أكد أمس، الدكتور بشير مصيطفى، باحث مهتم بالتحليل الاقتصادي في قراءة اقتصادية لفكر مالك بن نبي على أن هذا الاقتصادي والفيلسوف الجزائري كان يعتبر أن الأزمة الاقتصادية الرأسمالية لها شقين تقني ومذهبي . وأضاف المحلل مصيطفى في ندوة فكرية نظمها مركز أمل الأمة للدراسات والبحوث الإستراتيجية في الذكرى ال37 لرحيل المفكر الجزائري مالك بن نبي تحت عنوان قراءة في الأزمة المالية العالمية من خلال فكر بن نبي ''أن الشق التقني للأزمة يتعلق بالطرق التي تتبعها المصارف المالية والتي تعتبر النقود سلعة تباع وتشترى، معتبرا أن هذا الجانب منطقة فراغ في الفقه الإسلامي، أما الشق المذهبي، فيتعلق بالخلفية النفسية والاجتماعية المادية التي تفسر السلوك الرأسمالي في المصارف . من جهة أخرى، قال مصيطفى أن مالك بن نبي اعتمد في نظرته للاقتصاد وللسوق على قاعدة ''تساوي الاستهلاك مع الإنتاج'' وأن العمل هو منشأ الثروة، وهو ما يتعارض مع النزعة الاستهلاكية في مجتمع محكوم بالمادية وأحسن مثال يمكن أن يعطى في هذا المقام المجتمع الأمريكي . وهو ما أدى حسب المحلل مصيطفى للجوء إلى دفع القروض الرباوية وبيع الديون من أجل المحافظة على الرفاهية ووصل به الأمر إلى الدخول في مرحلة الاستثمارات دون مداخيل مالية ومن هنا ظهر ما يعرف باشتقاق الديون. وعلى ضوء هذا الطرح، فإن الاقتصاديات الرأسمالية وقعت في شرَك الاقتصاد المالي غير المنتج المعتمد على المضاربة في الأوراق المالية والرهون والأصول العقارية، فأقامت اقتصاديات وهمية وهو ما أدى إلى انهيارها . وأضاف مصيطفي أن مالك بن نبي كان ينظر إلى الاقتصاد من زاوية الاقتصاد المشترك والموحد وأضاف مصيطفى أن مالك بن نبي تطرق إلى حرب الصرف بين العملات بطريقة غير مباشرة خاصة الدولار، نظرا لإرتباط إقتصاد العالم بالعملات وإن لم تتحرر من ذلك، فسيصبح رهين الدولار. وفي هذا السياق، أكد مصيطفى أن مالك بن نبي ينظر إلى الاقتصاد من زاوية الاقتصاد المشترك والموحد وهو الأمر الذي أدى بالمفكر إلى اعتبار أن النمط الاقتصادي يجب أن يعتمد على الشروط النفسية والاجتماعية لكل مجتمع، فالتنمية حسب مالك مرهونة بالاستثمار في اليد العاملة المحلية بدلا من استيراد التكنولوجيا الرأسمالية. ومن هنا، فمالك بن نبي قدم لنا أفكارا اقتصادية مبنية على قيم وتجليات تقنية معينة يمكن الاستعانة بها لتعويض النظام الاقتصادي والمالي العالمي السائد بعد أن أثبت عجزه في تحقيق توازن الأسواق وهو ما أدى إلى أزمة كادت أن تعصف بأكبر إقتصاديات العالم قوة.