أبان الصالون الدولي ال 15 للكتاب الذي نظمته الجزائر واقعا صعبا للكتاب في الوطن العربي، حيث لا تزال الصناعة الثقافية عند العرب بعيدة نوعا ما عن تطلعات المثقفين والأدباء والنخب، فدور النشر مازالت تسعى وراء الربح فقط من خلال حديثها عن ارتفاع الرسوم ونقص الدعم الحكومي وربط الأسعار بالأزمة العالمية، بينما اشتكى الجمهور من تدهور القدرة الشرائية والضغوظ الاجتماعية التي تؤثر على قدراته في المطالعة، كما دخلت التكنولوجيات الحديثة المنافسة مع الكتاب، واستخلصنا غياب ثقافة حقوق المؤلف التي تعرف تجاوزات كبيرة تكون وراء عزوف الناشرين الأجانب عن الدخول للمعارض العربية في ظل انتشار شبكات التقليد والنسخ التي تكبد الصناعة الثقافية الملايير من الخسائر. واكتشفنا من خلال الاستطلاع الذي قمنا به الاهتمام الكبير للجزائريين بشراء الكتب، وهو ما لقي استحسان دور النشر المشاركة التي اعتبرت الجزائريين أكثر المهتمين باقتناء الكتب بالمقارنة مع الدول العربية الأخرى. كما وقفنا على بعض التساؤلات الخاصة بالرقابة والتي اشتكت منها خاصة دور النشر السعودية حول الكتاب الديني، وكذا تأخر وصول بعض الكتب من دور النشر السعودية، وهي المحاور التي سنكتشفها في هذه الجولة لصالون الجزائر الذي تمكن من جمع 400 دار نشر تحت خيمة أخذت جزءًا كبيرًا من الاهتمام بدلا من التركيز على مضامين الكتب. وتقاطعت دور النشر العربية والوطنية، من خلال الاستطلاع الذي قمنا به، على ضرورة عودة الصالون إلى قصر المعارض بالصنوبر البحري، بالنظر لسعة المكان وملاءَمته للظروف المناخية وقدرته على حماية منتجاتنا من التلف. وقال مسؤولو دور النشر المشاركة أن ظروف التنظيم بمرآب مركب 5 جويلية جيدة هذه السنة، لكنهم ألحوا علينا نقل الانشغال لوزيرة الثقافة لإرجاع الصالون إلى قصر الصنوبر. كما ضم مختلف زوار الصالون صوتهم لصوت دور النشر وقالوا أن قصر المعارض بالصنوبر البحري يعتبر المكان الأمثل للصالون، خاصة من حيث هياكل الاستقبال والنقل وغيرها من المرافق الضرورية التي جعلت الصالون ذو شهرة إقليمية وعليه لم نجد المبررات المقنعة لتغيير مكانه. الأزمة الاقتصادية العالمية وراء غلاء الأسعار كشف دانيال عصمان مدير التوزيع بدار النشر رسلان السورية أن غلاء الكتب يعود للأزمة المالية العالمية فغلاء الورق في الأسواق العالمية وارتفاع تكاليف الطباعة والشحن والنقل والكراء في مختلف الصالونات جعل أسعار الكتب ترتفع فدور النشر حاليا تمر بفترات صعبة جدا ولولا هذه المعارض لأفلست مختلف دور النشر. وأشاد المتحدث في حديث ل «الشعب» بمستوى الصالون الدولي للجزائر حيث يعرف من سنة لأخرى تطورا كبيرا خاصة من حيث إقبال الجمهور الذي نعتبره مميزا عن باقي صالونات الدول العربية، حيث شجعنا هذا العامل على رفع مستوى مشاركتنا كل سنة. وقال المتحدث على مستوى حقوق التأليف أن دار النشر التي يمثلها لم تتلق أية مشاكل ولم يشتكي أي مؤلف من فقدان حقوقه ولكن هذا لا يعني أن حقوق المؤلف على أحسن ما يرام في الوطن العربي، فهناك العديد من الانتهاكات تتم في الخفاء ويصعب كشفها. ورفض في سياق متصل على هامش الصالون الدولي ال 15 أن يتحدث عن منافسة بين دور النشر العربية فالحضور في الصالون هو تكملة لبعضنا البعض مع وجود تسابق للنشر لأكبر الكتاب العرب على غرار «أحلام مستغانمي»، فهذا يمكن أن نعتبره منافسة لكنه ايجابي بالنظر لمشروعية وأحقية كل دار نشر في الانفراد بالسبق. رفض السيد «ح.