لا يزال حجم المبادلات الاقتصادية من خلال أدوات الرّقمنة ضعيفا، في وقت يتّجه فيه المشهد الاقتصادي إلى نقلة نوعية انسجاما مع التوجهات التي عبّرت عنها السّلطات العمومية في إطار بناء المجتمع الالكتروني، الذي انطلق من المرافق العمومية ليتوسّع بالتدريج في عالم المؤسّسات الاقتصادية. سوق الرّقمنة في بلادنا واعد، ويثير اهتمام الكثير من المتعاملين خاصة الأجانب على غرار وفد تنقّل من فرنسا قبل أيام ليعرض خدمات في التكوين لكافة الشّرائح وبدون شروط أو توضيح دقيق للأهداف والمسارات التكوينية أو شرح للآليات والضوابط، بحيث يمكن الفرز والتدقيق بين ما هو أكاديمي وما هو تكوين مهني. قبل ذلك أبدى متعاملون من الضفة الأخرى تركيزا على محور الرقمنة لما يوفّره من فرص نجاح مالي واقتصادي، وربما الوقوع جراء شراكة غير محسوبة في هذا المجال في تبعية من نوع آخر قد تكون شدّتها أكثر وقعا من التبعية للمحروقات، وهو ما يتطلّب تعميق التفكير وتوسيع الاستشارة لتفادي أي خطأ سوف تكون فاتورته مكلّفة. لا ينبغي أن يتخلّف بلدنا عن ركب الرّقمنة بكافة جوانبها بعيدا عن الدخول في تبعية، وإنما المطلوب إرساء مسار للتكوين المتخصّص وبالنوعية مع شراكة محسوبة العواقب من الجانبين المالي والسيادي، ويكون هذا ممكنا بالرهان على التكوين الأكاديمي المدعوم بالتكوين المهني وفقا لرؤية ذات طبيعة رقمية بالدرجة الأولى. في هذا الإطار ينبغي الإشارة إلى وجود دعامة بيداغوجية للتعليم العالي يمكنها أن تؤدّي الغرض، ويتعلق الأمر بالمدرسة التحضيرية للعلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير التي انتقلت من الدويرة إلى القليعة التي تطمح أسرتها للتحول إلى مدرسة عليا للتسيير والاقتصاد الرقمي. وحسب معلومات مستقاة فإنّ ملف تطوير المؤسّسة الجامعية إلى مدرسة عليا للتسيير والاقتصاد الرقمي يوجد على مستوى الجهة المخوّلة، في انتظار أن يعلن عن القرار، وقد يكون مواتيا أن يتم ذلك في غضون إحياء اليوم الوطني للطالب الشّهر الداخل لتوجّه بذلك رسالة قوية للأجيال بضرورة كسب معركة اقتصاد المعرفة من البوابة التكنولوجية والرقمية. وإذا خرج هذا الملف إلى النور يرتقب أن يتم شق الطريق الجديد لمواجهة التحدي من منطلق الرهان على الكفاءات الوطنية، مع بناء شراكة ذكية ومتبصّرة تنسجم مع الخيارات الاقتصادية الكبرى التي يسير باتجاهها الاقتصاد الوطني، وبالذات وضع السيادة الاقتصادية في الصدارة وتفادي ترك فجوات قد تكون لها تداعيات مرهقة في المستقبل. من خلال إنجاز توجّه بهذا الثقل يرتكز على برامج حديثة وتأطير نوعي، علما أن المدرسة التحضيرية الطموحة للتطور إلى مدرسة عليا تتوفر على موارد بشرية ذات كفاءة، يمكن رسم معالم مستقبلية للرقمنة في النسيج الاقتصادي بامتداداته الاجتماعية ليكون رافدا للإبداع وفضاءً للابتكار، بحيث ليس هناك ما أفضل من أن تصاغ الحلول وتنتج البرامج، وتضبط التحولات التكنولوجية في السوق المحلية وداخل الجامعات الجزائرية.