زادت حدة أزمة ندرة الدواء في الصيدليات الخاصة وحتى على مستوى صيدليات المستشفيات لتبلغ أقصاها، حيث تجاوز عدد الأدوية المفقودة حسب جرد أولي 200 دواء استراتيجي، أغلبه موجه للاستعمال اليومي، وأرجعت نقابة الصيادلة وأغلب الصيدليين الذين حاورتهم "الشروق اليومي" خلال مرافقتها لمواطنين في رحلة البحث عن أدوية حساسة أسباب الأزمة إلى تمادي مافيا الدواء في احتكارها للسوق وفرض قوتها قصد إضعاف جميع المتعاملين في ظل تأجيل الحكومة للمرة الثانية على التوالي قرار توزيع المنتجين لأدويتهم، ما أعطى شعورا للمستوردين وكبار الموزعين بالقوة ومواصلة سياستهم الابتزازية لفرض منطق الاستيراد. * وكشفت أمس، نتائج متابعة ميدانية ل"الشروق اليومي" لنشاط العديد من صيدليات الوطن، وكذا اتصالات بالفاعلين في قطاع سوق الدواء، فضلا عن جولة استطلاعية للمستشفيات والمصالح الإستشفائية لرعاية الأمومة والطفولة أن ندرة الدواء مازالت متواصلة منذ السنة المنقضية بعد أن شهدت تحسنا ظرفيا، في ظل الإجراءات الإستعجالية للحكومة لتقنين سوق الدواء وضبطه بقرارات سيادية تحاصر مافيا الدواء وتمنعها من أن تكون بديلا للحكومة في تسيير السوق وفرض منطقها برفع فاتورة استيراد الأدوية في الجزائر لأكثر من 2 مليار، إلا أن تأجيل الحكومة لبعض القرارات الإستراتيجية المتعلقة بالقطاع لأكثر من مرة كتعليمة الوزير الأول بإلزام المنتجين بتوزيع منتجاتهم الصيدلانية مباشرة دون المرور عبر الموزعين المتحكمين، عمّق من حدة الأزمة وضاعف حدتها. * وتضاعف استياء المواطنين وطلبهم المتزايد على حبوب منع الحمل التي لم تشهد وفرة منذ أكثر من سنة، إلا أن اختفاءها الكامل من الصيدليات، أصبح واضحا، حيث اشتكى المئات من المواطنين من صعوبة إيجاد حبوب منع الحمل، بمختلف أنواعها رغم أن عملية بحثهم طالت عدة ولايات انتشرت إشاعات عن توفر حبوب منع الحمل في صيدلياتها، كما تشهد مصالح رعاية الطفولة والأمومة وأقسام الولادة بالمستشفيات، طوارئ يومية بسبب الندرة الحادة في مصل "أنتي د" الضروري للأم مباشرة بعد وضعها للحمل في حال اختلاف فصيلة دمها عن دم ابنها، حيث يلزم الأطباء بحقن الأم في هذه الحالة بمصل "أنتي د" في ظرف زمني لا يتعدى 48 ساعة، وإلا أصيبت بتعقيدات صحية خطيرة تؤول مستقبلا لاستحالة إنجابها لأطفال آخرين ووفاة الجنين، بالإضافة إلى تقديم العديد من الصيدليات شكاوى ومراسلات رسمية لنقابة الصيادلة وللوصاية لإخطارها بالندرة الحادة في المضادات الحيوية ذات الاستعمال اليومي والواسع وكذا الكروكتييد وأدوية الحساسية والأمراض المزمنة كالربو والقلب والضغط الدموي، فضلا على أن أغلبها أدوية دون مقابل جنيس أو يستحيل تعويضها بدواء بديل لدقة العلاج والمرض. * وأرجع بلعمري، رئيس النقابة الوطنية للصيادلة، تفاقم ندرة الأدوية لتمادي مافيا الدواء في احتكارها للسوق وتسييرها له وفق منطق خلق ندرة مفتعلة لدفع الحكومة للرضوخ والتراجع عن قراراتها المتعلقة بتقليص فاتورة استيراد الأدوية التي تتجاوز 2 مليار دولار، وتشجيع الإنتاج الوطني والأدوية الجنيسة وتأمين البلاد دوائيا