م» مسؤول جناح دار البصائر للنشر والتوزيع «الجزائر» الحديث عن ظاهرة الإقبال على الكتاب الديني على أنها قضية يجب الوقوف عندها، فهذا الاهتمام من زبائن المعرض يعكس حركية المجتمع الجزائري وتمسكه بالتقاليد والدين وغير هذا التفسير لا يمكن أن أعطي تفسيرا آخر مسيسا، لأن الواقع يتحدث عن نفسه ويدعونا لاحترام توجهات الزبائن. وطرح المتحدث في حديث ل ڤالشعبڤ أزمة التوزيع التي تتخبط فيها معظم دور النشر الجزائرية، حيث نجد أنفسنا مطالبين بتوزيع الكتاب بأنفسنا وهو ما يكلفنا غاليا ويجعل مصاريف نشر الكتب ترتفع، وأضاف نفس المتحدث أن الحديث عن سوق الكتاب في الجزائر صعب جدا في ظل تدهور القدرة الشرائية وقلة الاقبال خارج أوقات المعارض، حيث لا نجد المساحات الكافية لتسويق المنتجات. واعتبر نفس المصدر التظاهرات الثقافية التي احتضنتها الجزائر محفزا للصناعة الثقافية ببلادنا، حيث مكنتنا تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية من الظفر بتجسيد العديد من المشاريع بالتعاون مع وزارة الثقافة، حيث طبعنا العديد من المؤلفات التي تهتم بتاريخ الجزائر وتراثها وهو ما ساعدنا على تطوير نشاطنا في ظل ضمان اقتناء كتبنا، فلا تنكر أية دار نشر استفادتها من هذه التظاهرات، كما أننا قدمنا العديد من المشاريع في إطار تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية وننتظر الرد من الوصايا لتجسيدها في إطار تطوير صناعة الكتاب وتحسين أوضاع دور النشر التي تسعى للربح طبعا. وقال في سياق آخر عن الكثير من التجاوزات في مجال حقوق المؤلف من خلال قيام بعض دور النشر بنسخ وتقليد كتب ليست لها وإعادة بيعها وحتى وان كان اكتشاف تلك الخروقات صعبة إلا أنها منتشرة للأسف. وتحدث سعوديون من دار الفضيلة للنشر ودار كنوز إشبيلية عن عراقيل بيروقراطية تعرضوا لها وحالت دون وصول كتبهم في وقتها لبيعها في المعرض وحتى وإن كان اعترافهم بتأخر عملية الشحن من بلادهم إلا أنهم لا يتمنون أن يكون الأمر متعلقا بالرقابة. وبرّر«ن. م.» ممثل دار الفضيلة ل «الشعب» اهتمام دور النشر السعودية بالكتاب الديني إلى المصداقية والثقة الكبيرة للجماهير العربية في المراجع السعودية التي تهتم بالتوعية والتوجيه والتربية، موضحا بأن غلاء الكتاب السعودي راجع لغلاء الورق، حيث يتم طبع الكتب السعودية بورق «الشاموا» ذو الأبعاد الصحية، حيث يحافظ على سلامة العين ويشجع على المطالعة أكثر وبارتياح أكبر. وأشار المتحدث الذي كان قلقا على تأخر وصول كتبه إلى دعم السلطات السعودية لصناعة الكتاب من خلال اقتناء الورق وهو ما جعل النوعية تتحسن كثيرا وحتى وإن اعترف السعوديون بقدرة الجزائر في التنظيم، إلا أنهم أعابوا على لجنة التنظيم على عدم الرد على قائمة الكتب التي أرسلوها حتى لا ينقلوها بدون فائدة وبعد أن قررنا نقل البضاعة عن طريق البواخر اصطدمنا بمشكل عدم وصولها في الوقت المحدد، فاتجهنا الى الشحن الجوي ولكن تعقيدات بيروقراطية كبيرة واجهتنا في مطار الجزائر لإخراج الشحنة وهو ما عطل التحاقنا بالمعرض لعدة أيام وكبدنا خسائر كبيرة. وتساءل مسؤول من دار كنوز إشبيلية السعودية إلى تأخر التحويلات المالية من الجزائر إلى السعودية، حيث فرضت علينا لجنة تنظيم الصالون فتح حسابات بنكية لتحويل الأموال إلى بلادنا غير أننا لم نستلم أموالنا الخاصة بصالون السنة الماضية وعليه، فحقوقنا ضاعت ونطالب بتصحيح الاختلالات. وطرح مشارك آخر تساؤلات عن رفض كتب الإمام العثيمين، مؤكدا بأنه كان وراء إصدار فتوى لوقف العمليات الإرهابية في الجزائر، وهو ما كان له أثرا بالغا في توبة الكثير من المضلل بهم. التكنولوجيات الحديثة تهدد صناعة الكتاب بدا السيد أحمد اليازوري ممثل الناشرين الأردنيين متشائما من مستقبل الكتاب العربي خاصة في ظل زحف التكنولوجيات الحديثة والأنترنت التي باتت تهدد الكثير من دور النشر بغلق أبوابها وكساد منتجاتها، وحذر نفس المصدر في تصريح ل «الشعب» بالصالون الدولي ال 15 للكتاب من عامل الرقابة الذي يهدد حرية التعبير والآراء في الوطن العربي وتساءل عن سر منعه من إدخال 75 مؤلفا بالرغم من أنها كتب علمية وأكاديمية. وأرجع