، وأحسست أن شيء ما يدور ويبدأ من الرأي العام الفلسطيني على وجه العموم، وغزة خاصة، أي بعد تقديم الرجل عبر مواقع التواصل يظهر فجأة وبلقاءات حية مع النخبة السياسية والقيادية الحزبية والشعبية، ففكرت في الأمر وقررت أن أحضر هذه المناسبة وألبي هذه الدعوة، ولكن لظروف قهرية للأسف لم أتمكن من الاستماع للرجل مباشرة أو سؤاله، وللحقيقة هذا اللقاء والغياب عنه كان قهريًا، لأنه ولد لدي احساس وقراءة أنه سيكون أحد الأسماء البارزة في المعركة السياسية المستقبلية القريبة، وفعلًا بدأت أنبش عن الرجل وشخصيته ومكانته، حتى قرأت بعض التغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ربطت بين اسم الرجل وصفقة القرن، وعلى يقين أن هذه التغريدات وإن كانت شخصية من البعض وتقديرية، إلا أن بها خبث وتسريب عمدي من بعض المفاصل المطلعة والمؤثرة في الساحة الفلسطينية، والمطلعة على كل ما يجري خلف الكواليس وفق حضورها، ولعلي كنت في أحد الأسئلة التي سأوجهها للدكتور عدنان في ندوته، أين كنت من غزة عبر إثنى عشر عامًا، ولماذا لم نشعر بك إلا في هذه المرحلة، وغزة كانت في أشد الحاجة لك ولكل أبناء فلسطين المتنفذين في مواقع القوة الغربية والأمريكية؟ ولكن لم يحالفني الحظ للحضور، ثم توالت التسريبات حتى أطلعت على خبر بأحد الصحف الفلسطينية القريبة من تيار فلسطيني قوي على الساحة السياسية، تكتب حرفيًا “صديق ترامب” وتستكمل بتفاصيل الخبر عن الدكتور عدنان مجلي وأنه صديق مقرب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأنه أحد المرشحين الأقوياء لرئاسة الوزراء الفلسطينية في المرحلة القادمة، هذه التسريبات لا أضحدها ولا أؤكدها، ولكن بناء على ما سبقها شيء من المصداقية أو من الحقيقة التي ترتبط بحلقات الأحداث من البدء بالحديث عن صفقة القرن، وتحرك خليجي - عربي، وخطوات أمريكية فاعلة بشأن القدس، والسفارة الأمريكية، والهجوم السياسي الأمريكي غير المسبوق ببعض القضايا، وزيارة بنس نائب الرئيس الأمريكي وما سبقها من زيارة الدكتور عدنان مجلي ولقائه برئيس حركة حماس اسماعيل هنية وتقديمه للرأي العام الغزاوي خاصة، والفلسطيني عامة. كل هذه الحقائق أو المشاهد تؤكد أن هناك شيء كبير وصفقة فعلية كبيرة تدور خلف الأبواب الخلفية، ويقابلها صمت بمعنى رضا من كل القوى الفلسطينية المتوافقة والمتعارضة مع التوجهات الأخيرة، وإلا بماذا يفسر اصدار بعض القوى بيانات سياسية شديدة اللهجة تضامنًا مع مظاهرات السودان، وعدم مصارحة جماهير شعبنا بمؤتمر صحفي وطني كبير للحديث عن مستقبل ما يعد ويطبخ خلف الأبواب الخلفية، وكذلك صمت حركة بثقل وأهمية الجهاد الإسلامي سياسيًا وعسكريًا عما يدور، وتجاهلها التام لما يحدث وكأنها تغرد في سرب آخر أو لديها أوامر بالصمت، أو لا تفهم سياسة كما وصفها الرئيس محمود عباس على هامش اجتماعات المجلس المركزي الأخيرة، وكذلك صمت عمدي وتجاهل عمدي من الشريك السياسي في النظام السياسي الفلسطيني حركة حماس وغض البصر عن مصارحة شعبنا، والتركيز على حراكات الشباب الأخيرة، وتحريض الشارع على قضية نقل السفارة الفلسطينية للقدس، والجزء الأخر المصالحة الفلسطينية ومناكفة سياسات التمكين التي أطلقها عزام الأحمد وحكومة التوافق الوطنية. السياسة بديهيات خيالية مبنية على تسريبات أو جزء من الحقائق ينطلق على قاعدة تجييش وإعداد الشارع وتمرير بعض المفاهيم والسياسات عبر ومضات معينة بشكل شخصي أو بشكل استخباراتي مبني على أسس ومفاهيم وقواعد وركائز أساسية، وقواعد غير ثابتة متحركة لتهشيم وتأليب الوعي العام الشعبي أولًا، ثم التدرج معه بخطوات معينة حتى يكتمل بلورة الوعي، وهي قاعدة اشتباك تتسلح بكل وسائل التحشيد والتجييش، كما مرت بمراحل سابقة وعلى وجه التحديد برنامج النقاط العشرة عام 1974، وأسلو عام 1994. إذن فالقضية الفلسطينية الأن على المحك الفعلي، وفي طور الإنتهاء منها عبر رزنامة الحلول الاستشرافية للمنطقة برمتها التي لا يمكن بناء استقرار وحلول موضوعية دون أن يتم حسم الملف الفلسطيني، ولا أعتقد أن رزنامة الحلول أو الصفقة، كما يحلو للبعض اطلاق عليها، ستمكن الشعب الفلسطيني من حقوقه رغم إصرار وتأكيد، وحماسة الخطابات السياسية التي تسمع من فصائل الفعل الفلسطيني. فالمواجهة الفعلية التي يتم التحشيد لها وعمل كل أجهزة الاستخبارات المعنية بهذا الملف الأن تسلط أسلحتها وعناصرها وأدواتها على الشارع العربي عامة، ووجه التحديد المصري، والرأي العام الشعبي الفلسطيني الموازي للرأي العام المصري بما أنهما ميكانزم أي حلول مستقبلية، ولذلك لابد من أدوات وشخصيات جديدة تمتلك خبرات وسجل نظيف لقيادة هذا الفعل، ولديها نفوذ وحضور دولي متقدم لذلك لا أستبعد أن يكون شخص الدكتور عدنان مجلي المستقبلي داخل دائرة الفعل الفلسطيني والشخصية المحورية التي يمكن أن يتم من خلالها قيادة المرحلة الفلسطينية الجديدة.