تعاني سوق الأدوية في الآونة الأخيرة من نقص أكثر من 50 مستحضرا دوائيا يعالج أمراض القلب، الضغط، الكلى، السكري والكبد وكذا آلام المفاصل وحبوب منع الحمل. وخاطب في هذا الإطار مسؤولو الصيدليات وشريحة من المواطنين من خلال ''الشعب'' وزارة الصحة بالكشف عن سبب غياب هذه المواد الحيوية ومدى توفرها مستقبلا. وأكد أحد الناشطين في سوق الدواء تسجيل نقص في بعض الأدوية معظمها ليس لها بدائل مما يؤثر سلبا على توفير احتياجات المرضى، وأوضح محدثونا في هذا الإطار أن الصيادلة لا يجدون ردا شافيا حول أسباب نقص هذه الأصناف أو موعد توفرها بالسوق مرة ثانية. ودعا محدثونا في ذات السياق وزارة الصحة لضرورة وضع دراسة اقتصادية في مجال الصيدلة للوصول إلى حلول كفيلة لتغطية السوق الوطنية مع تسطير خطة محكمة بين المستشفيات والصيدليات الجهوية والمركزية. معاناة الحصول على حبوب منع الحمل مع استمرار أزمة ندرة بعض الأدوية من السوق الجزائرية، وجدت الكثير من النساء المتزوجات أزمة في الحصول على حبوب منع الحمل بعد أن اتسعت قائمة الأدوية الخاصة بها إلى سبعة أدوية من ماركات عالمية معروفة لدى النساء، وعلى رأسها "microval, stederil, "minidril"، مما خلق جوا من الاحتقان والاستنفار لدى الصيدليات حيث لجأ الكثير من الصيادلة لمواجهة كثرة الطلبات إلى فتح العلبة لبيع شريحة من أصل 3 شرائح، باعتبار أن شريحة واحدة تكفي لغرض21 يوما. وفي هذا الإطار حذر الصيادلة الذين سألتهم ''الشعب'' من استمرار ندرة أدوية منع الحمل وفقدانها حيث يؤكد أحد الصيادلة بالجزائر الوسطى أن حصة حصول الصيدلي على علب منع الحمل انخفض من 40 علبة إلى ما بين 8 إلى 10علب، حيث شكل ذلك مشكلة كبيرة في تلبية رغبات الكثير من النساء، خاصة من اللواتي يتناولن دواء «ميكروفال» و«سيرازات». وطرحت إحدى النساء المتزوجات مشكلة حصولها على الحبوب، مؤكدة أنها بعد ولادتها قبل شهر اضطرت إلى تغيير نوع الدواء الذي كانت تتناوله بفعل فقدانه في السوق، وبعد استشارة طبية وتوجيه طبيبتها إلى نوع جديد من الدواء فوجئت لفقدانه هو الآخر بالصيدليات، مما اضطرها للبحث عنه في كل الصيدليات. وطرحت بدورها السيدة خديجة والتي صادفناها لدى تواجدنا بإحدى الصيدليات بالجزائر أنها كانت تستعمل دواء minidril"'' غير أنها لم تعد تجد له أثر في السوق، مما اضطرها لاستشارة الطبيب الذي وصف لها نوعا آخر إلى أنه حسب ما أوضحته ذات السيدة لم يتوافق وهرموناتها الجسمية، حيث أصبح يتسبب لها في مضاعفات. نقص الأدوية يتسبب في قلة عمليات زرع الكلى «الشعب» تنقلت أيضا إلى المركزالإستشفائي بمصطفي باشا للاستفسار عن بعض المشاكل التي تعترضهم بسبب نقص الأدوية بالأسواق الوطنية وكيفية التعامل مع هذا الوضع، حيث كان لنا فرصة الحديث مع بعض الأطباء، حيث أكد لنا طبيب مختص في مرض الكلى والذي رفض الإفصاح عن اسمه، أن نقص بعض الأدوية الواجب أخذه 24 ساعة قبل إجراء عمليات زرع الكلى، يعتبر سببا رئيسا في قلة عدد هذه العمليات في الجزائر، مشيرا في إطار حديثه معنا إلى جل المشاكل التي تعترضهم في ظل نقص هذه الأدوية ومعاناة المريض . وقال دكتور مختص في مرض الهيموفيليا أن كميات الأدوية الخاصة بعلاج مرضى الهيموفيليا موجودة بكميات قليلة ما دفع إلى وصف علبة واحدة للمريض وعند نفاذ الكمية يضطر إلى العودة مرة ثانية لجلب علبة وهكذا يضطر المريض في كل مرة إلى الذهاب للمستشفي من أجل تجديد الوصفة الطبية والحصول على الدواء، مضيفا في السياق ذاته أن الأطباء لا يزودون المرضى بالكميات اللازمة خوفا من نفاذ الكميات المتوفرة، ولا يتم صرف الأدوية إلا في الحالات المستعصية، الأمر الذي يهدد صحة وحياة المرضى. كما تنقلت ''الشعب'' إلى أحد العيادات المتمركزة بالعاصمة، حيث كان لنا حديث مطول مع طبيب عام «س.ب»، والذي أكد بدوره أن نقص الأدوية حاليا بات يشكل خطرا كبيرا على صحة المواطنين، وعن الوصفات الطبية التي يعطيها الطبيب إلى المريض في ظل ندرة الدواء بالصيدليات، قال محدثنا أن الطبيب عادة ما يكون في اتصال مباشر مع الصيدليات لمعرفة أهم الأدوية التي تعرف ندرة من أجل اقتراح البدائل المتواجدة لديهم، محذرا في هذا الإطار من تفاقم الظاهرة مستقبلا. كما وتعرف بدورها المراكز المخصصة لعلاج مرض نقص المناعة «الأيدز» نقصا كبيرا في الأدوية. فاتورة استيراد الأدوية تقلصت بأكثر من 200 مليون دولار جدير بالذكر أن وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات جمال ولد عباس بعد فترة من ترأسه القطاع، كان قد أكد أن مخزون الأدوية التي استوردتها الحكومة بصفة استعجالية سيغطي احتياجات المؤسسات الصحية لمدة ستة أشهر، علما أن الجزائر استوردت أكثر من 14 طنا من الأدوية المفقودة لتغطية حاجيات المؤسسات الاستشفائية من البلدان الممونة المعتادة بقيمة أكثر من 2 مليون دج، تضم قائمة للأدوية الأساسية الخاصة بالأمراض الخطيرة مثل السرطان والقلب وضغط الدم.