اليازوري تطور الكتاب الأردني في السنوات الأخيرة إلى قوة اتحاد الناشرين الأردنيين وقدرته على حل مشاكل صناعة الكتاب ما جعل أداءنا يتحسن كثيرا، كما أن قرار السلطات الأردنية بناء الكثير من الجامعات ساهم في تشجيع المؤلفين والكتاب على الإبداع وهو ما انعكس علينا بالإيجاب. واعتبر في سياق متصل وضعية حقوق المؤلف بالأردن على أحسن ما يرام من خلال وجود تشريعات وتقاليد تحفظ حقوق الجميع. وضم الأستاذ علي فندري ممثل إتحاد الناشرين التونسيين صوته لما قاله اليازوري وقال بأن الرقابة والتكنولوجيات الحديثة أكبر المهددين لصناعة الكتاب في الوطن العربي، كما أثار إشكالية حقوق التي تطرح الكثير من المشاكل خاصة من قبل الأجانب الذين يعزفون عن نشر كتبهم في الوطن العربي بالنظر لانتشار ظاهرة القرصنة والتقليد والغش وهو ما يكبدهم خسائر طائلة. كما انتقد نفس المتحدث غياب التنشئة على الكتاب وتشجيع المؤسسات الاجتماعية الأجيال الصاعدة على القراءة والمطالعة التي تعرف تراجعا كبيرا وهو ما يجعلنا نتحرك لإعادة الاعتبار لها لأنها عامل مهم في النهوض بالمورد البشري في الوطن العربي. وأرجع قبوط راجي ممثل الشبكة العربية للأبحاث والنشر اللبنانية ازدهار صناعة الكتاب في لبنان إلى الدعم والرعاية الكبيرة للسلطات اللبنانية لدور النشر، موضحا بأن بلاد شجرة الأرز حققت تقدما كبيرا في هذا المجال، وعن سير فعاليات الصالون الدولي للكتاب ال 15، ارتاح المتحدث كثيرا لكثرة الإقبال وهو ما يعكس الاهتمام الكبير بالكتاب في الجزائر. دعت صبايحي باية مدير دار نشر كرم الله إلى الاهتمام ورد الاعتبار لكتاب الطفل ببلادنا وتشجيع الأجيال الصاعدة على المقرؤية إذا ما أردنا بناء مجتمع يهتم بالكتاب، وقالت المتحدثة في جناحها بالصالون الدولي للكتاب أن القصة القصيرة الموجهة للطفل والتي تتضمن قصص الأنبياء ودروس التوجيه والوعظ من شأنها المساهمة في تكوين جيل مثقف وسوي السلوك ومطلع على ثقافته وتراثه لتفادي مظاهر الاغتراب وانفصام الشخصية الذي نعاني منه، فأجيال اليوم لا تتحكم في أية لغة وتجد صعوبات كثيرة في التكلم بلغة سليمة. وأشارت نفس المصدر ل «الشعب» أن إنشاء دار نشر في الجزائر ليس بالأمر السهل في ظل كثرة العراقيل البيروقراطية وطغيان العامل التجاري والربحي على العامل الثقافي، فالمطابع تتغطرس في معاملتها معنا وفي الكثير من الأحيان لا توفي بوعودها وهو ما يجعلنا لا نتطور في مجال الصناعات الثقافية. وقالت في سياق متصل أن توزيع الكتب يبقى حلقة ضعيفة في هذا الجانب وهو ما يعكس غياب هيئات مشتركة لحل هذه المشاكل، وطالبت وزارة الثقافة بإنشاء هيئة مدعمة من الدولة تسهر على توزيع الكتاب على كامل التراب الوطني. وعادت المديرة والكاتبة صبايحي باية إلى تجربتها مع النشر حيث دفعتها غيرتها على الوطن ومعايشتها لقصة صعبة مع الإرهاب إلى التأريخ للمرحلة الصعبة التي عاشتها بلادنا ونقلت شهادات حية مؤلمة لماض تحاول نقله لجيل يأمل في غد أفضل من خلال تصحيح أخطاء الماضي.
انتعاش دور النشر المهتمة بالمنشورات الجامعية دعت الآنسة «كهينة. ب» نائبة مديرة دار النشر ''طاكساج. كوم'' الجامعيين إلى التقرب من دور لنشر مقالاتهم وأبحاثهم مؤكدة بأن دار النشر التي تنشط بها قد مكنت الكثير من الجامعيين من نشر مؤلفاتهم وتمكينهم من حقوق التأليف. وعبرت المتحدثة عن ارتياحها لسير فعاليات الصالون الذي مكننا من تقريب واقع النشر والتأليف ببلادنا، كما سمح بالإجابة عن الكثير من الإشكاليات التي كانت في ذهن الجامعيين وخاصة الطلبة الذين يجهلون كثيرا عن ميدان النشر والكتاب. وقالت في سياق متصل أن قطاع النشر بالجزائر بحاجة إلى دعم السلطات خاصة من حيث الطباعة واقتناء الورق الذي يعرف غلاءا متزايدا في الأسواق وهو ما يجعل أسعار الكتب مرتفعة نوعا ما.